الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 مارس 2023

الطعن 382 لسنة 29 ق جلسة 16 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 90 ص 556

جلسة 16 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

---------------

(90)
الطعن رقم 382 لسنة 29 القضائية

( أ ) حكر. "أجرة الحكر". "تعديلها". محكمة الموضوع.
اشتراط المادة 1004 مدني لقبول طلب تعديل أجرة الحكر مضي ثماني سنوات على آخر تقدير. حكم مستحدث. أما في ظل القانون المدني الملغي كان المحتكر تلزمه الزيادة كلما زادت أجرة المثل زيادة فاحشة. وكان تقدير ما إذا كان التغيير الذي طرأ على أجرة المثل بلغ الحد الذي يبرر طلب الزيادة أو لم يبلغه من مسائل الواقع.
(ب) نقض. "إجراءات الطعن". "ضم الأوراق".
سلطة رئيس محكمة النقض في ضم الأوراق مقصورة على ضم ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه. عدم جواز التحدي أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولو صدر أمر بضمه.
(جـ) حكر. "تصقيع الحكر". "تقدير الأجرة".
المعول عليه في تقدير أجرة الحكر عند طلب تصقيعه، اعتبار الأرض المحكرة حرة خالية من البناء. لا يلاحظ في ذلك سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها. صرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر. لا تأثير لحق البقاء والقرار الذي للمحتكر في التقدير. نبذ نظرية النسبة.
(د) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية". حكر.
على المحتكر إثبات الحالة القديمة للأرض المحكرة إن ادعى أنها لم تكن وقت تحكيرها أرضاً فضاء. عدم ادعائه بذلك أمام محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالفه من واقع.

----------------
1 - ما تشترطه المادة 1004 من القانون المدني القائم لقبول طلب تعديل أجرة الحكر من مضي ثماني سنوات على آخر تقدير هو حكم مستحدث وليس في أحكام الشريعة الإسلامية ولا في القواعد التي قررها الفقه والقضاء قبل صدور هذا القانون ما كان يقيد طلب تصقيع الحكر بوجوب مضي مدة معينة على أخر تقدير بل إن ما تقضى به أحكام الشريعة هو أن المحتكر تلزمه الزيادة كلما زادت أجرة المثل زيادة فاحشة. ولقد كان من المقرر في ظل القانون المدني الملغي أن تقدير ما إذا كان التغيير الذي طرأ على أجرة المثل بلغ الحد الذي يبرر طلب الزيادة أو لم يبلغه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع.
2 - سلطة رئيس محكمة النقض في ضم الأوراق مقصورة على ما تقرره المادة 7 من القانون 57 لسنة 1959 - على ضم ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه. ومن ثم فإن ما لم يثبت أنه كان ضمن أوراق هذا الملف لا يجوز الأمر بضمه، وبالتالي فإنه لا يمكن الاستناد إليه أمام محكمة النقض حتى ولو كان قد صدر أمر بضمه وذلك لما هو مقرر من أنه لا يقبل التحدي أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
3 - القاعدة الصحيحة الواجبة الاتباع في تقدير أجرة الحكر عند طلب تصقيعه هي - على ما قررته محكمة النقض - أخذاً من المبادئ الشرعية - في حكمها الصادر في 14 من يونيو سنة 1934 وجرى عليه قضاؤها - أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء وأن لا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين للاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر، وأن لا يكون لحق البقاء والقرار الذي للمحتكر تأثير في التقدير. وقد صرحت محكمة النقض في حكمها سالف الذكر بأنها ترفض الأخذ بنظرية "النسبة" التي تقضى بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت وقالت عنها إنه لا أصل لها في الشريعة الإسلامية وأن أجرة الحكر يجب أن تكون دائماً هي أجرة المثل. ولقد أخذ التقنين المدني بالقاعدة التي قررتها محكمة النقض وقننها بما نص عليه في المادة 1005 منه ونبذ نظرية النسبة وذلك على ما يبين من الأعمال التحضيرية وإذا كانت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي قد تضمنت عبارات صريحة تفيد الأخذ بهذه النظرية وإسنادها خطأ إلى محكمة النقض فقد نسخ ذلك ما جرى بعدها من تعديلات أدخلتها لجنة الشيوخ على النص الذي كان وارداً في المشروع التمهيدي وما ظهر جلياً من اتجاه هذه اللجنة إلى عدم الأخذ بنظرية النسبة وفات واضعو المشرع بعد إدخال هذا التعديل أن يصححوا على مقتضاه ما تضمنته المذكرة في هذا الخصوص (1).
4 - المحتكر هو المكلف بإثبات الحالة القديمة للأرض المحكرة إن ادعى أنها لم تكن وقت تحكيرها أرضاً فضاء - كما اعتبرتها المحكمة عند تصقيع الحكر بل كانت بركة وأصلحها على نفقته. إذ هذه من قبله دعوى مخالفة للظاهر من الأمر، وإذا لم يدع المحتكر هذه الدعوى أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز له أن يتحدى بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 27 من يناير سنة 1948 أقام المطعون عليه بصفته ناظراً على وقف المنيكلى الدعوى رقم 2615 سنة 1949 كلي القاهرة ضد الشركة الطاعنة وذكر في بيان هذه الدعوى أن هذه الشركة مستحكرة لأرض مملوكة للوقف المشمول بنظره مساحتها 2220 متراً مربعاً وكائنة بمدينة القاهرة بشارع عماد الدين وقنطرة الدكة وكانت قد حددت أجرة الحكر بمبلغ 270 جنيهاً ابتداء من 22 مارس سنة 1941 وذلك بحكم صدر من محكمة مصر المختلطة بتاريخ 24 فبراير سنة 1947 في الدعوى رقم 2704 سنة 66 ق وأنه لما كانت قيمة الأرض المحكرة قد ارتفعت ارتفاعاً كبيراً منذ أن قدر الخبير الذي ندب في تلك الدعوى قيمتها في سنة 1940 مما يستتبع زيادة أجرة الحكر وبخاصة وأن تقدير هذا الخبير بني على أساس خاطئ هو الاحتفاظ بالنسبة التي كانت بين قيمة الأرض وأجرة الحكر عند ابتداء التحكير، فقد أقام الوقف الدعوى الحالية بطلب زيادة أجرة الحكر إلى 888 جنيهاً وإلزام الشركة المحتكرة بأن تدفع له هذا المبلغ سنوياً ابتداء من أول يناير سنة 1948 بدلاً من 270 جنيهاً السابق تقريره بالحكم الصادر من المحكمة المختلطة - دفعت الشركة الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم المذكور ولأنه لم تمض من تاريخ تقريره الزيادة حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية مدة تسمح بزيادة أخرى. وبتاريخ 8 من مايو سنة 1950 حكمت المحكمة الابتدائية برفض هذا الدفع وبجواز نظر الدعوى وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء المهندسين بوزارة العدل للانتقال إلى الأرض المحكرة وتقدير أجرة الحكر في أول يناير سنة 1948 وذلك على اعتبار أن هذه الأرض حرة خالية من البناء أو الغراس ولا يلاحظ في التقدير سوى حالة الصقع أي الجهة أو الناحية التي فيها الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها بصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو في صقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر. وقد باشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى تقدير أجرة الحكر بمبلغ 1998 جنيهاً سنوياً ابتداء من أول يناير سنة 1948 ونوه في تقريره بأن القيمة التي يطالب بها ناظر الوقف وهي 888 جنيهاً تعتبر ضئيلة ولا تتناسب مع قيمة الأرض وهي فضاء. وعلى أثر تقديم هذا التقدير عدل الوقف طلباته وطلب إلزام الشركة المحتكرة (الطاعنة) بأن تدفع له أجرة الحكر بواقع 1998 جنيهاً ابتداء من أول يناير سنة 1948 وطعنت الشركة المذكورة على تقرير الخبير بأنه لم يتبع في تقديره لأجرة الحكر القاعدة الصحيحة الواجب اتباعها ذلك أنه قدر قيمة الأرض في أول يناير سنة 1948 بمبلغ 30 ج للمتر المربع الواحد وقدر أجرة الحكر في هذا التاريخ بواقع 3% من هذه القيمة مع أنه لا توجد قاعدة شرعية تقضى باحتساب الحكر بهذه النسبة المئوية وأضافت الشركة أنه لما كانت قيمة الأرض المحكرة عند ابتداء التحكير في سنة 1900 - 150 قرشاً للمتر الواحد وقد أصبحت قيمة المتر فيها حسب تقدير الخبير 30 جنيهاً فتكون قد زادت عشرين ضعفاً ومن ثم فإنه طبقاً للقاعدة الصحيحة في تصقيع الحكر والتي اتبعتها المحكمة المختلطة في حكها السالف الإشارة إليه - لا يجوز أن تزيد أجرة الحكر بأكثر من هذه النسبة كما أنه وقد حدد المشرع أجور المساكن ومنع زيادتها على حد معين فإنه لا يصح مخالفة هذه التشريعات عند تحديد أجرة الحكر وانتهت الشركة الطاعنة في دفاعها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً بتحديد أجرة الحكر بمبلغ 405 جنيهات أو ندب خبير آخر لإعادة التقدير على أساس النسبة التي كانت قائمة أصلاً بين قيمة الأرض المحكرة وأجرة الحكر وقت إنشائه في سنة 1900 - وبتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1951 حكمت المحكمة الابتدائية في موضوع الدعوى بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للوقف المحكر (المطعون عليه بصفته) مبلغ 1998 جنيهاً أجراً سنوياً للحكر ابتداء من أول يناير سنة 1948 استأنفت الشركة المحتكرة هذا الحكم والحكم القاضي بتعيين الخبير وقيد استئنافها برقم 76 سنة 69 ق القاهرة وتمسكت في الاستئناف بدفاعها السابق. وبتاريخ 2 من مايو سنة 1959 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لثلاثة أرباع المبلغ المحكوم به وبإلغائه ورفض الدعوى بالنسبة للربع الباقي. وبنت قضاءها برفض الدعوى بالنسبة لهذا الربع على أن المستحق له وهو محمد سعيد حليم قد صودرت أمواله باعتباره أحد أفراد أسرة محمد علي. وبتاريخ أول يونيو سنة 1959 طعنت الشركة المحتكرة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 8 من يناير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل ثانيهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وأسست هذا الدفع على أنه سبق للوقف المحكر أن طلب زيادة أجرة الحكر بالدعوى رقم 2704 سنة 66 ق التي أقامها أمام محكمة مصر المختلطة وقضى له فيها بتاريخ 24 من فبراير سنة 1947 بزيادة هذه الأجرة إلى270 جنيهاً وأنه إذ كان الحكم الصادر في الدعوى المذكورة لا يمكن أن ينسحب أثره إلا إلى تاريخ رفعها الحاصل في 22 مارس سنة 1941 وكان لم يمض على هذا التاريخ عند رفع الدعوى الحالية مدة الثماني السنوات التي توجب المادة 1004 من القانون المدني انقضاءها على آخر تقدير فإن هذه الدعوى تكون غير مقبولة. لكن محكمة الموضوع رفضت هذا الدفع مستندة في رفضه إلى واقعة غير صحيحة ذلك أنه على الرغم مما كان ثابتاً في الأوراق المطروحة عليها وأقر به الوقف في صحيفة دعواه الحالية من أن الدعوى السابقة لم ترفع إلا في 22 من مارس سنة 1941 وأن الحكم الصادر فيها من المحكمة المختلطة جعل مبدأ سريان الزيادة التي قررها من هذا التاريخ فإن المحكمة الابتدائية ذكرت في أسباب حكمها الصادر في 8 مايو سنة 1950 برفض الدفع أنها اطلعت على تقرير الخبير المقدم في الدعوى السابقة والذي قدر أجرة الحكر في سنة 1940 وأنه قد مضي على هذا التاريخ مدة توجب إعادة النظر في تقدير هذه الأجرة وقد انساقت محكمة الاستئناف وراء المحكمة الابتدائية في هذا الخطأ وتوهمت هي الأخرى أن تقدير الخبير في الدعوى السابقة حصل في سنة 1940 وعلى أساس هذا الفهم الخاطئ اعتبرت أن مدة الثماني سنوات التي يتطلبها القانون قد انقضت على ذلك التقدير قبل رفع الدعوى الحالية في 27 يناير سنة 1948 وتقول الطاعنة إنه لو أن محكمة الاستئناف تبينت أن آخر تقدير إنما كان في سنة 1941 وليس في سنة 1940 لما انتهى قضاؤها إلى أحقية الوقف في طلب الزيادة في بالدعوى الحالية وتضيف الطاعنة أنه على الرغم من أنها نبهت محكمة الاستئناف إلى الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص فإنها أيضاً وقعت في نفس الخطأ كما أنها لم تعن في حكمها المطعون فيه بالرد على دفاع الطاعنة في هذا الصدد.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما تشترطه المادة 1004 من القانون المدني لقبول طلب تعديل أجرة الحكر من مضي ثماني سنوات على آخر تقدير هو حكم مستحدث وليس في أحكام الشريعة الإسلامية ولا في القواعد التي قررها الفقه والقضاء قبل صدور هذا القانون ما كان يقيد طلب تصقيع الحكر بموجب مضي مدة معينة على آخر تقدير بل إن ما تقضى به أحكام الشريعة هو أن المحتكر تلزمه الزيادة كلما زادت أجرة المثل زيادة فاحشة (المواد 337 و339 من قانون العدل والإنصاف، 593 من مرشد الحيران) ولقد كان من المقرر في ظل القانون المدني الملغي أن تقدير ما إذا كان التغيير الذي طرأ على أجرة المثل بلغ الحد الذي يبرر طلب الزيادة أو لم يبلغه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر في أسبابه أنه يرى أنه قد مضي على تقدير الخبير لأجرة الحكر في الدعوى السابقة رقم 2704 سنة 66 ق مختلط والمطالبة بإعادة تصقيعه بالدعوى الحالية التي رفعت في سنة 1948 فترة توجب النظر في تعديله لما طرأ من الظروف الاقتصادية في هذه الفترة التي أثرت في قيمة الأراضي وإيجاراتها، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن عدم كفاية المدة التي مضت على آخر تقدير يكون جدلاً في أمر موضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. أما ما تقوله الطاعنة من أن رأي الحكم في هذا الخصوص قد بني على فهم خاطئ لحقيقة تاريخ تقدير الخبير في الدعوى السابقة إذ توهم الحكم أن هذا التقدير كان عن سنة 1940 بينما الواقع هو أنه كان عن سنة 1941 فإنه لما كان الحكم قد أورد في تقريراته أن "الطاعنة طلبت ندب خبير تكون مهمته وفق الأسس الآتية: أولاً - أن يجد أساساً لتقدير الأرض سنة 1900 التي حددها الخبير أحمد رشدي في تقريره المؤرخ 12/ 9/ 1940. ثانياً - تحديد نسبة زيادة قيمة الأرض سنة 1948 بالنسبة لها في سنة 1940. ثالثاً - تطبيق هذه النسبة عند تحديد زيادة حق الحكر". وقال الحكم في موضع آخر "يلاحظ أنه قد مضى بين تقدير الخبير في سنة 1940 والمطالبة بإعادة التصقيع في سنة 1948 فترة توجب النظر في تعديله" وكانت الطاعنة لم تضمن طعنها نعياً على ما أسنده إليها الحكم في خصوص تحديدها لمأمورية الخبير الذي طلبت ندبه على النحو الذي ذكره الحكم - كما أنها لم تقدم صدوره من محضر الجلسة أو المذكرة التي حددت فيها مأمورية هذا الخبير لتدلل بهما على أن الحكم قد خالف الثابت فيهما في خصوص تعيين تاريخ تقدير الخبير أحمد رشدي المعين في الدعوى السابقة، لما كان ما تقدم، وكان لا يجوز الالتفات إلى الصورة الرسمية لتقرير هذا الخبير المقدمة من الطاعنة إلى محكمة النقض لما هو ثابت من البيانات المدونة على هذه الصورة من أنها مستخرجة في 31 من مايو سنة 1959 أي بعد تاريخ صدور الحكم المطعون فيه مما يقطع بأنها لم تكن معروضة على محكمة الاستئناف كما لا يجوز أيضاً الالتفات إلى ما تتضمنه أوراق الدعوى رقم 2704 سنة 66 ق مختلط المضمومة إلى ملف الطعن وذلك لخلو هذه الأوراق مما يفيد أنها كانت معروضة على محكمة الموضوع ولأن الطاعنة من جانبها تقدم دليلاً على ذلك ولا يغير من هذا صدور أمر من رئيس هذه المحكمة بضم ملف الدعوى المذكورة بناء على الطلب الذي تقدم به محامي الطاعنة لسيادته بتاريخ 2 من مايو سنة 1959 ذلك أن سلطة رئيس المحكمة في ضم الأوراق مقصورة على ما تقرره المادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الذي يحكم هذه المسألة - على ضم ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه ومن ثم فإن ما لا يثبت أنه كان ضمن أوراق هذا الملف لا يجوز الأمر بضمه وبالتالي فلا يكون للطاعنة أن تستند إليه أمام محكمة النقض حتى ولو كان قد صدر أمر بضمه وذلك لما هو مقرر من أنه لا يقبل التحدي أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه خالف الثابت في الأوراق في خصوص تحديده تاريخ التقدير السابق لأجرة الحكر لا يكون له من سند. كذلك فإن ما تقوله الطاعنة من أنها لفتت نظر محكمة الاستئناف إلى الخطأ الذي وقع فيه الحكم الابتدائي في شأن تحديد ذلك التاريخ وأن الحكم المطلوب فيه أغفل الرد على دفاعها في هذا الصدد هذا القول عار عن الدليل إذ أن الحكم خلا مما يفيد تمسكها بهذا الدفاع ولم تقدم هي إلى محكمة النقض دليلاً على هذا التمسك.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم لم يتبع حكم القانون في تصقيع الحكر إذ أن القاعدة التي كانت مقررة قبل صدور القانون المدني القائم وقننها هذا القانون في المادتين 1004، 1005 منه تقضى بأن يجب أولاً تقدير قيمة الأرض وقت التحكير ويستلزم هذا معرفة ما كانت عليه حالة الأرض في ذلك الوقت فربما كانت بركة أو قاعاً منحطاً أو تلاً أو أنقاضاً متهدمة فردمها المحتكر أو أزال التل والأنقاض على نفقته حتى أصبحت صالحة للبناء أو الغراس فمثل هذه الأرض يجب عند تقدير أجرتها أن تقدر قيمتها باعتبار ما كانت عليه حالتها قبل أن يصلحها المحتكر ومتى قدرت قيمة الأرض عند ابتداء التحكير نسبت إليها أجرة الحكر التي اتفق عليها وقتئذ إعمال وتعين هذه النسبة عند تصقيع الحكر، وقد خالفت المحكمة الابتدائية في حكمها القاضي بتعيين الخبير هذه القاعدة وطلبت من الخبير تقدير أجرة الحكر على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء أو الغراس وعلى أن لا يلاحظ في تقديره سوى حالة الصقع ورغبات الناس فيها. وأنساق الحكم المطعون فيه وراء المحكمة الابتدائية في هذا الخطأ فلم يهتم بمعرفة قيمة العقار وقت إنشاء الحكر أو النسبة التي كانت قائمة أصلاً بين قيمة هذا العقار وبين أجرة الحكر في ذلك الوقت حتى يحتفظ بهذه النسبة عند تصقيع الحكر وهو ما يقتضيه تطبيق القانون على وجهه الصحيح حسبما قررته محكمة النقض في حكمها الصادر في 14 من يونيو سنة 1934 وأفصحت عند المذكرة الإيضاحية للقانون المدني القائم كما أن الحكم أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة من وجوب مراعاة هذه النسبة وعلى ما طلبته من ندب خبير آخر لتقدير أجرة الحكر على الأساس الصحيح الذي تمسكت به، ولم يبين الحكم العناصر الواقعية التي اعتمد عليها في تقدير أجرة الحكر على النحو الذي انتهي إليه واكتفي بالإحالة إلى تقرير الخبير مع أن هذا الخبير علاوة على أنه لم يعن ببحث ما كانت عليه حالة الأرض المحكرة وقت التحكير والنسبة بين قيمة هذه الأرض وأجرة الحكر وقتئذ فإنه أيضاً أغفل التحري عن أجرة مثل العقار المحكر بالرجوع إلى العقارات المجاورة والمماثلة له في الصقع ولم يبين القيمة التي قدرها لما أحدثه المحتكر من تحسين في ذات الأرض في صقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه على هذه الأرض مكتفياً بوصفها وتقدير قيمتها وقت التصقيع ثم تحديد نسبة تحكمية كفائدة قدرها 3% من قيمة الأرض وصفها بأنها تمثل أجرة الحكر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القاعدة الصحيحة الواجبة الاتباع في تقدير أجرة الحكر عند طلب تصقيعه هي - على ما قررته هذه المحكمة - أخذاً من المبادئ الشرعية في حكمها الصادر في 14 من يونيو سنة 1934 في الطعن رقم 94 سنة 3 ق وجرى عليه قضاؤها أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض المحكرة حرة خالية من البناء وأن لا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر وأن لا يكون لحق البناء والقرار الذي للمحتكر تأثير في التقدير - وقد صرحت محكمة النقض في حكمها سالف الذكر بأنها ترفض الأخذ بنظرية "النسبة" التي تقضى بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت وقالت عنها إنه لا أصل لها في الشرعية الإسلامية وأن أجرة الحكر يجب أن تكون دائماً هي أجرة المثل - ولقد أخذ التقنين المدني بالقاعدة التي قررتها محكمة النقض وقننها بما نص عليه في المادة 1005 من أن "يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها بغض النظر عما يوجد فيه من بناء أو غراس ودون اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار" ومن ثم يكون غير صحيح ما تسنده الطاعنة إلى حكم النقض سالف الذكر من أنه أخذ بنظرية "النسبة" التي تعيب على الحكم المطعون فيه عدم إعماله لها. كما أنه غير صحيح أيضاً ما تقوله من أن القانون المدني الجديد قصد إلى الأخذ بهذه النظرية ذلك أنه يبين من الأعمال التحضيرية أن المشرع قد نبذ هذه النظرية بعد أن تبين فسادها عند مناقشة المشروع أمام لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ وإذ كانت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي قد تضمنت عبارات صريحة تفيد الأخذ بهذه النظرية وإسنادها خطأ إلى محكمة النقض قد نسخ ذلك ما جرى بعدها من تعديلات أدخلتها لجنة الشيوخ على النص الذي كان واردا في المشروع التمهيدي وما ظهر جلياً من اتجاه هذه اللجنة إلى عدم الأخذ بتلك النظرية وفات واضعو المشروع بعد إدخال هذا التعديل أن يصححوا على مقتضاه ما تضمنته المذكرة في هذا الخصوص، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثارته الطاعنة من اعتراضات على الأسس التي رسمتها المحكمة الابتدائية للخبير في حكمها القاضي بتعيينه وعلى اعتراضاتها على تقرير الخبير - رد على ذلك بقوله "وحيث إن تقدير أجرة الحكر لا يعتبر فيه بحق القرار والبقاء الذي للمحتكر فإن هذا الحق هو مقابل أجرة الأرض المحكرة وصاحبه لا يحصل عليه إلا بهذا المقابل فلا يمكن أن يكون لهذا الحق أثر في تقدير المقابل له ومن ثم يكون المحتكر ملزماً دائماً ولا بد بأجرة المثل كاملة غير منقوصة... وحيث إن أجرة الحكر التي قدرها الخبير بصرف النظر عن النسبة المئوية التي جعلها أساساً لتقديره مناسبة ويبرر زيادتها عن التقدير السابق الظروف الاقتصادية التي مرت بالبلاد بعد التقدير السابق في سنة 1940 وما طرأ على قيمة أراضي البناء من ارتفاع في أثمانها ولأن المنطقة التي تقع فيها أرض النزاع ذات صقع سكنى وتجاري جيد جداً فشارع عماد الدين هو الشارع الرئيسي لدور السينما والملاهي وهو في وسط الحي التجاري ويقرب من معظم الفنادق الكبرى وإدارات الشركات التجارية والصناعية مما يجعل رغبات الناس شديدة في امتلاك أي أرض فضاء بها. وحيث إن تقدير أجرة الحكر - على أصح الآراء - يكون: أولاً - على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء. ثانياً - لا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع أي الجهة أو الناحية التي فيها الأرض المحكورة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر. وهذا ما قضت به على حق محكمة أول درجة وما جعله الخبير أساساً لتقدير أجرة الحكر" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه - على خلاف ما تزعم الطاعنة - قد بين العناصر الواقعية التي روعيت فعلاً في التقدير وهي عناصر صحيحة تتفق مع القواعد السابق بيانها والتي قررتها محكمة النقض من قبل صدور القانون المدني القائم وقننها هذا القانون - ومتى كان الحكم قد طبق القاعدة القانونية الصحيحة فإنه لم يكون عليه أن يرد استقلالاً على نظرية "النسبة" التي طلبت الطاعنة إعمالها إذ أن في أخذه بالقاعدة التي طبقها ما يفيد إطراحه ما يخالفها. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يأخذ بالنسبة المئوية التي اعتبرها الخبير ممثلة لأجرة الحكر بالنسبة لقيمة الأرض المحكرة على اعتبار أنها قاعدة عامة واجبة الاتباع في تصقيع الحكر وإنما اعتبر - في حدود سلطة المحكمة التقديرية - أن المبلغ الذي انتهى إليه الخبير في تقريره وقدره 1998 جنيهاً ممثلاً لأجرة المثل للأرض المحكرة باعتبارها أرضاً فضاء ودون تأثر بما عسى أن يكوم قد أحدثه المحتكر من تحسين بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه - لما كان ذلك، وكان ما تقوله الطاعنة من أن الحكم لم يعن ببحث ما كانت عليه حالة الأرض المحكرة عند ابتداء التحكير وذلك لاحتمال أن تكون هذه الأرض في ذلك الوقت بركة أو قاعاً منحطاً أو تلاً أو أنقاضاً متهدمة وأصلحها المحتكر على نفقته فيتعين حينئذ تقدير أجرتها باعتبار ما كانت عليه حالتها قبل الإصلاح - هذا الذي تقوله الطاعنة مردود بأن المحتكر هو المكلف بإثبات الحالة القديمة للأرض إن ادعى أنها لم تكن عند تحكيرها أرضاً فضاء كما اعتبرتها المحكمة عند التصقيع إذ هذه من قبله دعوى مخالفة للظاهر من الأمر. وإذ كانت الطاعنة لم تقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك بل إنها لم تدع هذه الدعوى أصلاً أمام تلك المحكمة فإنه لا يجوز لها أن تتحدى بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع - لما كان ما تقدم كله، وكان الحكم الابتدائي قد رد في أسبابه التي أحال إليها الحكم المطعون فيه على ما طلبته الطاعنة من ندب خبير آخر لإجراء التقدير من جديد على الأسس التي تمسكت بها بأن المحكمة لا ترى محلاً لإجابة هذا الطلب بعد أن ثبت لديها سلامة الأسس التي بني عليه الخبير تقديره - وكان في هذا الذي قرره الحكم ما يسوغ رفض ذلك الطلب فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 14/ 6/ 1934 الطعن 94 س 3 ق، 11/ 4/ 1946 الطعن 61 س 15 ق مجموعة 25 سنة جزء 1 ص 528.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق