الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن 73 لسنة 36 ق جلسة 9 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 95 ص 593

جلسة 9 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(95)
الطعن رقم 73 لسنة 36 القضائية

إيجار. "آثار الإيجار". "التزامات المؤجر". "ضمان التعرض".
عدم اقتصار ضمان المؤجر للتعرض الحاصل للمستأجر من مستأجر آخر على التعرض المستند إلى ادعاء حق. امتداده إلى التعرض المادي متى كان المستأجر المتعرض قد استأجر من نفس المؤجر. اعتباره في هذه الحالة من أتباع المؤجر.

---------------
إذ نصت المادة 571 من القانون المدني على أنه: "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز له أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغير يخل بهذا الانتفاع ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من أتباعه بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو إضرار مبنى على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر" فقد دلت على أن ضمان المؤجر للتعرض الحاصل للمستأجر من مستأجر آخر لا يقتصر على التعرض المستند إلى ادعاء حق بل يمتد كذلك إلى التعرض المادي متى كان المستأجر المتعرض قد استأجر من نفس المؤجر، إذ أنه في هذه الحالة يكون من أتباعه طالما كان التأجير هو الذي هيأ له سبيل التعرض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن عبد المحسن محمد أبو شادي، حسن محمد أبو شادي، جمال الدين عبد المحسن أقاموا الدعوى رقم 184 سنة 62 كلي دمنهور ضد وزير الأوقاف بصفته وآخرين يطلبون الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لهم على سبيل التعويض مبلغ 8929 ج و630 م، وقالوا شرحاً للدعوى إنهم في 7/ 11/ 1959 استأجروا من المدعى عليهم أطياناً زراعية مساحتها 292 ف و16 ط مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وأن تفتيش الأوقاف بوصفه المهيمن على تنظيم ري الأطيان المؤجرة منه للغير أمر بري أرضهم من مياه مصرف إيتاي البارود المجاور لها وحرمهم من الري من مياه ترعة محلة عبيد وهي المروى الطبيعي لها مجاملة وتمييزاً لمستأجرين آخرين، وإذ أدى ذلك إلى تلف زراعاتهم المختلفة واضطروا إلى رفع الدعوى رقم 171 سنة 1960 مستعجل دمنهور لإثبات حالة المزروعات وسبب التلف الذي أصابها، وقدم الخبير المنتدب تقريره الذي أثبت فيه أن التلف الذي أصاب الزراعة هو من ري الأرض من مياه المصرف دون المياه البحاري وقدر جملة التعويض المستحق بمبلغ 8929 ج و630 م، فقد أقاموا هذه الدعوى للحكم لهم به. ودفعت الوزارة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وطلبت احتياطياً رفضها، وفي 21/ 3/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص وبرفض الدعوى. فاستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 275 سنة 18 قضائية. كما أقامت الوزارة استئنافاً فرعياً طالبة إلغاءه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص، وفي 30/ 4/ 1964 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وقبل الفصل في موضوعهما بندب أحد الخبراء الزراعيين للانتقال إلى عين النزاع لمعرفة طريق الري الذي كانت تروى منه الأرض في الوقت المعاصر لتحرير عقد الإيجار سواء كان هذا الطريق هو مصرف إيتاي البارود أو ترعة محلة عبيد أو هما معاً، وبيان مدى تقصير المطعون عليهم أو إخلالهم بما ينبغي عليهم لتمكين الطاعنين من الانتفاع بالعين بتيسير إمدادها بمياه الري التي اعتادت أن تروى منها في الوقت المنوه عنه، وكذلك بيان مدى ما يكون قد ترتب على هذا التقصير من ضرر لحق الزراعة، وقد باشر الخبير هذه المأمورية وقدم تقريراً عنها. وبتاريخ 6/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير. وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في السببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن وزارة الأوقاف تمسكت في دفاعها بأنها غير مسئولة عن ري الأطيان المؤجرة طبقاً للبند 23 من شروط التعاقد ولم تأخذ محكمة الاستئناف بهذا الدفاع، وانتهت في حكمها الصادر في 30/ 4/ 1964 إلى أن البند المذكور لا يعفي الوزارة من التزامها بتمكين المستأجرين من الانتفاع بالأطيان المؤجرة بإيجاد طريق الري الذي كانت تروى منه وقت التعاقد وندبت أحد الخبراء الزراعيين لمعاينة الأطيان موضوع النزاع لبيان طريق الري الذي كانت تروى منه سواء كان هذا الطريق هو مصرف إيتاي البارود أو ترعة محلة عبيد أو كلاهما، وقد ثبت من تقرير الخبير المنتدب أن طريق ري هذه الأطيان الطبيعي فيما عدا شهري يونيو ويوليو هو ترعة محلة عبيد المقام عليها ماكينة لرفع المياه تديرها الوزارة وتنظم الري بها نظير أجور تتقاضاها من مختلف المستأجرين، كما ثبت من معاينة الخبير أن أطيان الوزارة في هذه المنطقة مقسمة إلى حوش بواسطة المساقي الخصوصية التي توجد عند تقاطع كل منها بالأخرى مجمعات مقامة بالطوب الأحمر والأسمنت لها بوابات وتركب عليها الآلات الرافعة للمياه لري الحوش المراد ريها وقفل المياه عن الحوش التي لا يلزمها الري. ولما كانت وزارة الأوقاف هي المهيمنة والمشرفة على توزيع المياه بين المستأجرين والمسئولة عن تقديم خدمات الري للأراضي المؤجرة، وكان التفتيش التابع لها لم يقدم للطاعنين هذه الخدمات الواجبة وقام بري أرضهم منذ بدء السنة الزراعية من مياه المصرف دون مياه الترعة، فإن ذلك منه يعتبر تعرضاً للطاعنين أخل بانتفاعهم بالأطيان المؤجرة لهم من الوزارة ويوجب مسئوليتها عن تعويض الضرر الذي قدره الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة، كما أن ما قرره الحكم في تبرير نفي مسئولية الوزارة من أن قيام بعض المستأجرين بسد مجاري المياه العذبة ومنع وصولها إلى أرضهم يعتبر تعرضاً مادياً من الغير لا يرتب ضماناً في ذمة الوزارة المؤجرة لا يصلح رداً على دفاع الطاعنين من أن الوزارة هي التي سمحت وسهلت لمستأجر القسم الشرقي من الأطيان بإقامة سدود في تلك المساقي الخصوصية ترتب عليها منع وصول المياه العذبة للأرض المؤجرة لهم، إذ ليس كل تعرض مادي من الغير لا يسأل عنه المؤجر فهناك صور من التعرض المادي تؤدي إلى مسئولية المؤجر رغم صدوره من الغير كما إذا كان المؤجر هو الذي شجع عليه أو حرض المتعرض على القيام به. ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالقول بأن عمل المستأجرين الآخرين بالنسبة لأراضي الوزارة الأخرى يعتبر تعرضاً مادياً من الغير لا تسأل هي عنه ولا يرتب ضماناً في ذمتها دون أن يبين سبب نفي مسئوليتها عن هذا التعرض أو أنها لا شأن لها به فإنه يكون معيباً بالقصور فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 571 من القانون المدني إذ نصت على أنه "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز له أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع، ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من أتباعه بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو إضرار مبنى على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر" فقد دلت على أن ضمان المؤجر للتعرض الحاصل للمستأجر من مستأجر آخر لا يقتصر على التعرض المستند إلى ادعاء حق بل يمتد كذلك إلى التعرض المادي متى كان المستأجر المتعرض قد استأجر من نفس المؤجر إذ أنه في هذه الحالة يكون من أتباعه طالما كان التأجير هو الذي هيأ له سبيل التعرض وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للمادة المذكورة بقولها "ويلاحظ أن المؤجر لا يكون مسئولا عن التعرض المادي الصادر من الجيران إلا إذا كان هو الذي أجر لهم فيكونون في حكم أتباعه" ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم لدى محكمة الموضوع بأن وزارة الأوقاف تعرضت لهم في الانتفاع بالأرض المؤجرة لهم منها بأن امتنعت عن ري زراعتهم من المروى الطبيعي لها وهو ترعة محلة عبيد وبأن موظفيها قد سمحوا لمستأجر الجزء الشرقي من أطيان الوقف بإقامة السدود في مجاري المياه العذبة وترتب على ذلك منع وصول هذه المياه إليهم، وكان الحكم المطعون فيه قد تحجب عن تحقيق هذا الدفاع استناداً إلى ما قرره من أن حرمان الطاعنين من مياه الترعة البحاري في بعض الأوقات لا يترتب عليه إخلال الوزارة بأي التزام قانوني أو تعاقدي، هذا بالإضافة إلى ما قرره المستأنفون (الطاعنون) وأشار إليه الخبير من أن بعض المستأجرين كانوا يسدون هذه المجاري فيمنعون وصول المياه العذبة إلى أرض المستأنفين وهذا التعرض المادي من الغير لا تسأل عنه وزارة الأوقاف ولا يرتب ضماناً في ذمتها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وجاء مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه لهذين السببين دون حاجة لبحث باقي الأسباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق