جلسة 1 أغسطس سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.
-----------------
قاعدة رقم (14)
القضية رقم 11 لسنة 20 قضائية "تنازع"
1 - دعوى تنازع الاختصاص "مناط قبولها - تعيين الجهة المختصة".
مناط قبول هذه الدعوى هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها - تعيين الجهة القضائية المختصة إنما يتم وفقاً للقواعد التي نظم بها المشروع توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية المختلفة.
2 - مجلس الدولة "ولاية عامة".
ولاية مجلس الدولة بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ولاية عامة - اعتباره قاضى القانون العام في شأنها.
3 - منازعة تنفيذ "أحكام القضاء الإداري".
اندراج منازعات التنفيذ في أحكام القضاء الإداري ضمن منازعات القانون العام التي تختص بنظرها هذه الجهة.
الإجراءات
بتاريخ 18 نوفمبر سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً في ختامها الفصل في تنازع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري بتحديد جهة القضاء المختصة بنظر الإشكال في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بجلسة 25/ 5/ 1997 في القضية رقم 64 لسنة 29 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بمجلس الدولة أصدرت بتاريخ 25/ 5/ 1997 الحكم في القضية رقم 64 لسنة 29 قضائية المقامة من محافظ القاهرة ضد المدعي، قاضياً بإلزام الأخير بأن يؤدي إلى الأول مبلغ 13670 جنيهاً، وإذ أقام المدعي إشكالاً في تنفيذ هذا الحكم برقم 813 لسنة 1997 تنفيذ مصر الجديدة قضى فيه بجلسة 24/ 11/ 1997 برفضه، فقد طعن علي هذا الحكم أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية برقم 1665 لسنة 1997 فقضت بجلسة 31/ 3/ 1998 بتأييد الحكم المستأنف، فأقام الطعن رقم 2006 لسنة 68 قضائية أمام محكمة النقض لتاريخ 4/ 5/ 1998. وكان المدعي قد أقام إشكالاً آخر في تنفيذ ذات الحكم قيد برقم 62 لسنة 32 قضائية أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصحة، وإذ تراءى له أن ثمة تنازعاً إيجابياً على الاختصاص بشأن الفصل في الإشكال المشار إليه بين جهتي القضاء العادي والإداري، فقد أقام دعواه الماثلة بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظر ذلك الإشكال.
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة إلي التنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلي المحكمة الدستورية العليا مما يبرر الالتجاء إلي هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها.
وحيث إن وقضاء هذه المحكمة قد جرى علي أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص – إيجابياً كان أم سلبياً - إنما يتم وفقاً للقواعد التي نظم بها المشرع توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لوظيفة كل منها إعمالاً للتفويض المخول له بمقتضى نص المادة 167 من الدستور.
وحيث إن البين من الأوراق أن المنازعة مثار الطلب الماثل إنما تدور حول وقف تنفيذ حكم صادر من إحدى المحاكم التابعة لمجلس الدولة، وكان تحديد الجهة القضائية المختصة وظيفياً بنظر تلك المنازعة والفصل فيها يتحدد على ضوء جنسها وما إذا كانت من المنازعات الناشئة عن روابط القانون الخاص أم أنها من منازعات القانون العام.
وحيث إن الدستور إذ عهد في المادة 172 منه إلي مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية فقد دل بذلك علي أن ولايته في شأنها ولاية عامة، وأنه أضحى قاضي القانون العام بالنسبة إليها، وقد رددت المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 هذه القاعدة الدستورية، مفصلة بعض أنواع المنازعات الإدارية.
واتساقاً مع ذات القاعدة نص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 في الفقرة الأولى من المادة 15 منه علي أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات".
وحيث إن المنازعة في تنفيذ حكم صادر من جهة القضاء الإداري - والتي تستهدف إما المضي في التنفيذ وإما إيقافه - وإن وصفت من حيث نوعها بأنها منازعة تنفيذ، إلا أن ذلك لا ينفي انتسابها - كأصل عام - إلي ذات جنس المنازعة التي صدر فيها ذلك الحكم، وبالتالي تظل لها الطبيعة الإدارية وتندرج بهذا الوصف ضمن منازعات القانون العام التي يختص بنظرها القضاء الإداري؛ ولا يغير من ذلك نص المادة 275 من قانون المرافعات علي اختصاص قاضي التنفيذ - باعتباره شعبة من شعب القضاء العادي - بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، إذ هو من قبيل الاختصاص النوعي وبالتالي ينصرف هذا الحكم إلي منازعات التنفيذ التي تختص بأصلها جهة القضاء العادي دون أن تجاوزها إلي اختصاص محجوز لجهة القضاء الإداري.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بتعيين جهة القضاء الإداري مختصة بنظر النزاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق