بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 24-10-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 9 لسنة2023 قرارات الهيئة العامة - التمييز
الحكم المطعون فيه:
0/0
بتاريخ
بتاريخ
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على تقريري المكتب الفني وأمانة الهيئة العامة لمحكمة التمييز والمداولة.
حيث إن محكمة التمييز قررت في الطعنين رقمي 210 لسنة 1993و108 لسنة 2001 حقوق أن الخصومة لا تنعقد بين طرفيها متى ثبت بطلان إعلان صحيفة افتتاح الدعوى الموجهة إلى المدعى عليه ، فإذا لم يتم الإعلان صحيحًا حتى صدور الحكم الابتدائي زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية لا يصححه بعد ذلك أي إجراء لاحق في الدعوى ، وهو ما يقتضى عند تحقق هذا البطلان أمام محكمة الاستئناف أن تقف عند حد تقرير بطلان الحكم المستأنف دون أن تتصدى للفصل في موضوع الخصومة حتى لا يحرم من تقرر البطلان لمصلحته ــ لعدم صحة إعلانه بالصحيفة ــ من نظر الدعوى على درجتين باعتباره من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها ، ولا يغير من ذلك ما تقضى به المادة 166 من قانون الإجراءات المدنية من أنه ( إذا حكمت المحكمة الابتدائية في الموضوع ورأت محكمة الاستئناف أن هناك بطلانًا في الحكم أو بطلانًا في الإجراءات أثر في الحكم تقضى بإلغائه وتحكم في الدعوى ...) ، ذلك أن مناط تطبيق حكم هذا النص الذى يوجب على محكمة الاستئناف التصدي لموضوع النزاع ألا يمتد البطلان إلى إعلان صحيفة افتتاح الدعوى ، إذ هي أساس الخصومة وتقوم عليها كل إجراءاتها فإذا حكم ببطلانها ، فإنه ينبني على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة لها وزوال جميع الآثار التي ترتبت عليها ، ومؤدى القضاء ببطلان إعلان الصحيفة والحكم المبنى عليها ألا تبقى بعد ذلك خصومة مطروحة على المحكمة ، فلا يجوز لها أن تمضى بعد ذلك في نظر الموضوع فإن هي جاوزت ذلك وقضت في الموضوع فإن قضاءها يكون واردًا على غير خصومة منعقدة وفقًا للقانون ، كما لا تملك أيضًا أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لأنها تكون قد استنفدت ولايتها بالفصل في الموضوع.
بينما قرر الحكم الصادر في الطعنين رقمي 414 و917 لسنة 2022 عقاري من أنه ولئن انتهى الحكم المطعون فيه صائبًا إلى بطلان صحيفة افتتاح الدعوى وقضى من ثم بإلغاء الحكم المستأنف وبإحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل فيها عملًا بالمادة رقم 166/2،1من قانون الإجراءات المدنية رقم 11 لسنة 1992 ـ الساري آنذاك ـ التي نصت على أنه " إذا حكمت المحكمة الابتدائية في الموضوع ورأت محكمة الاستئناف أن هناك بطلانًا في الحكم أو بطلانًا في الإجراءات أثر في الحكم تقضي بإلغائه وتحكم في الدعوى. فإذا كان بطلان الحكم لسبب يتصل بإعلان صحيفة الدعوى فتقضي محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم وإعادة القضية للمحكمة الابتدائية للحكم في موضوعها." إلا أنه ولما كان الطعن الماثل قد أدرك سريان قانون الإجراءات المدنية رقم 42 لسنة 2022المعمول به اعتبارًا من 2/1/2023والذي نصت المادة رقم 1 منه على أنه " تسرى أحكام هذا القانون على ما لم يكن قذ فُصل فيه من الدعاوى وما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ويستثنى من ذلك ....." ، وجاءت المادة رقم 168 منه ـ المقابلة للمادة رقم 166 سالفة البيان ـ خلوًا من حكم الفقرة الثانية من المادة 166آنفة البيان ، ونصت على أنه " إذا حكمت المحكمة الابتدائية في الموضوع ورأت محكمة الاستئناف أن هناك بطلانًا في الحكم أو بطلانًا في الإجراءات أثر في الحكم تقضي بإلغائه وتحكم في الدعوى ..." مما مفاده أنه ـ منذ تاريخ نفاذ القانون رقم 42 لسنة 2022 ـ إذا ما انتهت محكمة الاستئناف إلى وجود بطلان في الحكم الابتدائي أو بطلان في الإجراءات أثر على ذلك الحكم فتقضي بإلغاء الحكم وتحكم في الدعوى ولو كان بطلان الحكم مرده سبب يتصل بإعلان صحيفة الدعوى ، ومن ثم وهدياً بما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه جزئيًا فيما قضى به من إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لتفصل فيها على أن يكون مع النقض إحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها .
وحيث إن الهيئة العامة تنوه إلى أن المشرع بين في المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية كيفية رفع الدعوى أمام القضاء وإعلام الخصوم بها وأوجب على المحكمة الفصل فيها إذا رفعت بالطريق الذي رسمه القانون وأعلن بها المدعى عليه، وأنه في ظل هذا القانون الذي نص في المادة 44 منه على أن " ترفع الدعوى إلى المحكمة بناءً على طلب المدعي، وذلك بإيداع صحيفة دعواه لدى مكتب إدارة الدعوى، أو بقيدها إلكترونيًا أو ورقيًا وفق المعمول به في المحكمة." والنص في المادة 47 منه على أن " 1 ـ يقوم مكتب إدارة الدعوى بعد استيفاء الرسوم بقيد الدعوى في السجل الخاص ـ إلكترونيًا أو ورقيًا ـ على أن يثبت فيه تاريخ القيد ويسجل فيه علم المدعي بالجلسة وتعتبر الدعوى مرفوعة في تلك الحالة مقيدة ومنتجة لآثارها من تاريخ تقديم الصحيفة شريطة سداد الرسم خلال أجل لا يتجاوز (3) ثلاثة أيام عمل من تاريخ اليوم التالي للإشعار بالسداد وإلا اعتبر القيد كأن لم يكن. "، والنص في المادة 49 منه على أن " 1. في غير أحوال استخدام وسائل التقنية والاتصال عن بعد، يقوم مكتب إدارة الدعوى في اليوم التالي على الأكثر لقيد صحيفة الدعوى بتسليم صورة منها وما يرافقها من صور وأوراق ومستندات إلى الجهة المنوط بها أمر إعلانها، وذلك لإجراء الإعلان على النموذج المعد لهذا الغرض وحفظه، أما إذا كان الملف إلكترونيًّا فتُمكن الجهة القضائية الخصوم من الاطلاع عليها في النظام أو إرسالها له إلكترونيًّا أو بإحدى الوسائل التقنية الأخرى.2. يجب إعلان صحيفة الدعوى إلكترونيًّا أو ورقيًّا خلال (10) عشرة أيام عمل من تاريخ تسليمها إلى القائم بالإعلان، وإذا حدد لنظر الدعوى جلسة تقع خلال هذا الميعاد فعندئذ يجب أن يتم الإعلان قبل الجلسة. 3 ــ ... " والنص في المادة 168 من ذات القانون على أنه ((إذا حكمت المحكمة الابتدائية في الموضوع ورأت محكمة الاستئناف أن هناك بطلانًا في الحكم أو بطلانًا في الإجراءات أثر في الحكم، تقضي بإلغائه وتحكم في الدعوى أما إذا حكمت المحكمة الابتدائية بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي ترتب عليه منع السير في الدعوى وحكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم وباختصاص المحكمة أو برفض الدفع الفرعي وبنظر الدعوى وجب عليها أن تعيد القضية للمحكمة الابتدائية للحكم في موضوعها.) تدل على أن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد قيام مكتب إدارة الدعوى بقيد صحيفتها في السجل الخاص بذلك ــ إلكترونيًا أو ورقيًا ــ طالما تم سداد الرسم المقرر قانونًا عنها ، أما إعلان الخصم بها إجراءً منفصلًا عن رفع الدعوى وتاليًا له قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعي فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته ، ينبى على ذلك أن بطلان إعلان صحيفة الدعوى لا يترتب عليه تعطيل أثر الصحيفة متى كانت بيانتها صحيحة وكاملة وفقًا لقانون الإجراءات المدنية ، ذلك أن الخصومة إنما وجدت لتسير حتى تحقق الغاية منها بالفصل في الدعوى ، وبالتالي إذا كانت صحيفة افتتاح الدعوى قد استوفت البيانات التي نصت عليها المادة 44 من قانون الإجراءات المدنية المشار إليه ، وقيدت في السجل الخاص بذلك في الميعاد المحدد في القانون وكان التمسك ببطلان إعلانها أمرًا خارجًا عن الصحيفة ذاتها ، فإنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن حكم محكمة أول درجة باطل لعيب شابه أو شاب الإجراءات دون أن يمتد إلى صحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يتعين ألا تقف عند حد تقرير هذا البطلان بل يجب أن تمضي في الفصل في الموضوع بحكم جديد تراعى فيه الإجراء الصحيح الواجب تحقيقًا لأحكام العدالة التي توجب حفظ حقوق المتقاضين وتمكينهم من تحقيق الهدف المرجو من التقاضي في زمن معقول ودون إثقال كاهلهم بنفقات يمكن تلافيها ولا طائل منها دونما إهدار لما تم من إجراءات صحيحة تتمثل في رفع الدعوى وسداد رسومها .
وحيث إنه وترتيبَا على ما تقدم ترى الهيئة إقرار المبدأ الجديد الذي أقره الحكم الصادر في الطعنين رقمي 414 و917 لسنة 2022 طعن عقاري من أنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل لعدم إعلان المدعى عليه إعلانًا صحيحًا بصحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يتعين ألا تقف عند حد تقرير هذا البطلان بل يجب أن تمضي في الفصل في الموضوع بحكم جديد تراعى فيه الاجراء الصحيح الواجب إتباعه.
فلهذه الأسباب
قررت الهيئة العدول عن المبدأ السابق والاعتداد بالمبدأ القانوني الجديد الذي أقره الحكم الصادر في الطعنين رقمي 414 و917 لسنة 2022 طعن عقاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق