جلسة أول ديسمبر سنة 1977
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، والدكتور عبد الرحمن عباد ومحمد فاروق راتب، وإبراهيم فودة.
----------------
(298)
الطعن رقم 499 لسنة 44 القضائية
حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. مسئولية. تعويض.
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجنى عليه في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه. لا حجية له أمام القاضي المدني عند بحث التعويض المستحق للمضرور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأول عن نفسها وبصفتها وصية على ابنها القاصر رمزي أقامت الدعوى رقم 144 لسنة 1973 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد شركة مصر للتأمين (الطاعنة) وهيئة النقل العام بالقاهرة (المطعون عليها الثانية) للحكم بإلزام المدعى عليها الأولى في مواجهة المدعى عليها الثانية بأن تدفع لها مبلغ ستين ألفا من الجنيهات وقالت بياناً للدعوى أن أحمد عطوه تسبب أثناء قيادته سيارة الأتوبيس رقم 2548 المملوكة للمطعون عليها الثانية في قتل زوجها المرحوم منير رمزي تادرس وتحرر عن الحادث قضية الجنحة رقم 7156 لسنة 1970 الوايلي التي قضى فيها بإدانة المتهم وبإلزامه والمطعون عليها الثانية متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليها الأول مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت وإذ أصاب الأخيرة عن نفسها وبصفتها أضرار مادية وأدبية نتيجة الحادث وكانت السيارة مؤمناً عليها لدى الطاعنة فقد أقامت المدعية الدعوى للحكم بطلباتها، وبتاريخ 10/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة فى مواجهة المطعون عليها الثانية بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ عشرة آلاف من الجنيهات والفوائد بواقع 4% عن المبلغ الذى يقضى به نهائياً، استأنفت والمطعون عليها الأول هذا الحكم طالبة تعديله إلى الحكم بطلباتها وقيد الاستئناف برقم 3212 سنة 90 ق، كما استأنفته الطاعنة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 3262 سنة 90 ق وبتاريخ 11/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص ما جاء بالسبب الأول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بأن المرحوم ......... مورث المطعون عليها الأولى أسهم بخطئه في وقوع الحادث إلا أن الحكم المطعون فيه لم يناقش هذا الدفاع بقوله إن صدور الحكم الجنائي النهائي بإدانة المتهم يلزم القاضي المدني الذي يمتنع عليه البحث عن أي خطأ آخر يكون قد أسهم في وقوع الحادث في حين أن المادة 216 من القانون المدني تنص على أنه " يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في أحداث الضرر أو زاد فبه "وهو ما يعيب الحكم بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله ذلك أن النص في المادة (456) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها..." وفي المادة 102 من قانون الإثبات على أنه " لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" مفاده أن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهي خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر، ومن ثم فإن استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجني عليه في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه يعتبر من الأمور الثانوية بالنسبة للحكم بالإدانة ذلك أن تقرير الحكم قيام هذه المساهمة من المجنى عليه ونفيها لا يؤثر إلا فى تحديد العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى والقاضي غير ملزم ببيان الأسباب التى من أجلها قدر عقوبة معينة طالما أن هذه العقوبة بين الحدين المنصوص عليهما فى القانون، إذ كان ذلك فإن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ عن فعل المتم وحده دون غيره وأن يلزمه بدفع كل التعويض المستحق للمجنى عليه حتى ولو كان الحكم الجنائي قد قرر أن المجنى عليه أو الغير قد ساهما في أحداث الضرر كما أن له أن يقرر أن المجنى عليه أو الغير قد أسهم فى أحداث الضرر رغم نفى الحكم الجنائي ثمة خطأ فى جانبه- ليراعى ذلك في تقدير التعويض أعمالاً للمادة 216 من القانون المدني التي تنص على أنه " يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك فى أحداث الضرر أو زاد فيه" لما كان ذلك وكانت الطاعنة على ما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه قد نعت على الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه جنوحه إلى المغالاة في تقدير التعويض حين أغفل مشاركة المجنى عليه فى الخطأ المسبب للضرر وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بقوله "..... ولما كان الثابت من الحكم الجنائي النهائي - وعلى النحو الذى أورده الحكم المستأنف - أن خطأ ما لم يقع من المجنى عليه وأن المتهم تابع المستأنف عليه الثاني هو المسئول مسئولية كاملة بخطئه عن الحادث الذي أودى بحياة المجنى عليه مورث المستأنفين في الاستئناف الأول فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى في الدعوى على أساس أن القاضي المدني يرتبط بما يقرره الحكم الجنائي من نفس نسبة الخطأ للمجنى عليه بما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعنة الذى لو ثبت لتغير وجه الرأي في تقدير التعويض بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(1) راجع نقض 7/ 12/ 1976 مجموعة المكتب الفني سنة 27 صـ 1716.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق