جلسة 4 أغسطس سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي والدكتور حنفي علي جبالي، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
---------------
قاعدة رقم (127)
القضية رقم 133 لسنة 22 قضائية "دستورية"
1 - دعوى دستورية "إقامتها".
حدد المشرع طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، أو برفعها من أحد الخصوم في الدعوى الموضوعية بعد دفع يبديه بعدم دستورية نص تشريعي وتقدر تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية هذا الدفع وتصرح له بإقامة الدعوى الدستورية.
2 - هيئات ذات اختصاص قضائي "عمل قضائي: العناصر المميزة له".
إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاصها محدداً بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها.
3 - مجلس التأديب "التشكيل - الضمانات" - اتصال الدعوى الدستورية.
يتضح من استقراء نص المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة أن مجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد يغلب على تشكيله العنصر الإداري، ولم يتضمن القانون إلزامه باتباع الإجراءات الكفيلة بتحقيق ضمانات التقاضي أمامه، أثر ذلك: لا يعدو هذا المجلس أن يكون مجرد لجنة إدارية، وبالتالي لا تعتبر قراراته أعمالاً قضائية، ومن ثم لا تكون الدعوى الدستورية قد اتصلت بهذه المحكمة طبقاً للأوضاع المقررة بنص المادة 29 من قانونها.
الإجراءات
بتاريخ التاسع والعشرين من يوليو سنة 2000 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة نص المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان يعمل أميناً لخزينة المعهد التكنولوجي العالي بمدينة العاشر من رمضان وإذ نسب إليه ارتكاب بعض المخالفات فقد قرر مجلس إدارة المعهد إحالته لمجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد والمشكل وفقاً للمادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة، وأثناء نظر الدعوى التأديبية دفع المدعي بعدم دستورية هذه المادة، وإذ قدر مجلس التأديب جدية الدفع، وصرح للمدعي باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 المشار إليه تنص على أن:
"يشكل مجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد على النحو الآتي:
( أ ) اثنان من أعضاء مجلس الإدارة يختارهما المجلس.
(ب) عضو من إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة بدرجة نائب على الأقل يختاره رئيس الإدارة، وتكون الرئاسة لمن يعينه مجلس الإدارة.
ويصدر القرار بالإحالة إلى مجلس التأديب من مجلس إدارة المعهد بناء على طلب مديره. ويتضمن قرار الإحالة بياناً بالتهم المنسوبة إلى عضو هيئة التدريس أو إلى العامل.
ويجب إخطاره بخطاب موصى عليه بعلم الوصول بصورة من القرار قبل انعقاد المجلس بخمسة عشر يوماً على الأقل مع دعوته للحضور.
ويصدر قرار الإحالة بالنسبة لمدير المعهد من وكيل وزارة التعليم العالي المختص بعد التحقيق الذي تجريه الوزارة.
وتكون محاكمة مدير المعهد أمام مجلس تأديب ابتدائي يشكل على النحو الآتي...".
وينعى المدعى على النص الطعين أنه فيما تضمنه من تشكيل مجلس التأديب من اثنين من أعضاء الإدارة الذي يختص أيضاً بإصدار قرار الإحالة لمجلس التأديب - قد أخل بالحياد الواجب في القاضي، وجمع بين سلطتي الاتهام والقضاء في هيئة واحدة بما يشكل مخالفة لأحكام المادتين 65 و68 من الدستور.
وحيث إن الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها - في المادة 175 منه - مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وإعمالاً لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها على ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية؛ فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق محددة فصلتها المادتين 27 و29 من قانونها باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها يعد من الأشكال الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها ووفقاً لأحكامها.
وحيث إن البين من نص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا أن المشرع حدد طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا تراءى لها مخالفة أي نص في قانون أو لائحة - لازم للفصل في النزاع - لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محدداً بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة؛ ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً للحقيقة القانونية مبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
وحيث إن يتضح من استقراء النص الطعين أن مجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد يغلب على تشكيله العنصر الإداري، ولم يتضمن القانون إلزامه باتباع الإجراءات التي تتحقق بها ضمانات التقاضي أمامه، ومن ثم فإن هذا المجلس لا يعدو أن يكون مجرد لجنة إدارية، ولا تعتبر قراراته - بالتالي - أعمالاً قضائية. ولا يغير من ذلك اشتراك أحد رجال مجلس الدولة في عضويته، والنص على وجوب إخطار عضو هيئة التدريس أو العامل بالتهم المنسوبة إليه ودعوته للحضور، وأن يكون قرار المجلس مسبباً؛ إذ لا يكفي ما تقدم لإضفاء الصفة القضائية عليه أو على أعماله طالما أنه لم تتوافر له باقي العناصر الرئيسية المميزة للعمل القضائي على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن مجلس التأديب المشار إليه لا يعد جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي مما عنته المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا، وبالتالي لا تكون الدعوى الماثلة قد اتصلت بهذه المحكمة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق