جلسة 8 مايو سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
----------------
قاعدة رقم (296)
القضية رقم 42 لسنة 26 قضائية "دستورية"
(1) مجلس الشعب "بطلان تكوينه - عدم إسقاط القوانين والقرارات التي أقرها".
إن إجراء انتخابات مجلس الشعب بناء على نص تشريعي قُضى بعدم دستوريته، يؤدي إلى بطلان تكوينه منذ انتخابه، إلا أن هذا البطلان لا يترتب عليه البتة إسقاط ما أقره ذلك المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة على نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية.
(2) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة - مناطها".
المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة أمام محكمة الموضوع.
(3) نفقة الصغير يحكمها القانون وليس المذهب الحنفي "انتفاء المصلحة".
نفقة الصغار يحكمها نص المادة (18 مكرراً ثانياً) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، ومن ثم فإن الفصل في الدعوى المقامة من المدعى عليه الثالث ضد المدعية بإبطال نفقة الصغيرة لا يستلزم الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة.
الإجراءات
بتاريخ السابع من أغسطس سنة 1997، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 فيما نصت عليه من أن "تصدر الأحكام طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويُعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعية كانت قد أقامت ضد المدعى عليه الثالث الدعوى رقم 49 لسنة 1998 شرعي جزئي بلبيس طالبة الحكم بإلزامه بنفقة للصغيرة (مي). وقد أصدرت تلك المحكمة حكماً بفرض نفقة للصغيرة مقدارها خمسون جنيهاً شهرياً. وإذ أقام المدعى عليه الثالث الدعوى رقم 89 لسنة 2002 شرعي جزئي بلبيس بضم الصغيرة (مي) لحضانته، وصدر فيها الحكم لصالحه، فقد أقام الدعوى رقم 361 لسنة 2003 شرعي جزئي بلبيس ضد المدعية طالباً الحكم بإبطال نفقة الصغيرة، وأثناء تداول الدعوى، دفعت المدعية - في الدعوى الماثلة - بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000، وبعد أن قدرت تلك المحكمة جدية دفعها، صرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية تنص على أن "تصدر الأحكام طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويُعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة".
وتنعى المدعية على القانون رقم 1 لسنة 2000 أنه صدر بالمخالفة لأحكام المواد 86 و108 و110 و147 من الدستور، قولاً منها بأن مجلس الشعب الذي أصدر ذلك القانون سبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه، ومن ثم لزم أن ينسحب هذا البطلان ليشمل القانون الطعين برمته، فضلاً عن أن نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون المشار إليه فيما قضى به من العمل بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة يخالف المادة الثانية من الدستور، إذ أن التقيد بمذهب معين من شأنه غلق باب الاجتهاد التي قضت الشريعة الإسلامية بوجوبه على أهل كل زمان.
وحيث إن ما تنعاه المدعية من بطلان القانون رقم 1 لسنة 2000 برمته لصدوره من مجلس تشريعي سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت ببطلانه بحكمها الصادر في القضية رقم 11 لسنة 13 قضائية "دستورية" بجلسة 8/ 7/ 2000 مردود بأن هذه المحكمة سبق أن أوردت في مدونات حكمها المشار إليه رداً على طلب المدعي في تلك القضية القضاء ببطلان انتخابات مجلس الشعب وبطلان تشكيله، أن الأصل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إجراء انتخابات مجلس الشعب بناء على نص تشريعي قُضى بعدم دستوريته، يؤدي إلى بطلان تكوينه منذ انتخابه، إلا أن هذا البطلان لا يترتب عليه البتة إسقاط ما أقره ذلك المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة على نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة، ومن ثم تبقى نافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً، أو يُقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكم يصدر من هذه المحكمة إن كان لذلك وجه آخر غير ما بُني عليه هذا الحكم.
وحيث إن حقيقة طلبات المدعية من الدعوى الدستورية هو الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 الذي يقضي بأن "ويُعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة". متى كان ذلك، وكانت المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة يتحدد باجتماع شرطين:
أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به، وليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً.
ثانياً: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق على المدعي أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في الحالات المشار إليها لن يُحقق للمدعي أية فائدة عملية يُمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن الدعوى الموضوعية التي أثير بمناسبتها الدفع بعدم الدستورية تدور حول طلب المدعى عليه الثالث إبطال نفقة الصغيرة (مي) بعد صدور حكم بضمها إليه، وكانت نفقة الصغار يحكمها نص المادة (18 مكرراً ثانياً) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، ومن ثم فإن الفصل في الدعوى المقامة من المدعى عليه الثالث ضد المدعية بإبطال نفقة الصغيرة لا يستلزم الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة، ولن يكون لقضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص الطعين - بفرض حدوثه - أي أثر على النزاع الموضوعي، الأمر الذي تكون معه الدعوى الماثلة مفتقدة شرط المصلحة الشخصية المباشرة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق