الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 مارس 2023

الطعن 464 لسنة 35 ق جلسة 29 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 34 ص 213

جلسة 29 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(34)
الطعن رقم 464 لسنة 35 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها". استئناف    .
مناط عدم جواز الطعن وفقاً لنص المادة 378 مرافعات. أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع. صدور الحكم في موضوع الدعوى أو في شق منه يقتضي الطعن فيه استقلالاً في الميعاد. عدم سريان المادة 404 مرافعات في هذه الحالة وعدم اعتبار الحكم مستأنفاً باستئناف الحكم الموضوعي الذي صدر في الدعوى. التراخي في الطعن إلى ما بعد الحكم في الموضوع. أثره. عدم قبول الطعن.
(ب) وكالة. "وكالة بالعمولة".
الأصل التزام الموكل بالمصروفات التي يتكبدها الوكيل بالعمولة. هذا الشرط ليس من النظام العام. جواز الاتفاق على مخالفته.
(جـ) عقد. "بطلان العقد". "تحول العقد". بطلان.
تحول العقد الباطل. شرطه. اشتماله عناصر عقد آخر انصرفت نية الطرفين إلى قبوله دون إدخال عنصر حديد عليه. العقد الباطل لانعدام صفة موقعيه. لا يمكن القول بتحوله لأنه عقد لم ينشأ.

---------------
1 - جعل المشرع المناط في عدم جواز الطعن بنص المادة 378 مرافعات أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، فإذا كان الحكم قد صدر في موضوع الدعوى أو في شق منه، تعين الطعن فيه استقلالاً في الميعاد القانوني وإلا سقط الحق في الطعن فيه، يستوي في ذلك أن يكون قضاءه القطعي وارداً في المنطوق أو في الأسباب، ولا يغير من ذلك النص في المادة 404 مرافعات على أن استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة، لأن عبارة هذه المادة تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وهي بذلك إنما تكمل - في خصوص الاستئناف - القاعدة الواردة بالمادة 378 مرافعات.
2 - الأصل أن يلتزم الموكل بالمصروفات التي يتكبدها الوكيل بالعمولة لإتمام العمل المسند إليه، إلا أن هذا الشرط ليس من النظام العام ويجوز لطرفي العقد الإنفاق على مخالفته.
3 - تحول العقد الباطل إنما يكون في حالة بطلان التصرف مع اشتماله على عناصر عقد آخر تكون نية الطرفين الاحتمالية قد انصرفت إلى قبوله دون إدخال عنصر جديد عليه، ولما كان الثابت أن محكمة أول درجة قد انتهت إلى بطلان الاتفاق المبرم بين الطرفين على أساس أن الموقعين عليه لا يملكون التعاقد نيابة عن هيئة الإذاعة، فإن القول بإمكان تحول عقد لم ينشأ يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن هيئة الإذاعة المصرية أقامت الدعوى رقم 3597 سنة 1953 تجاري كلي القاهرة ضد ماهر حسن فراج تطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 11087 ج و174 م والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، تأسيساً على أن ذلك المبلغ هو الباقي في ذمته باعتباره وكيلاً عنها بالعمولة في توزيع مجلتي الإذاعة المصرية وكايرو كولنج طبقاً للبيان الوارد تفصيلاً بصحيفة افتتاح الدعوى، كما أقام ماهر حسن فراج الدعوى رقم 1918 سنة 1954 تجاري كلي القاهرة ضد الإذاعة المصرية طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 11243 ج و871 م، تأسيساً على أنه لم يكن وكيلاً بالعمولة في التوزيع وإنما كان يقوم بشراء كل عدد من المجلتين المذكورتين لبيعه طبقاً لشروط متفق عليها وقد استحق له في ذمتها المبلغ المطالب به طبقاً لما ورد تفصيلاً بصحيفة دعواه، ودفع بعدم قبول الدعوى رقم 3597 سنة 1953 على اعتبار أن الطلبات فيها هي ذات الطلبات التي وجهتها الإذاعة في قضية الجنحة رقم 1649 سنة 1953 عابدين، وفي 24/ 2/ 1960 حكمت المحكمة برفض الدفع المشار إليه وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي صاحب الدور لإجراء المحاسبة بين الطرفين على أساس 15.5 مليم للعدد عن منطقة القاهرة، 15 مليم للعدد بالأقاليم، مع خصم 6% من ثمن البيع لماهر حسن فراج حتى 13 نوفمبر سنة 1948 وعدم إجراء خصمها من ذلك التاريخ حتى آخر ديسمبر سنة 1952، وعليه تقدير صافي ما يستحقه كل من الخصوم وبيان ما إذا كان ماهر حسن فراج قد دفع تأميناً للإذاعة المصرية ومقداره إن وجد. وفي 4/ 5/ 1960 قضت المحكمة باستبدال مكتب الخبراء الحكوميين بالخبير السابق ندبه لأداء المأمورية سالفة البيان. وبعد أن باشر مكتب الخبراء هذه المأمورية وقدم تقريره عادت وبتاريخ 8/ 1/ 1964 فحكمت (أولاً) في الدعوى 3597 سنة 1953 بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعية مبلغ 11079 ج و480 م وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 24/ 11/ 1953 حتى السداد (ثانياً) في الدعوى 1918 سنة 1954 بإلزام المدعى عليهما بصفتهما - الإذاعة المصرية - بدفع مبلغ 350 ج للمدعي. واستأنف ماهر حسن فراج هذا الحكم والحكم الصادر في 24/ 2/ 1960 لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءهما فيما قضيا به في الدعوى رقم 3597 سنة 1953 وبرفض هذه الدعوى وتعديل الحكم الأخير فيما قضى به في الدعوى رقم 1918 سنة 1954 والحكم بإلزام هيئة الإذاعة بأن تدفع له مبلغ 11243 ج و871 م وقيد هذا الاستئناف برقم 180 سنة 81 قضائية، كما استأنفت هيئة الإذاعة الحكم الأخير طالبة إلغاءه فيما قضى به من إلزامها بدفع مبلغ 350 ج لماهر حسن فراج ورفض الدعوى رقم 1918 سنة 1954 وقيد هذا الاستئناف برقم 181 سنة 81 قضائية. وفي 11/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المستأنفين بمصاريف استئنافه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وأصرت النيابة على رأيها الوارد بالمذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول، أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن استئناف الحكم الصادر في الموضوع لا يستتبع استئناف الحكم التمهيدي الصادر في 24/ 2/ 1860 بالنسبة لما ورد في أسبابه بشأن تكييف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها وكالة بالعمولة وبطلان الاتفاق المبرم بينهما في 19/ 8/ 1952، استناداً إلى أنه قضاء قطعي أنهى الخصومة في جزء منها وأصبح نهائياً لعدم الطعن فيه استقلالاً في الميعاد القانوني، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ أنه يترتب على استئناف الحكم الصادر في الموضوع طبقاً لنص المادة 404 من قانون المرافعات استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية فلا يصح قصرها على الأحكام التي لا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها وذلك بشرط ألا تكون قد قبلت صراحة. ولما كان الثابت أن الطاعن لم يقبل ما قرره ذلك الحكم بشأن تكييف العلاقة القائمة بينه وبين هيئة الإذاعة أو بشأن بطلان الاتفاق المؤرخ 19/ 8/ 1952 فإن شروط المادة 404 مرافعات تكون متوافرة، ويكون الحكم الصادر في 24/ 2/ 1960 مستأنفاً بجميع ما تضمنه مع الحكم الصادر في الموضوع خصوصاً وأنه قد ورد بنهاية أسباب الحكم المذكور أنه وإن قطع في بعض مواطن النزاع وأرسى الباقي منها على أسس محدودة في نطاق معين إلا أنه لم يحسم الخصومة بعد.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع قد جعل المناط في عدم جواز الطعن بنص المادة 378 مرافعات أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، فإذا كان الحكم قد صدر في موضوع الدعوى أو في شق منه تعين الطعن فيه استقلالاً في الميعاد القانوني وإلا سقط الحق في الطعن فيه يستوي في ذلك أن يكون قضاؤه القطعي وارداً في المنطوق أو في الأسباب، ولا يغير من ذلك النص في المادة 404 مرافعات على أن "استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة" لأن عبارة هذه المادة بحسب ما هو واضح بالمذكرة الإيضاحية، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وهي بذلك إنما تكمل في خصوص الاستئناف القاعدة الواردة بالمادة 378 مرافعات، ولما كان الثابت في الدعوى أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 24/ 2/ 1960 وإن قضى في منطوقه بندب خبير، إلا أنه قرر في أسبابه أن المحكمة لا تجد في الخطابات المتبادلة بين الطرفين نصاً يحدد مدة التعامل وأنها تعتبر اتفاقهما منشأ لعقد وكالة بالعمولة مدته هي الفترة اللازمة لتوزيع كل عدد على حدة، وإن هذا العقد ينتهي بمجرد توزيع كل عدد وإتمام المحاسبة عليه ثم يتولد عقد جديد بمناسبة توزيع كل عدد آخر وبالتالي يكون هذا العقد قد انتهى تماماً بانتهاء توزيع آخر عدد عهدت الإذاعة إلى الطاعن بتوزيعه ويكون لها أن تعهد بالتوزيع إلى من تشاء، كما قرر الحكم أيضاً عدم الاعتداد بالاتفاق المحرر في 19/ 8/ 1952 بين الطاعن ومراقب مالي الإذاعة لأنه لم يصدر من الجهة المختصة بالتعاقد نيابة عن الإذاعة المصرية، وإن الخصم الذي كانت تجريه الإذاعة للمتعهد من الثمن هو من حقها باعتباره منحة لا يقابلها أي التزام في جانب المتعهد فلا يتولد له حق فيها، وما دامت الإذاعة أوقفت صرفها من 13/ 11/ 1948 فلا يكون له حق في المطالبة بها من ذلك التاريخ، وهذا الذي أورده الحكم في أسبابه، هو قضاء قطعي فصل في شق من الموضوع كان مدار النزاع بين الطرفين مما كان يتعين معه الطعن فيه على استقلال خلال الستين يوماً التالية لتاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وإذ تراخى الطاعن في استئنافه حتى استأنفه مع الحكم الصادر بتاريخ 8/ 1/ 1964 فإن استئنافه هذا الشق القطعي يكون قد رفع بعد الميعاد، ولا يعتبر مستأنفاً باستئناف الحكم الأخير، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني، أن الحكم التمهيدي الصادر من محكمة أول درجة بعد أن انتهى في أسبابه إلى تكييف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة بالعمولة، قضى في منطوقه بإجراء المحاسبة على أسس معينة بعيدة كل البعد عن أسس وقواعد الوكالة بالعمولة التي تخول الوكيل الرجوع على موكله بكافة المصروفات التي يتحملها نتيجة التعاقد مع الغير وبالعمولة التي يستحقها، فضلاً عن فوائد جميع المبالغ التي صرفها لمصلحة الموكل ثم عاد وخالف هذه القواعد والأسس ولم يشر إلى احتساب المصاريف التي أنفقها الطاعن في سبيل تنفيذ عقد الوكالة بالعمولة من تخزين ونقل وتوزيع وإعلان ومرتبات، كما لم يشر إلى قيمة العمولة التي يجب احتسابها طبقاً للعرف الجاري ما دام الطرفان لم يتفقا عليها، وإذ كانت الأسس التي أوردها الحكم التمهيدي هي التي أخذ بها الحكم الصادر في الموضوع، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد هذا الحكم وجعل من أسبابه أسباباً له فإنه يكون مشوباً بالتناقض والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه لدى محكمة أول درجة، أنه اتفق مع هيئة الإذاعة على الثمن وتحديد سعر البيع وعلى تحمله تأخير بعض ثمن الأعداد طرف الباعة والمعلمين والصرف على أجهزة التوزيع من ماله الخاص وإجراء التوزيع بسياراته وتحمله مخاطر البيع، فإذا كان الحكم التمهيدي قد أعمل هذا الاتفاق وحدد للخبير إجراء المحاسبة على هداه، فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما حدده من أسس لإجراء الحساب وبين ما انتهى إليه في صدد تكييف العلاقة القائمة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة بالعمولة، ذلك أنه وإن كان الأصل أن يلتزم الموكل بالمصروفات التي يتكبدها الوكيل بالعمولة لإتمام العمل المسند إليه إلا أن هذا الشرط ليس من النظام العام ويجوز لطرفي العقد الاتفاق على مخالفته.
وحيث إن حاصل السبب الثالث، أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أنه عول في قضائه على ما ذكرته محكمة أول درجة في أسباب حكمها التمهيدي من أن الاتفاق المبرم بينه وبين هيئة الإذاعة بتاريخ 19/ 8/ 1952 باطل ولا أثر له لعدم صدوره من مجلس إدارة الهيئة أو من مديرها العام، في حين أن الاتفاق المشار إليه لم يبرم في ظل التشريع العادي، وإنما تم في ظل الثورة بناء على تدخل من مندوب مجلس الثورة المعين رقيباً عسكرياً عاماً على الإذاعة ليكون له الإشراف على جميع شئونها، وحلوله بذلك محل مجلس الإدارة والمدير العام في كافة اختصاصاتهما بما فيها إبرام العقود الخاصة بها مع الغير والتوقيع عليها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لوروده على أمر فصل فيه الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 24/ 2/ 1960، والذي - أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي، لعدم استئنافه في الميعاد على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم للخبير خطاباً رسمياً صادراً من الإذاعة بتاريخ 28/ 10/ 1952 تطلب منه تسديد مبلغ 182 ج قيمة الباقي من التسوية، وتمسك الطاعن بإقرار الإذاعة الوارد في هذا الخطاب لدى الخبير وفي مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة وقت حجز القضية للحكم والتي طلب فيها إعادة المأمورية إلى الخبير لإجراء المحاسبة ابتداء من العدد 910 كما جاء بخطاب الإذاعة المشار إليه، وليس من العدد 883 الذي أجرى الخبير المحاسبة ابتداء منه أخذاً بأقوال مندوب الإذاعة ورفضت المحكمة هذا الطلب بحجة أن ما قام به الخبير في هذا الصدد يتفق مع ما تضمنه الحكم الصادر بندبه من قضاء قطعي ببطلان الاتفاق المؤرخ 19/ 8/ 1952 الذي صدر هذا الخطاب على أساسه، ولما استأنف الطاعن هذا الحكم عرض في صحيفة الاستئناف لما قررته محكمة أول درجة بشأن الاتفاق والخطاب سالفى الذكر، وأوضح أن ما قررته المحكمة بشأنهما لم يكن يمنعها من إجابة طلبه للتعرف على الأساس الذي تستقر عليه الإذاعة في إجراء المحاسبة، وما كان لها أن تتذرع في رفض هذا الطلب بقضاء محكمة أول درجة ببطلان الاتفاق لصدوره من جهة غير مختصة لأن التنظيم الثوري إنما يضفي الشرعية والصحة على من وقعوا ذلك الاتفاق، وأن التعهدات الناشئة عن الاتفاق برغم بطلانه إنما تنتج آثارها القانونية طبقاً للمادة 144 من القانون المدني باعتباره صلحاً تم بين الطرفين، ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع بما يقتضيه اكتفاء بما قرره عن قطعية الحكم ببطلان الاتفاق والخطاب الصادر على أساسه، وفي هذا إخلال بحق الدفاع فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بما قرره مندوب الإذاعة أمام الخبير من أن المبلغ الوارد بالخطاب المؤرخ 28/ 10/ 1952 والذي يفيد مديونية الطاعن بمبلغ 182 ج حتى العدد 909، إنما يمثل الباقي طرفه بعد قيامه بتحرير شيكات بالمبالغ المستحقة في ذمته من ثمن أعداد المجلتين تنفيذاً للتسوية الحاصلة في 19/ 8/ 1952، والتي انتهت محكمة أول درجة في الحكم الصادر في 20/ 2/ 1960 إلى بطلانها لعدم صدورها ممن يملك التعاقد نيابة عن الإذاعة، وقد أصبح هذا القضاء نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي لعدم الطعن فيه في الميعاد - والنعي في شقه (الثاني) مردود بأن تحول العقد الباطل، إنما يكون في حالة بطلان التصرف مع اشتماله على عناصر عقد آخر تكون نية الطرفين الاحتمالية قد انصرفت إلى قبوله دون إدخال عنصر جديد عليه - ولما كان الثابت من الحكم الصادر في 24/ 2/ 1960 أن محكمة أول درجة قد انتهت إلى بطلان الاتفاق المبرم بين الطرفين بتاريخ 19/ 8/ 1952 على أساس أن الموقعين عليه لا يملكون التعاقد نيابة عن هيئة الإذاعة، فإن القول بإمكان تحول عقد لم ينشأ، يكون على غير أساس، لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق