الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 مارس 2023

الطعن 459 لسنة 29 ق جلسة 21 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 113 ص 716

جلسة 21 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.

---------------

(113)
الطعن رقم 459 لسنة 29 القضائية

(أ) حكم. قوة الأمر المقضي. إثبات "طرق الإثبات". "قرائن قانونية". دعوى.
قوة الأمر المقضي، أثرها، منع الخصوم من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها الحكم بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أبديت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. مثال.
(ب) حكم. قوة الأمر المقضي. إثبات "طرق الإثبات". "قرائن قانونية". دعوى. نظام عام.
قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام.

--------------
1 - متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. ومن ثم فمتى كان الحكم الصادر في الدعوى الأولى المرفوعة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد المقايضة قد حسم النزاع بين الخصوم في خصوص صحة هذا العقد وقضى بصحته، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً فإنه يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة ويمنع الخصوم من التنازع فيها بدعوى تالية موضوعها طلب بطلان ذلك العقد، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ذلك أنهما متصلتان اتصالاً علياً إذ علة الحكم بصحة العقد في الدعوى الأولى عدم بطلانه والقضاء بصحة العقد يتضمن حتماً أنه غير باطل (1).
2 - قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليها الأولى - شركة اسحق ويعقوب شموئيل قاطان وشركاهم - كانت قد أقامت ضد الطاعن ومدير جمرك الإسكندرية بصفته الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة طالبة القضاء: أولاً - بصحة ونفاذ عقد المقايضة المعقود بينها وبين الطاعن في 8 من إبريل سنة 1952 بشأن 258 طرداً من التمباك. ثانياً - بتثبيت ملكيتها لهذا القدر من التمباك الكائن بجمرك الإسكندرية والذي آلت ملكيته إليها بمقتضى عقد 8 إبريل سنة 1952 وأحقيتها في استلامه. ثالثاً - بصحة إجراءات الحجز المتوقع على هذا التمباك تحت يد مدير جمرك الإسكندرية. رابعاً - بأحقيتها في معدل المقايضة وقدره 27.5 قرشاً عن كل كيلو جرام من التمباك المتقايض عليه. وقالت بياناً لدعواها إنها بموجب عقد مقايضة تاريخه 8/ 4/ 1952 بادلت الطاعن 258 بالة من التمباك كانت مودعة بمخزن وكلائه بجمرك الإسكندرية بكمية معادلة من التمباك - مملوكة لها - كانت مودعة بجمرك بور سعيد ولكن الطاعن لم ينفذ عقد المقايضة فأرسلت إليه في 24 إبريل سنة 1952 خطاباً تنبه عليه فيه بتسليمها التمباك الذي آل إليها بالعقد المذكور فرد الطاعن في 8 مايو سنة 1952 يبلغها أنه لا يمكنه تنفيذ هذا العقد لأنه يرغب في شحن البضاعة إلى عمان ويتعين عليه فتح اعتماد بقيمتها فيها لصالح الجمهورية العربية المتحدة ولكن تبين له أن السلطات الأردنية لا تسمح بفتح اعتماد عن تمباك مصدره إيران وأن المطعون عليها الأولى أغفلت التنبيه عليه بذلك عند التعاقد وأضافت المطعون عليها المذكورة أنها لذلك استصدرت من قاضي الأمور الوقتية أمراً بتوقيع الحجز على التمباك الذي آل إليها بعقد المقايضة وإذ كان ثمن الكيلو من التمباك المقدم منها يزيد عن ثمن الكيلو من التمباك المقدم من الطاعن بمبلغ 27.5 قرشاً فقد طلبت القضاء بطلباتها السابقة. وقد حكم في الدعوى المذكورة بجلسة 23 يناير سنة 1954 للمطعون عليها الأولى بكامل طلباتها وعرضت المحكمة في حكمها هذا لدفاع الطاعن المؤسس على استحالة تنفيذ عقد المقايضة لعدم إمكانية إخراج البضاعة من مصر إلا بفتح اعتماد وردت عليه بأن عقد المقايضة المحرر بين الطرفين في 8 إبريل سنة 1952 قد خلا من أي نص يفيد أن نية الطاعن كانت متجهة إلى شحن التمباك إلى عمان وأنه لو صح هذا القول لأشير إليه في العقد الذي حوى جميع التفصيلات. وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بانقضاء مواعيد الطعن فيه، وبعد ذلك أقام الطاعن ضد المطعون عليها الأولى وآخرين - حلبوني وكحالة وشركاهم ووزارة المالية - دعواه الحالية رقم 1139 سنة 1955 تجاري كلي القاهرة طالباً القضاء بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تدفع له مبلغ 20000 جنيه والفوائد بواقع 5% سنوياً من المطالبة الرسمية للسداد قائلاً في بيان دعواه إنه بموجب عقد المقايضة سالف الذكر والمؤرخ 8 إبريل سنة 1952 بدل المطعون عليها الأولى كمية من التمباك بكمية مماثلة منه والتزم بمعدل قدره 27.5 قرشاً عن كل كيلو ولما أراد وكلاؤه - حلبوني وكحالة وشركاهم - تنفيذ العقد ودفع المعدل تبين لهم أن تصدير التمباك المقايض عليه إلى عمان يستلزم فتح اعتماد بالقيمة لصالح مصر في عمان، ولما كانت السلطات الأردنية لا تسمح بفتح اعتماد عن تمباك مصدره إيران وكانت المطعون عليها الأولى قد أفهمته أن شحن التمباك المتبادل عليه إلى أية جهة ممكن دون حاجة لفتح اعتماد فإن عقد المقايضة سالف الذكر يكون مستحيل التنفيذ وإذ كان ذلك، وكانت المطعون عليها الأولى قد حصلت على حكم نهائي في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة يقضي بتسليمها التمباك المقدم منه وإلزامه بالمعدل وذلك نفاذاً لعقد المقايضة المتقدم الذكر فإنه يطالبها بثمن التمباك الذي وكان مملوكاً له وبالتعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية ويقدر ذلك جمعية بالمبلغ المطالب به. دفعت المطعون عليها الأولى بعدم جواز نظر هذه الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة وطلب الطاعن رفض هذا الدفع تأسيساً على اختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً وخصوماً، وبجلسة 12 يونيو سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 384 سنة 75 ق وبجلسة 23 يونيو سنة 1959 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ورأت النيابة في مذكرتها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 8 يناير سنة 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة وذلك على الرغم من اختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً وخصوماً فموضوع الدعوى الأولى صحة ونفاذ عقد المقايضة المؤرخ 8 إبريل سنة 1952 وقوامها الخطاب المرسل منه إلى المطعون عليها الأولى في 8 مايو سنة 1952 وسندها القانوني أحكام القانون المدني والخصوم فيها الطاعن والمطعون عليها الأولى، بينما موضوع الدعوى الثانية بطلان عقد المقايضة سالف الذكر وطلب التعويض وقوامها الخطاب الوارد من المطعون عليها الأولى بتاريخ 23 مايو سنة 1952 والخطاب الوارد إليه من وكيلها بتاريخ 27 يونيو سنة 1952 وسندها القانوني المادتان 1 و4 من قانون النقد رقم 80 سنة 1947 المتعلقة أحكامها بالنظام العام والخصوم فيها الطاعن والمطعون عليها الأولى ووزارة المالية.
وحيث إنه يبين من الوقائع المتقدم ذكرها أن الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 1618 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة قد حسم النزاع بين الطاعن والمطعون عليها الأولى في خصوص صحة عقد المقايضة المؤرخ 8 إبريل سنة 1952 وما دام هذا الحكم قد أصبح نهائياً - فيجوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة ويمنع الخصوم أنفسهم عن التنازع فيها بالدعوى الثانية، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ذلك أنهما متصلتان اتصالاً علياً إذ علة الحكم بصحة العقد في الدعوى الأولى عدم بطلانه والقضاء بصحة العقد يتضمن حتماً أنه غير باطل. ولا عبرة بما يقوله الطاعن من أن قوام الدعوى الأولى خطابه المؤرخ 8 مايو سنة 1952 وسندها القانوني أحكام القانون المدني وأن قوام الدعوى الثانية خطاب في 23 مايو سنة 1952، 27 يونيو سنة 1952 وسندها القانوني أحكام قانون النقد رقم 80 سنة 1947 ذلك أن هذا أو ذاك لا يعدو أن يكون من الأدلة الواقعية والحجج القانونية وهو وارد على ذات المسألة السابق الفصل فيها فلا يجوز قانوناً النظر فيه إذ أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. أما ما يثيره الطاعن من أن تنفيذ عقد المقايضة المحكوم بصحته في الدعوى الأولى فيه مخالفة لقوانين النقد في مصر التي تعتبر من النظام العام فإنه بفرض صحة هذا الادعاء فإن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم القاضي بصحة هذا العقد تعلو على اعتبارات النظام العام، ولا ينفي وحده الخصوم في الدعويين أن يكون الطاعن قد اختصم في الدعوى الثانية وزارة المالية التي لم تكن خصماً في الدعوى الأولى ذلك أن الطاعن وقد كان خصماً حقيقياً في الدعوى الأولى فإن الحكم الصادر فيها يكون حجة عليه، هذا علاوة على أن وزارة المالية - كما قرره الحكم المطعون فيه بحق - قد أدخلت في الدعوى الثانية باعتبارها ممثلة لمراقبة النقد ومصلحة الجمارك ولم توجه إليها طلبات ما ولم يقض عليها بشيء وأنها لذلك لم تكن خصماً حقيقياً.
وحيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم حجية الحكم السابق وقضى بعدم قبول الدعوى الثانية لسبق الفصل فيها فإنه لا يكون مخالفاً للقانون مما يتعين معه رفض الطعن.


(1) راجع نقض 6/ 6/ 1963 الطعن 215 س 28 ق السنة 14 ص 876، 12/ 4/ 1962 الطعن 319 س 26 ق السنة 13 ص 441.
(2) راجع نقض 15/ 11/ 1951 طعن 24 س 19 ق مجموعة 25 سنة ص 78.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق