بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 15-07-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 8 لسنة2024 قرارات الهيئة العامة - التمييز
طاعن:
ر. ا. ا. ل. ا.
مطعون ضده:
ا. ا. ل. ا.
الحكم المطعون فيه:
0/0
بتاريخ
بتاريخ
أصدرت القرار التالي
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً
حيث تقدم المكتب الفني لمحكمة التمييز بمذكرة لرئيس المحكمة لإعادة النظر في سلطة محكمة التمييز في مراقبة قاضي الموضوع في تقدير العقوبة والنزول بها فتم عرض المذكرة على الهيئة للنظر وإصدار القرار المناسب.
وحيث انه عن موضوع الطلب المطلوب إصدار قرار بشأنه فان سلطة قاضي الموضوع التقديرية في توقيع العقوبة على أحد الأفراد تعتبر إحدى السمات الضرورية الواجب توافرها في أي نظام جنائي يوصف بالعدالة، فطالما كان إرساء العدالة هو الهدف الأسمى لأيّ نظام قضائي جنائي، ويجب إتاحة الفرصة للقاضي أن يوقع العقوبة التي يراها متناسبة مع درجة جسامة الجريمة المرتكبة، ومع شخصية مرتكبها، والظروف التي دفعته لارتكابها، وهو الأمر الذي يعرف بمبدأ التفريد العقابي، فالمُشرّع حين يفرض عقوبة معينة على إحدى الجرائم غالبًا ما ينص على حدّ أقصى وحدّ أدنى لهذه العقوبة، وفي بعض الأحيان ينص على عقوبتين مختلفتين كالحبس والغرامة لذات الجريمة، ويترك للقاضي السلطة التقديرية في اختيار القدر اللازم من العقوبة بين هذين الحدّين بهدف إتاحة الفرصة له لتفريد العقوبة على نحو يناسب شخصية الجاني وظروفه الاجتماعية، بالإضافة إلى ظروف وملابسات الواقعة محل المحاكمة، كما أعطاه الحق في استعمال الظروف القضائية المخففة والنزول بالعقوبة عن الحد الأدنى. وعليه، دأبت محكمة التمييز على التعامل مع مسألة الرقابة على سلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة والنزول بها بنوع من الحذر، فنأتْ بنفسها عن التعقيب على القضاة في تقديرهم للعقوبة والنزول بها، واعتبرتْ أن تلك السلطة هي من إطلاقات قاضي الموضوع التي لا يجوز مساءلته فيها، وهو الاتجاه الذي اتجهت إليه المحكمة وقيّدت به نفسها على مدار العقود الماضية، دون تأصيل قانوني واضح للسبب الذي دفع المحكمة لتبني هذا الاتجاه، خاصة وأنه لا يوجد أي نص تشريعي يحول بينها وبين ممارسة ذلك النوع من الرقابة. سيما وأن تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع ومحصلته النهائية، فمن غير المقبول عقلاً ومنطقاً أن يبقى تقدير العقوبة والنزول بها بمنأى عن رقابة محكمة التمييز لتراقب ما إذا كانت العقوبة المقضي بها موافقًة للغايات والأهداف التي يرمي إليها النص من عدمه. فبات متعيناً بسط رقابة محكمة التمييز على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة ومبررات النزول بها، دون حاجة لنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوع الدعوي. وذلك بهدف بسط السيطرة على جموح بعض الأحكام التي توسّعت في إصدار العديد من الأحكام المخففة والإسهاب في استخدام سلطة النزول بالعقوبة بدون مبرر مقبول وأسباب سائغة، وهو ما دفع المشرع في العديد من التشريعات الحديثة الى النص صراحة على عدم جواز النزول بالعقوبة.
وتهيب الهيئة بدوائر محكمة التمييز عند بسط رقابتها على تقدير العقوبة أو النزول بها ان توضح مبررات ذلك لتتواتر الأحكام ويسترشد بها قاضى الموضوع، فعند النزول بالعقوبة في جرائم الأموال العامة مثلا يجب قصر ذلك على مبررات كرد المتهم للمال موضوع الجريمة في جرائم الأموال العامة وغيرها أو المتحصل منها وإزالة ضرر الجريمة أو مساهمة المتهم في الكشف عن هوية المساهمين فيها أو الحصول على أدلة لم تكن معلومة لدى السلطات، أو إتيانه ما يحول دون ارتكاب جرائم آخري مجرمة. فذلك كله من شأنه أن يفتح المجال لتسبيب قضاة الموضوع لأحكامهم بصورة أوضح وتفسيرهم لمبرر اختيارهم للعقوبة المحكوم بها أو ما استند إليه في النزول بالعقوبة مما يمثل ضمانة إضافية تعزز حق المتهم في الطعن، وعدالة المحاكمة بشكل أوسع.
فلهذه الأسباب
قررت الهيئة العامة لمحكمة التمييز انه:
1ــ على الدوائر الجزائية في الجرائم المتعلقة بالأموال العامة وغيرها من الجرائم عدم التخفيف والنزول بالعقوبة إلا بتسبيب سائغ كرد المال محل الجريمة في جرائم الأموال العامة.
2ــ على محكمة التمييز مراقبة قاضي الموضوع في تقدير العقوبة الجنائية الأصلية والتكميلية والنزول بها أو تعديلها بنقض الحكم بالنسبة للعقوبة وحدها دون حاجة للإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق