جلسة 8 من فبراير سنة 1977
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقي العصار، ورأفت عبد الرحيم، وجمال الدين عبد اللطيف، وإبراهيم هاشم.
--------------
(77)
الطعن رقم 485 لسنة 42 القضائية
(1، 2) تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية". حكم "ما يعد قصورا".
(1) الضرر المستقبل متى كان محقق الوقوع. للمضرور طلب التعويض عنه. إغفال الحكم مناقشة الأضرار المستقبلة المطالب بها. قصور.
(2) جواز تقدير الحكم لتعويض اجمالي عن جميع الأضرار. شرطه. بيان الحكم لعناصر الضرر ووجه أحقية المضرور فيه. إغفاله هذا البيان. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن عن نفسه وبصفته وليا على ابنته ..... أقام الدعوى رقم 5168 سنة 1962 مدنى القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما وآخرين انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزام شركة التأمين الأهلية - المطعون عليها الأولى - بأن تدفع له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وذلك في مواجهة المطعون عليه الثاني والمدعى عليه........، وقال بيانا للدعوى إن........ كان يقود السيارة رقم 1020 ملاكي الإسكندرية المملوكة للمطعون عليه الثاني يوم 7/ 8/ 1959 وصدم ابنته..... فأحدث بها كسرا مضاعفا بعظمتي الساق اليسرى صحبه نزيف شديد، وضبطت عن الواقعة قضية الجنحة رقم 2635 سنة 1959 قسم الرمل وقضى فيها بإدانته عن تهمة الإصابة الخطأ وأصبح الحكم نهائيا. وإذ يحق له المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابته هو وابنته نتيجة الحادث وتتمثل عناصر التعويض فى نفقات العلاج التي تكبدها وما عانته ابنته من آلام مبرحة طوال مدة علاجها وما تركته الإصابة من تشويه ظاهر بساقها وهى أنثى، وتسأل المطعون عليها الأولى وهى شركة التأمين المؤمن لديها على السيارة عن تغطية التعويض طبقا لأحكام القانون رقم 652 سنة 1955 ويقدره بمبلغ 3000 ج فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 31/ 5/ 1964 حكمت المحكمة بندب مصلحة الطب الشرعي بالقاهرة لتوقيع الكشف الطبي على ابنة الطاعن وبيان ما إذا كان قد تخلفت لديها عاهة من جراء الحادث ومداها ومدى تأثير الحادث على حالتها العامة الصحية والعقلية باعتبارها أنثى. وبعد أن قدم الخبير تقريره طلب الطاعن ندب أستاذي جراحة التجميل والأمراض النفسية لتوقيع الكشف على ابنته لأنها تحتاج لعملية تجميل للجلد وعلاج بمضادات حيوية ولأنها لا تزال تعانى من قلق نفسى وفي حاجة لعلاج نفساني. وبتاريخ 14/ 11/ 1965 حكمت المحكمة بندب رئيس قسم الطب الشرعي بوزارة العدل ورئيس قسم جراحة التجميل وأخصائي الأمراض النفسية بكلية طب القاهرة لتوقيع الكشف الطبي على ابنة الطاعن لبيان ما إذا كان قد تخلفت لديها عاهة مستديمة من جراء إصابتها ومدى تأثيرها عليها من الناحية العضوية والنفسية باعتبارها أنثى ثم انتهت المحكمة بحكمها الصادر فى 19/ 5/ 1968 إلى ندب الدكتور....... لأداء المأمورية مع الخبيرين السابقين. وبعد أن انفرد خبير الطب النفسي بتقديم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 30/ 11/ 1969 بالزام المطعون عليها الأولى بأن تؤدى للمدعى عن نفسه وبصفته وليا على ابنته مبلغ ألفى جنيه وذلك فى مواجهة المطعون عليه الثاني ....... استأنفت الشركة المطعون عليها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 73 سنة 77 ق مدنى. وبتاريخ 8/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بتعديل التعويض المحكوم به إلى مبلغ 1500 ج. طعن الطاعن عن نفسه وبصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي قدر التعويض للطاعن بصفته الشخصية بمبلغ 500 ج مراعيا في ذلك ما أنفقه من مصاريف علاج ابنته وما ينتظر أن ينفقه مستقبلا لإتمام العلاج وإجراء عملية تجميل لها كما قدر التعويض المستحق له بصفته وليا عليها بمبلغ 1500 ج مراعيا في ذلك ما تعرضت له من آلام نتيجة كسر عظمتي الساق اليسرى كسرا مضاعفا وما تركته الجراحة من أثر شوه ساقها وما انتابها من حالات الخوف والفزع، غير أن الحكم المطعون فيه خفض مبلغ التعويض المقضي به للطاعن بصفته الشخصية وبصفته وليا على ابنته إلى مبلغ 1500 ج لمجرد القول بأن الحكم الابتدائي أخطأ في تقدير المصاريف التي أنفقها الطاعن بصفته الشخصية فى علاج ابنته إذ احتسبها بمبلغ 500 ج مع إنها لا تتجاوز وفقا للمستندات المقدمة مبلغ 100 ج، وأنه يرى تقدير التعويض الجابر لكافة الأضرار التي حاقت بالطاعن عن نفسه وبصفته وليا على ابنته بمبلغ 1500 ج دون أن يتحدث الحكم عن عنصر الضرر المستقبل الذى أدخلته المحكمة الابتدائية فى تقدير التعويض وهو ما يعيبه بالقصور والخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي أنه أوضح في أسبابه عناصر الضرر التي لحقت بالطاعن بصفته الشخصية وبصفته وليا على ابنته ثم أورد قوله إنه "لما كان ذلك هو ما ارتاحت إليه المحكمة وكان قوام التعويض فى تقديرها هي جملة الأضرار التي سلف بيانها، ففي حدود تلك الأضرار الثابتة حاليا والمتوقعة مستقبلا تبنى المحكمة تقديرها للتعويض في الجانب المطالب به من المدعى - الطاعن - بوصفه وليا طبيعيا على ابنته المجنى عليها وترى المحكمة أن تقدير مبلغ 1500 ج تعويضا لذلك وبإضافته إلى ما قدرته المحكمة من تعويض للمدعى بصفته الشخصية نظير ما تكبده وما ينتظر أن يتكبده من مصاريف علاجية وعمليات جراحية وتجميلية للمجنى عليها تصير جملة التعويض المناسب للمدعى عن نفسه وبصفته مبلغ 2000 ج" وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن كل ما ورد به خاصا بتقدير التعويض هو ما قرره من "أن مناط الاستئناف الحالي هو ما تنعاه الشركة المستأنفة - المطعون عليها - من مغالاة في المبلغ المقضي به على سبيل التعويض وترى هذه المحكمة أن الحكم المستأنف قد أخطأ في تقرير نفقات العلاج إذ احتسبها بمبلغ 500 ج فى حين أنها لا تتجاوز وفقا للمستندات المقدمة مبلغ 100 ج ومن ثم تقضى هذه المحكمة مع مراعاة كافة الظروف والملابسات وعلى ضوء التقارير الطبية المودعة أن التعويض الجابر لكافة الأضرار التي حاقت بالمستأنف عليه الأول عن نفسه وبصفته وليا طبيعيا على ابنته المجنى عليها - الطاعن عن نفسه وبصفته - وهو 1500 ج وبالتالي يتعين تعديل الحكم المستأنف إلى هذا المبلغ إذ فيه حد الكفاية" ويبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه اقتصر على تقدير نفقات العلاج الفعلية وهي التي قدمت عنها المستندات - كما قرر الحكم - دون أن يتحدث بشيء عن الأضرار المستقبلة التي طالب الطاعن عن نفسه بالتعويض عنها نتيجة الحادث الذى أصيبت فيه ابنته وأدخلها الحكم الابتدائي في تقدير التعويض وأشار إليها بقوله "وما ينتظر أن يتكبده - الطاعن عن نفسه - من مصاريف علاجية وعمليات جراحية وتجميلية للمجنى عليها" لا يغير من ذلك ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أنه يقدر مبلغ 1500 ج تعويضا لكافة الأضرار التي لحقت بالطاعن عن نفسه وبصفته، ذلك أن الحكم خلص إلى هذه النتيجة بعد أن قصر التعويض المستحق للطاعن عن نفسه على نفقات العلاج الفعلية وقدرها بمبلغ 100 ج ثم اتبع ذلك بقوله "ومن ثم تقضى هذه المحكمة" يؤكد ذلك أن الحكم حدد الأضرار التي قضى بالتعويض عنها مستعملا صيغة الماضي فقرر بأنها هي تلك الأضرار التي حاقت بالطاعن عن نفسه وبصفته مما مقتضاه أن الحكم المطعون فيه لم يدخل عنصر الضرر المستقبل في تقدير التعويض عن الحادث ولم ويناقشه في أسبابه، وإذ يجوز للمضرور أن يطالب بالتعويض عن ضرر مستقبل متى كان محقق الوقوع، لما كان ذلك وكان يجوز لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تقضى بتعويض إجمالي عن جميع الأضرار التي حاقت بالمضرور إلا أن ذلك مشروط بأن تبين عناصر الضرر الذى قضت من أجله بهذا التعويض وأن تناقش كل عنصر منها على حدة وتبين وجه أحقية طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه بيان ذلك كله، فإنه يكون معيبا بالقصور بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص وحده.
(1) نقض 10/ 6/ 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 صـ 736
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق