الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 20 لسنة 30 ق جلسة 3 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 161 ص 1091

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي أحمد، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

---------------

(161)
الطعن رقم 20 لسنة 30 القضائية

(أ) نقض. "إجراءات الطعن". "إعلان الطعن". إعلان. بطلان.
القانون 106 لسنة 1962. رفعه عبء إعلان الطعن عن كاهل الطاعن وإلقائه على عاتق قلم الكتاب. القصد من ذلك الإقلال من مواطن البطلان. جواز تصحيح ما يقع في إعلان أحد المدعى عليهم في الطعن لو بعد انقضاء الميعاد المحدد في المادة 11 من القانون 57 لسنة 1959. صيرورته ميعاداً تنظيمياً لا يترتب على تجاوزه البطلان.
(ب) بيع "بيع الوفاء".
لا يشترط لاعتبار عقد البيع وفائياً أن يثبت شرط استرداد المبيع في عقد البيع. جواز وروده في ورقة مستقلة.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف الأوراق".
استظهار محكمة الموضوع قصد المتعاقدين من تحرير الورقة المختلف على تكييفها ورده إلى شواهد وأسانيد تؤدى إليه عقلاً. تكييفها هذه الورقة تكييفاً صحيحاً ينطبق على المعنى الظاهر لعبارتها ويتفق مع قصد المتعاقدين. النعي على الحكم بخطئه في هذا التكييف يكون على غير أساس.
(د) بيع. "بيع وفاء". إثبات. "قرائن قانونية". بطلان. حكم "تسبيب الأحكام". "تسبيب كاف".
بيع وفاء قرينة بقاء العين المبيعة في حيازة البائع. قرينة قانونية قاطعة في الدلالة على أن العقد يستر رهنا. اعتماد الحكم المطعون فيه على هذه القرينة وحدها. كفايته لحمل قضائه ببطلان عقد البيع على أساس أنه يخفي رهناً.
(هـ) بيع. "بيع وفاء". بطلان. تقادم. "التقادم المسقط". دعوى. عقد.
القضاء ببطلان عقد البيع على أساس أنه عقد بيع وفائي يستر رهناً. بطلانه بطلاناً مطلقاً لا ينقلب صحيحاً مهما طال الزمن ولم يكن للتقادم أثره فيه في ظل القانون المدني الملغي. النص في المادة 141 مدني قائم على سقوط دعوى البطلان المطلق بمضي 15 سنة من وقت العقد. حكم مستحدث. سريانه من 15/ 10/ 1949 على العقود الباطلة التي أبرمت في ظل القانون الملغي. بدء مدة التقادم بالنسبة لدعاوى بطلان هذه العقود من هذا التاريخ وليس من تاريخ إبرامها.
(و) حكم. "حجية الحكم". إثبات. "قرائن قانونية". قوة الأمر المقضي.
قوة الأمر المقضي. ورودها على منطوق الحكم وعلى ما يكون متصلاً بهذا المنطوق اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها. جواز الطعن في الحكم للخطأ الوارد في هذه الأسباب. الأسباب عديمة الأثر في الحكم والزائدة عن حاجة الدعوى لا تحوز قوة الأمر المقضي ولا يصح الطعن في الحكم للخطأ فيها.
(ز) بيع. بطلان. ملكية. "أسباب كسب الملكية".
بطلان عقد البيع يقتضي اعتبار ملكية المبيع لم تتنقل من البائع إلى المشتري بسبب العقد. لا يمنع ذلك من أن يكسب المشتري أو الغير تلك الملكية بسبب آخر من أسباب كسب الملكية.
(ح) رسوم قضائية. دعوى. "مصروفات الدعوى".
وجوب تحصيل رسم واحد على طلب إبطال البيع وثبوت الملكية هو أرجح الرسمين. ترك المدعين لطلب ثبوت الملكية. القضاء لهم بإبطال العقد. إلزام المدعى عليهم بمصروفات الدعوى. عدم تقديم المحكوم عليهم مما يدل على أن الرسم المستحق على طلب ثبوت الملكية يزيد على الرسم المستحق على طلب إبطال العقد. لا محل للقول بإلزام المحكوم لهم بالفرق بين الرسمين.

-----------------
1 - رفع القانون رقم 106 لسنة 1962 بتعديله المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض عن كاهل الطاعن عبء إعلان الطعن وألقاه على عاتق قلم الكتاب بقصد التيسير على الطاعن والإقلال من مواطن البطلان - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية للقانون - ومن ثم فإنه في حالة وقوع بطلان في إعلان أحد المدعى عليهم في الطعن فإنه يجوز تصحيح هذا البطلان بإعادة إعلانه إعلاناً صحيحاً، ولا يؤثر في ذلك أن يكون الميعاد المحدد في المادة 11 للإعلان قد انقضى، ذلك أن هذا الميعاد لم يعد بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1962 ميعاداً حتمياً وإنما مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه البطلان (1).
2 - لا يشترط على ما جرى به قضاء محكمة النقض لاعتبار البيع وفائياً أن يثبت شرط استرداد المبيع في عقد البيع نفسه بل يجوز وروده في ورقة مستقلة (2).
3 - إذا كانت محكمة الموضوع قد استظهرت قصد المتعاقدين من تحرير الورقة المختلف على تكييفها وردته إلى شواهد وأسانيد تؤدى إليه عقلاً ثم كيفت هذه الورقة تكييفاً صحيحاً ينطبق على المعنى الظاهر لعباراتها ويتفق مع قصد المتعاقدين الذي استظهرته، فإن النعي على الحكم بخطئه في تكييف هذه الورقة يكون على غير أساس.
4 - تنص المادة 339 من القانون المدني الملغي بعد تعديلها بالقانون رقم 49 لسنة 1923 على أنه "إذا كان الشرط الوفائي مقصوداً به إخفاء رهن عقاري فإن العقد يعتبر باطلاً لا أثر له سواء بصفته بيعاً أو رهناً - وأن العقد يعتبر مقصوداً به إخفاء رهن إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات" وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن المشرع أورد هذه القرينة كقرينة قانونية قاطعة في الدلالة على أن العقد يستر رهناً ومانعة من إثبات العكس ومن ثم فإن في اعتماد الحكم المطعون فيه على هذه القرينة وحدها ما يكفي لحمل قضائه ببطلان عقد البيع على أساس أنه يخفي رهناً (3).
5 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عقد البيع المتنازع فيه هو في حقيقته عقد بيع وفائي يستر رهناً فإن هذا العقد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً ولقد كان حكم القانون في ظل التشريع الملغي في شأن مثل هذا العقد - أنه لا ينقلب صحيحاً مهما طال الزمن. ومن ثم لا يكون للتقادم أثر فيه ولصاحب الشأن دائماً أبداً رفع الدعوى أو الدفع ببطلانه. أما نص المادة 141 من القانون المدني القائم الذي يقضي بسقوط دعوى البطلان المطلق بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد فأنه نص مستحدث منشئ لحكم جديد لم يكن مقرراً في ظل القانون الملغي، ومن ثم فإن هذا التقادم إلا من تاريخ العمل بالقانون المدني القائم وليس معني هذا أن التقادم لا يسري على العقود الباطلة التي أبرمت في ظل القانون الملغي وإنما هو يسري عليها ولكن تبدأ مدة التقادم بالنسبة لدعاوى البطلان الخاصة بهذه العقود من تاريخ العمل بالقانون أي من 15/ 10/ 1949 وليس من تاريخ إبرامها.
6 - لا يجوز من الحكم قوة الأمر المقضي سوى منطوقه وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها وهذه الأسباب وحدها هي التي يصح الطعن في الحكم للخطأ الوارد فيها. أما ما عدا ذلك من الأسباب فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي ولا يصح الطعن في الحكم للخطأ فيها (4).
7 - ترتيب الأثر الرجعي لبطلان عقد البيع وإن كان يقتضي اعتبار ملكية المبيع لم تنتقل من البائع إلى المشتري بسبب العقد، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يكسب هذا المشتري أو الغير تلك الملكية بسبب آخر من أسباب كسب الملكية وإذا تحققت شرائطه القانونية.
8 - تقضى الفقرة الرابعة من المادة السابعة من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية بتحصيل رسم واحد على طلب إبطال البيع وثبوت الملكية هو أرجح الرسمين. ومن ثم إذا كانت الدعوى قد رفعت على الطاعنين بطلب ثبوت ملكية وإبطال عقد ولدى نظرها أمام محكمة الاستئناف تتنازل مدعوها عن الطلب الأول وحكم على الطاعنين في الطلب الثاني بإبطال العقد وبإلزامهم بمصروفات الدعوى، فإن النعي على هذا الحكم في خصوص قضائه بالمصروفات لا يكون على أساس متى كان الطاعنون لم يقدموا لمحكمة النقض ما يدل على أن الرسم الذي حصله منهم قلم الكتاب على طلب ثبوت الملكية الذي تركه مدعوه يزيد على الرسم المستحق على طلب إبطال العقد حتى يصح قول الطاعنين بوجوب إلزام المطعون ضدهم - رافعي الدعوى - بالفرق بين الرسمين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن وقائع الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة أقاموا في 17/ 11/ 1953 الدعوى رقم 1035 سنة 1953 كلي أسيوط وانتهوا فيها إلى اختصام جميع الطاعنين وإلى طلب الحكم لهم بتثبيت ملكيتهم إلى العشرة أفدنة الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبطلان عقد البيع المصدق عليه في 21 من نوفمبر سنة 1929 والمسجل في 25 من الشهر المذكور والمتضمن بيع المطعون ضده الأول ومورثي المطعون ضدهما الآخرين إلى مورث الطاعنين المرحوم فرغلي محمد شيمى العشرة أفدنة المذكورة واعتبار هذا العقد كأن لم يكن وشطب التسجيلات الموقعة عليها لصالح المورث الأخير وبني المطعون ضدهم دعواهم على أن هذا العقد وإن كان في ظاهره بيع بات إلا أنه في حقيقته بيع وفائي يخفي رهناً وإن الشرط الوفائي وإن لم ينص عليه في ذات العقد فقد تضمنته ورقة مستقلة حررت في ذات التاريخ الذي صدق فيه على ذلك العقد (21 نوفمبر سنة 1953) حيث تعهد المشتري في هذه الورقة برد العين المبيعة إلى البائعين إذا قاموا برد الثمن خلال ثلاث سنوات ودلل رافعوا الدعوى على أن العقد يستر رهناً يبخس الثمن الوارد فيه وببقاء العين المبيعة في حيازتهم بعد صدور العقد وقدموا إثباتاً لذلك ورقة مؤرخة 21/ 11/ 1929 موقع عليها من المشتري - مورث الطاعنين - وتتضمن تصريحه لبكر سيد عبد الله - أحد البائعين - بزراعة العشرة أفدنة المبيعة لمدة ثلاث سنوات وهي سنوات 1930 و1931 و1932. وأنكر الطاعنون أن العقد المطلوب إبطاله يستر رهناً وقالوا إنه - كما تدل نصوصه الصريحة - عقد بيع بات لم يرد فيه ذكر للشرط الوفائي وأنه لكي يعتبر البيع وفائياً يجب أن ينص في العقد ذاته على ذلك الشرط وقالوا عن ورقة 21/ 11/ 1929 إنها إنما تتضمن وعداً من مورثهم بالبيع قد سقط بانتهاء الأجل المحدد فيه وأضافوا أن ملكية العين المبيعة قد انتقلت إلى مورثهم من وقت تسجيل العقد وظهر بمظهر المالك لها وقام بوقفها مع أطيان أخرى مملوكة له على بعض أولاده من الطاعنين ووضع كل مستحق يده على حصته بغير منازع - وبتاريخ 31/ 3/ 1957 حكمت المحكمة الابتدائية للمطعون ضدهم بطلبيهم تثبيت الملكية وبطلان العقد المسجل في 25/ 11/ 1929. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 247 سنة 32 ق وكان من بين ما أقاموا عليه استئنافهم أن الدعوى ببطلان العقد قد سقطت بمضي أكثر من خمس عشرة سنة على إبرامه وأن الوقف قد تملك العين المبيعة بالتقادم الطويل المكسب للملكية وأنه لا صفة للمطعون ضدهم رافعي الدعوى في طلب تثبيت ملكيتهم للعشرة أفدنة بأكملها لأن للبائعين ورثة آخرين غيرهم لم يشتركوا معهم في الدعوى، وقد كلفت محكمة الاستئناف المطعون ضدهما الثاني والثالث بأن يقدم كل منهما ما يدل على انحصار إرث مورثه فيه ولكنهما لم يقدما هذا الإثبات وجاءا في جلسة المرافعة الأخيرة وتنازلا هما والمطعون ضده الأول عن طلب تثبيت الملكية وقصروا دعواهم على طلب إبطال العقد - وبتاريخ 9/ 12/ 1959 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإثبات تنازل المستأنف عليهم (المطعون ضدهم) عن طلب تثبيت ملكيتهم للأطيان البالغ مساحتها عشرة أفدنة المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى الابتدائية ورفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وألزمت المستأنفين بالمصروفات فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى رفض الطعن. وبعد إحالة الطعن من دائرة فحص الطعون أودع المطعون ضدهم مذكرة دفعوا فيها ببطلان الطعن تأسيساً على أن إعلانه إلى المطعون ضده الأول قد وقع باطلاً. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم الطرفان على ما ورد بمذكراتهما وتمسكت النيابة برأيها السابق وبرفض الدفع سالف الذكر.
وحيث إن المطعون ضدهم يؤسسون دفعهم ببطلان الطعن على أنه أعلن إلى المطعون ضده الأول في شخص علي محمد علي بوصفه صهراً له وقد خلت الصورة المسلمة للأخير من ذكر أنه مقيم مع المطلوب إعلانه وأن هذا كان غائباً عن موطنه وقت الإعلان ويرى المطعون ضدهم أن إغفال هذا البيان في الصورة يترتب عليه بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول وأنه لما كان النزاع غير قابل للتجزئة لأنه يدور حول بطلان عقد فإن بطلان الطعن بالنسبة لأحدهم يستتبع بطلانه بالنسبة لهم جميعاً.
وحيث إنه لما كان إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم الثلاثة قد تم في 19 من يونيه سنة 1963 في ظل القانون رقم 106 لسنة 1962 المعدل للمادة 11 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات النقض والذي رفع عن كاهل الطاعن عبء إعلان الطعن وألقاه على عاتق قلم الكتاب بقصد التيسير على الطاعن والإقلال من مواطن البطلان - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لذلك القانون - فأنه في حالة وقوع بطلان في إعلان أحد المدعى عليهم في الطعن فإنه يجوز تصحيح هذا البطلان بإعادة إعلانه إعلاناً صحيحاً ولا يؤثر في ذلك أن يكون الميعاد المحدد في المادة 11 للإعلان قد انقضى ذلك أن هذا الميعاد لم يعد بعد صدور القانون 106 لسنة 1962 ميعاداً حتمياً وإنما مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه البطلان ولما كان المطعون ضده قد حضر بناء على الإعلان الذي يدعي بطلانه وقدم مذكرته في الميعاد القانوني ولم يبين وجه مصلحته في التمسك بهذا البطلان فإن إعادة إعلانه لا يكون لها موجب.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه بني على سبعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تكييف ورقة 21/ 11/ 1929 كما أخطأ في الإسناد ذلك أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن هذه الورقة تتضمن وعداً من مورثهم ببيع العشرة أفدنة إلى من كان قد اشتراها منهم إذا قاموا بأداء ثمنها إليه خلال ثلاث سنوات لكن الحكم المطعون فيه خالف صريح عبارات هذه الورقة واعتبرها متضمنة للشرط الوفائي ورتب على ذلك اعتبار عقد البيع البات المبرم بين مورثي الطاعنين وبين المطعون ضده الأول ومورثي المطعون ضدهما الآخرين عقد بيع وفائي ساتراً لرهن معتمداً في ذلك على أسباب ليس من شأنها أن تؤدى إلى هذه النتيجة فضلاً عما يشوب بعض هذه الأسباب من خطأ في الإسناد فقد اعتمد الحكم في نفي الوعد بالبيع على ما قاله من أنه لو كانت نية الطرفين قد اتجهت إلى هذا الوعد لما كان هناك ضرورة لتحديد المدة ولحدد الثمن الذي ينعقد به البيع - هذا في حين أن الوعد بالبيع يجب أن يقترن بميعاد ولا يمكن أن يكون مؤبداً كما أن الثمن قد حدد بأنه الثمن الوارد في عقد البيع ولم يدخل عليه تغيير بسبب قصر مدة الوعد وعدم احتمال زيادة أثمان الأطيان خلال هذه المدة - أما الخطأ في الإسناد فإنه - على ما يقول الطاعنون - يتمثل فيما أسنده إليهم الحكم على خلاف الواقع من أنهم لم يجادلوا في بقاء العين المبيعة تحت يد البائعين وفيما قاله في موضع آخر من " أن الثابت أن هذه العين قد بقيت بعد البيع تحت يد المدين الراهن بطريق الاستئجار من يوم بيعها الحاصل في سنة 1929 إلى يومنا هذا وأنه لم يتبين من المستندات المقدمة مقدار هذا الإيجار بالضبط وما عساه يكون قد طرأ عليه من تغيير يتمشى صعوداً وهبوطاً مع الحالة الاقتصادية وهو ما لا يتفق مع حالة البيع البات" - ويقول الطاعنون إن هذا الذي قرره الحكم ينطوي على مخالفة للثابت في الأوراق إذ أن المستندات المقدمة منهم إلى محكمة الموضوع تدل على أن المطعون ضدهم لم يستأجروا في أي وقت كامل العين المبيعة وإنما استأجروا من ناظر الوقف أجزاء قليلة منها وذلك بعد أن وقفها مورثهم في سنة 1934 وقد حددت في عقود الإيجار المتلاحقة قيمة الأجرة عن كل سنة من سني الإيجار ولم تكن الأجرة واحدة في هذه السنين بل كانت تزيد وتنقص تبعاً للحالة الاقتصادية ولم يتقدم عقد واحد يفيد أن المطعون ضدهم أو مورثيهم استأجروا جميع العين المبيعة.
وحيث إن ورقة 21/ 11/ 1929 المختلف على تكييفها لم تقدم إلى هذه المحكمة ومن ثم وجب اعتبار ما ورد في الحكم المطعون فيه عن محتويات هذه الورقة حجة غير منقوضة. ولما كان الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه قد ذكر في بيان تلك الورقة أنها عبارة عن إقرار موقع عليه ببصمة ختم لفرغلي محمد شيمى (مورث الطعن) ويتعهد فيه برد العين المبيعة إلى البائعين إذا قاموا برد الثمن في خلال ثلاث سنوات - وقد اعتبر الحكمان الابتدائي والمطعون فيه هذه الورقة متضمنة الشرط الوفائي وأنها تعتبر بمثابة ورقة ضد لما أثبت في العقد من أن البيع بات، واعتمد الحكم المطعون فيه في إطراح قول الطاعنين بأن ما تضمنته تلك الورقة هو وعد بالبيع وليس شرطاً وفائياً على ما أورده في أسبابه فيما يلي "وحيث إنه في خصوص ورقة الضد المؤرخة 21/ 11/ 1929 فقد تحدث عنها الحكم المستأنف حديثاً ضافياً انتهى فيه إلى اعتبارها كذلك نظراً لمعاصرتها الذهنية والزمنية للعقد المطعون عليها ولأنها كتبت معه في مجلس واحد بدليل اتحاد الشهود الموقعين عليها وعلى العقد المذكور وقد أصابت المحكمة الابتدائية وجه الحق في إطراح القول بأن تلك الورقة لا تتضمن إلا وعداً بالبيع لم تتحقق شروطه. أصابت بالإعراض عن هذه الفكرة لأن المسألة مسألة نية لا أكثر ولا أقل وهذه النية تستخلص من الظروف التي أحاطت بكتابة الورقة وأهمها وأكثرها اعتباراً تحريرها وتحرير العقد في مجلس واحد ومعناه أن النية قد انطوت على رهن مستور في صورة بيع بات وضماناً لحفظ حق الراهنين فقد حررت لهم هذه الورقة حتى لا يتعرض هذا الحق للضياع - وذكرت فيها مدة الوفاء، ولو أن الأمر أمر بيع بات حقاً لما كانت هناك ضرورة لذكر المدة - أضف إلى هذا أن عدم إدخال أي تغيير في الثمن يشير إلى أن العلاقة التي تربط الطرفين هي علاقة دائن مرتهن بمدين راهن ولو أن الطرفين كانا يهدفان من وراء تحرير تلك الورقة أن تكون وعداً بالبيع لذكر ذلك صراحة ولحدد الثمن الذي سينعقد عليه البيع الجديد منعاً من المماطلة والعرقلة عند إبرامه" ويبين من ذلك أن حديث الحكم عند تحديد مدة الاسترداد لم يرد في معرض التدليل على نفي الوعد بالبيع كما يزعم الطاعنون وإنما في معرض نفي صفة البيع البات عن العقد - ولما كان لا يشترط - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، لاعتبار البيع وفائياً أن يثبت شرط استرداد المبيع في عقد البيع نفسه بل يجوز وروده في ورقة مستقلة وكانت محكمة الموضوع قد استظهرت قصد العاقدين من تحرير الورقة المختلف على تكييفها وردته إلى شواهد وأسانيد تؤدى إليه عقلاً ثم كيفت هذه الورقة تكييفاً صحيحاً ينطبق على المعنى الظاهر لعباراتها ويتفق مع قصد المتعاقدين الذي استظهرته فإن النعي على الحكم بخطئه في تكييف هذه الورقة يكون على غير أساس، وإذ كان الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه قد أثبت في بياناته أن المطعون ضدهم قدموا ضمن مستنداتهم ورقة مؤرخة 21/ 11/ 1929 موقعاً عليها ببصمة ختم لفرغلي محمد شيمى - مورث الطاعنين - وتتضمن تصريحه لبكر سيد عبد الله مورث المطعون ضده الثاني وأحد البائعين بزراعة العشرة أفدنة المبيعة لمدة ثلاث سنوات من سنة 1930 إلى آخر سنة 1932 وقد استدل ذلك إلى الحكم بهذه الورقة على أن العين المبيعة استمرت في حيازة البائعين وفائياً بعد صدور البيع منهم وطوال الفترة المحددة للاسترداد وأضاف الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قوله إن ورثة المشتري (الطاعنين) لم يجادلوا في بقاء العين المبيعة تحت يد البائعين وأن القانون جعل في المادة 339 قديم هذه القرينة قاطعة في أن البيع مقصود به إخفاء رهن كما اعتبره باطلاً بحيث لا يصلح رهناً ولا بيعاً" وكان الطاعنون لم ينكروا أمام محكمة الموضوع صدور الورقة سالفة الذكر من مورثهم ولم يضمنوا أسباب طعنهم نعياً ما على استناد الحكم المطعون فيه إليها - وكانت تلك الورقة كافية بذاتها لإثبات بقاء العين المبيعة في حيازة البائعين بعد صدور البيع منهم وفيها غناء عن استدلال الحكم على تلك الواقعة بعدم مجادلة الطاعنين فيها فإنه حتى لو كان الحكم قد أخطأ في إسناد عدم المجادلة هذه إلى الطاعنين فإن نعيهم عليه في هذا الخصوص بالخطأ في الإسناد لا يكون بذي جدوى على أن الطاعنين لم يقدموا من جانبهم إلى محكمة النقض ما يفيد أنهم جادلوا أمام محكمة الموضوع في واقعة بقاء العين المبيعة في حيازة البائعين بعد البيع - على خلاف ما أسنده الحكم إليهم - أما عقود الإيجار الأخرى المقدمة منهم بملف الطعن والتي كان قد سبق طرحها على محكمة الموضوع وهي عن مدد لاحقة لصدور الوقف الحاصل في 9 سبتمبر سنة 1934 فإن هذه العقود لا تنفي أن العين المبيعة كانت في حيازة البائعين أيضاً من قبل تواريخ تلك العقود - لما كان ما تقدم، وكانت المادة 339 من القانون المدني الملغي بعد تعديلها بالقانون رقم 49 لسنة 923 تنص على أنه "إذا كان الشرط الوفائي مقصوداً به إخفاء رهن عقاري فإن العقد يعتبر باطلاً لا أثر له سواء بصفته بيعاً أو رهناً - وأن العقد يعتبر مقصوداً به إخفاء رهن إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات" - وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع أورد هذه القرينة كقرينة قانونية قاطعة في الدلالة على أن العقد يستر رهناً ومانعه من إثبات العكس - لما كان ذلك، فإن في اعتماد الحكم على هذه القرينة وحدها ما يكفي لحمل قضائه ببطلان عقد البيع على أساس أنه يخفي رهناً وبالتالي يكون تعييبه في أسبابه الأخرى التي ساقها للتدليل على ذلك غير منتج كذلك لا يؤثر في سلامة الحكم قوله إن الحيازة بقيت للمطعون ضدهم إلى وقتنا هذا إذ ذلك من الحكم تزيداً لم يكن هو بحاجة إليه ما دام قد أثبت أن العين المبيعة قد بقيت في حيازة البائعين بعد صدور البيع منهم وهو ما يكفي قانوناً لاعتبار العقد ساتراً لرهن وإبطاله على هذا الأساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى المطعون ضدهم ببطلان العقد وبعدم سماعها لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على صدور ذلك العقد وقالوا في التدليل على ذلك إنه وإن اختلف الرأي في ظل القانون المدني الملغي في خصوص سقوط دعوى البطلان بالتقادم إلا أنه وقد قرر القانون الجديد في المادة 141 منه أن دعوى البطلان المطلق تسقط بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد فإن المشرع قد قصد بذلك أن يكشف عن حكم القانون في هذه المسألة سواء في ظل التشريع الملغي الذي خلا من النص على ذلك وترك الأمر للاجتهاد أو في ظل التشريع القائم فهذا النعي يعتبر مفسراً أكثر منه منشئاً - لكن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بسقوط دعوى البطلان استناداً إلى ما قاله من أنها لا تسقط أبداً وأن نص المادة 141 من القانون الجديد هو من قبيل التشريع الجديد الذي لم يكن معروفاً في القانون القديم وأنه غير ذي أثر رجعي فيمتنع تطبيقه والاسترشاد به على الحوادث السابقة على صدور القانون القائم وأضاف الحكم أن محكمة النقض قد أقرت هذا النظر في عديد من أحكامها - ويرى الطاعنون أن الحكم قد أخطأ في هذا الذي قرره ذلك أنه ما دامت الدعوى الحالية قد رفعت في ظل القانون الجديد فإنه كان يجب تطبيق أحكام هذا القانون عليها واعتبارها قد سقطت بالتقادم لانقضاء أكثر من خمس عشرة سنة على تاريخ العقد المطلوب إبطاله أما ما قررته محكمة النقض في أحكامها التي أشار إليها الحكم فإنه يصدق فقط على الدعاوى التي رفعت في ظل القانون الملغي.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عقد البيع الصادر إلى مورث الطاعنين هو في حقيقته عقد بيع وفائي يستر رهنا فإن هذا العقد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً، ولقد كان حكم القانون في ظل التشريع الملغي في شأن مثل هذا العقد - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه لا ينقلب صحيحاً مهما طال الزمن ومن ثم لا يكون للتقادم أثر فيه ولصاحب الشأن دائماً أبداً رفع الدعوى أو الدفع ببطلانه أما نص المادة 141 من القانون المدني القائم الذي يقضي بسقوط دعوى البطلان المطلق بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد فإنه نص مستحدث منشئ لحكم جديداً لم يكن مقرراً في ظل القانون الملغي ومن ثم فإن هذا التقادم لا يسري إلا من تاريخ العمل بالقانون المدني القائم وليس معنى هذا أن التقادم المذكور لا يسري كما قال الحكم المطعون فيه خطأ - على العقود الباطلة التي أبرمت في ظل القانون الملغي وإنما هو يسري عليها ولكن تبدأ مدة التقادم بالنسبة لدعاوى البطلان الخاصة بهذه العقود من تاريخ العمل بالقانون القائم أي من 15/ 10/ 1949 وليس من تاريخ إبرامها - ولما كان الثابت أن دعوى البطلان الحالية قد رفعت قبل انقضاء خمس عشرة سنة على تاريخ العمل بالقانون القائم فإنها لا تكون قد سقطت بالتقادم وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم سماعها بالتقادم لم يخالف القانون وما دام قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فإنه لا يضيره بعد ذلك ما حوته أسبابه من تقرير قانوني خاطئ على النحو السالف بيانه.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان لقضائه في خصومة تنازل عنها مدعوها وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن المطعون ضدهم طلبوا ابتداء الحكم لهم ببطلان عقد البيع المسجل في 25/ 11/ 1929 وبثبوت ملكيتهم للعشرة أفدنة المبيعة بموجب هذا العقد وقضت لهم المحكمة الابتدائية بهذين الطلبين ولما استأنف الطاعنون هذا الحكم وتمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن لا صفة للمطعون ضدهم في طلب ثبوت ملكيتهم للعشرة أفدنة جميعها لأن للبائعين لها ورثة آخرين غيرهم لم يمثلوا في الدعوى - رأت محكمة الاستئناف في سبيل تحقيق هذه الصفة أن تكلف كلاً من المطعون ضدهما الثاني والثالث بتقديم ما يثبت انحصار إرث مورثه فيه بمفرده لكنهما لم يقدما الدليل على ذلك وقررا هما والمطعون ضده الأول بجلسة المرافعة الأخيرة بتنازلهم عن طلب تثبيت الملكية وقد كان هذا يقتضي من محكمة الاستئناف أن تحكم في منطوق حكمها بإلغاء قضاء الحكم المستأنف في هذا الطلب وبإلزام المطعون ضدهم بمصروفاته وأن لا تتعرض لبحث موضوعه بعد أن تركه مدعوه لكنها لم تفعل إذ اكتفت بالنص في أسباب حكمها على ذلك الإلغاء ولم تضمنه المنطوق كما أنها لم تقف في تلك الأسباب عند حد إثبات التنازل بل علقت عليه بقولها إنه سديد لأن طلب تثبيت الملكية من قبيل تحصيل الحاصل إذ القضاء ببطلان عقد البيع يستتبع بقاء الملكية في المطعون ضدهم لأنها لم تتنقل بالفعل ولا بالقانون ويرى الطاعنون أن إثبات التنازل عن طلب ثبوت الملكية على الصورة الواردة في منطوق الحكم المطعون فيه لا يعتبر إلغاء لما قضى به الحكم الابتدائي في هذا الطلب كما أنه أصبح ممتنعاً على المحكمة بعد صدور هذا التنازل أن تتعرض لبحث ملكية العين المبيعة وتقرر بقاءها للمطعون ضدهم لأن الوقف كان ينازعهم في هذه الملكية ويدعيها لنفسه وكان الطاعنون يدعون اكتساب هذه الملكية لا عن طريق العقد والميراث عن مورثهم المشتري وإنما عن مصدر آخر هو الاستحقاق في ذلك الوقف وقد أراد المطعون ضدهم تفادي هذه المنازعة بتنازلهم عن طلب الملكية ومن ثم يكون كل ما قاله الحكم المطعون فيه في شأن بقاء هذه الملكية للمطعون ضدهم قضاء منه في غير خصومة مطروحة مما يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه على الرغم من تسجيله في أسبابه أن المستأنف عليهم (المطعون ضدهم) قرروا بلسان الحاضر عنهم بجلسة المرافعة الأخيرة أنهم يتنازلون عن طلب تثبيت ملكيتهم للأرض المبيعة، وعلى الرغم من أنه قبل هذا التنازل وقضى في منطوقه بإثباته فإنه مضى في أسبابه في بحث منازعة الوقف الذي يستحق فيه المطعون ضدهم في ملكية تلك الأرض وادعائه تملكها بالتقادم المكسب وانتهى الحكم من هذا البحث إلى التقرير بعدم صحة تلك المنازعة وببطلان الوقف بطلاناً مطلقاً لقيامه على أنقاض عقد باطل وبأن وضع يده على العين المبيعة لا يكسبه الملكية لعلم ممثليه ونظاره بأن حيازتهم كانت بسبب الرهن وعدم تغييرهم صفة هذه الحيازة - ولما كان المطعون ضدهم بعد نزولهم عن طلب ثبوت ملكيتهم للأرض المبيعة يكونون قد حصروا دعواهم في طلب إبطال عقد البيع المسجل في 25/ 11/ 1929 وكان بحسب الحكم لتسبيب قضائه لهم بهذا الطلب ما قرره في أسبابه من أن ذلك العقد يتضمن بيعاً وفائياً ساتراً لرهن ولم يكن الفصل في هذا الطلب الذي انحصرت الدعوى فيه يحتاج إلى التعرض إلى منازعة الوقف في ملكية العين المبيعة لأن هذه المنازعة هي مما لا تتأثر به دعوى بطلان العقد إذ ثبوت صحتها لا يحول دون الحكم بهذا البطلان ما دام قد ثبت أن العقد باطل بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام فهذه المنازعة لا تتجه إلى طلب بطلان العقد وإنما أثارها المدعى عليهم (الطاعنون) دفعاً لطلب ثبوت الملكية دون أن يطلبوا في صورة طلب عارض الحكم لهم بهذه الملكية وبذلك أصبح لا محل لبحث هذه المنازعة بعد أن قبل الحكم تنازل المدعين عن ذلك الطلب - لما كان ما تقدم، وكان لا يحوز من الحكم قوة الأمر المقضي سوى منطوقه وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها وهذه الأسباب وحدها هي التي يصح الطعن في الحكم للخطأ الوارد فيها لما كان ذلك، فإن كل ما ورد في أسباب الحكم المطعون فيه في شأن منازعة الوقف في ملكية العين المبيعة يكون عديم الأثر زائداً على حاجة الدعوى وهو على هذا الاعتبار لا يحوز قوة الأمر المقضي ولا يصح الطعن في الحكم للخطأ في تلك الأسباب - بفرض وقوع هذا الخطأ - وتكون تلك المنازعة باقية على حالها غير مفصول فيها ولا ينال من صحة هذا النظر ما ذكره الحكم من أن تقرير بطلان العقد يستتبع بقاء الملكية للبائعين (المطعون ضدهم) ذلك أن ترتيب الأثر الرجعي لبطلان عقد البيع وإن كان يقتضي اعتبار ملكية المبيع لم تنتقل من البائع إلى المشتري بسبب العقد إلا أن ذلك لا يمنع أن يكسب هذا المشتري أو الغير تلك الملكية بسبب آخر من أسباب كسب الملكية إذا تحققت شرائطه القانونية.
وحيث إنه عما أثاره الطاعنون بالسبب المتقدم خاصاً بتعييب الحكم المطعون فيه لعدم نصه في منطوقه على إلغاء قضاء الحكم المستأنف في طلب ثبوت الملكية الذي تركه مدعوه فإنه مردود بأن الحكم المطعون فيه وقد نص على هذا الإلغاء في أسبابه فإن هذا الذي ورد في الأسباب يعد قضاء مرتبطاً بالمنطوق ومكملاً له. أما عن النعي على الحكم لعدم إلزامه المطعون عليهم بمصروفات طلب ثبوت الملكية الذي نزلوا عنه فإنه لما كانت المادة 7/ 4 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية تقضى في حالة الدعوى الحالية بتحصيل رسم واحد على طلبي إبطال البيع وثبوت الملكية هو أرجح الرسمين فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون بقضائه بإلزام الطاعنين بمصروفات الدعوى على اعتبار أنه قد حكم عليهم فيها في خصوص طلب إبطال العقد ولم يقدم الطاعنون لهذه المحكمة ما يدل على أن الرسم المستحق على طلب ثبوت الملكية الذي تركه مدعوه يزيد على الرسم المستحق على طلب إبطال العقد حتى كان يصح القول بوجوب إلزام المطعون ضدهم بالفرق بين الرسمين.
وحيث إنه لما كان النعي بباقي أسباب الطعن وارداً على ما تضمنته أسباب الحكم المطعون فيه التي اعتبرتها هذه المحكمة نافلة واعتبرت ما قاله الحكم فيها عديم الأثر وغير حائز لقوة الأمر المقضي فإن النعي الوارد بتلك الأسباب يكون غير جائز.
وحيث إنه مع تقرير ما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 5/ 3/ 1964 طعن 227 س 29 ق السنة 15 ص 297.
(2) راجع نقض 22/ 11/ 1951 طعن 197 س 19 ق مجموعة 25 سنة ص 374.
(3) راجع نقض 15/ 3/ 1956 طعن 302 س 22 ق السنة السابعة ص 316، ونقض 3/ 1/ 1963 طعن 341 س 27 ق السنة 14 ص 75.
(4) راجع نقض 5/ 3/ 1964 طعن 339 س 29 ق السنة 15 311.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق