جلسة 4 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.
---------------
(124)
الطعن رقم 277 لسنة 29 القضائية
موظفون. "انتهاء خدمة الموظف". "إعادة الموظف إلى الخدمة".
انتهاء خدمة الموظف حتماً ببلوغه سن الستين ما لم يصدر قرار من مجلس الوزراء بمدها. الموظف الذي يعاد إلى الخدمة ويترتب على إعادته وقف صرف معاشه. المقصود به، الموظف الذي لا يكون قد بلغ سن الستين وقت الإعادة. مقتضى حظر بقاء الموظف في الخدمة بعد بلوغه سن الستين امتناع إعادته بعد بلوغه هذه السن. عدم استحقاق الموظف معاشاً عن مدة عمله بعد سن الستين ما لم تكن خدمته قد مدت عند بلوغه هذه السن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن الطاعنة أقامت ضد المطعون عليه الدعوى رقم 4256 مدني كلي القاهرة طالبة إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 2718 ج وقالت بياناً لدعواها إن المطعون عليه تدرج في وظائف الحكومة إلى أن عين وزيراً للأشغال بالمرسوم الصادر في 3/ 11/ 1949 وظل يشغل هذا المنصب حتى 11/ 1/ 1950 ولبلوغه الستين من عمره سوى معاشه على مبلغ 1165 ج سنوياً، وأنه بعد صدور القانون رقم 145 سنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي مدينة القاهرة وافق مجلس الوزراء بجلسة 2/ 4/ 1950 على تعيينه مديراً عاماً لبلديه القاهرة بمكافأة قدرها 2500 ج سنوياً بخلاف معاشه وذلك لمدة ثلاث سنوات وقد ظل يجمع بين المكافأة والمعاش حتى أول أغسطس سنة 1952 وإذ كانت المادة 51/ 1 من المرسوم بقانون رقم 37 سنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية تقضى بوقف صرف المعاش إذا أعيد صاحب المعاش إلى الخدمة فإن المطعون عليه وقد جمع بين المكافأة والمعاش خلال مدة عمله مديراً لبلدية القاهرة يكون قد استولى على معاش مقداره 2718 ج بغير حق وهو ما طلبت إلزامه برده. دفع المطعون عليه الدعوى بأنه كان قد جاوز الستين قبل تعيينه مديراً لبلدية القاهرة وأن معاشه كان قد سوى نهائياً على مبلغ 1165 ج سنوياً فلما أنشأت الحكومة بلدية القاهرة تعاقدت معه على إسناد إداراتها إليه لتنظيمها في بداية عهدها لما له في ذلك من خبرة وكفاية وحدد عقده بثلاث سنوات لقاء مكافأة مقدارها 2500 ج سنوياً بخلاف معاشه وأنه بذلك يكون موظفاً بعقد محدد المدة والأجر والعمل ومن ثم لا يخضع في علاقته بالحكومة لغير هذا العقد، وبتاريخ 18 من فبراير سنة 1956 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 708 سنة 73 ق القاهرة وفي 18 من إبريل سنة 1957 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم الأخير بطريق النقض وأيدت النيابة الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18 من يناير سنة 1962 وفيها قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تأويله وفي ذلك تقول الطاعنة إنها كانت قد أقامت دعواها على أنها أعادت المطعون عليه إلى الخدمة بعد أن بلغ سن الإحالة إلى المعاش وسوى معاشه نهائياً وأن إعادته كانت بقرار إداري من مجلس الوزراء بما له من سلطة استثنائية في إعادة الموظف الذي في المعاش إلى الخدمة تلك السلطة المستمدة من المادة 14 من قانون المعاشات رقم 37 سنة 1929 وأن قرار إعادته إلى الخدمة يجعله في وضع تنظيمي يخضع بمقتضاه للقوانين واللوائح التي تنظم شئون الوظائف والموظفين وأن ما تضمنه قرار إعادته إلى الخدمة من السماح له بالجمع بين المكافأة والمعاش مخالف لنص المادة 51/ 1 من قانون المعاشات رقم 37 سنة 1929 التي تحرم الجمع بينهما والتي يتعلق حكمها بالنظام العام ولكن الحكم الابتدائي غفل عن كل هذه القواعد وطبق نصوصاً أخرى من قانون موظفي الدولة رقم 210 سنة 1951 الذي صدر لاحقاً لواقعة الدعوى ولم يتضمن نصاً على رجعية أحكامه واعتبر أن تعيين المطعون عليه قد تم بعقد خاص، وقد شايع الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في هذا الخطأ فقرر أن ما تضمنته المادتان 107، 108 من القانون رقم 210 سنة 1951 لم يكن جديداً في التشريع بل هو من القواعد التنظيمية التي سبق أن تناولها قانون المعاشات الصادر في سنة 1904 وقانون المعاشات الصادر في سنة 1929 وأن مؤدى هذه النصوص جميعاً أن خدمة الموظف تنتهي وجوباً ببلوغه الستين إلا إذا صدر قرار بمد خدمته - وترى الطاعنة أنه وإن كانت نصوص القانون رقم 210 سنة 1951 تتفق مع نصوص قانون المعاشات رقم 37 سنة 1929 فيما يتعلق بسن الإحالة إلى المعاش وجواز مد خدمة الموظف أو إعادته إلى الخدمة بعد بلوغه تلك السن إلا أنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه وهو بسبيل إنزال حكم القانون على واقعة الدعوى أن يحدد على وجه الدقة القانون الذي يحكمها فلا يطبق عليها قانوناً لاحقاً بدعوى أنه يتضمن من الأحكام ما يتفق وحكم القانون الواجب التطبيق، هذا إلى أن هناك خلافاً جوهرياً بين نصوص كل من القانونين ذلك أن المادة 51 من القانون رقم 37 سنة 1929 تقضى بوقف صرف المعاش في حالة إعادة الموظف إلى الخدمة بينما خلا القانون رقم 210 سنة 1951 من نص مماثل ولو أن محكمة الاستئناف أعملت حكم القانون الواجب التطبيق لانتهت إلى عدم جواز الجمع بين المكافأة والمعاش. وتنعى الطاعنة في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد ومخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على أن تولي المطعون عليه منصبه كان نفاذاً لعقد حدد فيه نوع العمل الذي يتولاه ومدته والأجر الذي يتقاضاه وأن تعيينه بهذا العقد لا يعتبر بمثابة إعادة للخدمة ولكن يتضمن تعييناً جديداً بعقد خاص وبشروط معينة فلا يخضع للوائح الخاصة بتعيين الموظفين ورتب الحكم على ذلك جواز الجمع بين المكافأة والمعاش على خلاف ما تقضى به المادة 51 من القانون رقم 37 سنة 1929 وهذا الذي ذهب إليه الحكم ينطوي على خطأ في الإسناد ومخالفة للقانون، ذلك أن أداة الإدارة في تعيين المطعون عليه هي قرار مجلس الوزراء الصادر في 2/ 4/ 1950 وهو قرار إداري لا يمكن أن يحمل معنى التعاقد وتضيف الطاعنة أنه مع التسليم جدلاً بأن العلاقة بينها وبين المطعون عليه تعاقدية فالعقد بينهما عقد إداري يحكمه القانون العام والأصل في العقود الإدارية التي ترد على الوظائف العامة أن يظل الموظف ولو كان تعيينه بعقد خاضعاً للقوانين واللوائح الخاصة بالوظائف العامة وبالموظفين مضافاً إليها أحكام العقد التي لا تتعارض مع تلك القوانين واللوائح. وإذ خالف الحكم هذه النظر وطبق العقد بكامل شروطه فإنه يكون قد خالف الأصول المقررة في القانون الإداري.
وحيث إن المادة 14 من قانون المعاشات الملكية رقم 37 سنة 1929 تنص على أنه متى بلغت سن الموظف أو المستخدم ستين سنة وجبت إحالته إلى المعاش حتماً ما لم يصدر قرار خاص من مجلس الوزراء بإبقائه في الخدمة ولا يجوز مطلقاً إبقاء أي موظف أو مستخدم في الخدمة بعد سن السبعين وتنص المادة 51 من نفس القانون على أنه إذا أعيد صاحب المعاش إلى الخدمة سواء كان بصفة نهائية أو وقتية أو بصفة مستخدم خارج هيئة العمال يوقف صرف معاشه. وأصحاب المعاشات والموظفون والمستخدمون السابقون الذين يعودون إلى الخدمة بعد صدور هذا القانون لهم الخيار في خلال شهر من عودتهم بين قبول هذا القانون وبين المعاملة طبقاً لقانون المعاشات الذي سوى معاشهم بمقتضاه وقت خروجهم من الخدمة وفي حالة عدم الاختيار في الميعاد المذكور يعتبرون أنهم قبلوا المعاملة بأحكام هذا القانون وأنه إذا كان أحد الموظفين أو المستخدمين السابقين قد أخذ مكافأة عند تركه الخدمة فيكون مخيراً عند عودته إليها بصفة نهائية بين عدم رد هذه المكافأة وفي هذه الحالة لا تحسب له مدة خدمته السابقة في تسوية ما يستحقه من المعاش أو المكافأة عن مدة خدمته الجديدة وبين رد المكافأة بأكملها... فإذا رد الموظف أو المستخدم المكافأة بأكملها تحسب له مدة خدمته السابقة في تسوية المعاش أو المكافأة طبقاً للقانون الذي اختار المعاملة بمقتضاه.... ومؤدى ذلك أن خدمة الموظف تنتهي حتماً ببلوغه سن الستين ما لم يصدر قرار من مجلس الوزراء بإبقائه في الخدمة رغم بلوغه هذا السن وأن الموظف الذي يعاد إلى الخدمة بصفة نهائية أو وقتية أو بصفة مستخدم خارج هيئة العمال والذي يترتب على إعادته وقف صرف معاشه هو الموظف الذي لا يكون قد بلغ سن الستين وقت الإعادة ذلك أن مقتضى حظر بقاء الموظف في الخدمة بعد بلوغه سن الستين أن تمتنع إعادته بعد بلوغه هذا السن يؤكد ذلك ما تنص عليه المادة 51 المشار إليها من تخيير الموظف المعاد بين المعاملة بهذا القانون وبين المعاملة طبقاً لقانون المعاشات الذي سوى معاشه بمقتضاه وقت خروجه من الخدمة وأنه إذا كان قد أخذ مكافأة عند تركه الخدمة لا تحسب له مدة خدمته السابقة في تسوية معاشه عن المدة اللاحقة إلا إذا رد المكافأة بأكملها وهو ما لا يتأتى إلا إذا كانت إعادة الموظف إلى الخدمة قبل بلوغه سن الستين إذ من المقرر أن الموظف لا يستحق معاشاً عن مدة عمله بعد سن الستين ما لم تكن خدمته قد مدت عند بلوغه هذا السن وفقاً للرخصة المخولة لمجلس الوزراء بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 14 من القانون رقم 37 سنة 1929 المشار إليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه قد شغل وظيفة مدير عام بلدية القاهرة بعد أن كان قد جاوز سن الستين وسوى معاشه بصفة نهائية فإنه لا يعتبر موظفاً معاداً إلى الخدمة في حكم المادة 51 من القانون رقم 37 سنة 1929 وبالتالي لا يسري في حقه حظر الجمع بين المكافأة والمعاش الوارد بتلك المادة ومن ثم فإن ما تضمنه قرار مجلس الوزراء الخاص بإسناد منصب مدير بلدية القاهرة إلى المطعون عليه من تخويله حق الجمع بين معاشه والمكافأة التي حددت له في هذا القرار عن عمله يكون مشروعاً لعدم تعارضه مع القوانين واللوائح الخاصة بموظفي الدولة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فإنه يكون غير منتج النعي عليه لاستناده إلى قانون موظفي الدولة رقم 210 سنة 1951 رغم عدم انطباقه على حالة المطعون عليه ولخطئه في تكييف العلاقة بين المطعون عليه والطاعنة.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق