جلسة 11 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.
--------------
(130)
الطعن رقم 475 لسنة 29 القضائية
( أ ) التزام. فوائد. "الفوائد التأخيرية.
لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير إثبات الدائن أن ضرراً لحقه من هذا التأخير. الضرر مفترض قانوناً وغير قابل لإثبات العكس.
(ب) حجز. "حجز ما للمدين لدى الغير". التزام. فوائد. "الفوائد التأخيرية".
الحجز مقتضاه وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء. امتناع المحجوز لديه عن استغلال المال المحجوز أو التصرف فيه. لا يحول الحجز دون استحقاق فوائد التأخير. مثال.
(ج) تنفيذ. التزام. فوائد. "الفوائد التأخيرية".
تراخي الدائن في التنفيذ لا أثر له في المدة السابقة على الحكم الابتدائي، ولا يمنع من استحقاق فوائد التأخير. مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مصلحة الجمارك - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 1098 سنة 1952 تجاري كلي إسكندرية على المطعون ضده الأول ومورث باقي المطعون ضدهم المرحوم زكي عبد المجيد رستم بصحيفة أعلنت لهما بتاريخ 15/ 9/ 1953 طلبت فيها الحكم بإلزامها بأن يدفعا لها مبلغ 376 ج و650 م والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، وقالت في بيان دعواها إن المطعون ضده الأول وشقيقه المرحوم زكي رستم كانا قد استوردا خمس رسائل من البرتقال القبرصي خلال الفترة التي كانت أعفيت فيها الموالح من الرسوم الجمركية بمقتضى قرار من وزير المالية دون غيرها من العوائد الأخرى، إلا أن موظفي الجمارك اعتبروا هذا الإعفاء شاملاً لعوائد الرصيف ولهذا فقد طلبت الطاعنة الحكم لها بقيمة عوائد الرصيف التي استحقت على الرسائل المذكورة، وعقب رفع هذه الدعوى استصدرت الطاعنة بتاريخ 23/ 12/ 1952 أمراً من رئيس محكمة إسكندرية الابتدائية بتوقيع الحجز تحت يدها على ما للمطعون ضده الأول وشقيقه المذكور ضماناً للوفاء بقيمة العوائد، فتظلم المحجوز عليهما من هذا الأمر بالدعوى رقم 124 سنة 1953 كلي إسكندرية وحكمت المحكمة الابتدائية بتاريخ 21/ 2/ 1953 بإلغاء الحجز إلا أنه قضى استئنافياً بتاريخ 22/ 12/ 1953 بإلغاء الحكم المذكور ورفض التظلم وتأييد أمر الحجز، أما بالنسبة لموضوع الدعوى فإن المحكمة الابتدائية حكمت بتاريخ 9/ 5/ 1953 بإلزام المدعى عليهما يوسف وزكي عبد المجيد رستم بصفتهما بأن يدفعا لمصلحة الجمارك مبلغ 379 ج و650 م والفوائد بواقع 5% من المطالبة القضائية الحاصلة في 15/ 9/ 1952 حتى تمام السداد، استأنف المحكوم ضدهما هذا الحكم في خصوص قضائه بالفوائد بالاستئناف رقم 400 سنة 12 ق إسكندرية، وبتاريخ 25 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفين (المطعون ضدهم) بالفوائد القانونية 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 25 يوليه سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 9 ديسمبر سنة 1962 وفيها طلبت النيابة نقض الحكم المطعون فيه، قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 30/ 4/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون بوجوه ثلاث: هي أولاً - أنه أقام قضاءه بعدم استحقاق الطاعنة للفوائد التأخيرية تأسيساً على أنه لم يلحقها ضرر من تأخر المطعون ضدهم في الوفاء، في حين أن المادة 228 من القانون المدني تفرض فرضاً غير قابل لإثبات العكس أن مجرد تأخر المدين عن الوفاء بمبلغ الدين يحدث ضرراً للدائن. ثانياً - أخطأ الحكم فيما جرى به قضاؤه من أن الطاعنة وقد أوقعت الحجز على المبلغ الموجود لديها الحساب المطعون ضدهم فإنها أصبحت تحتجزه لاستيفاء حقها في عوائد الرصيف عندما يحكم لها بها، وهذا الحجز لا يحول دون انتفاع الطاعنة بالمال المحجوز حتى يقض نهائياً في دعوى صحة الحجز، وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون ذلك أن الوفاء هو الذي يعفي المدين من فوائد التأخير، إذ به يصبح المبلغ الموفى به تحت تصرف الدائن أما الحجز فهو مجرد إجراء يقصد به منع المدين من التصرف في المال المحجوز لحين الحكم في الموضوع، ولا يستطيع الدائن الانتفاع به أو التصرف فيه أثناء قيام النزاع أمام القضاء ثالثاً - أورد الحكم في تقريراته أن الطاعنة لا يحق لها المطالبة بفوائد التأخير لأنها تراخت في تنفيذ الحكم الابتدائي زمناً غير قصير رغم شموله بالنفاذ المعجل ولأنها لم تطالب بعوائد الرصيف في الوقت المناسب بسبب اختلاف رجال مصلحة الجمارك في تفسير قرارات الإعفاء وما إذا كان ينسحب أثرها إلى هذه العوائد أم لا، في حين أن تراخي الطاعنة في تنفيذ الحكم لم يكن ليحول دون قيام المطعون ضدهم بالوفاء بالدين المحكوم به ولو بعرضه عرضاً حقيقياً، وأن اختلاف رجال مصلحة الجمارك في تفسير قرارات الإعفاء لا يحرمها من المطالبة بفوائد التأخير طالما أن لها الحق في المطالبة بقيمة الدين.
وحيث إن الحكم لمطعون فيه أقام قضاءه بعدم أحقية الطاعنة بالمطالبة بفوائد التأخير على ما قرره ما يأتي "وحيث إنه وإن كان المبلغ المحجوز عليه تحت يد المصلحة لم يكن مودعاً كما تقول على ذمة الرسوم المطالب بها في الدعوى الحالية، إلا أنها لم تنكر أيضاً أن هذا المبلغ كان مستحق الأداء لصاحب الحق فيه وهما المستأنفان لولا توقيع الحجز عليه الذي تم بفعل المصلحة، ومن شأن هذا الحجز أن يغير من طبيعة المبلغ ومن السبب الذي بقي من أجله تحت يدها، والواضح أنها لم تحتجزه بعد توقيع الحجز إلا لاستيفاء حقها في عوائد الرصيف عندما يحكم بها، وهذا الحجز لا يحول دون الانتفاع به في فترات النزاع وفي أثناء مراحله المختلفة حتى يقضي نهائياً في دعوى الحجز وفي دعوى الموضوع وقد ظلت المصلحة محتفظة به بالرغم من صدور الحكم من محكمة الدرجة الأولى في التظلم بإلغاء أمر الحجز، وكان العدل يقتضيها أن ترد المبلغ لصاحبه بعد أن حكم لمصلحته ولكنها لم تفعل، ومما لا شك فيه أن في هذا الحجز غل ليد المستأنفين عن استثماره أو الحصول في غلته، بل إن فيه معنى آخر هو أن المصلحة استوفت حقها بطريق هذا الحجز، وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الواضح مما تقدم أنه لم يصب مصلحة الجمارك ضرر من جراء تأخر المستأنفين أو امتناعهم عن أداء عوائد الرصيف إلا بعد أن يقول القضاء حكمه في شأنها ما دام أنها أفادت من المبلغ الذي احتجزته خصوصاً وأنها كانت من جانبها متراخية في تنفيذ الحكم الابتدائي زمناً غير قصير رغم شمول هذا الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة، فضلاً عما ثبت من أن السبب في عدم أداء العوائد في الوقت المناسب هو تضارب رجال المصلحة في تفسير قوانين أو قرارات الإعفاء وهل ينسحب أثرها إلى هذه العوائد من عدمه ومن أجل ذلك يكون الحكم بالفوائد في غير محله" وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون. ذلك أن المادة 226 من القانون المدني تنص على أنه "إذ كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً أن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية..." وتنص المادة 228 منه على أنه "لا يشترط الاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية يثبت الدائن أن ضرراً لحقه من هذا التأخير" ومفاد ذلك أن القانون افترض الضرر افتراضاً غير قابل لإثبات العكس، وغير صحيح ما قرره الحكم من أنه كان للمصلحة "الطاعنة" الحاجزة أن تنتفع بالمال المحجوز تحت يدها بما يؤدي في نظر الحكم إلى عدم استحقاقها للفوائد ذلك أن مقتضى الحجز أياً كان نوعه وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجوز لديه استغلال المال المحجوز أو التصرف فيه - ومن ثم لا يحول الحجز دون استحقاق فوائد التأخير كما أنه غير صحيح ما قرره الحكم - أنه يترتب على تراخي الدائن في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه عدم استحقاق هذه الفوائد إذ التراخي في التنفيذ لا يكون له أثر في المدة السابقة على صدور الحكم الابتدائي ولا يمنع من استحقاق الفوائد إذ كان على المدين أن يوفي بالدين أو أن يتمسك بأي سبب من أسباب انقضائه.
وحيث إنه وإن كانت تقريرات الحكم المطعون فيه غير صحيحة في القانون - على ما سلف بيانه، إلا أنه إزاء ما دفع به المطعون ضده في مذكرته المقدمة لهذه المحكمة من دفع بالمقاصة وبين ما حكم به للمصلحة وبين ما كان له من مبالغ تحت يدها، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده سبق أن أبدى تمسكه بتسوية الحساب بين ما له وما عليه مما يترتب عليه إن صح وقوعها انقضاء الدين بقدر الأقل منهما وعدم استحقاق الفوائد على ما قد يكون باقياً من دين للمصلحة لما كان ذلك، وكانت العناصر اللازمة للفصل في ذلك غير متوافرة لدى هذه المحكمة مما يقتضي إعادتها للفصل فيها من محكمة الموضوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق