الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 مايو 2018

الطعن 5351 لسنة 62 ق محكمة القضاء الإداري جلسة 2 / 12 / 2008 ق 31 ص 174

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد أحمد عطيه نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري 
وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين / منير محمد غطاس وحماد مكرم توفيق نائبي رئيس مجلس الدولة
------------
الوقائع
أقام المدعون هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 18/11/2007 طالبين في ختامها الحكم : بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إنشاء المجلس المنعوت ب "مجلس رؤساء استئناف مصر" وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات وأتعاب المحاماة
وذكر المدعون تبيانا لدعواهم أن السيد المستشار وزير العدل أرسل إلى السيد القاضي رئيس محكمة استئناف القاهرة كتابا مؤرخا 5/9/2007 مخاطبا إياه بوصفه رئيسا لمجلس رؤساء استئناف مصر موجها إليه وإلى السادة القضاة رؤساء محاكم الاستئناف الشكر على أدائهم المتميز وطالبا منه توجيه الشكر إلى السادة القضاة مستشاري محاكم الاستئناف. وأضافوا القول بأن إنشاء مجلس يسمى "مجلس رؤساء الاستئناف" يخالف أحكام الدستور والقانون وينطوي على غصب للسلطة بما يجعل قرار إنشائه منعدما أو باطلا بطلانا مطلقا؛ ذلك أن الدستور يقضى في المادة 65 بخضوع الدولة للقانون وبأن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، وفى المادة 165 بأن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم، وتنص المادة 166 منه على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة، وتقضى المادة 167 منه بأن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ثم أخيرا المادة 173 من الدستور الناصة على أن تقوم كل هيئة قضائية على شؤونها ويشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية ... ويبين القانون تشكيله. وأن المستفاد من هذه النصوص أن القانون وحده دون أي أداة أخرى هو الذي ينظم الهيئات القضائية وهو الذي يحددها وأن كل هيئة قضائية مستقلة في القيام على شؤونها دون تدخل من السلطة التنفيذية, هذا فضلاً على أن قانون السلطة القضائية خلت نصوصه من تشكيل أية مجالس سوى مجلسين اثنين همامجلس القضاء الأعلى المنصوص علي تشكيلة واختصاصاته في المادة 77 مكرراً من القانون المذكور, والثاني هو مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 98 من ذلك القانون, وبالتالي فإن أي مجلس يجري تشكيله فيما خلا هذين المجلسين يكون هو والعدم سواء حقيق بالإلغاء
واستطرد المدعون فذكروا أن إنشاء مجلس ينعت بكونه مجلس رؤساء استئناف مصر بقرار من السلطة التنفيذية ينطوي علي غصب للسلطة المناطة بالسلطة التشريعية وحدها فضلاً عما فيه من تدخل صريح في شئون العدالة والقضايا بالمخالفة الجهيرة لنص المادة 166 من الدستور؛ وإذا اعتور القرار عيب غصب السلطة فإنه يضحي معدوماً مجرداً من أي حصانة تمعنه من الإلغاء وإن طال الزمان, وهو أمر يضحي معه إلغاء القرار عند الفصل في موضوع الدعوى - راجحاً رجحاناً بيناً يستعلي علي الجدل, فضلاً عن خطراً وضرراً يرتبهما بقاء القرار قائماً إلى أن يفصل في موضوع الدعوى, يمسان كل مواطن وكل ذي مصلحة بما يمسان سلطة القضاء التي هي موئل الناس جميعاً وملاذهم علي نحو يجعل طلبهم وقف تنفيذ هذا القرار سائغاً وجديراً بإجابة المدعين إليه
وخلص المدعون إلى طلب الحكم لهم بالطلبات الموضحة بصدر هذا الحكم. وعينت المحكمة لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 4/12/2007 وجري تداولها على النحو الموضح بمحاضر الجلسات, حيث أودع المدعون في هذه الجلسة - 4/12/2007- حافظة طويت على صورة ضوئية من كتاب مؤرخ 8/10/2007 موجه من رئيس محكمة استئناف القاهرة بصفته رئيس مجلس رؤساء محاكم الاستئناف إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة يتضمن التأكيد علي تنفيذ قرار مجلس القضاء الأعلى المتعلق بضوابط صرف الأجر الإضافي, وعلي أن تكون مدة عمل كل دائرة من دوائر المحكمة ومأموريتها ستة أيام في الشهر .... وبجلسة 4/3/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية المدعي عليها استهلتها بالإشارة إلى أن السلطة القضائية أصبحت مستقلة تماماً عن وزارة العدل بصدور القانون رقم 142 لسنة 2006 بتعديل قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972, ومن ثم فلا شأن لوزارة العدل بالعمل التنظيمي الذي يقره رؤساء محاكم الاستئناف فيما بينهم فهو شأن داخلي للسلطة القضائية ولا دخل لوزارة العدل به ودفعت هيئة قضايا الدولة في تلك المذكرة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى تأسيساً على أن الدستور ما فتئ يؤكد علي استقلال القضاء وأنه فوض القانون في تحديد الجهات القضائية واختصاصاتها، وأن المكاتبات التي استند إليها المدعون لا تنم مطلقاً علي وجود قرار إداري بإنشاء مجلس يسمى مجلس رؤساء استئناف مصر فذلك شأن من الشئون الخاصة بالقضاء يدخل للفصل فيما يثور بشأنه في اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة بحكم المادة 83 من قانون السلطة القضائية وإنه يتعين على محاكم مجلس الدولة عدم التغول على هذا الاختصاص بقدر حرصها على إعمال اختصاصها المقرر طبقاً لأحكام الدستور والقانون كما دفعت هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري تأسيساً علي أنه لا حجة للمدعين في استنادهم إلى وجود القرار علي مكاتبات جرت بين وزير العدل ورئيس استئناف القاهرة فلا يدل ذلك علي وجود مسمي مجلس رؤساء الاستئناف وإن وجد فإن الوزارة لا تسلم به، وأياً كان الرأي في وجود هذا المسمى فذلك شأن خاص برؤساء محاكم الاستئناف أنفسهم ويخرج عن عداد القرارات الإدارية بمفهومها المعروف والتي هي مناط استنهاض اختصاص محاكم مجلس الدولة كما تناولت تلك المذكرة دفعاً بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة بالنسبة للمدعى عليه الثالث, وخلصت إلى طلب الحكم احتياطيا برفض الدعوى بشقيها. وفي جلسة 15/4/2008 أودع الحاضر عن المدعين مذكرة بدفاعهم تناولت الرد علي الدفوع المبداة من هيئة قضايا الدولة وخلصت إلى طلب الحكم بالطلبات المسطرة بعريضة الدعوى. وفي جلسة 28/10/2008 قررت المحكمة حجز الدعوى ليصدر فيها الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به
---------------

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً
ومن حيث أن المدعين يطلبون الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إنشاء مجلس بمسمي "مجلس رؤساء استئناف مصر" وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات 
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المنازعة تتعلق بشأن من شئون القضاة بما يجعل الاختصاص بنظرها معقوداً للدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة ومن بعد للدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض وفقاً للمادة 83 من قانون السلطة القضائية معدلاً بالقانون رقم 142 لسنة 2006, هذا الدفع مردود. ذلك أن هذا الدفع كان يصح لو أن المنازعة تدور حول قرار إداري مس مركزاً ذاتيا خاصاً بأحد رجال القضاء والنيابة العامة سواء من حيث التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب أو التأديب وغير ذلك مما تندرج في مفهوم شئون القضاة على ما يعنيه النص المذكور بحكمته التشريعية التي تقتضي أن تستقل محاكم القضاء العادي بشئون سدنتها فلا يكون لأي سلطة سواها سبيل أو رقابة عليهم إذ هي الأقدر على الإحاطة بشئون سدنتها والفصل في ظلاماتهم, غير أن الأمر ليس كذلك. إذ الطعن في المنازعة الماثلة منصب على قرار إداري استحدث مجلساً داخل تنظيم السلطة القضائية, فيندرج في عموم القرارات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بشأنها لمجلس الدولة بحسبانه صاحب الولاية العامة بالفصل في المنازعات الإدارية وفقاً لأحكام الدستور القانوني
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، فهو دفع مردود. ذلك أن المستقر عليه في قضاء مجلس الدولة أن القرار الإداري يوجد حيثما يوجد إفصاح لجهة الإدارة أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث آثر قانوني؛ فلا يشترط لتوافر القرار الإداري ووجوده أن يتخذ شكلاً مخصوصاً, ولكنه بوصفه تعبيراً صادراً عن جهة الإدارة متجهاً إلى إحداث آثر قانوني لغاية يرمى إليها يمكن استخلاصه من تصرفات جهة الإدارة وسلوكها حيال موقف أو طلب معين
والحاصل أن أوراق الدعوى طويت على صورة كتاب مؤرخ 8/10/2007 موجه من السيد المستشار رئيس استئناف القاهرة بصفته رئيس مجلس رؤساء محاكم الاستئناف إلى السيد المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة, يتضمن الإشارة إلى جلسة المجلس المذكور المعقودة في ذات تاريخ تحرير الكتاب, وإلي مضمون ما تقرر في تلك الجلسة. ولا ريب في أن صدور هذا الكتاب مسطوراً في ورقة تحمل شعاراً مرسوماً ومزيلاً بعبارة "مجلس رؤساء محاكم الاستئناف / مكتب الرئيس" ينبئ بأن ثمة قراراً أحدث ذلك المجلس وقرر إنشاءه, وأن المجلس ما فتئ منفكاً عن القيام بمهامه التي نيطت به؛ لا سميا وأن ذلكم الكتاب تعاضد بكتاب آخر - مرفقه صورته بالأوراق - أرسله السيد المستشار وزير العدل موجهاً إلى السيد المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة بوصفه رئيساً لمجلس رؤساء محاكم الاستئناف, وعليه, فإن ثمة قراراً إدارياً قائماً بكل خصائصه وسماته أنشأ مركزاً قانونياً في غير صالح المدعين بحسبانهم قضاة في محاكم الاستئناف, الأمر الذي يضحي معه الدفع المذكور غير قائم على سند صحيح وتقضي المحكمة برفضه
ومن حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية
ومن حيث أنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه فإنه يلزم للقضاء بهذا الطلب توافر ركنين مجتمعين :- 
الأول : ركن الجدية بان يكون الطلب قائماً على أسباب جادة يترجح معها إلغاء القرار
الثاني : ركن الاستعجال بأن يكون من شأن تنفيذ القرار أول الاستمرار في تنفيذه ترتيب آثار يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه
ومن حيث أنه ولما كنت السلطة القضائية هي سلطة دستورية في النظم الحديثة يحرص واضعوا الدستور على تضمين المبادئ العامة التي تحكمها بالدستور حتى لا تقوم سلطة أخري في الدولة بتشريعها فتبدوا هذه السلطة أدني مرتبة منها وأسيرة لها بما ينال من استقلالها, لما كان ذلك فقد صدر الدستور الدائم 1971 ناصاً في المادة 165 منه على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودراجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون, ومؤكداً في المادة 166 منه على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة, ومصرحاً في المادة 167 منه على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها وطريقة نقلهم, ومقرراً في المادة 173 منه أن تقوم كل هيئة قضائية على شئونها ويشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية يرعى شئونها المشتركة ويبين القانون تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل به
ومفاد تلك النصوص أن الدستور ناط بالقانون وحده دون غيره من أدوات التشريع أمر تنظيم وتشكيل الهيئات القضائية, ووسد إليه وحده أمر تحديد تلكم الهيئات كما حظر الدستور على أي سلطة التدخل في شئون العدالة, وجعل كل هيئة قضائية مستقلة عما سواها في القيام على شئونها وتنظيم العمل بها
ومن حيث إن البين من نصوص السلطة القضائية الذي ينظمها - وفق أحكام الدستور - القانون رقم 46 لسنة 1972 وتعديلاته, أنه تناول ترتيب المحاكم وتأليفها في الفصل الأول من الباب الأول منه, وانتظم في الفصل السادس من هذا الباب الجمعيات العمومية واللجان الوقتية وما وسد لها من اختصاصات, كما نص في المواد من 77 مكرراً حتى 77 مكرراً (4) على تشكيل مجلس القضاء الأعلى وأبان اختصاصاته ونص في المادة 98 منه على تشكيل المجلس الذي يتولي تأديب القضاة , وفي المادة 107 منه على تشكيل مجلس التأديب الأعلى , ولم يشر إلى أية مجالس أخري سوي المجلس الأعلى المشار للهيئات القضائية والمشار إليه في المواد 12, 39, 41, 42, 79 المنظم بموجب قانوني استناد إلى نصوص الدستور
ومن حيث إنه وترتيباً على ما تقدم, فإن الظاهر من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى, أن إنشاء مجلس يضم رؤساء محاكم الاستئناف يسمى "مجلس رؤساء محاكم الاستئناف" بالقرار الطعين, يضطلع بشأن من شئون العدالة يضحى مخالفاً لأحكام قانون السلطة القضائية الذي خلا من النص على أية مجالس سوي المجالس الثلاثة المشار إليها, ولم ترد الإشارة فيه إلى مجالس أخري تضطلع بشأن من شئون القضاة سوي المجلس الأعلى للهيئات القضائية المنظم بمقتضي قانوني, فضلاً عن أنه ولئن كان من الجائز وضع قواعد تنظيمية للعملية الإدارية المتصلة بشئون العدالة تقتضيها المصلحة العامة , فإن ذلك لا يكون إلا من خلال ما وسد لرئيس كل محكمة وللجمعيات العمومية بها ولوزير العدل بمقتضي أحكام قانون السلطة القضائية دون الخروج على أحكامه أو مجافاة لروحه, على النحو الذي ينبئ عنه القرار الطعين بإنشاء المجلس المذكور الذي أشارت هيئة قضايا الدولة في مذكرة دفاعها ما يفيد أن وزارة العدل لا تسلم بمسامه حال وجوده
ومن حيث أنه وهدياً بما سلف يضحي ركن الجدية متوافراً في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه؛ ولما كانت القرارات الإدارية التي تعتبر قائمة قانوناً تنتج آثارها ولو كانت معيبة لتمتعها بالقوة الملزمة بتنفيذ الإدارة لها بالطريق المباشر ولا تزايلها هذه إلا إذا قضي بتنفيذها أو إلغائها وكان من شأن القرار المطعون عليه المساس بالمراكز القانونية المشروعة للمدعين فإن الاستمرار في تنفيذه مرتباً آثاره على نحو لا يمكن تداركه, يتوافر به ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ
ومن حيث إنه وإذ توافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه ركناه وقام على سنده الصحيح فإن المحكمة تقضى بوقف تنفيذه وما يترتب على ذلك من آثار
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولاً :- برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى باختصاصها
ثانياً :- برفض الدفع وبعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري
ثالثا :- وبقبولها شكلاً, وبوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية لمصروفات الطلب المستعجل وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوض الدولة لإعداد تقرير في طلب الإلغاء.

الطعنان 1724 لسنة 55 ق ، 2277 لسنة 57 ق جلسة 30 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 196 ص 1272

جلسة 30 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.

---------------

(196)
الطعنان رقما 1724 لسنة 55 القضائية، 2277 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "الأحكام غير الجائز الطعن فيها" "الأحكام الجائز الطعن فيها".
الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. عدم جواز الطعن عليها استقلالاً. الاستثناء. حالاته. م 212 مرافعات. صدور حكمين أحدهما لا يقبل الطعن المباشر والآخر يقبله. أثره جواز الطعن فيهما معاً. شرط ذلك وعلته.
(2) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء. أثره.
(3) اختصاص "اختصاص ولائي". تأميم. حراسة.
محكمة القيم. اختصاصها دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون 34 لسنة 1971. م 6 ق 141 لسنة 1981. نطاقه. المنازعات التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه. أثره.
اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بالتأميم إلا ما استثنى منها بنص خاص. علة ذلك.
(4) استئناف "الطلبات الجديدة: ما يعد طلباً جديداً. دعوى "الطلبات في الدعوى". التزام.
المقاصة القضائية. وسيلتها. بدعوى أصلية أو طلب عارض. م 123 مرافعات. إبداؤها لأول مرة في الاستئناف. طلب جديد غير مقبول. علة ذلك. للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله. م 235/ 1 مرافعات.
(5) حيازة، تقادم "تقادم مسقط". ريع.
التزام الحائز سيء النية برد الثمرات. تقادمه بانقضاء خمس عشرة سنة. م 375/ 2 مدني. علة ذلك.
(6، 7) تأميم "لجان التقييم".
(6) التأميم. اقتصاره على الحقوق والأموال المملوكة للشركة المؤممة وقت التأميم. ومؤداه.
(7) اختصاص لجان التقييم. م 3 ق 72 لسنة 1963. نطاقه. تقييم الأموال التي أممت. خروجها عن ذلك بالإضافة أو الاستبعاد. أثره، إهدار حجية قرارها في هذا الخصوص. علة ذلك. للمحاكم صاحبة الاختصاص الفصل في المنازعات التي تثور بين الغير وبين المنشأة المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في أي نزاع لا يتعلق بالتقييم في ذاته.
(8) دعوى "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى".
العبرة في طلبات الخصوم. بما يبدونه منها على وجه جازم وصريح. تقيد المحكمة بها.
(9) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
قوة الأمر المقضي، عدم ورودها على ما لم يفصل فيه الحكم.
(10) دعوى "إغفال الفصل في الطلبات". حكم. نقض "الأحكام غير الجائز الطعن فيها".
إغفال المحكمة الفصل في طلب موضوعي. سبيل تداركه. الرجوع لذات المحكمة للفصل فيه. م 193 مرافعات. عدم جواز الطعن بالنقض لهذا السبب. علة ذلك.
(11) حكم "تسبيبه: عيوب التدليل: ما لا يعد قصوراً". "استئناف" "تسبيب الحكم".
تأييد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في شق من قضائه لأسباب خاصة تغاير المنحى الذي نحاه الحكم الأخير وإلغائه فيما قضى به في الشق الآخر. لا قصور. علة ذلك. (مثال).
(12) إثبات "العدول عن الإجراء" حكم "تسبيبه". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. عدولها عما أمرت به من إجراءات الإثبات. لا عيب. عدم التزامها ببيان الأسباب. شرط ذلك وعلته.

-------------------
1 - مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري. إلا أنه إذا كان قد صدر أثناء سير الخصومة حكمان أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقواعد المقررة بالمادة سالفة الذكر والآخر يقبله وقفاً للاستثناءات الواردة بها وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناءً فإن الطعن فيهما معاً يكون جائزاً لأن هذا البحث لا يحتمل عند نظر الطعن في الحكم القابل له إلا قولاً واحداً بالنسبة للحكم الآخر وهو ما يتفق مع حكم الفقرة الأخيرة من المادة 253 من قانون المرافعات.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذي لم يقضى له أو عليه بشيء لا يكون خصماً حقيقياً ولا يقبل اختصامه في الطعن.
3 - إذ كان مفاد نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أن المشرع قد أناط لمحكمة القيم دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المنازعات التي قصد المشرع إحالتها إلى محكمة القيم هي تلك المنازعات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه ومن ثم يخرج عن اختصاصها سائر المنازعات المتعلقة بتأميم الشركات والمنشآت، وتختص المحاكم العادية بنظر هذه المنازعات بحسبانها صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى منها بنص خاص.
4 - إذ يشترط للإدعاء بالمقاصة القضائية - على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن ترفع مع دعوى أصلية أو أن يطلب في صورة طلب عارض يقدم بصحيفة تعلن إلى الخصم الآخر قبل يوم الجلسة أو يبدى شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها تطبيقاً لنص المادة 123 من قانون المرافعات. وكانت الطلبات الجديدة لا تقبل في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 235 من هذا القانون، فمن ثم لا يجوز إبداء طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن التزام الحائز سيء النية برد الثمرات ليس من الحقوق الدورية المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي ومن ثم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً للفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني.
6 - تأميم شركة..... ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن أصحابها بموجب أحكام القانون رقم 72 لسنة 1963 قصداً إلى نقل ملكيتها إلى الدولة إنما ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للشركة وقت التأميم ولا ينصرف إلى غير ذلك من الحقوق والأموال الخاصة بأصحابها أو الشركاء فيها سواء كانوا متضامنين أو موصين.
7 - من المقرر أن اختصاص لجان التقييم المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون 72 لسنة 1963 ينحصر في تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت ويتم ذلك بتحديدها على أساس من العناصر المكونة لها وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم وتتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة، ولكن ليس لها أن تضيف إلى الحقوق والأموال المؤممة شيئاً أو تستبعد منها شيئاً، إذ لا يجوز لها أن تقيم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم، فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أيه حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن ولا يحول قرارها دون المحاكم المختصة والنظر في المنازعات التي تثور بين الغير والمنشأة المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في أي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته.
8 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبونه على وجه جازم وصريح وتلتزم المحكمة بطلباتهم وبعدم الخروج عن نطاقها.
9 - من المقرر أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
10 - مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله ومعلقاً أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك، ما فاتها الفصل فيه ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها صراحة أو ضمناً.
11 - إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد رفض إزالة المنشآت وأقام قضاءه على أسباب خاصة أنشأها لنفسه ونحى فيها منحى آخر مغايراً لأسباب الحكم الابتدائي الذي ألغى قضاءه في خصوص طلبي تثبيت الملكية والريع، وكان تأييده لقضاء هذا الحكم برفض طلب الإزالة ينصرف بطريق اللزوم الحتمي إلى المنطوق وحده فإنه يكون بمنأى عن عيب القصور.
12 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت محكمة الموضوع هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها فإنها تملك العدول عنه دون ذكر أسباب لذلك، لأنه متى كان لا يتصور أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم فلا يلزم تبريره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيها وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الخمسة الأول في الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية الطاعنين في الطعن رقم 2277 لسنة 57 القضائية - ....... - أقاموا الدعوى رقم 2277 لسنة 1977 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لمساحة 21 س و18 ط و6 ف المبينة بالصحيفة وإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده السادس وزير الصناعة بصفته في الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية - المطعون ضدهما الأولين في الطعن رقم 2277 لسنة 57 القضائية - بتسليمها إليهم خالية وإزالة ما عليها من منشآت ومبان وبالريع المستحق عنها بواقع 500 مليم للمتر المربع اعتباراً من يوم 8/ 8/ 1963 حتى تاريخ التسليم. وقالوا بياناً لذلك إن الحكومة أممت في التاريخ المشار إليه شركة مصانع....... للغزل والنسيج واستولت بدون وجه حق على المساحة آنفة الذكر التي يمتلكونها بصفاتهم الشخصية بموجب العقد المسجل برقم 5960 لسنة 1953 القاهرة وامتنعت عن تسليمها إليهم فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان وبرفضها لمن عداه. استأنف المطعون ضدهم المذكورون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2423 لسنة 95 قضائية وبتاريخ 22 من إبريل سنة 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير الصناعة وبندب خبير فيها ثم عادت وندبت ثلاثة خبراء لبيان ما إذا كانت أرض النزاع تعتبر من أصول شركة مصانع..... للعزل والنسيج المؤممة وبعد أن قدم الخبراء المنتدبون تقريرهم الثاني حكمت المحكمة بتاريخ 9 من مارس سنة 1983 بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضدهم سالفي الذكر لأرض النزاع وبندب خبير قبل الفصل في طلب الريع وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 11 من إبريل سنة 1985 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الريع وبإلزام الشركة الطاعنة في الطعن الأول بأن تؤدي إلى هؤلاء المطعون ضدهم مبلغ 131076 جنيهاً قيمة الريع عن المدة من 8/ 8/ 1963 حتى 31/ 10/ 1984 ومبلغ 540 جنيهاً شهرياً عن المدة اللاحقة وحتى تاريخ التسليم وقبل الفصل في طلب التسليم بندب خبير، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 7 من مايو سنة 1987 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما يتعلق بطلب إزالة المنشآت والمباني. طعنت الشركة المذكورة بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 11 من إبريل سنة 1985 القاضي بإلزامها بالريع وفي حكم تثبيت الملكية الصادر بتاريخ 9 من مارس سنة 1983 بالطعن الأول رقم 1724 لسنة 55 القضائية ودفع المطعون ضدهم الخمسة الأول بعدم جواز الطعن في هذا الحكم الأخير كما طعنوا بالنقض في الحكم الصادر بتاريخ 7 من مايو سنة 1987 في خصوص قضائه في طلبي التسليم والإزالة بالطعن الثاني رقم 2277 لسنة 57 القضائية وأودعت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بعدم قبول الطعن الأول بالنسبة للمطعون ضدهما السادس والسابع - وزيري الصناعة والمالية بصفتيهما - وبرفض الطعنين، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما وفيهما أمرت بضم الطعن الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد ودفعت الطاعنة في الطعن الأول بعدم اختصاص المحاكم العادية ولائياً بنظر الدعوى والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدهم الخمسة الأول بعدم جواز الطعن الأول رقم 1724 لسنة 55 القضائية بالنسبة لحكم تثبيت الملكية الصادر بتاريخ 9/ 3/ 1983 أن الطاعنة لم تطعن بطريق النقض على هذا الحكم وقت صدوره فصار بذلك باتاً وغير قابل للطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد. ذلك بأن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري. إلا أنه إذا كان قد صدر أثناء سير الخصومة حكمان أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقواعد المقررة بالمادة سالفة الذكر والآخر يقبله وفقاً للاستثناءات الواردة بها وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناءً فإن الطعن فيهما معاً يكون جائزاً لأن هذا البحث لا يحتمل عند نظر الطعن في الحكم القابل له إلا تقولاً واحداً بالنسبة للحكم الآخر وهو ما يتفق مع حكم الفقرة الأخيرة من المادة 253 من قانون المرافعات التي تنص على أن "وإذا أبدى الطاعن سبباً للطعن بالنقض فيما يتعلق بحكم سابق على صدور الحكم المطعون فيه ذات الدعوى اعتبر الطعن شاملاً للحكم السابق ما لم يكن قد قبل صراحة، لما كان ذلك وكان حكم تثبيت الملكية الصادر أثناء سير الخصومة بتاريخ 9/ 3/ 1983 ليس من الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري وبالتالي فلم يكن من الجائز الطعن فيه استقلالاً وقت صدوره إلا أن القضاء للمطعون ضدهم الخمسة الأول بالملكية التي تعتبر أساساً مشتركاً بينه وبين الحكم الصادر بإلزام الطاعنة بالريع استناداً إلى هذه الملكية من شأنه أن يجعل الطعن فيه مع الطعن في حكم الإلزام بالريع القابل للتنفيذ الجيري جائزاً ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما السادس والسابع في الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية (المطعون ضدهما الثاني والثالث في الطعن رقم 2277 لسنة 55 القضائية - وزيري الصناعة والمالية بصفتيهما - أن وزير المالية لم يكن خصماً حقيقياً إذ اختصم لأول مرة في الاستئناف لتقديم ما لديه من مستندات، كما أنه ووزير الصناعة قد وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يقض لهما بشيء.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذي لم يقضى له أو عليه بشيء لا يكون خصماً حقيقياً ولا يقبل اختصامه في الطعن. ولما كان الثابت أن وزير الصناعة بصفته المطعون ضده السادس في الطعن الأول، المطعون ضده الثاني في الطعن الثاني - لم يكن خصماً للطاعنة في الطعن الأول في الدعوى بل كان مدعى عليه معها فيها وقد قضي ابتدائياً بعدم قبول الدعوى بالنسبة له وتأيد هذا القضاء بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف أثناء سير الخصومة بتاريخ 22/ 4/ 1979 ولم يطعن الطاعنون في الطعن الثاني على هذا الحكم بالنقض مع الحكم المنهي للخصومة فامتنع عليهم بذلك اختصامه في الطعن، كما أن وزير المالية بصفته المطعون ضده السابع في الطعن الأول - المطعون ضده الثالث في الطعن الثاني - قد اختصم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم يقض له بشيء وبالتالي فلا يعتبر خصماً حقيقياً، ومن ثم يتعين عدم قبول اختصام المطعون ضدهما المذكورين في الطعنين على السواء.
وحيث إن الطعنين فيما عدا ذلك استوفيا أوضاعهما الشكلية.

أولاً: الطعن رقم 1724 لسنة 55 القضائية:

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب أضافت إليها الطاعنة بالجلسة سبباً رابعاً متعلقاً بالنظام العام تنعى به وبالشق الثاني من السبب الأول على الحكمين المطعون فيهما الصادرين في 6/ 3/ 1983، 11/ 4/ 1985 مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن النزاع في الدعوى الحالي ناشئ عن الحراسة التي خضع لها المطعون ضدهم الخمسة الأول باعتبارهم من أصحاب شركة مصانع..... للغزل والنسيج التي أممت بموجب القانون رقم 72 لسنة 1963 وبالتالي فإنه يخرج عن ولاية المحاكم العادية وتكون محكمة القيم المنصوص عليها في القانون رقم 95 لسنة 1985 هي المختصة بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، وإذ خالف الحكمان المطعون فيهما مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام بفصلهما في الدعوى والتفت ثانيهما عما تمسكت به في هذا الخصوص فذلك ما يعيبهما ويستوجب نقضهما.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك بأنه لما كان مفاد نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أن المشرع قد أناط لمحكمة القيم دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المنازعات التي قصد المشرع إحالتها إلى محكمة القيم هي تلك المنازعات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه ومن ثم يخرج عن اختصاصها سائر المنازعات المتعلقة بتأميم الشركات والمنشآت، وتختص المحاكم العادية بنظر هذه المنازعات بحسبانها صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى منها بنص خاص. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدهم الخمسة الأول قد استندوا في طلب ثبوت ملكيتهم لأرض النزاع وسائر طلباتهم الأخرى المرتبطة به إلى أن الطاعنة قد استولت على هذه الأرض المملوكة لهم بصفاتهم الشخصية بأن وضعت يدها عليها دون سند متجاوزة في ذلك قرار لجنة التقييم الذي يقتصر نطاقه طلقاً لهذا القانون على أموال وممتلكات الشركة المؤممة ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن شخصية وذمة أصحابها ولا يمتد إلى أموال وممتلكات هؤلاء الأصحاب، فإن النزاع موضوع الدعوى بهذا الوصف يعتبر متعلقاً بالتأميم وتجاوز نطاقه ولا شأن له بالحراسة ومن ثم فإن هذا النزاع يدخل في ولاية المحاكم العادية ولا تختص به محكمة القيم. وإذ التزم الحكمان المطعون فيهما هذا النظر في قضائهما وواجه ثانيهما دفع الطاعنة بعدم الاختصاص الولائي وأطرحه بما يتفق وصحيح حكم القانون فإن النعي عليهما في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 11/ 4/ 1985 مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إنه رفض طلبها إجراء المقاصة القضائية مستنداً في ذلك إلى أن الضرائب المستحقة على مصنع....... قبل التأميم والبالغة 646 مليماً و31166 جنيهاً تسأل عنها شركة مصانع....... المؤممة التي آلت إلى الطاعنة دون المطعون ضدهم الخمسة الأولى أصحاب تلك الشركة في حين أن هؤلاء الأخيرين هم الملتزمون بتلك الضرائب بعد فرض الحراسة الإدارية عليهم وتأميم شركتهم بموجب القانون رقم 72 لسنة 1963 كما رفض الحكم أيضاً دفعها بسقوط الريع بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني بناء على فهم خاطئ للواقع في الدعوى وإذ اعتقدت المحكمة أن ما يطالب به أولئك المطعون ضدهم في الدعوى هو ريع في حين أنه يمثل أجرة أرض النزاع مما يخضع لذلك التقادم. وفي هذا ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان الثابت أن الطاعنة قد طلبت أمام محكمة الاستئناف لأول مرة إجراء المقاصة القضائية المنصوص عليها في المادة 125 من قانون المرافعات، وكان يشترط للإدعاء بالمقاصة القضائية - على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن ترفع به دعوى أصلية أو أن يطلب في صورة طلب عارض يقدم بصحيفة تعلن إلى الخصم الآخر قبل يوم الجلسة أو يبدى شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها تطبيقاً لنص المادة 123 من قانون المرافعات. وكانت الطلبات الجديدة لا تقبل في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 235 من هذا القانون، فمن ثم لا يجوز إبداء طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه بعدم قبول طلب الطاعنة المقاصة القضائية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التزام الحائز سيء النية برد الثمرات ليس من الحقوق الدورية المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي ومن ثم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً للفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني، ولما كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدهم الخمسة الأول قد طلبوا إلزام الطاعنة بالريع عن أرض النزاع التي استولت عليها اعتباراً من تاريخ 8/ 8/ 1963 بطريق الغصب باعتباره عملاً غير مشروع يستوجب التعويض وليس كمقابل انتفاع أو أجرة استناداً لعلاقة إيجارية كما أن الطاعنة لم تدع أمام محكمة الموضوع قيام تلك العلاقة في ذلك التاريخ فمن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بسقوط الريع بالتقادم الخمسي بناء على ذلك وتقريره بأن الريع المطالب به لا يصدق عليه وصف الحقوق الدورية المتجددة التي تخضع لهذا التقادم وإنما هو مقابل انتفاع مبناه عمل غير مشروع، فإنه يكون متفقاً مع حقيقة الواقع ولا مخالفة فيه للقانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 9/ 3/ 1983 الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه استند في قضائه بتثبيت ملكية أرض النزاع للمطعون ضدهم الخمسة الأول إلى ما تضمنه تقرير الخبراء المنتدبين من التفرقة في رأسمال شركة مصانع..... للغزل والنسيج المؤممة بين أصول الشركة وما هو مملوك ملكية خاصة للشركاء في حين أن نصوص قانون التأميم رقم 72 لسنة 1963 لا تعرف هذه التفرقة بالنسبة لجميع الشركات التي تم تأميمها وآلت ملكيتها إلى الدولة، وقد أهدر الحكم المطعون فيه بذلك حجية القرار الصادر من لجنة تقييم الشركة المذكورة والذي انتهى إلى أن أصولها تشمل جميع الآلات والأراضي بما فيها أرض النزاع، كما أن القضاء بتسليم هذه الأرض إلى أصحابها يترتب عليه انهيار الشركة الطاعنة وتشريد عمالها، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عول على تقرير الخبير السابق ندبه رغم اعتراض الطاعنة عليه ودون أن يعني ببحث اعتراضاتها فيكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان تأميم شركة مصانع...... للغزل والنسيج ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن أصحابها بموجب أحكام القانون رقم 72 لسنة 1963 قصداً إلى نقل ملكيتها إلى الدولة إنما ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للشركة وقت التأميم ولا ينصرف إلى غير ذلك من الحقوق والأموال الخاصة بأصحابها أو الشركاء فيها سواء كانوا متضامنين أو موصين، وكان اختصاص لجان التقييم المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون سالف الذكر ينحصر في تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت ويتم ذلك بتحديدها على أساس من العناصر المكونة لها وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم وتتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة، ولكن ليس لها أن تضيف إلى الحقوق والأموال المؤممة شيئاً أو تستبعد منها شيئاً، إذ لا يجوز لها أن تقيم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم، فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أيه حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن ولا يحول قرارها دون المحاكم المختصة والنظر في المنازعات التي تثور بين الغير والمنشأة المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في أي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته لما كان ذلك وكان الحكم المطعون قيه قد أقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم الخمسة الأول لأرض النزاع على قوله "...... وبعد أن أعيدت المأمورية إلى مكتب الخبراء للمرة الثالثة.... وبالاطلاع على ميزانية شركة مصانع..... للغزل والنسيج وحساباتها المنتهية في 31/ 12/ 1961 تبين عدم إدراج الأراضي ضمن أصول الشركة الثابتة وانتهى الخبراء الثلاثة المنتدبين في نتيجة تقريرهم إلى أن أرض النزاع لم تكن ضمن أصول الشركة عند التأميم ولكنها كانت مؤجرة بإيجار شهري مقداره 540 جنيهاً..... وكان الثابت من الأوراق أن شركة مصانع..... للغزل والنسيج أنشئت بموجب العقد المسجل في 25/ 11/ 1953 واشترى المستأنفون أرض النزاع بالعقد المسجل في 8/ 8/ 1953 قبل تكوين الشركة ولم تدخل الأرض ضمن أصول الشركة حتى تاريخ التأميم على النحو السالف الذكر إذ لم يقدم المستأنفون الأرض ضمن حصتهم في رأس المال وجميع حصص الشركاء كانت نقداً - وقد أوردت الكشوف الرسمية المستخرجة من مأمورية الضرائب العقارية أن أرض النزاع كانت مؤجرة للشركة - كما ورد بقرار لجنة تقييم الشركة عدم انتقال ملكية الأرض إلى الشركة وقدرت أراضي الشركة المملوكة لها في 8/ 8/ 1963 بمبلغ 27570.540 جنيهاً واستبعدت اللجنة من هذا المبلغ 1309.560 جنيهاً وهو ما يمثل مصروفات التسجيل الخاصة بجزء الأراضي التي لم تنتقل ملكيتها إلى الشركة والخاصة بأرض النزاع..... الأمر الذي يستدل منه على أن أرض النزاع لم تنتقل ملكيتها إلى الشركة.... واستمرت ملكية الأرض حتى اليوم للمستأنفين بصفتهم الشخصية ولا ينال من ذلك أن ترد أرض النزاع ضمن الأصول في ميزانية التقييم إذ لا حجية لقرارات التقييم بشأن إضافة أو استبعاد بعض العناصر من الأموال المؤممة.....،،، وكان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الاستئناف قد استخلصت من تقرير الخبراء الثلاثة المنتدبين الذي اقتنعت بكفايته وأخذت به ومن الأدلة التي ساقها أن أرض النزاع لم تكن ضمن عناصر تقييم مصانع شركة.... للغزل والنسيج وقت تأميمها وأنها مملوكة للمطعون ضدهم الخمسة الأول بصفاتهم الشخصية وكان استخلاصها سائغاً وله مأخذه الصحيح من الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه بما يكفي لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكانت محكمة الاستئناف قد استبقت طلب التسليم للفصل فيه بالحكم المنهي للخصومة كلها كما أنها لم تعول في قضائها على تقرير الخبير السابق ندبه في هذا الخصوص فلا يقبل النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد لأنه لا يصادف من قضائه محلاً ومن ثم يكون النعي بهذين السببين في جملته في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطعن.

ثانياً: الطعن رقم 2277 لسنة 57 القضائية:

وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقولون إنه استند في قضائه برفض طلب إزالة المنشآت والمباني التي أقامتها المطعون ضدها الأولى على أرض النزاع المملوكة لهم على أنها كانت تعتقد بحسن نية بأن لها حقاً في إقامة تلك المنشآت والمباني وبالتالي فلا يكون لهم طلب إزالتها وفق نص الفقرة الأولى من المادة 925 من القانون المدني، في حين أنه كان يجب على محكمة الاستئناف ألا تقف عند حد تقرير حسن نية المطعون ضدها الأولى في إقامة المنشآت والمباني وأن تطبق حكم الفقرة الثانية من تلك المادة الذي يخول لصاحب الأرض تملك المنشآت والمباني التي أقامها الحائز بحسن نية عليها بالالتصاق على أن يعوض هذا الحائز بدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو بأن يدفع له مبلغاً يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب الأعمال التي أنشأها فيها أو بأن يطلب تمليكه الأرض إذا كانت المنشآت قد بلغت من الجسامة حداً يرهق صاحب الأرض نظير تعويض عادل. هذا إلى أن رفض الحكم المطعون فيه طلب الإزالة ينطوي على قضاء ضمني برفض تسليم أرض النزاع إلى الطاعنين يترتب عليها تمليكها للمطعون ضدها الأولى مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبونه على وجه جازم وصريح وتلتزم المحكمة بطلباتهم وبعدم الخروج عن نطاقها. ومتى كان الثابت أن صحيفة دعوى الطاعنين قد اشتملت على طلب إزالة المنشآت والمباني التي أقامتها المطعون ضدها الأولى على أرض النزاع المملوكة لهم استناداً إلى أنها استولت عليها بطريق الغصب، وأنهم لم يعدلوا هذا الطلب أمام محكمة أول درجة إلى طلب تملك المنشآت والمباني بالالتصاق أو تمليك المطعون ضدها الأولى الأرض المقامة عليها مقابل التعويض عنها طبقاً للقواعد المنصوص عليها في المادة 925 من القانون المدني بشأن المباني بحسن نية في ملك الغير، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم في قضائه طلب الإزالة وأنزل حكم القانون عليه تقيداً بنطاق الدعوى لا يكون قد خالف القانون أما ما ورد بالنعي من انطواء الحكم على قضاء ضمني برفض طلب التسليم وأثره على الملكية فهو غير صحيح إذ البين من منطوق الحكم المطعون فيه وأسبابه أنه أفصح عن أن ما نظرته المحكمة وقضت فيه بالفصل هو طلب الإزالة، لذا فإن طلب التسليم يكون باقياً على حاله أمامها دون أن يبت فيه. ومن المقرر أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي. ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول وبالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الثابت من تقرير الخبير المنتدب بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 11/ 4/ 1985 لبحث طلب التسليم أنه تضمن أن هناك مساحة خالية من أرض النزاع المملوكة لهم مقدارها 13081 متراً خلف المصنع يمكن تسليمها إليهم بالإضافة إلى محطة البنزين ومع ذلك لم يقض لهم الحكم المطعون فيه بتسليمهم هذه المساحة أو بتعويضهم عنها ودون أن بيدي سبباً لذلك مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك بأن النص في المادة 193 من قانون المرافعات على أن "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه. مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله ومعلقاً أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك، ما فاتها الفصل فيه ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها صراحة أو ضمناً. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف لم تنظر بالفعل في طلب التسليم - على ما سلف بيانه - فإن إغفال الفصل فيه لا يصلح سبباً للطعن بالنقض. ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن محكمة الاستئناف سبق أن قضت بحكمها الصادر بتاريخ 9/ 3/ 1983 بإلغاء الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية الطاعنين لأرض النزاع وإذ عاد الحكم المطعون فيه فقضى برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما يتعلق بطلب الإزالة فإنه يكون قد أحال على أسباب الحكم الابتدائي بعد إلغائه مع أن الإحالة في الأسباب لا تصح إلا على حكم قائم. وفي هذا ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك بأنه متى كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد رفض إزالة المنشآت وأقام قضاءه على أسباب خاصة أنشأها لنفسه ونحى فيها منحى آخر مغايراً لأسباب الحكم الابتدائي الذي ألغى قضاءه في خصوص طلبي تثبيت الملكية والريع، وكان تأييده لقضاء هذا الحكم برفض طلب الإزالة ينصرف بطريق اللزوم الحتمي إلى المنطوق وحده فإنه يكون بمنأى عن تعيب القصور.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن محكمة الاستئناف عهدت إلى الخبير المنتدب بالحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 11/ 4/ 1985 تقدير قيمة المنشآت التي أحدثتها المطعون ضدها الأولى بأرض النزاع اعتباراً من تاريخ 8/ 8/ 1963 وجاء تقديره قاصراً عن بيان قيمة المنشآت المستحقة الإزالة وثمن المواد وأجر العمل والتعويض المستحق في حالة استبقاء المنشآت، ومع ذلك لم يقل الحكم المطعون فيه كلمته في عدم قيام الخبير بما عهد إليه في هذا الخصوص أو سبب عدول المحكمة عن تنفيذ الحكم التمهيدي بالكامل، مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص - في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع أن المطعون ضدها الأولى كانت تعتقد بحسن نية أن لها الحق في إقامة المنشآت على أرض النزاع المملوكة للطاعنين وانتهى إلى رفض طلب الأخيرين إزالتها، ولم يكن من بعد بحاجة إلى البحث في قيمة التعويضات المستحقة عن طلب استبقائها الذي يخرج عن نطاق الدعوى ومن ثم فلا جناح عليه إن هو رأى العدول عما عهدته به المحكمة إلى الخبير بحثه في هذا الخصوص، كما لا يعيب الحكم عدم ذكر سبب هذا العدول لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه إذا كانت محكمة الموضوع هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها فإنها تملك العدول عنه دون ذكر أسباب لذلك، لأنه متى كان لا يتصور أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم فلا يلزم تبريره. لما كان ذلك فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطعن أيضاً.

الطعون 1725 لسنة 55 ق ، 420 ، 577 لسنة 58 ق جلسة 30 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 195 ص 1251

جلسة 30 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.

-------------------

(195)
الطعون أرقام 1725 لسنة 55، 420 لسنة 58، 577 لسنة 58 القضائية

(1، 2، 3) نقض "الخصوم في الطعن" "الأحكام غير الجائز الطعن فيها" "الأحكام الجائز الطعن فيها".
(1) الطاعن بالنقض. وجوب أن يكون خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. تحديد الخصم. مناطه. (مثال).
(2) الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. عدم جواز الطعن عليها استقلالاًَ. الاستثناء. حالاته. م 212 مرافعات. صدور حكمين أحدهما لا يقبل الطعن المباشر والآخر يقبله. أثره. جواز الطعن فيهما معاً. شروط ذلك وعلته.
(3) الاختصام في الطعن. شرطه. إدخال خصم في الدعوى لتقديم ما لديه من مستندات عدم قبول اختصامه في الطعن. علة ذلك.
4 - اختصاص "اختصاص ولائي". تأميم. حراسة.
محكمة القيم. اختصاصها دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون 34 لسنة 1971. م 6 ق 141 لسنة 1981. نطاقه المنازعات التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه. أثره. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بالتأميم إلا ما استثنى منها بنص خاص. علة ذلك.
(5، 6) تأميم "لجان التقييم".
5 - التأميم. اقتصاره على الحقوق والأموال المملوكة للشركة المؤممة وقت التأميم. مؤداه.
6 - اختصاص لجان التقييم. م 3 ق 72 لسنة 1963. نطاقه تقييم الأموال التي أممت. خروجها عن ذلك بالإضافة أو الاستبعاد. أثره. إهدار حجية قرارها في هذا الخصوص. علة ذلك. للمحاكم صاحبة الاختصاص الفصل في المنازعات التي تثور بين الغير وبين المنشأة المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو أي نزاع لا يتعلق بالتقييم في ذاته.
7 - نقض، "أسباب الطعن": "السبب المجهل".
عدم بيان الطاعنة أوجه دفاعها بشأن تقرير الخبير التي أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها وأثرها في قضاءه. نعي مجهل. أثره. عدم قبوله.
8 - استئناف "الطلبات الجديدة": "ما يعد طلباً جديداً". دعوى "الطلبات في الدعوى". نظام عام. التزام.
المقاصة القضائية. وسيلتها. بدعوى أصلية أو بطلب عارض. م 123 مرافعات. إبداؤها لأول مرة في الاستئناف. طلب جديد غير مقبول. علة ذلك. للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله. م 235/ 1 مرافعات.
9 - حيازة، "تقادم مسقط". ريع.
(التزام الحائز سيء النية برد الثمرات. تقادمه بانقضاء خمس عشرة سنة م 375/ 2 مدني. علة ذلك.

---------------------
1 - إذ كان الطعن بالنقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون إلا ممن كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وأن المناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات منه أو إليه وكان البين من الأحكام المطعون فيها أن الطاعن لم يختصم أمام محكمة أول درجة وإنما اختصم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم يقضى عليه بشيء في الأحكام المطعون فيها، فمن ثم يكون طعنه غير مقبول.
2 - مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري. إلا أنه إذا كان قد صدر أثناء سير الخصومة حكمان أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقاعدة المقررة بالمادة سالفة الذكر والآخر يقبله وفقاً للاستثناءات الواردة بها وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناء فإن الطعن فيهما معاً يكون جائزاً، لأن هذا البحث لا يحتمل عند نظر الطعن في الحكم القابل له إلا قولاً واحداً بالنسبة للحكم الآخر وهو ما يتسق مع حكم الفقرة الأخيرة من المادة 253 من قانون المرافعات.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يقضي له أو عليه بشيء لا يكون خصماً حقيقياً ولا يقبل اختصامه في الطعن، وإذ كان الثابت أن المطعون ضده الأخير قد اختصم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم يقضي له أو عليه بشي فلا يعتبر طرفاً في الخصومة التي صدرت فيها الأحكام المطعون فيها ومن ثم تعين عدم قبول اختصامه في الطعن.
4 - إذ كان مفاد نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة قد أناط بمحكمة القيم دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 71 بتنظيم فرض الحراسات وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنازعات التي قصد المشرع إحالتها إلى محكمة القيم هي تلك المنازعات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه، ومن ثم يخرج عن اختصاصها سائر المنازعات المتعلقة بتأميم الشركات والمنشآت وتختص المحاكم العادية بهذه المنازعات بحسبانها صاحبة الولاية العامة في المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى منها بنص خاص.
5 - تأمين شركة.. ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن أصحابها - بموجب أحكام القانون رقم 72 لسنة 1963 قصداً إلى نقل ملكيتها إلى الدولة إنما ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للشركة وقت التأميم ولا ينصرف إلى غير ذلك من الحقوق والأموال الخاصة بأصحابها أو الشركاء فيها سواء كانوا متضامنين أو موصين.
6 - من المقرر أن اختصاص لجان التقييم المبين في المادة الثالثة من القانون 72 لسنة 1963 ينحصر في تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت ويتم ذلك بتحديدها على أساس من العناصر المكونة لها وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم وتتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة، ولكن ليس لها أن تضيف إلى الحقوق والأموال المؤممة شيئاً أو أن تستبعد منها شيئاً، إذ لا يجوز لها أن تقيم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم، فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن ولا يحول قرارها دون المحاكم المختصة والنظر في المنازعات التي تثور بين الغير والمنشآت المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته.
7 - إذ لم تبين الطاعنة أوجه دفاعها بشأن تقرير الخبير السابق ندبه التي أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها وأثرها في قضائه فإن نعيها بذلك يكون مجهلاً وغير مقبول.
8 - إذ يشترط للإدعاء بالمقاصة القضائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ترفع به دعوى أصلية أو أن يطلب في صورة طلب عارض يقدم بصحيفة تعلن إلى الخصم أو يبدي شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها تطبيقاً لنص المادة 123 من قانون المرافعات، وكانت الطلبات الجديدة لا تقبل في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 235 من هذا القانون، فمن ثم لا يجوز طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
9 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن التزام الحائز سيئ النية برد الثمرات ليس من الحقوق الدورية المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي ومن ثم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً للفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأحكام المطعون فيها وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الستة عشر الأول أقاموا الدعوى رقم 2286 لسنة 1977 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لمساحة 5 ط و3 ف من الأرض المبينة بالصحيفة وإلزام الطاعنة في الطعنين رقمي 1725 لسنة 55، 420 لسنة 58 القضائية ووزير الصناعة بصفته بتسليمها إليهم خالية وإزالة ما عليها من منشآت ومبان وبالريع المستحق عنها بواقع 500 مليم للمتر المربع اعتباراً من يوم 8/ 8/ 1963 حتى تاريخ التسليم. وقالوا بياناً لذلك إن الحكومة أممت في ذلك التاريخ شركة مصانع عوف للغزل والنسيج واستولت بدون وجه حق على المساحة آنفة البيان التي يمتلكونها بصفاتهم الشخصية بموجب العقد المسجل برقم 3419 لسنة 1956 وامتنعت عن تسليمها إليهم فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. وبتاريخ 30 من مارس سنة 1978 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير الصناعة وبرفضها لمن عداه. استأنف المطعون ضدهم المذكورين هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2422 لسنة 95 قضائية واختصموا وزير المالية بصفته (الطاعن في الطعن رقم 577 لسنة 58 ق) ليقدم ما لديه من مستندات وبتاريخ 22 من إبريل سنة 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير الصناعة وبندب خبير فيها ثم عادت وندبت ثلاثة خبراء لبيان ما إذا كانت أرض النزاع تعتبر من أصول شركة مصانع عوف للغزل والنسيج المؤممة وبعد أن قدم الخبراء المنتدبون تقريرهم الثاني حكمت بتاريخ 9 من يونيه سنة 1983 بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضدهم سالفي الذكر لأرض النزاع وقبل الفصل في طلب الريع بندب خبير وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 11 من إبريل سنة 1985 بإلزام الطاعنة في الطعنين رقمي 1725 لسنة 55 القضائية و420 لسنة 58 القضائية أن تؤدي إلى المطعون ضدهم المذكورين مبلغ 58256 جنيهاً قيمة الريع عن المدة من 8/ 8/ 1963 حتى 31/ 10/ 1984 وقبل الفصل في طلبي التسليم والإزالة بندب خبير وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1987 بإلزام الطاعنة المذكورة بتسليم أرض النزاع إلى المطعون ضدهم الستة عشر الأول وبرفض الاستئناف بالنسبة لطلب إزالة المنشآت والمباني وتأييد الحكم المستأنف في هذا الخصوص. طعنت الطاعنة بطريق النقض أولاً في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 11 من إبريل سنة 1985 بإلزامها بالريع بالطعن رقم 1725 لسنة 55 القضائية ثم في الحكم المنهي للخصومة الصادر بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1987 بخصوص قضائه بالتسليم بالطعن رقم 420 لسنة 58 القضائية واشتمل الطعنان على أسباب تتعلق بحكم تثبيت الملكية الصادر بتاريخ 9 من يونيه سنة 1983، ودفع المطعون ضدهم الستة عشر الأول في الطعنين بعدم جواز الطعن في حكم تثبيت الملكية المشار إليه كما طعن وزير المالية في الأحكام سالفة الذكر بالطعن رقم 577 لسنة 58 القضائية. وأودعت النيابة العامة مذكرة في كل من الطعون الثلاثة أبدت فيها الرأي برفض الطعن رقم 420 لسنة 58 القضائية. وبعدم قبول الطعن رقم 1725 لسنة 55 القضائية بالنسبة للمطعون ضدهم من الخامسة إلى التاسعة ومن الحادي عشر إلى السابع عشر وبقبوله لمن عداهم ورفضه موضوعاً، وبعدم قبول الطعن رقم 577 لسنة 58 القضائية أصلياً وبرفضه احتياطياً. وإذ سبق عرض الطعنين الأولين على المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما، وفيها أمرت بضم الطعن الأخير إليهما ليصدر في الطعون جميعها حكم واحد، ودفعت الطاعنة في الطعنين الأولين بعدم اختصاص المحاكم العادية ولائياً بنظر الدعوى، والتزمت النيابة رأيها.

أولاً: الطعن رقم 577 لسنة 58 القضائية:

حيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن أن الطاعن وزير المالية بصفته - لم يكن طرفاً في الخصومة التي صدرت فيها الأحكام المطعون فيها إذ لم يختصم أمام محكمة أول درجة وأدخل لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم يقضى عليه بشيء وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك بأنه لما كان الطعن بالنقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون إلا ممن كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. وأن المناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات منه أو إليه، وكان البين من الأحكام المطعون فيها أن الطاعن لم يختصم أمام محكمة أول درجة وإنما اختصم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم يقضى عليه بشيء في الأحكام المطعون فيها، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول.

ثانياً: الطعنان رقما 1725 لسنة 55 القضائية و420 لسنة 58 القضائية.

وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدهم الستة عشر الأول في الطعنين رقمي 1725 لسنة 55 القضائية و420 لسنة 58 القضائية بعدم جواز الطعن في حكم تثبيت الملكية الصادر بتاريخ 9/ 6/ 1983 أن الطاعنة إذ لم تطعن بطريق النقض على هذا الحكم وقت صدوره فقد صار باتاً وغير قابل للطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد - ذلك بأن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري. إلا أنه إذا كان قد صدر أثناء سير الخصومة حكمان أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقاعدة المقررة بالمادة 212 من قانون المرافعات والآخر يقبله وفقاً للاستثناءات الواردة بها وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناء فإن الطعن فيهما معاً يكون جائزاً، لأن هذا البحث لا يحتمل عند نظر الطعن في الحكم القابل له إلا قولاً واحداً بالنسبة للحكم الآخر. وهو ما يتسق مع حكم الفقرة الأخيرة من المادة 253 من قانون المرافعات التي تنص على أن وإذا أبدى الطاعن سبباً للطعن بالنقض فيما يتعلق بحكم سابق على صدور الحكم المطعون فيه في ذات الدعوى اعتبر الطعن شاملاً للحكم السابق ما لم يكن قد قبل صراحة، لما كان ذلك وكان حكم تثبيت الملكية الصادر أثناء سير الخصومة بتاريخ 9/ 6/ 1983 ليس من الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري وبالتالي فلم يكن من الجائز الطعن فيه استقلالاً وقت صدوره إلا أن قضاءه للمطعون ضدهم الستة عشر الأول بالملكية التي تعتبر أساساً مشتركاً بينه وبين الحكم الصادر بإلزام الطاعنة بالريع استناداً إلى هذه الملكية من شأنه أن يجعل الطعن فيه مع الطعن في حكم الإلزام بالريع القابل للتنفيذ الجبري جائزاً، كما أن حكم تثبيت الملكية سالف الذكر يجوز الطعن فيه مع الطعن الثاني الموجه إلى الحكم المنهي للخصومة الصادر في طلب التسليم بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1987 الذي اتخذه أساساًَ له طبقاً للقاعدة العامة الواردة في المادة 212 من قانون المرافعات وما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 253 منه ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن رقم 1725 لسنة 55 القضائية بالنسبة للمطعون ضدهم الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة ومن الحادي عشر إلى السابع عشر أن هؤلاء المطعون ضدهم عدا السابع عشر لم يكونوا طرفاً في الخصومة أمام محكمة الاستئناف التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وأما المطعون ضده الأخير - وزير المالية بصفته - فلم يكن خصماً حقيقياً في الدعوى إذ اختصم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم توجه إليه أيه طلبات له بشيء.
وحيث إن الدفع بالنسبة لهؤلاء المطعون ضدهم عدا الأخير - وزير المالية بصفته مردود ذلك بأن الثابت من مدونات الأحكام المطعون فيها أن المطعون ضدهم المذكورين كانوا ضمن فريق المدعين أمام محكمة أول درجة وأنهم طعنوا بالاستئناف على الحكم الابتدائي ومثلوا في الخصومة المرددة بينهم وبين الشركة الطاعنة أمام محكمة الاستئناف وظلوا على منازعتهم لها إلى أن صدر الحكم المنهي للخصومة برمتها وبالتالي فقد كانوا خصوماً حقيقيين في الخصومة التي صدرت فيها الأحكام المطعون فيها ومن ثم يكون اختصامهم في الطعن قد تم صحيحاً ويكون الدفع بالنسبة لهم في غير محله. أما بخصوص المطعون ضده الأخير فإن هذا الدفع سديد ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يقضى له أو عليه شيء لا يكون خصماً ولا يقبل اختصامه في الطعن، ولما كان الثابت أن المطعون ضده الأخير قد اختصم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليقدم ما لديه من مستندات ولم يقضى له أو عليه بشي فلا يعتبر طرفاً في الخصومة التي صدرت فيها الأحكام المطعون فيها ومن ثم يتعين عدم قبول اختصامه في الطعنين على السواء.
وحيث إنه فيما عدا ذلك فإن الطعنين رقمي 725 لسنة 55 القضائية، 420 لسنة 58 القضائية قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من الطاعنة بالجلسة بعدم اختصاص المحاكم العادية ولائياً بنظر الدعوى أن النزاع المردد فيها بين الطرفين ناشئ عن حراسة الطوارئ التي خضع لها المطعون ضدهم الستة عشر الأول باعتبارهم أصحاب شركة عوف للغزل والنسيج التي أممت بموجب القانون رقم 72 لسنة 1963 وبالتالي فإن هذا النزاع يخرج عن ولاية المحاكم العادية، وتكون محكمة القيم المنصوص عليها في القانون رقم 95 لسنة 1980 هي المختصة بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد. ذلك بأنه لما كان مفاد نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة أن المشرع قد أناط بمحكمة القيم دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسات، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنازعات التي قصد المشرع إحالتها إلى محكمة القيم هي تلك المنازعات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه. ومن ثم يخرج عن اختصاصها سائر المنازعات المتعلقة بتأميم الشركات والمنشآت، وتختص المحاكم العادية بهذه المنازعات بحسبانها صاحبة الولاية العامة في المنازعات المدنية والتجارية إلا ما استثنى منها بنص خاص. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدهم الستة عشر الأول قد استندوا في طلب ثبوت ملكيتهم لأرض النزاع وسائر طلباتهم الأخرى المرتبطة به إلى أن الطاعنة قد استولت على هذه الأرض المملوكة لهم بصفاتهم الشخصية بأن وضعت يدها عليها دون سند متجاوزة في ذلك قرار لجنة التقييم الذي يقتصر نطاقه طبقاً لهذا القانون على أموال وممتلكات الشركة المؤممة ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن شخصية وذمة أصحابها فلا يمتد إلى أموال وممتلكات هؤلاء الأصحاب فإن النزاع موضوع الدعوى بهذا الوصف يعتبر متعلقاً بالتأميم وتجاوز نطاقه ولا شأن له بالحراسة. ومن ثم فإن هذا النزاع يدخل في ولاية المحاكم العادية ولا تختص به محكمة القيم. ويكون هذا الدفع في غير محله متعيناً رفضه وحيث إن هذين الطعنين أقيما على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني من الطعن الأول وبالسبب الأول من الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 9/ 6/ 1983 الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه استند في قضائه بتثبيت ملكية أرض النزاع للمطعون ضدهم الستة عشر الأول إلى ما تضمنه تقرير الخبراء المنتدبين من التفرقة في رأس مال شركة عوف للغزل والنسيج المؤممة بين أصول الشركة وما هو مملوك ملكية خاصة للشركاء في حين أن نصوص قانون التأميم رقم 72 لسنة 1963 لا تعرف هذه التفرقة بالنسبة لجميع الشركات التي تم تأميمها وآلت ملكيتها إلى الدولة، وقد أهدر الحكم بذلك حجية القرار الصادر من لجنة تقييم الشركة المذكورة والذي انتهى إلى أن أصولها تشمل جميع الآلات والأراضي بما فيها أرض النزاع، كما أن القضاء بتسليم هذه الأرض إلى أصحابها يترتب عليه انهيار الشركة الطاعنة تشريد عمالها هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عول على تقرير الخبير السابق ندبه رغم اعتراض الطاعنة عليه ودون أن يعني ببحث اعتراضاتها مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه لما كان تأميم شركة مصانع..... للغزل والنسيج - ذات الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن أصحابها - بموجب أحكام القانون رقم 72 لسنة 1963 قصداً إلى نقل ملكيتها إلى الدولة إنما ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للشركة وقت التأميم ولا ينصرف إلى غير ذلك من الحقوق والأموال الخاصة بأصحابها أو الشركاء فيها سواء كانوا متضامنين أو - موصين، وكان اختصاص لجان التقييم المبين في المادة الثالثة من القانون سالف الذكر ينحصر في تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت ويتم ذلك بتحديدها على أساس من العناصر المكونة لها وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم وتتمتع لجنة التقييم المختصة في هذا الشأن بسلطة تقديرية مطلقة، ولكن ليس لها أن تضيف إلى الحقوق والأموال المؤممة شيئاً أو أن تستبعد منها شيئاً، إذ لا يجوز لها أن تقييم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم، فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن ولا يحول قرارها دون المحاكم المختصة والنظر في المنازعات التي تثور بين الغير والمنشآت المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو في أي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم الستة عشر الأول لأرض النزاع على قوله وحيث إن البين من الأوراق أن تقارير الخبراء المنتدبين في الدعوى قد أجمعت على أن أرض النزع لا تعد من أصول شركة المستأنفين المؤممة وذلك من واقع المستندات والدفاتر المقدمة من طرفي التداعي ومن اطلاعهم على ملف تقييم الشركة وما حواه من تقارير الخبراء الذين أسهموا في عملية التقييم وتدعم هذا النظر..... إذ سجل تقرير الخبرة الثالث والأخير أن دفاتر اليومية والميزانيات الخاصة بالشركة قبل التأميم لم يرد بها أرض النزاع ضمن أصول الشركة فلم تدرج في ميزانية 31/ 12/ 1961 أية أراضي... وفي ميزانية 31/ 12/ 1962 وهي الميزانية السابقة مباشرة على التأميم... وقد اشترى المستأنفون أرض النزاع بصفتهم الشخصية وليس باسم الشركة أو مديرها رغم أن الشركة المؤممة أنشئت في تاريخ سابق على الشراء كما اختلفت حصص المشترين عن حصصهم التي أسهموا بها في الشركة الأمر الذي ينفي شبهة دخول هذه الأرض ضمن مقومات الشركة ولا يعد من قبيل الطعن في تقرير لجنة التقييم إخراج بعض العناصر من أصول الشركة المؤممة بل هو سعي للحصول على قضاء يحسم المنازعة المطروحة بعد أن تبين أن المستندات الخاصة بقيد الأرض التي استند إليها لاعتبارها ضمن أصول الشركة لا تفيد ملكية الأخيرة للأرض بل على العكس من ذلك ملكية المستأنفين بصفتهم الشخصية لهذه الأرض..... وكان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الاستئناف قد استخلصت من تقارير الخبراء المنتدبين التي اقتنعت بكفايتها وأخذت بها ومن الأدلة التي ساقتها أن أرض النزاع لم تكن ضمن عناصر تقييم شركة مصانع.... للغزل والنسيج وقت تأميمها وأنها مملوكة للمطعون ضدهم الستة عشر الأول بصفاتهم الشخصية وكان استخلاصها سائغاً وله مأخذه الصحيح من الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه بما يكفي حمل قضائه ولا مخالفة للقانون فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيها لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكانت محكمة الاستئناف قد استبقت طلب التسليم للفصل فيه بالحكم المنهي للخصومة كلها فإن النعي في هذا الصدد لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه، وكانت الطاعنة لم تبين أوجه دفاعها بشأن تقرير الخبير السابق ندبه التي أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها وأثرها في قضائه فإن نعيها بذلك يكون مجهلاً وغير مقبول. ومن ثم يكون النعي بهذه الأسباب في جملته في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من الطعن الثاني على الحكمين المطعون فيهما الصادرين بتاريخ 9/ 6/ 1983، 10/ 12/ 1987 الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إنه طبقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 بشأن رفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين والقرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 بشأن سريان بعض القواعد على الأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون فإن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين التي كانت خاضعة للحراسة تؤول إلى الدولة بعد رفع الحراسة مقابل تعويض إجمالي بحد أقصى مقداره 3000 جنيه وإذ لم يثبت من الأوراق أن المطعون ضدهم الستة عشر الأول تقدموا إلى المدير العام للأموال التي آلت إلى الدولة للمطالبة بالتعويض المستحق عن أرض النزاع بعد رفع الحراسة عنها، فذلك يدل، على أن ملكية هذه الأرض قد آلت إلى الطاعنة ويكون قضاء الحكمين المطعون فيهما بتثبيت ملكيتها وتسليمها إلى أولئك المطعون ضدهم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه لما كان البين مما سلف أن النزاع المردد في الدعوى ناشئ عن تطبيق أحكام التأميم وتجاوز نطاقه ولا يتعلق بأحكام الحراسة المنصوص عليها في القانون رقم 150 لسنة 1964 وأن الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 9/ 6/ 1983 قد خلص صحيحاً إلى تثبيت ملكية المطعون ضدهم الستة عشر الأول هم المالكون لأرض النزاع لأنها لم تكن ضمن أصول شركة مصانع.... للغزل والنسيج المؤممة الصادر بها قرار لجنة التقييم ومن ثم فلا يجدي الطاعنة القول بأن المطعون ضدهم المذكورين لم يلجئوا إلى المدير العام للأموال التي آلت إلى الدولة بطلب التعويض النقدي تطبيقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 لخروج هذا الأمر عن نطاق الدعوى الراهنة وعدم تعلقه بطلبات الخصوم المطروحة فيها. ومن ثم يكون هذا النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث من الطعن الأول على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 11/ 4/ 1985 الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنه قضى بعدم قبول طلبها إجراء المقاصة قولاً منه بأنه لا يجوز طلب إجراء المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، وهذا الذي ذهب إليه الحكم غير سديد إذ لم يكن هناك مجال لإبداء هذا الطلب أمام محكمة أول درجة مما كان يتعين قبوله أمام محكمة الاستئناف طبقاً لنص المادة 235 من قانون المرافعات، كما رفض الحكم المطعون فيه دفعها بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون بناء على فهم خاطئ للواقع في الدعوى إذا اعتقدت المحكمة أن الريع المطلوب هو تعويض عن غصب حيازة أرض النزاع في حين أنه مقابل انتفاع عنها مما يخضع لذلك التقادم. وفي هذا ما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان الثابت أن الطاعنة قد طلبت أمام محكمة الاستئناف لأول مرة إجراء المقاصة القضائية المنصوص عليها في المادة 125 من قانون المرافعات، وكان يشترط للإدعاء بالمقاصة القضائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ترفع به دعوى أصلية أو أن يطلب في صورة طلب عارض يقدم بصحيفة تعلن إلى الخصم أو يبدى شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها تطبيقاً لنص المادة 123 من قانون المرافعات، وكانت الطلبات الجديدة لا تقبل في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 235 من هذا القانون، ومن ثم لا يجوز طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه بعدم قبول طلب الطاعنة المقاصة القضائية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التزام الحائز سيئ النية برد الثمرات ليس من الحقوق الدورية أو المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي ومن ثم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً للفقرة الثانية من المادة 375 من القانون المدني، ولما كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدهم الستة عشر الأول قد طلبوا إلزام الطاعنة بالريع عن أرض النزاع التي استولت عليها اعتباراً من تاريخ 8/ 8/ 1963 على أساس من الغصب باعتباره عملاً غير مشروع يستوجب التعويض وليس كمقابل انتفاع أو أجرة استناداً لعلاقة إيجارية، كما لم تدع الطاعنة أمام محكمة الموضوع قيام تلك العلاقة في ذلك التاريخ، فمن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بالتقادم الخمسي بناء على ذلك وتقريره بأن الريع المطالب به لا يصدق عليه وصف الحقوق الدورية التي تخضع لهذا التقادم وإنما هو مقابل انتفاع مبناه عمل غير مشروع يكون متفقاً مع حقيقة الواقع ولا مخالفة فيه للقانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذين الطعنين.