جلسة 10 من نوفمبر سنة 1952
برياسة حضرة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن المستشارين.
-----------------
(46)
القضية رقم 902 سنة 22 القضائية
(أ) قانون.
صدوره بالتطبيق للمادة 41 من الدستور. عدم دعوة البرلمان لاجتماع غير عادي لعرضه عليه. لا يقتضي بطلانه.
(ب) شيوعية.
القانون رقم 117 لسنة 1946 غير مخالف للدستور.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - أولا - انضم إلى جمعية ترمي إلى تسويد طبقة اجتماعية على غيرها من طبقات والقضاء على طبقة اجتماعية وقلب لنظم الدولة الأساسية الاجتماعية والاقتصادية, وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن انضم إلى جمعية سرية هى المنظمة الشيوعية المصرية التي تعمل على سيادة الطبقة العاملة وحكمها المطلق والقضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج كل ذلك عن طريق خلق مجتمع مصري على غرار القائم في روسيا والأسلوب الثوري الذي اتبعه لينين وستالين في الثورة الروسية وتحريض العمال على الاضراب والاعتداء على حق الغير في العمل وتحريضهم على بغض طائفة الملاك والرأسماليين تحريضا من شأنه أن يكدر السلم العام - ثانيا - روج في المملكة المصرية لمبادئ هذه الجمعية بأن بث دعوتها بين أفراد الخلية التي ينتظم بها وفي المحيط الذي يعمل فيه نشر مجلة "صوت البروليتاريا" التي تصدرها الجمعية لترويج مبادئ, وأعد ووزع نشرات تدعو لهذه المبادئ, وطلبت إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 198/ 3و98/ ب و هـ من قانون العقوبات, فقرر بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات دفع المتهم أولا: بعدم قيام المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 الصادر في 14 أغسطس سنة 1946 ابان العطلة البرلمانية والذي أضيفت بمقتضاه إلى قانون العقوبات المواد من 98/ أ إلى 98/ هـ مع عدم جواز تطبيق ذلك المرسوم بقانون, لأن أحكامه مخالفة لنصوص الدستور, والدفع الثاني ببطلان إذن التفتيش الصادر من النيابة لأن هذا الإذن غير جدى. والمحكمة قضت فيها حضوريا بتاريخ 19 يناير سنة 1952 عملا بمادتى الاتهام والمادة 32/ 3 من قانون العقوبات بمعاقبة سعد أمين غنيم بالسجن لمدة ثلاث سنين وبتغريمه مبلغ 50ج وأمرت بمصادرة الأوراق المضبوطة, وقد ردت في أسبابها على الدفعين قائلة إنهما في غير محلهما. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
المحكمة
حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 وهو مرسوم باطل لمخالفته للدستور شكلا وموضوعا فهو من ناحية الشكل قد صدر مستندا إلى المادة 41 من الدستور برغم عدم قيام حالة طارئة تدعو إلى إصداره فضلا عن أن البرلمان لم يدع لإقراره في دورة غير عادية, وهو باطل في موضوعه لتعارضه مع الحريات الأساسية التى لا يجوز تقييدها بمراسيم. ويضيف الطاعن إلى ذلك أن الحكم قد خلا من النص على معاملته عند التنفيذ معاملة الفئة "أ".
وحيث إن المادة 41 من الدستور وان أوجبت دعوة البرلمان لاجتماع غير عادي لتعرض عليه المراسيم التى تصدرها السلطة التنفيذية بين دوري إنعقاده بالاستناد إليها, فإنها لم ترتب البطلان جزاء على مخالفة ذلك, كما فعلت بالنسبة إلى حالة عدم عرض تلك المراسيم على البرلمان في أول إنعقاد له وحالة عدم إقرارها من أحد المجلسين.
وحيث إن القول ببطلان المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 لمساسه بالحريات التي كفلها الدستور, لا وجه له إذ المادة 14 من الدستور حين نصت على أن حرية الرأي مكفولة, قد أعقبت ذلك بأن الإعراب عن الفكر بالقول أو الكتابة أو التصوير أو بغير ذلك يكون في حدود القانون, فإن حرية الإعراب عن الفكر شأنها شأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة لجميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره, وإذن فمن شأن المشرع بل من واجبه بمقتضى الدستور أن يعين تلك الحدود حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات اعتداء على حريات الغير وأحكام المرسوم السالف الذكر لا تمس حرية الرأي, ولا تتجاوز تنظيم ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره ووضع الحدود التي تتضمن عدم المساس بحرية غيره. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 لا يكون له محل. أما ما يثيره بشأن عدم النص في الحكم على وضعه في إحدى الفئتين المنصوص عنهما في لائحة السجون فان ذلك لا يمس سلامة الحكم لأن اللائحة المشار إليها لم توجب على القاضي أن ينص في حكمه على الفئة التي يوضع فيها المحكوم عليه, ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس في موضوعه, متعينا رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق