جلسة 22 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.
---------------
(28)
الطعن رقم 402 لسنة 35 القضائية
(أ) إفلاس. "تصرفات المفلس في فترة الريبة". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". بطلان. "بطلان التصرفات". تأمينات عينية. "رهن".
طلب وكيل الدائنين بطلان عقد رهن تأميني، استناداً للمادة 227 تجاري. دفاع الدائن المرتهن بنفي سوء نية من تصرفه. تمسك المدعي ببطلان التصرف دون اعتبار لهذا الدفاع ودون الإشارة للمادة 228 تجاري. اعتبار الحكم بأن طعن وكيل الدائنين لا ينصب على الدين. لا قصور أو مخالفة للأوراق.
(ب) إفلاس. "تصرفات المفلس في فترة الريبة". نقض. "المصلحة في الطعن". دعوى. "سبب الدعوى". بطلان. "بطلان التصرفات". تأمينات عينية. "رهن". حكم. "حجية الحكم". "التزيد في الأسباب".
طلب الحكم وجوباً ببطلان عقد الرهن استناداً للمادة 227 من القانون التجاري وحدها. تعرض الحكم لسبب بطلان آخر لم يطلب منه الحكم فيه. تزيد لا يحوز حجية. لا مصلحة في الطعن عليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المحاسب مصطفى شوقي بصفته وكيلاً للدائنين في تفليسة الحاج محمد فؤاد درويش، أقام الدعوى 290 سنة 63 إفلاس القاهرة ضد المفلس والسيدتين جورجيت وفيكتورين رياض ديمترى القصاب والأمين العام للشهر العقاري طلب فيها "الحكم ببطلان عقد الرهن التأميني المحرر بقلم العقود الرسمية بمكتب الشهر العقاري والتوثيق بالجيزة والمؤرخ 7/ 4/ 1960 برقم 486 سنة 1960 والمقيد برقم 3649 القاهرة بتاريخ 11/ 5/ 1960 والصادر من المدعى عليه الأول إلى المدعى عليهما الثانية والثالثة والمتضمن رهنه لهما كامل أرضي ومباني العقار 31 شارع الأخشيد بالروضة قسم مصر القديمة، والمبين الحدود والمعالم بهذه العريضة مقابل دين قدره 6000 ج ستة آلاف جنيه، وإلغاء التسجيلات والقيودات المقررة على العقار المذكور، اعتبار العقد كأن لم يكن" وقال شرحاً لدعواه إن المدين الراهن أشهر إفلاسه بتاريخ أول إبريل سنة 1961 في الأحكام 300 و303 سنة 1953 و11 سنة 1960، وتحدد يوم أول يناير سنة 1959 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن دفع ديونه، كما أقيم المدعي وكيلاً للدائنين ثم تأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 205 سنة 78 ق وأصبح المدعي وكيلاً دائماً للدائنين وإذ جاء تاريخ عقد الرهن التأميني بعد التاريخ المحدد لتوقف المدين عن دفع ديونه، فإنه يقع باطلاً استناداً للمادة 227 من قانون التجارة. وبتاريخ 30 مايو سنة 1962 حكمت المحكمة ببطلان عقد الرهن وإلغاء التسجيلات والعقود المقررة على العقار نفاذاً للعقد المذكور واعتباره كأن لم يكن، واستأنفت المدعى عليهما الثانية والثالثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبتين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافهما برقم 414 سنة 81 القاهرة، وبتاريخ 20 إبريل سنة 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المادة 227 من قانون التجارة نصت على بطلان العقود والتصرفات التي عينتها تلك المادة إذا قام بها المدين بعد التاريخ الذي عينته المحكمة لتوقفه عن دفع ديونه أو في ظرف العشرة أيام السابقة عليه، كما نصت على أنه يكون أيضاً لاغياً ولا يعتد به كل رهن عقار من عقارات المدين أو منقول من منقولاته، وكل ما يتحصل عليه الدائن من الاختصاص بأموال مدينه لوفاء دينه، إذا حصل ذلك في المواعيد المذكورة آنفاً لوفاء ديون استدانها المدين قبل تلك المواعيد وأن المشرع قد نقل هذا النص عن الفقرة الأخيرة من المادة 446 من قانون التجارة الفرنسي والتي تنص على بطلان كل رهن عقاري أو قضائي وكل رهن حيازي واقع على عقار أو منقول نشأ على أموال المدين لضمان ديون سابقة، وهذه المادة لا تشترط إلا أسبقية الدين على الرهن بينما أوجبت المادة 227 من قانون التجارة المصري رجوع هذه الأسبقية إلى ما قبل المواعيد المذكورة بالمادة، والخاصة بتاريخ التوقف عن الدفع وعشرة أيام سابقة عليه، ولما كان الفقه المصري قد أجمع على وجوب تفسير النص المصري على ضوء النص الفرنسي، لأنه منقول عنه، فإنه لا يشترط للحكم ببطلان الرهن أو الاختصاص إلا أن ينشأ أيهما خلال فترة الريبة لضمان دين سابق سواء كان قد ترتب في ذمة المفلس قبل فترة الريبة أو خلالها، والحكم المطعون فيه وإن اعتنق هذا الرأي إلا أنه ذهب إلى أن دين المفلس والرهن الذي حمل به عقاره نشأ في وقت واحد بما يخرج هذا التصرف عن تطبيقه أحكام المادة 227 سالفة الذكر. وإذ كان تاريخ عقد الرهن 7 إبريل سنة 1960 وتاريخ التوقف عن الدفع أول يناير سنة 1959 فإن عقد الرهن يدخل فترة الريبة. ولما كان البند الأول من هذا العقد ينص على أن المدين قد استدان بموجب ذلك العقد ستة آلاف جنيه بفائدة 4% وذيل ذلك بعبارة "من تاريخ اليوم لغاية السداد" دون أن يشير إلى أن قيمة الدين، قد دفعت أمام الموثق كما جرت به العادة في مثل هذا العقد، فإن ذلك يدل دلالة قاطعة على أن الدين قد نشأ قبل الرهن فضلاً على أنه يبين أن طلب المشروع المقدم للشهر العقاري عن عقد الرهن أنه مؤرخ 24 مارس سنة 1960، وبناء على الطلب القديم برقم 1431 في 6 مارس سنة 1960، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بإلغاء الحكم المستأنف جاء على غير مقتضى القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باستيعاد أحكام البطلان المقررة في المادة 227 من قانون التجارة على أنه "إذا نشأ الرهن معاصراً للدين، فلا يكون عندئذ هدفاً للبطلان الوجوبي، إذ يدل نشوء الرهن والدين في وقت واحد على أن الدائن لم يخرج الدين إلا بشرط الحصول على الرهن، فلا محل إذن للطعن في الرهن وحده وإنما يجوز الطعن في الدين حتى إذا ما قضى ببطلانه سقط الرهن بالتبعية وأن الثابت من عقد الرهن المحكوم ببطلانه أن الرهن نشأ معاصراً للدين وتحرر عن الاثنين عقد واحد، فقد نص في البند الأول من عقد الرهن على أنه (بموجب هذا العقد استدان الحاج محمد فؤاد درويش الطرف الأول من السيدتين جورجيت وفكتورين الطرف الثاني مناصفة بينهما ستة آلاف جنيه) ونص في البند الثالث على أنه (ضماناً لسداد المبلغ وفوائده وملحقاته رهن الطرف الأول الحاج محمد فؤاد درويش للطرف الثاني) وتأكد ذلك بما نص عليه في قائمة قيد الرهن من أنه (بموجب عقد رهن تأمين رسمي محرر بقلم العقود الرسمية بمكتب الشهر العقاري والتوثيق بالجيزة بتاريخ 7/ 4/ 1961 رقم 486 لسنة 1960 اقترض الحاج محمد فؤاد درويش من السيدتين جورجيت الشهيرة بإيفون وفيكتورين كريمتي السيد رياض ديمترى القصاب ستة آلاف جنيه مصري لكل منهما النصف) وأنه (ضماناً لسداد الدين وفوائده وملحقاته رهن الحاج محمد فؤاد درويش إلى السيدتين جورجيت الشهيرة بإيفون وفيكتورين كريمتي رياض ديمترى القصاب) وأنه "وقد ثبت نشوء الرهن والدين في وقت واحد، فلا محل لتطبيق المادة 227 من قانون التجارة ولا محل للطعن في الرهن ويكون الحكم إذ قضى ببطلان الرهن استناداً إلى هذه المادة في غير محله" وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً ويؤدي إلى ما انتهى إليه من تقرير معاصرة المديونية لنشوء الرهن فإن هذا التقرير منه لا معقب عليه فيه، ولا يغني الطاعن ما ذكره عن تاريخ طلب مشروع شهر عقد الرهن والطلب المقدم بشأنه, إذ ليس لهما من دلالة مخالفة لتلك التي استخلصها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني، أن الحكم المطعون فيه شابه القصور وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه لما كان يحق له أن يعترض على الدين ذاته ويطلب إبطاله لما اتصل به من إجراءات باطلة ومشوبة بالتواطؤ وبنية الإضرار بجماعة الدائنين واستناداً إلى أن المطعون عليهما الثانية والثالثة أقامتا الدعوى 6032 سنة 64 كلي القاهرة - التي أدخل الطاعن خصماً فيها - ضد السيد/ درويش محمد فؤاد درويش، بطلب إلزامه بسداد ذات الدين موضوع الرهن بوصفه ضامناً للمدين بما يدل على أنهما لم يكتفيا بالرهن التأميني على العقار لخشيتهما إبطاله ولعلمهما بارتباك حالة المدين فإنه يكون من غير المستساغ استخلاص الحكم من العبارة الواردة بمذكرة الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية - والتي تقول إنه "ثبت للسيد وكيل الدائنين أن المدين المفلس قد اقترض من السيدتين جورجيت ديمترى القصاب الشهيرة بإيفون وشقيقتها فيكتورين رياض مبلغ ستة آلاف جنيه، وضماناً لهذا القرض رهن رهناً رسمياً" - أن الطاعن لا يطعن على الدين ولا يعترض عليه، بينما كل ما يمكن أن تفيده هذه العبارة هي تقرير واقعة اكتشاف الطاعن لاقتراض المدين المفلس لمبلغ معين من المطعون عليهما الثانية والثالثة في الوقت الذي ظاهرت فيه أوراق الدعوى الطاعن فيما يقول ببطلان الرهن.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت صحيفة افتتاح الدعوى قد اقتصرت على طلب بطلان عقد الرهن التأميني الذي أنشأه المدين الراهن لوقوعه بعد التاريخ الذي تحدد لتوقفه عن دفع ديونه، واستند الطاعن في ذلك إلى أن نص المادة 227 من قانون التجارة التي تحدثت عن البطلان الوجوبي لتصرفات المدين التي تقع بعد التاريخ الذي حددته المحكمة لتوقفه عن دفع ديونه أو عشرة أيام سابقة عليها وكذلك بطلان كل رهن أو اختصاص وقع في هذه الفترة عن دين سابق على تلك المواعيد ولم تخرج مذكرة الطاعن عن هذا المعنى، وكانت الدائنتان المرتهنتان نفتا سوء النية عن تصرفهما وأصرتا بصحيفة الاستئناف على صحة الدين وصحة الرهن واقتصر الطاعن في مذكرته أمام المحكمة الاستئنافية على ترديد ما ساقه أمام محكمة أول درجة وذهبت إلى القول ببطلان التصرف دون اعتبار لتمسك الدائنين بحسن نيتهما ودون أن يشير إلى المادة 228 من قانون التجارة التي تجيز الحكم ببطلان تصرفات المدين الأخرى التي تقع بعد تاريخ توقفه عن دفع ديونه إذا أثبت أن الطرف الآخر للتصرف كان عالماً باختلال أشغال المدين، فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن وكيل الدائنين لا يطعن على الدين ولا يعترض عليه يكون متفقاً مع الثابت بالأوراق ولا يشوبه قصور أو خطأ في الاستخلاص.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أنه لما كان الثابت أن الرهن عقد في 7 إبريل سنة 1960 وقيد في 11 مايو سنة 1960، وكانت المادة 231 من قانون التجارة تنص على أنه "يجوز الحكم ببطلان ما يحصل من التسجيلات بعد وقت وقوف المدين عن دفع ديونه أو في الأيام العشرة التي قبل هذا الوقف إذا مضت مدة أزيد من خمسة عشرة يوماً من تاريخ عقد الرهن العقاري أو الامتيازي وتاريخ التسجيل" وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض تطبيق هذه القاعدة على ما قرره من أنه "لا مبرر لتطبيق المادة 231 من قانون التجارة التي تجيز الحكم ببطلان القيد الحاصل في فترة الريبة إذا مضت مدة أزيد من خمسة عشر يوماً بين تاريخ تقرير الرهن وتاريخ إجراء القيد" فإن الحكم يكون في هذا الخصوص قد خلا من التسبيب القانوني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الطاعن قد أقام دعواه على ما يبين من الرد على السبب الثاني بطلب الحكم وجوباً ببطلان عقد الرهن لوقوعه في فترة الريبة على سند من المادة 227 وحدها من قانون التجارة، فإن ما قرره الحكم المطعون فيه في أسبابه بشأن عدم قيام المبرر لتطبيق المادة 231 من ذات القانون والتي تجيز الحكم ببطلان قيد الرهن إذا تم بعد مضي أكثر من خمسة عشر يوماً من تاريخ عقد الرهن يكون تزيداً فيما لم يطلب منه القضاء فيه ولا تحوز هذه الأسباب حجية الشيء المقضي، ومن ثم لا يكون للطاعن مصلحة في الطعن عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق