جلسة 14 من مايو سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
----------------
(135)
الطعن رقم 165 لسنة 36 القضائية
دعوى. "طلب التدخل". حكم. "الحكم في طلب التدخل".
جواز الحكم في النزاع المتعلق بقبول طلب التدخل وفي موضوعه معاً سواء مع الحكم في الدعوى الأصلية أو بعد الفصل فيها. القضاء في طلب التدخل بحكم مستقل غير لازم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الظاهر محمد صقر أقام الدعوى رقم 747 سنة 1964 تجاري كلي القاهرة ضد السعيد أحمد الجوادي، وقال شرحاً لها إنه بمقتضى عقد مؤرخ 1/ 7/ 1951 تكونت شركة توصية بسيطة بينه وبين المدعى عليه والحاج مصطفى محمد الصباغ وحسني محمود بصل ومحمد محمود بصل ومحمود محمود شلبي - على أن يكون الخمسة الأول شركاء متضامنين والسادس شريكاً موصياً - غرضها تشغيل وبيع المنسوجات لمدة خمس سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1951 وتتجدد من تلقاء نفسها لمدة أخرى إلا إذا أبدى أحد الشركاء رغبته في تصفيتها قبل انتهاء المدة بستة شهور، ونص في العقد على أن تكون الإدارة للمدعى عليه، وبعد انقضاء الخمس سنوات الثانية للشركة وبمقتضى عقد مؤرخ 31/ 7/ 1961 أبرم بين الشركاء تخارج المدعى عليه من الشركة ببيع نصيبه فيها إلى باقي الشركاء وعلى أن تستمر الشركة بينهم، ونص في هذا العقد على تعهده بتقديم حساب عن مدة إدارته للشركة حتى آخر يونيه سنة 1961 م وإعطاء كل شريك حقه، ولكنه لم ينفذ هذا التعهد، ولهذا فقد أقام ضده الدعوى بطلب إلزامه بتقديم حساب عن مدة إدارته للشركة مؤيداً بالمستندات والحكم بإلزامه بأن يؤدي له ما يظهر له من هذا الحساب، وأثناء سير الدعوى طلب حسن محمود حسن بصل قبوله خصماً في الدعوى ودفع بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة، تأسيساً على أن المدعي هو ومصطفى محمد الصباغ قد خرجا من الشركة بأن باعا جميع حقوقهما فيها إلى طالب التدخل وشقيقه محمود محمد بصل بمقتضى عقد مؤرخ 10/ 6/ 1963 نظير ثمن قدره 2880 ج تحرر به سندات إذنية عليهما، وفي 3/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بقبول تدخل حسن محمود حسن خصماً في الدعوى وبعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدفع والحكم له بطلباته، قيد هذا الاستئناف برقم 530 سنة 82 ق. وتمسك بأن المحرر المؤرخ 10/ 6/ 1963 الذي استند إليه الخصم المتدخل إنما هو مشروع عقد لم يتم إذ علق نفاذه على تصفية الحساب بين الشركاء وموافقة الشريك الموصى محمد محمد شلبي الذي لم يوافق عليه. كما أنه لم يفسخ عقد التخارج المؤرخ 1/ 7/ 1961 م، وفي 18/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم المطعون فيه. ولم يحضر المطعون عليهما ولم يبديا دفاعاً وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد قضى بتاريخ 3/ 6/ 1965 بقبول تدخل المطعون عليه الثاني وبقبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وهو منه خطأ في تطبيق القانون، إذ أن المادة 155 من قانون المرافعات توجب الفصل في طلب التدخل أولاً وفي مواجهة الخصوم وبعد قبوله يحكم في موضوعه بعد سماع أقوالهم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا الترتيب وقضى في الأمرين معاً فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يكون باطلاً لابتنائه على باطل.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 155 من قانون المرافعات على أن "تحكم المحكمة على وجه السرعة في كل نزاع يتعلق بقبول الطلبات العارضة أو التدخل، ولا يترتب على الطلبات العارضة أو التدخل إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للفصل فيها، وتحكم المحكمة في موضوع الطلبات العارضة أو في طلبات التدخل مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك وإلا استبقت الطلب العارض أو طلب التدخل للحكم فيه بعد تحقيقه" يدل على أن المشرع إنما أراد ألا يترتب على الطلبات العارضة وطلبات التدخل تأخير الفصل في الدعوى، وليس في عبارة النص ما يوجب على المحكمة أن تقضي بقبول طلب التدخل بحكم مستقل قبل أن تصدر حكمها في موضوع هذا الطلب وبالتالي فإنه ليس ثمة ما يمنع المحكمة من أن تقضي في النزاع المتعلق بقبول طلب التدخل وفي موضوع هذا الطلب معاً، ويستوي أن يكون ذلك مع الحكم في الدعوى الأصلية أو بعد الفصل فيها متى كانت جميعها مهيأة للفصل فيها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المحرر المؤرخ 10/ 6/ 1963 الذي استند إليه المطعون عليه الثاني يعتبر مشروع عقد لم يتم، واستدل على ذلك بالدعوى رقم 1127 سنة 1963 تجاري كلي القاهرة التي رفعها ضده المطعون عليه الثاني بطلب فصله من الشركة، وبما قرره فيها بمحضر جلسة 6/ 5/ 1965 من أن المحرر المذكور معلق نفاذه على استيفاء الطاعن ومصطفى الصباغ لما تم تنفيذه بينهما، وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع استناداً إلى أن الدعوى المذكورة إنما رفعت بسبب النزاع السابق على التخارج وانتهت بتنازل المطعون عليه الثاني عنها وأن ما ورد بمحضر جلسة 6/ 5/ 1965 لا يعدو أن يكون تفسيراً لما ورد بالبند الإضافي لعقد التخارج المؤرخ 10/ 6/ 1963 من أن الثمن وقدره 2280 جنيه حرر به 22 سنداً إذنياً لصالح البائعين، وهذا من الحكم استدلال فاسد ومسخ لدفاعه، إذ أن المطعون عليه الثاني قد رفع الدعوى رقم 1127 سنة 1963 بعد تحرير العقد المؤرخ 10/ 6/ 1963 وطلب فيها فصل الطاعن من الشركة وهي بذلك قاطعة في الدلالة على أن هذا المحرر كان مشروع عقد لم يتم، كما أن ما قرره الحكم بصدد أقوال المطعون عليه الثاني بمحضر جلسة 6/ 5/ 1965 فيه خروج على قواعد التفسير، إذ أن تحرير 22 سنداً إذنياً بالثمن لا يفيد قيام المطعون عليه الثاني وشقيقه بتنفيذ ما تعهدا به، بل معناه الواضح أنهما لم ينفذا هذه الالتزامات.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك للتدليل على أن المحرر المؤرخ 10/ 6/ 1963 مشروع عقد لم يتم بما نص عليه في البند التاسع من عقد الشركة من منع أي شريك من التصرف في حصته إلا بعد عرض الأمر على باقي الشركاء وأن التصرف موضوع المحرر المؤرخ 10/ 6/ 1965 لم يعرض على الشريك السادس محمد محمد شلبي، وقد رد الحكم على ذلك بأنه لا يجوز للطاعن التمسك بهذا البند لأنه ملزم بما ورد في العقد المؤرخ 10/ 6/ 1963، فضلاً عن أن الحظر الوارد بالبند المذكور يقتصر على حالة التصرف لغير الشركاء، ويرى الطاعن أنه لا وجه لما قرره الحكم، إذ أنه إنما تمسك بهذا البند للتدليل على أن المحرر كان مشروع عقد لم يتم، كما أن عبارة الحظر الواردة في البند المذكور عامة ومطلقة، وإذ خصصها الحكم بغير مخصص فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه رد على ما تمسك به الطاعن من أن المحرر المؤرخ 10/ 6/ 1962 كان مشروع عقد لم يتم بقوله "إن الثابت من الاطلاع على الصورة الشمسية للعقد المؤرخ 10/ 6/ 1963 المحرر بين المستأنف (الطاعن) ومصطفى محمد الصباغ طرف أول وبين المستأنف عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) وأخيه محمد محمود بصل طرف ثان بأنه عقد تخارج، يفيد بيع الطرف الأول للطرف الثاني نصيبهما في الشركة، وأنه تخارج نهائي لا رجوع فيه شمل كافة حقوق الطرف الأول في الشركة أياً كان نوعها وذلك اعتباراً من تاريخ العقد، وأنه لم يعد للطرف الأول من حقوق في الشركة أو في ذمة أي من باقي الشركاء فيها، وأن العقد محرر من صورتين بيد كل طرف صورة ولم يعلق نفاذ العقد على شرط ومن ثم يكون الادعاء بأنه مشروع عقد لا سند له، أما عن استشهاد المستأنف بالدعوى رقم 1127 سنة 1963 فالثابت من الصورة المقدمة منه أنها رفعت من المستأنف ضده الثاني قبل المستأنف بسبب النزاع السابق على التخارج وأنها انتهت بتنازل المستأنف عليه الثاني عن الدعوى بعد أن تخارج المستأنف من الشركة، وما ورد على لسان وكيل المستأنف عليه الثاني بجلسة 6/ 5/ 1965 لا يعدو أن يكون تفسيراً لما ورد بالبند الإضافي لعقد التخارج المؤرخ 10/ 6/ 1963 من أن الثمن وقدره 2280 ج حرر به 22 سنداً إذنياً لصالح البائعين تسدد على أقساط شهرية ابتداء من أول أغسطس سنة 1963. أما عن تمسك المستأنف بما ورد في البند التاسع من عقد الشركة من ضرورة موافقة الشركاء على البيع، فقول لا يقبل من المستأنف باعتبار أنه طرف في العقد ملزم بنفاذه، فضلاً عن أن المستفاد من هذا العقد أنه يسري في حالة البيع لغير الشركاء" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه سائغ ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه من اعتبار عقد التخارج المؤرخ 10/ 6/ 1963 عقداً تاماً وليس مشروع عقد كما يدعي الطاعن ويتفق مع ما ورد في المستندات التي يتحدى بها ذلك أن النص في العقد المؤرخ 10/ 6/ 1963 على تخارج الطاعن وزميله مصطفى محمد الصباغ من الشركة تخارجاً نهائياً لا رجوع فيه ببيعهما نصيبهما فيها إلى المطعون عليه الثاني وشقيقه محمد محمود بصل نظير الثمن المنصوص عليه في العقد، صريح في أن العقد تخارج تام وليس مشروع عقد، ولا يغير من ذلك أن يكون قد نص في العقد على أنه قد حررت بقيمة الثمن سندات إذنية لصالح المتخارجين تستحق الأداء شهرياً ابتداء من أغسطس سنة 1963، ما دام أنه لم ينص فيه على تعليق نفاذه على الوفاء بقيمة هذه السندات، كما أن رفع المطعون عليه للدعوى رقم 1127 سنة 1963 بطلب فصل الطاعن من الشركة بعد تحرير عقد التخارج لا يغير من وصف هذا العقد بأنه عقد تام، هذا إلى أن الثابت من الحكم الصادر فيها أن وكيل المطعون عليه الثاني قرر في المذكرة المقدمة منه أن التخارج تم في 10/ 6/ 1963 وأنه كان قد كلف برفعها قبل هذا التاريخ وأن الفرصة لم تسعفه لتدارك هذا الأمر ولهذا فقد اضطر إلى التقرير بالتنازل عنها بعد أن تبين حصول هذا التخارج، كما أن النص في البند التاسع من عقد الشركة المؤرخ أول يوليه سنة 1951 على أنه لا يجوز لأي شريك التصرف في نصيبه بالبيع أو التنازل أو خلافه إلا بعد عرض الأمر على الشركاء ولهم حق الأولوية وعليه أن يخطرهم برغبته هذه بخطاب موصى عليه قبل تنفيذها بستة شهور" يفهم منه أن الحظر الوارد به مقصور على التصرف الحاصل لغير الشركاء، بدليل النص فيه على أن تكون الأولوية لهم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي على الحكم بهذين السببين على غير أساس، ويتعين لذلك رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق