باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الاثنين ( د ) المدنية
برئاسة السيد القاضي/ مجدي مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ وائل رفاعي ، عصام توفيق ، رفعت هيبة و محمد راضي ، نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة السيد/ أحمد عماد عكاشة. وأمين السر السيد/ عادل الحسيني
إبراهيم.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة، بدار القضاء العالي، بمدينة
القاهرة.
في يوم الاثنين 11 من جمادي الأول سنة 1444 ه الموافق 5 من ديسمبر سنة
2022م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 669 لسنة 92 ق.
المرفوع من
...........المقيمة/ ..... - قسم الرمل أول -
محافظة الإسكندرية. حضر
عنها الأستاذ/ ..... (المحامي).
ضد
............المقيمين / .......... - قسم
المنتزة - محافظة الإسكندرية. لم يحضر
أحد عنهما بالجلسة.
---------------
" الوقائع "
في يوم 12/1/2022م طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية
الصادر بتاريخ 10/11/2021م في الاستئناف رقم 4004 لسنة 77 ق، وذلك بصحيفة طلبت
فيها الطاعنُة الحكم بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
والإحالة.
وفي نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة.
ثم أودعت النيابة مذكرتها أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا وفي
الموضوع برفضه.
وبجلسة 17/10/2022م عُرض الطعنُ على المحكمة، في غرفة مشورة، فرأت أنه
جديرٌ بالنظر، فحددت لنظره جلسة 5/12/2022م وبها سُمع الطعنُ أمام هذه الدائرة،
على ما هو مبينٌ بمحضر الجلسة، حيث صمم كلٌ من محامي الطاعنة والنيابة العامة كلٌ
على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أصدرت حكمها بذات الجلسة.
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر/ محمد راضي نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حَيْثُ إنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الْشَّكْلِيَّةَ.
وحَيْثُ إنَّ الوقائعَ - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على المطعون ضده الثاني الدعوى
رقم 995 لسنة 2020 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ
20/12/2014 وطرده من العين المؤجرة المبينة بالصحيفة، وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغًا
قدره 12000 جنيه قيمة الأجرة المستحقة عليه عن المدة من 1/3/2020 حتى 30/6/2020،
وقالت بيانًا لدعواها إنه بموجب عقد الإيجار المذكور استأجر منها المطعون ضده
الثاني شقة التداعي، إلا أنه امتنع عن سداد الأجرة عن الفترة سالفة البيان رغم
إنذاره بالوفاء بها، بما يتحقق معه الشرط الصريح الفاسخ الوارد بالعقد، ومن ثم
كانت دعواها، تدخلت الطاعنة هجوميًا في الدعوى بطلب الحكم بصورية عقد الإيجار
موضوع الدعوى واعتباره كأن لم يكن، على سند من أنها زوجة المطعون ضده الثاني
المالك الحقيقي لشقة التداعي التي أقامت معه فيها مع أبنائها الثلاثة منه والصادر
بشأنها قرار النيابة العامة في المحضر رقم 5639 لسنة 2020 إداري رمل أول بتمكينها
منها باعتبارها مسكن الزوجية، إلا أنه تواطأ مع والدته المطعون ضدها الأولى بأن
اصطنعا عقد الإيجار موضوع الدعوى بغرض طردها وأولادها من تلك الشقة، حكمت بعدم
قبول التدخل - لانتفاء الصفة - وفي موضوع الدعوى بفسخ عقد الإيجار والتسليم وما
قدرته من أجرة متأخرة، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 4004 لسنة 77 ق
الإسكندرية , وبتاريخ 10/11/2021 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة
في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عُرض
الطعنُ على المحكمة، في غرفة مشورة، فقررت استبعاد الوجه الأول من السبب الثاني،
وحددت جلسة لنظر باقي الأسباب، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحَيْثُ إنَّ الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه
القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى الحكم
الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعدم قبول تدخلها لانتفاء الصفة، في
حين أنها تعتبر من الغير بالنسبة لعقد الإيجار موضوع التداعي وأنه يضر بها
وبمحضونيها - أبنائها من المطعون ضده الثاني - إذ إن حقهم في الاستمرار في شغل شقة
التداعي مصدره المباشر نص القانون في المادة 18 مكررًا ثالثًا من القانون 25 لسنة
1920 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بما يحق لها بصفتها حاضنة التمسك بصورية
ذلك العقد الذي تواطأ المطعون ضده الثاني - المالك الحقيقي للشقة - مع المطعون
ضدها الأولى على اصطناعه بغرض طردها ومحضونيها منها، وأنها قدمت أمام محكمة
الموضوع كافة المستندات التي تؤيد ذلك، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وَحَيْثُ إنَّ هذا النعي في محله؛ ذلك بأنه لما كان النص في المادة 18
مكررًا ثالثًا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على
أنه على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب،
فإذا لم يفعل خلال فترة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية دون المطلق مدة
الحضانة. وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا
هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء العدة. ويخير القاضي الحاضنة بين
الاستقلال بمسكن الزوجية، وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها ....
يدل على أنه لما كانت نفقة الصغار بأنواعها وبالقدر اللازم منها لضمان كفايتهم على
ضوء ما يليق بأمثالهم مسئولية الأب لا يشاركه فيها غيره ولا تسقط عنه ولو كان
معسرًا مادام قادرًا على الكسب وإن امتنع عن أدائها حبس بخلاف سائر الديون، وكان
هذا الالتزام على عاتق الأب من الأصول الثابتة شرعًا التي لا تحتمل الجدال أو
التأويل باعتبار أن في إنفاقه على صغاره إحياءً لهم وفي إحيائهم إحياء لنفسه لتحقق
الجزئية والعصبية، وكان توفير مسكن ملائم للصغار حقًا لهم على أبيهم لأنه جزء من
نفقتهم، لذلك حرص المشرع على تأكيد وتنظيم هذا الحق بوصفه من الحاجات الضرورية
التي لا غنى عنها اللازمة لصيانة وحفظ الصغار وذلك بالنص في المادة 18 مكررًا
ثالثًا سالفة البيان على الضوابط التي تكفل لهم استيفاء ذلك الحق فأنشأ بهذا النص
التزامًا تخييريًا وجعل الخيرة للزوج المطلق بين محلين أحدهما أن يهيئ لصغاره من
مطلقته وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب والثاني استمرارهم في شغل مسكن الزوجية
دونه مدة الحضانة، فإذا أسقط الزوج المطلق خياره بعدم إعداد المسكن المناسب
المستقل لصغاره وحاضنتهم انقلب ذلك الالتزام التخييري إلى التزام بسيط غير موصوف
له محل واحد هو استقلال المطلقة الحاضنة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى
طلبت ذلك، ولا يثبت لهم هذا الحق من تاريخ إسقاط الزوج المطلق لخياره بل من تاريخ
الطلاق، ذلك أن ما يترتب على هذا الإسقاط من قصر محل الالتزام على الاستمرار في
مسكن الزوجية يكون له أثر رجعي بحيث يعتبر الالتزام بسيطًا منذ نشوئه له محل واحد
هو مسكن الزوجية لأن حق الخيار يعد بمثابة شرط واقف متى تحقق انصرف أثره إلى
الماضي، وذلك الحق للصغار وحاضنتهم في الاستمرار في شغل مسكن الزوجية مصدره
المباشر نص القانون في المادة 18 مكررًا ثالثًا سالفة البيان وهو من النصوص الآمرة
المتعلقة بالنظام العام باعتبار أن الأحكام التي تنظم الأحوال الشخصية في مجموعها
تتعلق بالنظام العام، لما للشخص ولأسرته من اتصال وثيق بكيان الجماعة ويهدف المشرع
من تنظيم أحكامها تحقيق المصلحة العامة ومن أخص هذه الأحكام تلك التي تتعلق
بالحقوق والواجبات التي تنشأ من الأبوة ومنها النفقة بمختلف أنواعها لأنها تستند
إلى نصوص قاطعة في الشريعة الإسلامية فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل
عليها، ومن ثم لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف إسقاط حق
الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة بعد ثبوته لهم عن طريق التصرف
بأي صورة للغير في هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه دون أن يوفر لهم المسكن
المستقل المناسب، فإن هذا التصرف لا يسري ولا ينفذ في حق الصغار وحاضنتهم متى كان
لاحقًا على ثبوت حقهم في شغل مسكن الزوجية، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام
التصرف بهذا الحق لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة
بالنظام العام، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة
والقرائن. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تدخلت في الدعوى على سند من أنها كانت
تشغل والمطعون ضده الثاني وأبناؤها منه شقة النزاع المملوكة له كمسكن زوجية حتى
قيامه بطردها فتحصلت على قرار من النيابة العامة - في المحضر رقم 5639 لسنة 2020
إداري رمل أول - بتمكينها من الشقة باعتبارها مسكن زوجية، ثم قضي بتطليقها منه
للضرر بالحكم الصادر في الدعوى رقم 804 لسنة 2020 بتاريخ 21/12/2020، واستمرت
إقامتها ومحضونيها بشقة النزاع بعد تطليقها حتى فوجئت بالدعوى الراهنة والمقامة من
المطعون ضدها الأولى والدة المطعون ضده الثاني ضد ذلك الأخير بطلب طرده من الشقة
لتخلفه عن سداد الأجرة وذلك بالتواطؤ فيما بينهما، مما حدا بها للتدخل في الدعوى
دفاعًا عن حقها ومحضونيها في الاحتفاظ بإقامتهم بها كمسكن حضانة، وهو ما يوفر لها
الصفة والمصلحة في التدخل في الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بأن
قضى بعدم قبول التدخل لانعدام الصفة فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون مما حجبه عن
بحث موضوع التدخل بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف
الإسكندرية، وألزمت المطعون ضدهما المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق