جلسة 8 من إبريل سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
---------------
(77)
الطعن رقم 401 لسنة 30 القضائية
(أ) حكم "الطعن في الأحكام". "القبول المانع من الطعن". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع".
القبول المانع من الطعن في الحكم. وجوب دلالته بوضوح على ترك الحق في الطعن عن اختيار لا إلزام فيه. تنفيذ الخصم حكم الإحالة إلى التحقيق لا يعتبر قبولاً لقضائه برفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى لعدم التوقيع عليها من محام. هذا الحكم واجب التنفيذ دون توقف على رضاء الخصوم. الحكم في هذا الشق القطعي لا يجوز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) قانون. "قوانين المرافعات". "سريان القانون من حيث الزمان". حكم. "الطعن في الأحكام". "الطعن الفرعي". نقض. "نظر الطعن بالنقض". "الدفوع التي يتمسك بها المطعون ضده".
إجازة م 12 ق 57 لسنة 1959 للمدعى عليه في الطعن بالنقض التمسك في مذكرته بالدفوع التي سبق إبداؤها أمام محكمة الموضوع وقضت برفضها. إلغاء القانون 106 لسنة 1962 هذه الرخصة - وهي من قبيل الطعن الفرعي - لا أثر له على الطعون التي رفعت في ظل المادة 12 سالفة الذكر. المادة 1/ 3 من قانون المرافعات.
(ج) حكم. "الطعن في الأحكام". "الخصوم في الطعن". استئناف. "إعلان الاستئناف". شفعة. "الخصوم في دعوى الشفعة".
رفع الاستئناف في دعوى الشفعة بتكليف بالحضور لأنها من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة. إعلان الاستئناف إلى البائعين بعد فوات الميعاد لا يترتب عليه سقوط الحق فيه لا بالنسبة للمستأنف عليهم جميعاً ولا لأيهم. المادة 384 مرافعات.
(د) دعوى. "صحيفة افتتاح الدعوى". "التوقيع عليها من محام". محاماة. بطلان.
النهي الوارد في المادة 25 من قانون المحاماة يعتبر في حكم المادة 25 مرافعات نصاً على بطلان صحيفة الدعوى التي لا يوقعها محام. بطلان حتمي دون حاجة لإثبات ترتب ضرر للخصم وهو لا يشترط إلا إذا لم ينص القانون صراحة أو دلالة على البطلان.
(هـ) دعوى. "صحيفة افتتاح الدعوى". "التوقيع عليها من محام". بطلان. "البطلان المتعلق بالنظام العام". محاماة.
غرض الشارع من إيجاب توقيع محام على صحف الدعاوى هو رعاية الصالح العام إلى جانب صالح المحامين ضماناً لمراعاة أحكام القانون. البطلان المترتب على عدم توقيع محام على صحف الدعاوى متعلق بالنظام العام. جواز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى.
(و) قانون. "قاعدة عدم الاعتذار بالجهل بالقانون". قوة قاهرة. حكم. "قصور". "ما يعد كذلك".
افتراض علم الكافة بالقانون. عدم الاعتذار بالجهل إلا إذا حالت قوة قاهرة دون وصول الجريدة الرسمية بتاتاً إلى منطقة من مناطق الجمهورية. عدم مضي مدة كافية بين تنفيذ القانون رقم 96 لسنة 1957 وبين إعلان صحيفة الدعوى ليعلم المدعي بما أوجبه القانون لا يعد قوة قاهرة تبرر الاعتذار بالجهل به. استناد الحكم في تبرير ذلك إلى مجرد القول بعدم وصول عدد الجريدة الرسمية المدرج به القانون إلى المشتركين. قصور.
1 - قبول الحكم المانع من الطعن فيه يجب أن يكون دالاً على ترك الحق في الطعن دلالة واضحة لا تحتمل الشك وأن يكون صادراً عن اختيار لا عن إلزام. وإذ كان قيام الطاعنة باستحضار شهودها تنفيذاً للحكم القاضي بالإحالة إلى التحقيق لا يعتبر منها قبولاً لما قضى به هذا الحكم بصفة قطعية من رفضه دفعها ببطلان صحيفة الدعوى الابتدائية لعدم التوقيع عليها من محام لأن ذلك التنفيذ إن هو إلا إذعان منها لما لا سبيل لها إلى دفعه لأن الحكم المذكور واجب التنفيذ دون توقف على رضاء الخصوم كما لم يكن في إمكان الطاعنة أن تطعن في الشق القطعي منه قبل صدور الحكم في الموضوع نزولاً على حكم المادة 378 من قانون المرافعات، فإن الدفع بعدم جواز الطعن في الحكم المذكور لقبوله من الطاعنة وتنفيذها إياه بغير تحفظ يكون في غير محله.
2 - وإن كان القانون رقم 106 لسنة 1962 الذي عمل به اعتباراً من 2 أغسطس سنة 1962 قد ألغى ما كانت تجيزه المادة الثانية عشرة من القانون رقم 57 لسنة 1959 للمدعى عليه في الطعن من التمسك في مذكرته بالدفوع التي سبق له إبداؤها أمام محكمة الموضوع وقضت برفضها إلا أن أثر هذا الإلغاء لا يسري على الطعون التي رفعت في ظل القانون المشار إليه فيبقى للمدعى عليهم فيها الحق في التمسك بتلك الدفوع ولو كان القانون رقم 106 لسنة 1962 قد أدركهم قبل أن يبدوها، ذلك أن الرخصة التي كانت تخولها المادة 12 سالفة الذكر تعتبر من قبيل الطعن الفرعي لأنها تحقق بعض غاياته ويغني استعمالها عنه في بعض الأحوال وقد يكون المطعون ضده قد استغنى عن رفع طعن أصلي - فيما قضى به الحكم من رفض دفوعه - اعتماداً على ثبوت حقه في التمسك أمام محكمة النقض دون حاجة لرفع هذا الطعن ومن ثم فإن إلغاء تلك الرخصة أو بمعنى آخر هذا النوع من الطعن الفرعي، لا يكون له أثر على الأحكام الصادرة قبل تاريخ العمل بها وذلك استناداً إلى ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات من أن القوانين الملغية لطريق من طرق الطعن لا تسري على ما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها واعتباراً بأن "عبارة طرق الطعن" الواردة في هذا النص تشمل طرق الطعن بأوسع معانيها لتحقق الحكمة التي توخاها المشرع من إيراد هذا الاستثناء وهي رعاية الحقوق المكتسبة.
3 - متى كان الاستئناف قد رفع بتكليف بالحضور على اعتبار أن الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف دعوى شفعة يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة وقد اختصم المستأنف في صحيفة الاستئناف الشفيع المحكوم له ابتدائياً والبائعين وقام بإعلان الاستئناف إلى البائعين بعد فوات هذا الميعاد فإن إعلان الاستئناف إلى البائعين بعد فوات هذا الميعاد لا يترتب عليه سقوط الحق في الاستئناف لا بالنسبة لجميع المستأنف عليهم ولا بالنسبة لأيهم، وذلك تطبيقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون المرافعات.
4 - نص المادة الخامسة والعشرين من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 صريح في النهي عن تقديم صحف الدعاوى ما لم يوقعها محام ومقتضى هذا النهي أن عدم توقيع محام على صحيفة الدعوى الابتدائية يترتب عليه حتماً عدم قبولها ولا يقدح في ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان بلفظة جزاء على هذه المخالفة إذ أنه - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - قد يكون النص على البطلان بلفظة أو بعبارة ناهية أو نافية تقتضيه، ومتى كان النهي الوارد في المادة 25 من قانون المحاماة يعتبر في حكم المادة 25 من قانون المرافعات نصاً على بطلان الصحيفة التي لا يوقعها محام فإن هذا البطلان يقع حتماً إذا ما أغفل هذا الإجراء ودون حاجة لإثبات ترتب ضرر للخصم على هذه المخالفة لأن ثبوت ضرر إنما يكون واجباً إذا لم ينص القانون صراحة أو دلالة على البطلان، أما في حالة النص على البطلان فإن المشرع يكون قد قدر أهمية الإجراء وافترض ترتب الضرر على إغفاله في الغالب.
5 - لما كان غرض الشارع من إيجاب توقيع محام على صحف الدعاوى - وهو ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لقانون المحاماة - رعاية الصالح العام إلى جانب صالح المحامين وذلك لضمان مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الصحف وقطعه المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بتحريرها مما يعود بالضرر على ذوي الشأن فإنه يجب اعتبار البطلان المترتب على عدم توقيع محام على صحف الدعاوى متعلقاً بالنظام العام يجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف.
6 - متى كان قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 قد نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 4/ 4/ 1957 وأنه قد بدأ العمل بأحكامه اعتباراً من 14/ 4/ 1957 فإنه يفترض علم الكافة بهذه الأحكام من هذا التاريخ ولا يقبل من أحد الاعتذار بجهله أو إثبات أن ظروفه الخاصة قد حالت دون علمه الفعلي بها وإنما يقبل فقط العذر بالجهل بالقانون إذا حالت قوة قاهرة دون وصول الجريدة الرسمية بتاتاً إلى منطقة من مناطق الجمهورية. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استند في قبول اعتذار المطعون ضده بجهله نص المادة 25 من قانون المحاماة إلى ما قررته الطاعنة في مذكرتها من أن المدة التي مضت ما بين تنفيذ القانون وبين إعلانها بصحيفة الدعوى لم تكن كافية ليعلم المطعون ضده رافع الدعوى بذلك النص المستحدث فإن هذا الاستناد خطأ في القانون لأن عدم كفاية هذه المدة لا يعتبر قوة قاهرة ولا يبرر قبول اعتذار المطعون ضده بالجهل بالنص المذكور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 369 سنة 1957 كلي المنصورة على الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث بصحيفة قدمها إلى قلم الكتاب في 20 من أبريل سنة 1957 وأعلنها للخصوم في 23 من الشهر المذكور وطلب فيها الحكم بأحقيته في أخذ 4 أفدنة و7 قراريط و15 سهماً المبيعة من المطعون ضدهما الثاني والثالث للطاعنة - بالشفعة مقابل الثمن الذي أودعه خزانة المحكمة وقدره 1100 ج والمصروفات واستند في طلب الشفعة إلى أن الأطيان المبيعة تجاور أطيانه من حدها القبلي وأن لأرضه حقوق ارتفاق عليها - وبتاريخ 27 ديسمبر سنة 1958 قضت له المحكمة الابتدائية بطلباته فرفعت الطاعنة (المشترية) استئنافاًًً عن هذا الحكم بتكليف بالحضور وطلبت إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الشفعة وقيد استئنافها برقم 20 سنة 11 ق المنصورة ودفع المطعون ضده الأول بسقوط حق المستأنفة (الطاعنة) في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على أن الاستئناف أعلن إلى البائعين بعد فوات هذا الميعاد - وبتاريخ 6 مايو سنة 1959 قضت محكمة الاستئناف برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وحددت جلسة لنظر الموضوع - ولدى نظره تمسكت المستأنفة بعدم قبول صحيفة الدعوى الابتدائية وببطلانها لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام المحاكم الابتدائية عملاً بالمادة 25 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 كما تمسكت بما كانت قد دفعت به أمام محكمة الدرجة الأولى من سقوط حق المطعون ضده الأول في الشفعة لأنه رغم علمه بأن حقيقة الثمن الذي حصل به البيع هو خمسمائة جنيه للفدان وليس مائتين وخمسين جنيهاً كما ورد بالعقد فإنه لم يطلب الشفعة مقابل الثمن الحقيقي ولم يودعه خزانة المحكمة، وبتاريخ 28 فبراير سنة 1960 حكمت محكمة استئناف المنصورة برفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة (الطاعنة المشترية) أن المستأنف عليه الأول (طالب الشفعة) كان يعلم قبل رفعه الدعوى بأن الثمن الوارد في العقد ليس هو الثمن الحقيقي وأنه كان يعلم قيمة هذا الثمن وأجازت المحكمة للمطعون ضده الأول طالب الشفعة نفى ذلك. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 27 يونيه سنة 1960 برفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم الصادر قبله في 28 فبراير سنة 1960 برفض الدفع ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى - وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للسبب الأول من أسباب الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 2 من أبريل سنة 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضده الأول دفع في مذكرته بعدم جواز الطعن في الحكم الأول الصادر في 28 من فبراير سنة 1960 لقبول الطاعنة له وتنفيذها إياه بغير أي تحفظ.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح ذلك أن قبول الحكم المانع من الطعن فيه يجب أن يكون دالاً على ترك الحق في الطعن دلالة واضحة لا تحتمل الشك وأن يكون صادراً عن اختيار لا عن إلزام ولما كان قيام الطاعنة باستحضار شهودها تنفيذاً لما قضى به حكم 28 فبراير سنة 1960 في شقه التمهيدي لا يعتبر منها قبولاً لما قضى به هذا الحكم بصفة قطعية من رفضه دفعها ببطلان صحيفة الدعوى الابتدائية لعدم التوقيع عليها من محام لأن ذلك التنفيذ إن هو إلا إذعان منها لما لا سبيل لها إلى دفعه لأن الحكم القاضي بالإحالة إلى التحقيق هو حكم واجب التنفيذ دون توقف على رضاء الخصوم كما أنه لم يكن في إمكان الطاعنة أن تطعن في الشق القطعي من الحكم قبل صدور الحكم في الموضوع نزولاً على حكم المادة 378 من قانون المرافعات ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن المطعون ضده الأول تمسك في مذكرته المقدمة لهذه المحكمة بالدفع بسقوط حق الطاعنة في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وهو الدفع الذي كان قد أبداه أمام محكمة الاستئناف وقضت برفضه في حكمها الصادر في 6 مايو سنة 1959 واستند في حقه في إثارة هذا الدفع من جديد أمام محكمة النقض إلى نص المادة 12 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الذي رفع هذا الطعن في ظله.
وحيث إنه وإن كان القانون رقم 106 لسنة 1962 الذي عمل به اعتباراً من 2 من أغسطس سنة 1962 - أي قبل أن يقدم المطعون ضده مذكرته - قد ألغى ما كانت تجيزه المادة الثانية عشرة من القانون رقم 57 لسنة 1959 للمدعى عليه في الطعن من التمسك في مذكرته بالدفوع التي سبق له إبداؤها أمام محكمة الموضوع وقضت برفضها إلا أن أثر هذا الإلغاء لا يسري على الطعون التي رفعت في ظل القانون المشار إليه فيبقى للمدعى عليهم فيها الحق في التمسك بتلك الدفوع ولو كان القانون رقم 106 لسنة 1962 قد أدركهم قبل أن يبدوها - ذلك أن الرخصة التي كانت تخولها المادة 12 من القانون رقم 57 لسنة 1959 للمدعى عليه في الطعن بأن يتمسك بهذه الدفوع تعتبر من قبيل الطعن الفرعي لأنها تحقق بعض غاياته ويغني استعمالها عنه في بعض الأحوال وقد يكون المطعون ضده قد استغنى عن رفع طعن أصلي عن قضاء الحكم برفض دفعه بسقوط حق الطاعنة في الاستئناف اعتماداً على ثبوت حقه في التمسك بهذا الدفع أمام محكمة النقض دون حاجة لرفع هذا الطعن - ومن ثم فإن إلغاء تلك الرخصة وبمعنى آخر هذا النوع الخاص من الطعن الفرعي لا يكون له أثر على الأحكام الصادرة قبل تاريخ العمل به وذلك استناداً إلى ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات من أن القوانين الملغية لطريق من طرق الطعن لا تسري على ما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها - واعتباراً بأن عبارة "طرق الطعن" الواردة في هذا النص تشمل طرق الطعن بأوسع معانيها لتحقق الحكمة التي توخاها المشرع من إيراد هذا الاستثناء وهي رعاية الحقوق المكتسبة.
وحيث إنه مع ثبوت حق المطعون ضده الأول في التمسك بالدفع بسقوط حق الطاعنة في الاستئناف وهو الدفع الذي سبق له إبداؤه أمام محكمة الاستئناف وقضت برفضه في حكمها الصادر في 6 مايو سنة 1959 إلا أن هذا الدفع لا يقوم على أساس من القانون ذلك أن مبناه - على ما سجله ذلك الحكم - هو أن الاستئناف وإن كان قد أعلن لصاحب الدفع (الشفيع) في الميعاد القانوني إلا أنه أعلن للبائعين (المطعون ضدهما الثاني والثالث) بعد فوات هذا الميعاد وأنه إذ كانت دعوى الشفعة من الدعاوى التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها فإنه إذا لم يتم إعلانهم جميعاً بالاستئناف في الميعاد سقط الحق فيه - ولما كانت محكمة الاستئناف قد ردت على هذا الدفع في حكمها الصادر في 6 مايو سنة 1959 بقولها "إن نص المادة 384 من قانون المرافعات صريح في أنه إذا رفع الطعن عن حكم صادر في دعوى يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها - كما هو الحال في دعوى الشفعة - على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة إليهم - وهذا الاستثناء قد أملته الرغبة في الاحتياط من تضارب الأحكام - وإذ كان الثابت أن المستأنف عليه الأول - الشفيع - (المطعون ضده الأول) قد أعلن في الميعاد كما أن غيره من الخصوم قد اختصم في الاستئناف وإن كان أعلن به بعد هذا الميعاد فإنه أخذاً بحكم المادة 384 مرافعات يكون الدفع بسقوط حق المستأنفة (الطاعنة) في الطعن بالاستئناف في غير محله ويتعين لذلك نقضه" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه برفض الدفع بسقوط حق الطاعنة في الاستئناف تطبيق صحيح لنص الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون المرافعات ذلك أنه ما دام الاستئناف قد رفع بتكليف بالحضور - على اعتبار أن الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف دعوى شفعة يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة - وقد اختصم المستأنف في صحيفة الاستئناف الشفيع المحكوم له ابتدائياً والبائعين وقام بإعلان الاستئناف إلى الشفيع في الميعاد فإن إعلان الاستئناف إلى البائعين بعد فوات هذا الميعاد لا يترتب عليه سقوط الحق في الاستئناف لا بالنسبة لجميع المستأنف عليهم ولا بالنسبة لأيهم.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول دعوى الشفعة المرفوعة من المطعون ضده الأول لبطلان صحيفتها بسبب عدم التوقيع عليها من محام وفقاً لما يقتضيه نص المادة 25 من قانون المحاماة رقم 56 لسنة 1957 ولما ادعى المطعون ضده المذكور أن التوقيع الموجود في أعلا الصحيفة تحت عبارة "إعلان الأخذ بالرغبة مؤشر عليه من مكتب الشهر العقاري بالسنبلاوين" هو للأستاذ عزت نصر المحامي ردت الطاعنة على ذلك بأن هذا الادعاء غير صحيح وطلبت في مذكرتها من المحكمة تمكينها من الطعن في هذا التوقيع بالتزوير - وقد رفضت محكمة الاستئناف دفاعها في هذا الشأن بحكمها الصادر في 28 فبراير سنة 1960 وردت عليه بأن المطعون ضده الأول رافع الدعوى قدم ما يفيد أن عدد الوقائع المصرية الذي نشر فيه قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 لم يصل إلى المشتركين في هذه الجريدة قبل تقديم صحيفة دعواه وأن الطاعنة قد سلمت في مذكرتها بأن المدة التي مضت بين صدور وتنفيذ هذا القانون وبين إعلانها بالصحيفة لم تكن كافية لأن يعلم رافع الدعوى بالنص المستحدث الذي يستوجب توقيع المحامي على الصحيفة ورتبت المحكمة على ذلك أن العلم المفترض بالقانون قد استحال على المطعون ضده الأول باعتراف الطاعنة نفسها وخلصت من ذلك إلى أن الدفع لا يقوم على أساس وأنه لا حاجة بها بعد ذلك إلى تمكين الطاعنة من الطعن بالتزوير في التوقع المنسوب للمحامي على الصحيفة لأن هذا الطعن غير منتج - وترى الطاعنة أن النص في المادة 25 من قانون المحاماة على عدم جواز تقديم صحف الدعاوى للمحاكم الابتدائية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها يتضمن بطلان الصحيفة التي لا يستوفى فيها هذا الإجراء، وأن علم الكافة بالقانون مفترض بمجرد نشره وأنه علاوة على أن الحكم المطعون فيه لم يبين ماهية ما قدمه المطعون ضده للمحكمة مفيداً أن عدد الوقائع الرسمية التي نشر فيها قانون المحاماة لم يصل إلى المشتركين في هذه الجريدة قبل تقديمه صحيفة دعواه لقلم الكتاب - مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور في هذه الناحية - فإن تأخير وصول أعداد الجريدة إلى المشتركين لا يعتبر استحالة مادية تحول دون افتراض علمهم بالقانون متى كان قد نشر فعلاً في تلك الجريدة لأن العبرة بهذا النشر وليس بثبوت علم الأفراد فعلاً بالقانون واطلاعهم عليه ومن ثم يكون حكم 28/ 2/ 1960 المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ اعتبر تأخر وصول أعداد الجريدة إلى المشتركين فيها من الأسباب التي تحول دون افتراض علم المطعون ضده الأول بالقانون كذلك فإن تفسير الحكم لأقوال الطاعنة الواردة في مذكرتها بأنها تعتبر تسليماً منها باستحالة علم المطعون ضده بنص المادة 25 المستحدث - هذا التفسير ينطوي على مسخ لتلك الأقوال وخطأ في الإسناد إذ ليس فيما ورد في هذه المذكرة ما يمكن أن يؤدي إلى الفهم الذي فهمته المحكمة.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه الصادر في 28/ 2/ 1960 أورد في تدويناته ما يأتي "وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) قدم بتاريخ 20/ 4/ 1957 صحيفة دعواه الابتدائية التي طلب فيها أخذ عقار بالشفعة وسارت الدعوى إلى أن قضي فيها لصالحه ابتدائياً فاستأنفت المستأنفة (الطاعنة) هذا الحكم ودفعت أمام هذه المحكمة بعدم قبول صحيفة الدعوى لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام المحاكم الابتدائية عملاً بالقانون رقم 96 لسنة 1957 الذي نص في المادة 25 منه على أنه لا يجوز تقديم صحف الدعاوى للمحاكم الابتدائية والإدارية أو طلبات الأداء إلى المحاكم الابتدائية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها - وحيث إنه يبين من مراجعة القانون أنه صدر بتاريخ 30/ 3/ 1957 وأدرج في الوقائع المصرية في 4/ 4/ 1957 بالعدد 28 مكرر "ب" ونصت المادة 3 من قرار إصداره على أن ينشر في الجريدة الرسمية ويكون له قوة القانون. وحيث إن القانون المذكور لم يحدد مدة معينة لسريانه ومن ثم يجب الرجوع إلى القاعدة العامة في الدستور. وحيث إن المادة 187 من الدستور قد نصت على أن تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد عشرة أيام من تاريخ نشرها ويجوز مد هذا الميعاد أو تقصيره بنص خاص في القانون. وحيث إنه من مقتضى هذا النص أن القانون المذكور يعمل به بعد عشرة أيام من تاريخ نشره الحاصل في 4/ 4/ 1957 أي بعد 14/ 4/ 1957 وذلك تأسيساً على افتراض علم الكافة به ابتداء من هذا التاريخ - وحيث إن علم الكافة مرهون بعدم قيام أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض (نقض 4 يونيه سنة 1958). وحيث إن المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) قدم ما يفيد أن عدد الوقائع المصرية المدرج به هذا القانون لم يصل إلى المشتركين في الوقائع المصرية قبل تقديم صحيفة الدعوى حتى أن المستأنفة (الطاعنة) نفسها جاءت في مذكرتها وقالت إنه حتى يوم إعلان صحيفة الدعوى لم تكن قد مضت عشرون يوماً من صدور القانون وتنفيذه إلى وقت إعلانها وهي فترة لم تكن كافية للمدعي ليعلم بالنص المستحدث الذي يستوجب توقيع المحامي على الصحيفة - وبهذا يكون العلم المفترض قد استحال وذلك باعتراف المستأنفة نفسها... ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول صحيفة الدعوى الابتدائية وبطلانها على غير أساس متعين الرفض ولا حاجة بعدئذ إلى تمكين المستأنفة من الطعن بالتزوير في التوقيع المنسوب للمحامي على الصحيفة لأن الطعن غير منتج" - ولما كان قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 قد نص في المادة الخامسة والعشرين منه على أنه "لا يجوز أن يحضر عن الخصوم أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا أو يقدم إليها طلبات إلا المحامون المقررون للمرافعة أمامها. ولا يجوز تقديم صحف الاستئناف أمام أية محكمة إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها - كما لا يجوز تقديم صحف الدعاوى للمحاكم الابتدائية والإدارية أو طلبات الأداء إلى المحاكم الابتدائية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها" - وكان هذا النص صريحاً في النهي عن تقديم صحف الدعاوى ما لم يوقعها محام ومقتضى هذا النهي أن عدم توقيع محام على صحيفة الدعوى الابتدائية يترتب عليه ولابد عدم قبولها ولا يقدح في ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان بلفظة جزاء على المخالفة إذ أنه - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - قد يكون النص على البطلان بلفظة أو بعبارة ناهية أو نافية تقتضيه ومتى كان النهي الوارد في المادة 25 من قانون المحاماة يعتبر في حكم المادة 25 من قانون المرافعات نصاً على بطلان الصحيفة التي لا يوقعها محام فإن هذا البطلان يقع حتماً إذا ما أغفل هذا الإجراء ودون حاجة لإثبات ترتب ضرر للخصم على هذه المخالفة لأن ثبوت ضرر إنما يكون واجباً إذا لم ينص القانون صراحة أو دلالة على البطلان أما في حالة النص على البطلان فإن المشرع يكون قد قدر أهمية الإجراء وافترض ترتب الضرر على إغفاله في الغالب - ولما كان غرض الشارع من إيجاب توقيع محام على صحف الدعاوى - هو على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لقانون المحاماة - رعاية الصالح العام إلى جانب صالح المحامين وذلك لضمان مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الصحف وقطع المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بتحريرها مما يعود بالضرر على ذوي الشأن فإنه يجب اعتبار البطلان في هذه الحالة متعلقاً بالنظام العام ومن ثم يجوز الدفع به في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو في الاستئناف - لما كان ما تقدم، وكان قانون المحاماة المتضمن هذا النص قد نشر - على ما قرره الحكم المطعون فيه - في الجريدة الرسمية في عددها الصادر في 4/ 4/ 1957 وأنه قد بدأ العمل بأحكامه اعتباراً من 14/ 4/ 1957 فإنه يفترض علم الكافة بهذه الأحكام من هذا التاريخ ولا يقبل من أحد الاعتذار بجهله لها أو إثبات أن ظروفه الخاصة قد حالت دون علمه الفعلي بها وإنما يقبل فقط العذر بالجهل بالقانون إذا حالت قوة قاهرة دون وصول الجريدة الرسمية بتاتاً إلى منطقة من مناطق الجمهورية - لما كان ذلك, فإن استناد الحكم في قبوله اعتذار المطعون ضده الأول بجهله نص المادة 25 من قانون المحاماة إلى ما قررته الطاعنة في مذكرتها من أن المدة التي مضت ما بين تنفيذ القانون وبين إعلانها بصحيفة الدعوى لم تكن كافية ليعلم المطعون ضده رافع الدعوى بذلك النص المستحدث, هذا الاستناد خطأ في القانون لأن عدم كفاية هذه المدة - وبفرض أن الطاعنة قد سلمت بعدم كفايتها - لا يعتبر قوة قاهرة ولا يبرر قبول اعتذار المطعون ضده بالجهل بالنص المتقدم الذكر كذلك فإن ما قرره الحكم من أن المطعون ضده قدم ما يفيد أن عدد الجريدة الرسمية المدرج به القانون المتضمن هذا النص لم يصل إلى المشتركين في هذه الجريدة قبل تقديم صحيفة الدعوى، هذا القول من الحكم يشوبه القصور لأنه لم يبين ماهية ما قدمه المطعون ضده مفيداً هذا المعنى أو يوضح كيف أفاده وما هو السبب الذي منع وصول الجريدة الرسمية إلى المشتركين، وكل هذا من شأنه أن يجهل على محكمة النقض السبيل إلى إعمال رقابتها ويتعين لذلك نقض الحكم الصادر في 28/ 2/ 1960 والقاضي برفض الدفع ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن ونقض هذا الحكم يستتبع نقض الحكم المؤسس عليه والصادر في الموضوع بتاريخ 27 من يونيه سنة 1960 وذلك عملاً بالمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 وإذ كان خطأ محكمة الاستئناف قد حجبها عن تحقيق التوقيع المنسوب إلى الأستاذ عزت نصر المحامي والموجود بأعلى صحيفة الدعوى الابتدائية وأدى بها إلى رفض تمكين الطاعنة من الطعن في هذا التوقيع بالتزوير بمقولة أن هذا الطعن غير منتج فإنه يتعين لذلك إعادة القضية إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق