الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 سبتمبر 2024

الطعن 2991 لسنة 91 ق جلسة 22 / 1 / 2022 مكتب فني 73 ق 7 ص 84

جلسة 22 من يناير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / علي سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد الجندي ، أحمد كمال الخولي ورامي شومان نواب رئيس المحكمة وخالد سويلم .
--------------
(7)
الطعن رقم 2991 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب " . تهريب المهاجرين . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً . المادة ٣١٠ إجراءات جنائية .
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة . لا يحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب .
عدم بيان الحكم الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنون والمُثبتة لارتكابهم جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية واستظهار عناصرهما والأدلة الدالة على ذلك . قصور يوجب نقضه .
مثال لتسبيب معيب في حكم صادر بالإدانة في جريمة تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين .
(2) قانون " تفسيره " . تهريب المهاجرين . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " بوجه عام " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى ".
المقصود بالجماعة الإجرامية المنظمة وعبارة تهريب المهاجرين وفقاً للقانون 82 لسنة 2016؟
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت مطروحة على بساط البحث . عدم صلاحيتها وحدها دليلاً للإدانة .
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال .
خلو الدعوى من دليل يقيني على تنظيم وإدارة جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في تهريب المجني عليهما واقتصار أقوال الأخيرين على اتفاقهما مع المتهم الأول على استصدار تأشيرة دخول صحيحة وعدم إسناد دور لهما في استصدارها وضبطهما من قبل الشرطة قبل استلام التأشيرة . يوجب القضاء بالبراءة . لا يغير من هذا النظر وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج . علة وأساس ذلك ؟
مثال لحكم صادر من محكمة النقض بالبراءة لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في التهريب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواءً من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، وأن يورد أدلة الثبوت التي استند إليها في الإدانة ويذكر مؤداها في بيان واف حتى يتضح وجه استدلاله بها ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً ، فلا تكتفي بمجرد الإشارة إليها بل ينبغي إيراد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله : ( وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات ودار بشأنها بالجلسة ، تخلص في أن البشرية عرفت جريمة الهجرة غير الشرعية منذ القدم وتحولت تلك الجريمة إلى ظاهرة اجتماعية شاذة في حياة التجمعات البشرية وقد انتشرت في السنوات الأخيرة وتزايدت بصورة مخيفة واستفحلت حتى أصبحت كداء وبيل ومرض خطير تحل بسببها من الشرور بالبلاد ما لا يحصى ومن الأضرار بالعباد ما لا يستقصى فهي خطر داهم وشر مداهم وبلاء قائم لأن أثرها في الغالب لا يقتصر على فرد أو مجموعة من الأفراد وإنما يمتد هذا الأثر عادة إلى عدم الثبات والاستقرار وتهديد الكيان الداخلي للدولة المهاجر منها أو تلك المهاجر إليها ، وعلى إثر اتفاق بين المتهمين كونوا فيما بينهم تشكيلاً عصابياً وتنكبوا الطريق المستقيم فارتكبوا سلوكاً أرعن وعملاً مستهجناً ومداناً ومرفوضاً شرعاً وعقلاً وعرفاً وتجرد المتهمون من كل معاني القيم ووازع قويم ، فعزموا أمرهم واتحدت إرادتهم على أن يتخذوا من جريمة تهريب المهاجرين غير الشرعيين حرفة ومهنة لهم مستغلين هيمنة البطالة وقلة فرص العمل والعوز المادي والظروف الأسرية التي تجبر على الهجرة غير الشرعية مخادعين المجني عليهم أنهم قادرين ومقتدرين على تهريبهم لدولة .... ، إذا أدوا المنفعة المادية كانت أو المعنوية المتفق عليها موهمين المجني عليهم بحصولهم على حياة اجتماعية أكثر رفاهية محدثين الأمل بحصولهم على أرباح مالية وهمية مما حدا بوالد المجني عليه الأول المدعو / .... والمجني عليه الثاني / .... بالاتفاق مع المتهمين على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... مقابل مبلغ مالي وقدره مائة وعشرون ألف جنيه يستولي عليها المتهمون حال وصولهم لدولة .... ، وعلى إثر هذا الاتفاق وبتاريخ .... تقابل المجني عليهما مع المتهمين لإنفاذ هذا الاتفاق - على إحدى الكافيتريات - بناحية .... تمهيداً لتهريبهم إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهمين والمجني عليهم بمعرفة الرائد / .... بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ، بعد أن أكدت التحريات التي قام بإجرائها بصحة الواقعة ) ، واستند الحكم في إثبات الواقعة إلى أقوال كل من / .... ، .... ، والرائد / .... الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً ، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواءً في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنون والمثبتة لارتكابهم جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية واللتان أشار إليهما دون أن يستظهر عناصرهما ومدى انطباق التعريفات والشروط التي أوردها القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ولائحته التنفيذية على ما حملته الأوراق وصورة واقعة الدعوى ، ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها بل جاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين والظروف التي وقعتا فيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة مما يعجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، فبات معيباً بما يوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي ما أثاره الطاعنون من أوجه بطعنهم .
2- لما كان البيّن من نص المادة الأولى من القانون رقم 8٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين أن المشرع أطلق وصف الجماعة الإجرامية المنظمة على الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثلاثة أشخاص على الأقل للعمل بصفة مستمرة أو لمدة من الزمن بهدف ارتكاب جريمة محددة أو أكثر من بينها جرائم تهريب المهاجرين وحدها أو مع غيرها وذلك من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، ولا يلزم أن يكون لأعضائها أدوار محددة أو أن تستمر عضويتهم فيها ، كما أن المقصود بعبارة تهريب المهاجرين هو تدبير انتقال شخص أو أشخاص بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى من أجل الحصول بصورة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، وحيث إنه وكان الثابت للمحكمة من استعراضها لأوراق الدعوى وما دار فيها من تحقيقات وما ورد في أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في ثبوت التهمتين في حق هؤلاء المتهمين ، أنها خلت من دليل يقيني على أن المتهمين نظموا وأداروا جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في تهريب المجني عليهما بطرق غير مشروعة لدولة .... ، إذ إن ما ساقته النيابة العامة من أدلة الثبوت في مقام التدليل على مقارفة المتهمين للاتهام الذي أسندته إليهم لا يفيد بذاته ولا يقطع بأنهم ارتكبوا كلتا الجريمتين ، إذ خلت أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - المجني عليهما بالتحقيقات والتي ركنت النيابة العامة لشهادتهما بها ضمن ما استندت إليه في ثبوت الجريمتين - من اتفاقهما مع المتهمين على تهريبهم لدولة .... بطرق غير مشروعة ، وإنما اقتصرت أقوالهما على اتفاقهما مع المتهم الأول على استصدار تأشيرة دخول - صحيحة - لدولة .... ولم ينسب أياً منهما إلى باقي المتهمين ثمة دور في استصدارها ، وأنهما توجها للقاء المتهم الأول بإحدى المقاهي بناحية .... لاستلام المجني عليه الثاني من الأخير التأشيرة واطلاع المجني عليه الأول عليها للتأكد من صحتها وإعطاء المتهم الأول رسوم استخراجها ، إلا أن ذلك كله لم يتم لضبطهم من قبل الشرطة ، ولا يقدح في ذلك القول بأن الجريمة الثانية المسندة إلى المتهمين هي الشروع في تهريب مهاجرين ، إذ إن الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ، وإن كان لا يوجد فيه ما يوجب لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل في تنفيذ ذات الفعل المكون للجريمة ، إلا أنه يقتضي أن يكون الفعل الذي بدأ في تنفيذه من شأنه أن يؤدي فوراً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة وهو ما لم يتوافر في الدعوى الراهنة ، لا سيما وأنه لم يتم ضبط وثيقة سفر أو هوية مزورة ، ولا ينال من ذلك ما ثبت بملاحظات النيابة العامة من أنه بمطالعتها لهاتف المتهم الأول بالتحقيقات تبين وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج ، وكذلك ما تم ضبطه بحوزة المجني عليه الأول من جواز سفر خاص به وكذا مبلغ مائتي يورو تمهيداً لاستخراج تأشيرة لدولة .... إذ إنه لا يرقى إلى أن يكون دليلاً بذاته أو حتى قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، ولا يتبقى في أوراق الدعوى سوى تحريات الشرطة وأقوال مجريها - الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر - إلا أنها لا تعدو أن تكون قرينة لا تنهض بمجردها دليل إدانة ، لما هو مقرر من أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً للقضاء بالإدانة ، هذا إلى أن الإقرار المنسوب صدوره من المتهمين لشاهد الإثبات الثالث لا يعدو أن يكون مجرد قول للأخير لا تطمئن إليه هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تُبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، فإن الاتهام المسند إلى المتهمين يضحى محوطاً بشك كبير ولا تطمئن هذه المحكمة إليه ، مما يتعين الحكم ببراءة المتهمين من التهمتين المسندتين إليهم عملاً بنص المادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :
۱- نظموا وأداروا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين وقد ارتكبت الجريمة التالية بناءً على ارتكاب تلك الجريمة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
۲- شرعوا في ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين كل من / .... و .... وذلك بأن اتفقوا معهما على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... ودبروا نقلهم وذلك مقابل الحصول على منفعة مادية ومالية وهي مبالغ مالية إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لســبــب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضـبطهم والمهاجرين سالفي الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصـف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضـت حضـورياً عملاً بالمواد 1 ، 4 ، 5 ، 6/ 2،1 بند ( 1 ، 5 ، 6) ، 17 من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن الهجرة الغير الشـرعية ، وبعد إعمال نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من ذات القانون ، بمعاقبة كل منهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم وتغريم كل منهم خمسمائة ألف جنيه عما أسند إليهم وألزمتهم بالمصـاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعون - بمذكرتي أسباب الطعن - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما حال كون أحدهما طفلاً بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية وكان من شأن الجريمة تهديد حياة من يجري تهريبهما وتعريض صحتهم للخطر ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة معماة وبصورة مجملة خلت من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانهم بهما بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواءً من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، وأن يورد أدلة الثبوت التي استند إليها في الإدانة ويذكر مؤداها في بيان واف حتى يتضح وجه استدلاله بها ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً ، فلا تكتفي بمجرد الإشارة إليها بل ينبغي إيراد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله : (وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات ودار بشأنها بالجلسة ، تخلص في أن البشرية عرفت جريمة الهجرة غير الشرعية منذ القدم وتحولت تلك الجريمة إلى ظاهرة اجتماعية شاذة في حياة التجمعات البشرية ، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة وتزايدت بصورة مخيفة واستفحلت حتى أصبحت كداء وبيل ومرض خطير تحل بسببها من الشرور بالبلاد ما لا يحصى ومن الأضرار بالعباد ما لا يستقصى ، فهي خطر داهم وشر مداهم وبلاء قائم لأن أثرها في الغالب لا يقتصر على فرد أو مجموعة من الأفراد وإنما يمتد هذا الأثر عادة إلى عدم الثبات والاستقرار وتهديد الكيان الداخلي للدولة المهاجر منها أو تلك المهاجر إليها ، وعلى إثر اتفاق بين المتهمين كونوا فيما بينهم تشكيلاً عصابياً وتنكبوا الطريق المستقيم فارتكبوا سلوكاً أرعن وعملاً مستهجناً ومداناً ومرفوضاً شرعاً وعقلاً وعرفاً وتجرد المتهمون من كل معاني القيم ووازع قويم ، فعزموا أمرهم واتحدت إرادتهم على أن يتخذوا من جريمة تهريب المهاجرين غير الشرعيين حرفة ومهنة لهم مستغلين هيمنة البطالة وقلة فرص العمل والعوز المادي والظروف الأسرية التي تجبر على الهجرة غير الشرعية مخادعين المجني عليهم أنهم قادرين ومقتدرين على تهريبهم لدولة....، إذا أدوا المنفعة المادية كانت أو المعنوية المتفق عليها موهمين المجني عليهم بحصولهم على حياة اجتماعية أكثر رفاهية محدثين الأمل بحصولهم على أرباح مالية وهمية مما حدا بوالد المجني عليه الأول المدعو / .... والمجني عليه الثاني / .... بالاتفاق مع المتهمين على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... مقابل مبلغ مالي وقدره مائة وعشرون ألف جنيه يستولي عليها المتهمون حال وصولهم لدولة .... وعلى إثر هذا الاتفاق وبتاريخ .... تقابل المجني عليهما مع المتهمين لإنفاذ هذا الاتفاق - على إحدى الكافيتريات - بناحية .... تمهيداً لتهريبهما ، إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهمين والمجني عليهما بمعرفة الرائد / .... بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ، بعد أن أكدت التحريات التي قام بإجرائها بصحة الواقعة ) ، واستند الحكم في إثبات الواقعة إلى أقوال كلٍ من / .... و .... ، والرائد / .... الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً ، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواءً في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنون والمثبتة لارتكابهم جريمتي تنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين والشروع في تهريب المجني عليهما بطريقة غير شرعية مقابل الحصول على منفعة مادية ، واللتان أشار إليهما دون أن يستظهر عناصرهما ومدى انطباق التعريفات والشروط التي أوردها القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ولائحته التنفيذية على ما حملته الأوراق وصورة واقعة الدعوى ، ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها بل جاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين والظروف التي وقعتافيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة مما يعجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، فبات معيباً بما يوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي ما أثاره الطاعنون من أوجه بطعنهم ، ولما كانت الدعوى بحالتها هذه صالحة للفصل في موضوعها - بعد ضم المفردات - دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظرها ، فإن المحكمة تعرض لموضوع الدعوى عملاً بحقها المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 11 لسنة ۲۰۱۷ .
وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين بأنهم في يوم .... بدائرة .... :
1- نظموا وأداروا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين وقد ارتكبت الجريمة التالية بناءً على ارتكاب تلك الجريمة وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
2- شرعوا في ارتكاب جريمة تهريب مهاجرين كل من .... و .... وذلك بأن اتفقوا معهما على تهريبهما بطريقة غير شرعية إلى دولة .... ودبروا نقلهم وذلك مقابل الحصول على مبالغ مالية ، إلا أنه خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والمهاجرين سالفي الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت عقابهم بالمواد 1 ، 4 ، 5 ، 6/۲،۱ بند ( 1 ، 5 ، 6 ) ، 17 من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن إصدار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ، وقد ارتكنت النيابة العامة في إثبات ذلك بقائمة أدلة الثبوت إلى ما شهد به المجني عليه / .... بأنه على إثر رغبته في السفر خارج البلاد - دولة .... - اتفق مع المتهمين على تهريبه إلى الدولة سالفة البيان بطريقة غير شرعية مقابل حصولهم على مبلغ مالي وقدره مائة وعشرون ألف جنيه عقب وصوله لتلك الدولة إلا أنه تم ضبطهم ، وشهد / .... بذات مضمون ما شهد به سابقه ، وشهد الرائد / .... بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر بأن تحرياته السرية توصلت لصحة ما شهد به سابقيه ، وأضاف بأن المتهمين يشكلون جماعة إجرامية منظمة متخصصة بتهريب المهاجرين بطريقة غير شرعية إلى دولة .... مقابل مبالغ مالية وتمكن من ضبط المتهمين وضبط المضبوطات ، وثبت من مطالعة النيابة العامة لهاتف المتهم الأول بالتحقيقات وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج ، وتم ضبط جواز السفر الخاص بالمجني عليه الأول وكذا مبلغ مائتي يورو تمهيداً لاستخراج تأشيرة لدولة .... .
وحيث إن المتهمين أنكروا ما أسند إليهم من اتهام بالتحقيقات ، وأضاف الأول والثاني منهم بقيامهما بالعمل كوسطاء لشركات تسفير مرخصة للعمل بالخارج . لما كان ذلك ، وكان يبين من نص المادة الأولى من القانون رقم 8٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين أن المشرع أطلق وصف الجماعة الإجرامية المنظمة على الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثلاثة أشخاص على الأقل للعمل بصفة مستمرة أو لمدة من الزمن بهدف ارتكاب جريمة محددة أو أكثر من بينها جرائم تهريب المهاجرين وحدها أو مع غيرها وذلك من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، ولا يلزم أن يكون لأعضائها أدوار محددة أو أن تستمر عضويتهم فيها ، كما أن المقصود بعبارة تهريب المهاجرين هو تدبير انتقال شخص أو أشخاص بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى من أجل الحصول بصورة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مادية أو معنوية أو لأي غرض آخر ، وحيث إنه وكان الثابت للمحكمة من استعراضها لأوراق الدعوى وما دار فيها من تحقيقات وما ورد في أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في ثبوت التهمتين في حق هؤلاء المتهمين ، أنها خلت من دليل يقيني على أن المتهمين نظموا وأداروا جماعة إجرامية لأغراض تهريب المهاجرين إلى خارج البلاد والشروع في تهريب المجني عليهما بطرق غير مشروعة لدولة .... ، إذ إن ما ساقته النيابة العامة من أدلة الثبوت في مقام التدليل على مقارفة المتهمين للاتهام الذي أسندته إليهم لا يفيد بذاته ولا يقطع بأنهم ارتكبوا كلتا الجريمتين ، إذ خلت أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - المجني عليهما بالتحقيقات والتي ركنت النيابة العامة لشهادتهما بها ضمن ما استندت إليه في ثبوت الجريمتين - من اتفاقهما مع المتهمين على تهريبهم لدولة .... بطرق غير مشروعة ، وإنما اقتصرت أقوالهما على اتفاقهما مع المتهم الأول على استصدار تأشيرة دخول - صحيحة - لدولة .... ولم ينسب أياً منهما إلى باقي المتهمين ثمة دور في استصدارها ، وأنهما توجها للقاء المتهم الأول بإحدى المقاهي بناحية .... لاستلام المجني عليه الثاني من الأخير التأشيرة وإطلاع المجني عليه الأول عليها للتأكد من صحتها وإعطاء المتهم الأول رسوم استخراجها ، إلا أن ذلك كله لم يتم لضبطهم من قبل الشرطة ، ولا يقدح في ذلك القول بأن الجريمة الثانية المسندة إلى المتهمين هي الشروع في تهريب مهاجرين ، إذ إن الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ، وإن كان لا يوجد فيه ما يوجب لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل في تنفيذ ذات الفعل المكون للجريمة ، إلا أنه يقتضي أن يكون الفعل الذي بدأ في تنفيذه من شأنه أن يؤدي فوراً ومن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة وهو ما لم يتوافر في الدعوى الراهنة ، لا سيما وأنه لم يتم ضبط وثيقة سفر أو هوية مزورة ، ولا ينال من ذلك ما ثبت بملاحظات النيابة العامة من أنه بمطالعتها لهاتف المتهم الأول بالتحقيقات تبين وجود محادثات وصور لتأشيرات وعقود تفيد السفر للخارج وكذلك ما تم ضبطه بحوزة المجني عليه الأول من جواز سفر خاص به وكذا مبلغ مائتي يورو تمهيداً لاستخراج تأشيرة لدولة .... إذ إنه لا يرقى إلى أن يكون دليلاً بذاته أو حتى قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، ولا يتبقى في أوراق الدعوى سوى تحريات الشرطة وأقوال مجريها - الضابط بإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر - إلا أنها لا تعدو أن تكون قرينة لا تنهض بمجردها دليل إدانة ، لما هو مقرر من أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً للقضاء بالإدانة ، هذا إلى أن الإقرار المنسوب صدوره من المتهمين لشاهد الإثبات الثالث لا يعدو أن يكون مجرد قول للأخير لا تطمئن إليه هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تُبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، فإن الاتهام المسند إلى المتهمين يضحى محوطاً بشك كبير ولا تطمئن هذه المحكمة إليه ، مما يتعين الحكم ببراءة المتهمين من التهمتين المسندتين إليهم عملاً بنص المادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق