جلسة 3 من مارس سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، ومحمد أسعد محمود.
-----------------
(64)
الطعن رقم 29 لسنة 36 القضائية
أهلية. "الغش الصادر من ناقص الأهلية". عقد. "إبطال العقد". مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
استعمال القاصر طرقاً احتيالية لإخفاء نقص أهليته عند التعاقد. لا يمنع من طلبه إبطال العقد. وجوب مساءلته عن التعويض للغش الذي صدر منه. م 119 مدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 424 لسنة 1963 مدني القاهرة الابتدائية ضد محسن عمر والمطعون عليه بصحيفة قال فيها إنه يداينهما في مبلغ 1200 جنيه باعتبار الأول مديناً والثاني ضامناً متضامناً بموجب عقد مؤرخ 16/ 11/ 1959 وأحد عشر شيكاً مسحوبة على البنك المصري لتوظيف الأموال، واستصدر ضدهما أمراً بإلزامهما بأي يؤديا إليه هذا المبلغ، وقد تظلم محمد صالح شرابي بصفته وصياً على المطعون عليه من هذا الأمر بالدعوى رقم 1413 لسنة 1961 مدني القاهرة الابتدائية تأسيساً على أن المطعون عليه الذي صدر ضده الأمر قاصر لا تجوز مخاصمته إلا في مواجهة من يمثله قانوناً، وأثناء نظر التظلم بلغ المطعون عليه سن الرشد ومثل في الخصومة بنفسه. وإذ أصدرت تلك المحكمة حكمها في 25/ 12/ 1962 بإلغاء أمر الأداء المتظلم منه ورفض الدعوى بالنسبة للمطعون عليه مؤسسة قضاءها على أنه كان قاصراً عندما وقع على سند المديونية كضامن متضامن مما يبطل هذا الضمان لأنه من التصرفات التي تضر به ضرراً محضاً، وكان من حق الطاعن أن يطالب بتعويض ما لحقه من ضرر تطبيقاً لحكم المادة 119 من القانون المدني لأن المطعون عليه لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي نقص أهليته، فقد أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه والمدين محسن عمر بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 1200 جنيه، ثم تنازل الطاعن عن مخاصمة المدين وعدل مبلغ التعويض إلى 1344 جنيه و920 مليم، وبتاريخ 11/ 12/ 1963 حكمت محكمة أول درجة بإثبات هذا التنازل ورفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 226 سنة 81 ق القاهرة. ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 26/ 11/ 1964 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون عليه لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي نقص أهليته عن الطاعن عند إبرامهما العقد المؤرخ 16/ 11/ 1959 موضوع الدعوى رقم 1413 سنة 1961 مدني القاهرة الابتدائية، وأن التجاء المطعون عليه إلى هذه الطرق كان هو الدافع إلى هذا التعاقد ومقدار ما أصابه من ضرر من جراء ذلك. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 18/ 11/ 1965 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه برفض دعوى التعويض التي رفعت بالتطبيق للمادة 119 من القانون المدني إلى أن استعمال المطعون عليه وهو قاصر مطبوعات تحمل اسمه لا يدل بمجرده على استعماله طرقاً احتيالية لإخفاء نقص أهليته، كما استند الحكم إلى أن الطاعن لم يلحقه ضرر من إبطال ضمانة المطعون عليه للمدين لأن أمر الأداء الذي استصدره الطاعن بإلزام المدين بالدين لا زال قائماً وفي مكنته تنفيذه ضده، هذا في حين أن الثابت في الدعوى أن الطاعن تمسك بأن القاصر اتخذ أوراقاً مطبوعة تحمل اسمه مقترناً برقم للسجل التجاري باعتباره شريكاً مع آخر واستعمل هذه الأوراق عند تعامله مع الغير في محل تجاري بوسط مدينة القاهرة لتجارة الأدوات المنزلية، وهو مما يعتبر من الوسائل الاحتيالية لإخفاء نقص الأهلية. كما تمسك الطاعن بأن المطعون عليه دبر هو والمدين زوج شقيقته محسن عمر اتفاقا بقصد الاستيلاء على أموال الغير ومنهم الطاعن وانتهى الأمر بإشهار إفلاس الشركة التي تضمهما وعجز بذلك أصحاب الحقوق عن اقتضاء حقوقهم لأن المدين قد أشهر إفلاسه ولأن شريكه المطعون عليه قاصر، وعلى الرغم من تمسك الطاعن بهذا الدفاع بشقيه وتقديمه المستندات المؤيدة له، فإن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إليه، وهو مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 119 من القانون المدني قد نصت على أنه "يجوز لناقص الأهلية أن يطلب إبطال العقد، وهذا مع عدم الإخلال بإلزامه بالتعويض إذا لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي نقص أهليته" وكان مفاد هذه المادة أنه إذا لجأ ناقص الأهلية إلى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته فإنه وإن كان يجوز له طلب إبطال العقد لنقص الأهلية، إلا أنه يكون مسئولاً عن التعويض للغش الذي صدر منه عملاً بقواعد المسئولية التقصيرية، ولا يكفي في هذا الخصوص أن يقتصر ناقص الأهلية على القول بأنه كاملها بل يجب أن يستعين بطرق احتيالية لتأكيد كمال أهليته. ولما كان الثابت في الدعوى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه استعان بطرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته بأن استعمل في تعامله مع الغير أوراقاً مطبوعة تحمل اسمه مقترناً برقم 94238 للسجل التجاري باعتباره شريكاً مع محسن عمر زوج شقيقته في محل تجاري باسم معرض عام للأدوات المنزلية بشارع مظلوم بالقاهرة وأن العقد المؤرخ 16/ 11/ 1959 موضوع الدعوى الذي أبرم بين الطاعن وبين المدين محسن عمر ووقع عليه المطعون عليه بصفته ضامناً متضامناً للمدين قد حرر على ورقة من هذه المطبوعات، كما تمسك الطاعن بأنه يستند في دعواه بمطالبة المطعون عليه بالتعويض إلى أنه لم يتمكن من استيفاء حقه لأن المدين الذي صدر أمر الأداء بإلزامه بالدين قد حكم بإشهار إفلاسه، وقدم في سبيل التدليل على ذلك شهادة مؤرخة 23/ 6/ 1962 من محكمة القاهرة الابتدائية تفيد رفع دعوى إفلاس مقيدة برقم 172 سنة 1960 إفلاس القاهرة ضد شركة محسن عمر وشركاه "شركة تضامن يمثلها محسن عمر" وشهادة مؤرخة 21/ 1/ 1965 تفيد صدور حكم بتاريخ 26/ 3/ 1963 في الدعوى المشار إليها بإشهار إفلاس الشركة المذكورة، وكان استعمال القاصر في تعامله مع الغير لمطبوعات تحمل اسمه مقترنة بمظاهر أخرى من شأنها تأكيد الاعتقاد لدى الغير بأنه شخص كامل الأهلية فيقدم على التعامل معه، هو مما قد يعد من الطرق الاحتيالية لإخفاء نقص الأهلية، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن بحث دفاع الطاعن المتعلق بالمظاهر التي صاحبت استعمال القاصر للمطبوعات على النحو سالف البيان وما إذا كانت تعد من الطرق الاحتيالية لإخفاء نقص أهليته أو لا تعد كذلك، وقررت أن الطاعن لم يلحقه ضرراً تأسيساً على أنه كان في استطاعته أن ينفذ أمر الأداء ضد المدين محسن عمر دون أن يلتفت الحكم إلى دفاع الطاعن في هذا الخصوص من أنه لم يتمكن من الحصول على حقه، لأن المدين المذكور كان قد أشهر إفلاسه ولم يعن ببحث المستندات التي قدمها الطاعن تأييداً لهذا الدفاع، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق