جلسة 12 مارس سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
----------------
قاعدة رقم (104)
القضية رقم 190 لسنة 19 قضائية "دستورية"
1 - دعوى دستورية "إجراءاتها وميعادها: من النظام العام".
الأوضاع الإجرائية أمام هذه المحكمة، سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها، تعتبر من النظام العام - ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع في غضون هذا الحد الأقصى يعتبر ميعاداً حتمياً.
2 - دعوى دستورية "ميعاد: مهلة جديدة: اتصالها".
معيار الاعتداد بالمهلة الجديدة أو إطراحها هو اتصالها بالمدة الأصلية أو انفصالها عنها - تأجيل محكمة الموضوع نظر الدعوى لمنح المدعي مهلة جديدة لإقامة دعواه الدستورية، يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن أُعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم الدستورية كأن لم يكن بفوات الميعاد المحدد ابتداءً للطعن بعدم الدستورية.
الإجراءات
بتاريخ الخامس عشر من أكتوبر سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ابتغاء الحكم بعدم دستورية المادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1993 فيما نصت عليه من عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد أقامت ضد المدعي الجنحة رقم 10298 لسنة 1992 بلدية المنتزه متهمة إياه بأنه أقام بناءً بالمخالفة لشروط الترخيص الصادر إليه. وإذ قضى بتغريمه 4000 جنيه وتصحيح الأعمال المخالفة فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 9818 لسنة 1993 استئناف شرق إسكندرية، فقضى بتعديل عقوبة الغرامة وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. ونظراً لأن المدعي تقاعس عن تصحيح الأعمال المخالفة تنفيذاً للحكم الصادر في الجنحة رقم 10298 لسنة 1992 المشار إليه، فقد أقامت النيابة العامة ضده الجنحة رقم 48786 لسنة 1995 بلدية المنتزه وطلبت عقابه بالمادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976. وبجلسة 26/ 5/ 1997 دفع المدعي بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 24 المشار إليها فيما نصت عليه من عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، والمادة 24 مكرراً من هذا القانون، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام المدعي الدعوى الماثلة.
وحيث إن البند (29/ ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
( أ ) .......
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام محكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد، أُعتبر الدفع كأن لم يكن".
وحيث إن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رسم طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها - إنما تتعلق بالنظام العام، باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها وفي الموعد الذي حدده؛ ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع - في غضون هذا الحد الأقصى - هو ميعاد حتمي يتعين على الخصوم الالتزام به بإقامة الدعوى الدستورية قبل انقضائه، يؤيد حتمية هذا الميعاد أن فواته مؤداه اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن، وامتناع قبول الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، بما يحول دون مضيها في نظرها، ولا يجوز لمحكمة الموضوع كذلك، أن تمنح الخصم الذي آثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداء لرفع الدعوى الدستورية، ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول، فإذا كان قد صدر عنها بعد فواته، غدا ميعاداً جديداً منقطع الصلة به، مجرداً قانوناً من أثر.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع المبدى من المدعي، قد قررت بجلسة 26/ 5/ 1997 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 18/ 8/ 1997 لإقامة الدعوى الدستورية، بيد أن المدعي لم يرفع دعواه الماثلة إلا في 15/ 10/ 1997، فإن هذه الدعوى تكون قد أقيمت بعد انقضاء الميعاد، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم أن محكمة الموضوع عادت لتقرر بجلسة 18/ 8/ 1997 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 27/ 10/ 1997 لذات السبب، إذ أن ذلك يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن اعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم دستورية النصين المشار إليهما كأن لم يكن لفوات الميعاد الذي حددته محكمة الموضوع ابتداء لإقامتها، دون أن تكون الدعوى قد أُقيمت بالفعل قبل انقضائه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق