جلسة 3 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي.
-----------------
(165)
الطعن رقم 37 لسنة 30 القضائية
(أ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء". "المقاصة".
حق المدين في المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له قبل هذا الدائن. مناطه، كون كل من الدينين خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء. مثال.
(ب) دعوى. "تكييف الدعوى". شفعة. ملكية.
الحكم النهائي القاضي بالشفعة. اعتباره سند الملكية المحكوم له للعين المشفوع فيها مقابل قيامه بدفع الثمن المحدد فيه. الدعوى بطلب سقوط حكم الشفعة. اعتبارها بمثابة طلب فسخ سند التمليك. للمحكوم له بالشفعة توقى الفسخ بدفع الثمن إلى وقت صدور الحكم النهائي في الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعن تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعن صدر له حكم بتاريخ 3/ 3/ 1951 في القضية رقم 568 سنة 1949 مدني كلي طنطا قضى له بالشفعة في المنزل الذي اشترته المطعون عليها من آخرين لقاء ثمن قدره 468 ج و125 م وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 26/ 2/ 1952 وبتاريخ 25/ 10/ 1955 أوقع الطاعن حجزاً تنفيذياً تحت يده وفاء لمبلغ 25 ج و485 م من ذلك 19 ج و385 م قيمة مصروفات دعوى الشفعة المقضى له بها وستة جنيهات قيمة أتعاب المحاماة المحكوم له بها في درجتي التقاضي، ولما كان الطاعن لم يدفع الثمن قبل الحكم له بالشفعة لخضوع الدعوى لأحكام الدكريتو الصادر في 23/ 3/ 1901 فقد عرض على المطعون عليها في 25/ 10/ 1955 مبلغ 442 ح و260 م عرضاً حقيقياً على يد محضر وهو الباقي من الثمن بعد خصم المبلغ السابق الذي حجز به تحت يده - ولكن المطعون عليها رفضت قبول هذا العرض متعللة بأنها طعنت في حكم الشفعة بطريق النقض ولذلك أودع الطاعن المبلغ في اليوم التالي خزانة المحكمة بعد أن خصم منه رسم الإيداع ثم قدم حكم الشفعة للتنفيذ باستلام العين فاستشكلت المطعون عليها وقضى بوقف التنفيذ تأسيساً على أن الثمن كله لم يعرض وأن المصروفات التي أوقع بها الطاعن الحجز التنفيذي تحت يده لم يصدر بها أمر تقدير - لذلك استصدر الطاعن أمراً بتقدير المصروفات بمبلغ 19 ج و385 م أعلن المطعون عليها في 24/ 4/ 1956 ولم تعارض فيه - ثم قدم الطاعن حكم الشفعة للتنفيذ مرة أخرى فاستشكلت المطعون عليها وحكم برفض إشكالها واستمرار التنفيذ - لهذا أقامت المطعون عليها الدعوى الابتدائية رقم 396 سنة 1956 مدني كلي طنطا بعريضة معلنة في 24/ 5/ 1956 طلبت فيها الحكم على الطاعن بسقوط حقه في الشفعة - وأثناء سير هذه الدعوى قام الطاعن بعرض مبلغ 4 ج و390 م قيمة رسم الإيداع السابق ولما رفضت المطعون عليها قبوله أودعه المحضر في اليوم التالي خزانة المحكمة - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 21/ 12/ 1957 برفض الدعوى - واستأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافها برقم 50 سنة 8 ق وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 29/ 12/ 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط الحق في التمسك بحكم الشفعة واعتباره كأن لم يكن وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم وأصدرت دائرة الفحص قرارها في 3/ 3/ 1963 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية - وقد تحدد أخيراً لنظره أمام هذه الدائرة جلسة 19/ 11/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في السببين الأول والرابع الخطأ في القانون، ذلك أنه أسس قضاءه على أن الثمن لم يعرض على المطعون عليها عرضاً صحيحاً كاملاً وأن حكم الشفعة المنفذ به لم يقدر المصروفات، وأن الطاعن حين أوقع الحجز التنفيذي تحت يده وفاء لهذه المصروفات لم يكن قد حصل على أمر من القضاء بتقديرها فوقع الحجز باطلاً. ويرى الطاعن أن الحكم أخطأ في ذلك لأنه أوقع الحجز التنفيذي تحت يده وفاء لمبلغ 25 ج و485 م من ذلك 6 ج قيمة أتعاب المحاماة المعينة في حكمي الشفعة الابتدائي والاستئنافي والباقي وقدره 19 ج و385 م مبين على هامش الحكم الابتدائي وفي هذا ما يكفي لتقدير الدين المحجوز به ويقوم مقام استصدار أمر بتقدير المصروفات - أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن العرض الذي عرضه الطاعن كان عرضاً ناقصاً لا تلتزم المطعون عليها بقبوله وأن ما تلا ذلك من إيداع يعتبر باطلاً وأنه كان على الطاعن لكي يبرئ ذمته أن يحجز تحت يده بالمصروفات بعد تقديرها نهائياً أو يتمسك بإيقاع المقاصة فيها ثم يعرض الباقي عرضاً جديداً هذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون، ذلك أن الحجز الذي أوقعه الطاعن تحت يده بالمصاريف المحكوم له بها والمبينة على هامش الحكم ليس إلا تقريراً للمقاصة الواقعة بقوة القانون لتوفر شروطها بالنسبة للمصاريف وأتعاب المحاماة وأن الثمن المقضى به في حكم الشفعة قد أودع لحساب المطعون عليها إيداعاً كاملاً لم ينتقص منه سوى أتعاب المحاماة المقدرة بالحكمين الابتدائي والاستئنافي والمصاريف التي جاء أمر التقدير قبل الحكم في الدعوى مؤيداً لها - ولذلك فإن الإيداع قد وقع صحيحاً وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بهذا الإيداع ورتب على ذلك سقوط حكم الشفعة فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما أورده في قوله "ومن حيث إنه لا نزاع في أن المستأنف عليه حين نفذ بالحجز تنفيذياً تحت يده على مبلغ المصروفات لم يكن قد استصدر أمراً بتقديرها حيث لم يقدرها الحكم المنفذ به كما لم يكن قد حصل على إذن من قاضي الأمور الوقتية بتقدير الدين المحجوز من أجله طبقاً للمادة 545/ 1 من قانون المرافعات - ولما كان ذلك، فإن إيقاع الحجز تنفيذياً تحت اليد وفاء لدين غير معين المقدار سواء بحسب الأصل أو بأمر القضاء يكون باطلاً ولا أثر له قانوناً لمخالفة حكم المادتين 459 و545/ 1 مرافعات - أما قول المستأنف عليه أن المستأنفة قد ارتضت هذا الحجز وتعللت في رفض المبلغ المعروض بما قالته من أنها طعنت على حكم الشفعة بطريق النقض فإنه لا يصح اعتباره إجازة للحجز الباطل لأنها غير قاطعة في الدلالة على ذلك - أما أن المستأنفة لم تعترض على هذا الحجز فمردود بأنه لا سبيل للاعتراض عليه إلا إنكاره وعدم إقراره وهو ما تمسكت به المستأنفة في إشكالها وترتيباً عليه يكون المستأنف ضده حين عرض على المستأنفة في 25/ 10/ 1955 مبلغ 442 ج و640 م يكون قد عرض عليها عرضاً ناقصاً ولا يلزمها قبوله كما أنها لا تحاج بعد ذلك بإيداعه ولا بأن المستأنف ضده قد استصدر أمراً بتقدير المصروفات ولا بعرض رسم الإيداع الذي خصم من المبلغ المعروض ولا بإيداعه هو الآخر لأن هذه كلها إجراءات تالية لعرض باطل لا شأن للمستأنف به. وكان على المستأنف عليه كي يبرئ ذمته أن يحجز تحت يده بالمصروفات بعد تقديرها نهائياً أو يتمسك بإيقاع المقاصة فيها ثم يعرض الباقي عرضاً جديداً يلزم المستأنفة - أما اعتماده على هذا العرض الباطل والإيداع التالي له فلا يفيده شيئاً ولا يجدي في براءة ذمته، ولذلك يتعين إلغاء الحكم الابتدائي والقضاء للمستأنفة بطلباتها حيث لم يؤد لها المستأنف مبلغ الثمن الذي عينه حكم الشفعة حتى الآن مما يترتب عليه سقوط حقه في الحكم المذكور". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأسس عليه قضاءه غير صحيح في القانون، ذلك أن للمدين طبقاً للمادة 362 من القانون المدني حق المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له قبل هذا الدائن إذا كان كل من الدينين خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء - ولما كان الطاعن مديناً للمطعون ضدها بالثمن الذي قدره حكم الشفعة وهو 468 ج و125 م ودائناً لها في ذات الوقت بمبلغ 6 ج مقابل أتعاب المحاماة المحكوم له بها ابتدائياً واستئنافياً في دعوى الشفعة وكذا بمصروفات تلك الدعوى التي حصل على أمر نهائي بتقديرها بمبلغ 19 ج و485 م في 16/ 4/ 1956 أي قبل رفع الدعوى فإن المقاصة تكون قد وقعت بين هذين الدينين لتوافر شرائطها القانونية بقدر الأقل منهما ويكون المبلغ الذي أودعه الطاعن قبل رفع هذه الدعوى وفي أثناء سيرها وقدره 442 ج و640 م وبقي على عرضه إلى وقت الحكم هو كل المستحق في ذمته مبرئاً له من الثمن. لما كان ذلك، وكان الحكم النهائي القاضي بالشفعة للطاعن لم يحدد ميعاداً لدفع الثمن وكان هذا الحكم يعتبر سنداً لملكيته للعين المشفوع فيها مقابل قيامه بدفع الثمن وكانت الدعوى بطلب سقوط حكم الشفعة هي في حقيقتها بمثابة طلب فسخ سند التمليك كان للمحكوم له بالشفعة أن يتوقى الفسخ بدفع الثمن المحدد في حكم الشفعة إلى وقت صدور الحكم النهائي في الدعوى - ولما كان الثابت أن الطاعن قد أبرأ ذمته من الثمن على النحو المتقدم قبل الحكم في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بسقوط حكم الشفعة رغم ذلك يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه.
(1) راجع نقض 2/ 4/ 1959 طعن 348 س 24 ق، 14/ 5/ 1959 طعن 92 س 25 ق السنة العاشرة ص 290 و426، 30/ 3/ 1961 طعن 356 س 26 ق السنة 12 ص 276.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق