جلسة 17 من مارس سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل.
---------------
(53)
الطعن رقم 14 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"
(أ) استئناف. "رفع الاستئناف". "صحيفة الاستئناف". أحوال شخصية. وقف.
استئناف الأحكام الصادرة في قضايا الأحوال الشخصية التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية. خضوعه للمواد الخاصة به الواردة بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية. الخطأ في رقم الحكم المطعون فيه والمحكمة التي أصدرته. لا بطلان.
(ب) وقف. "شرط الواقف". "تفسيره". "الاستحقاق في الوقف".
إنشاء الوقف. دلالته على جعل الاستحقاق ليس منوطاً بوصف يدخله في نطاق الوقف على وجوه البر. مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن - الشيخ محمد محمد العيسوي - أقام الدعوى رقم 210 سنة 1956 كلي الفيوم للأحوال الشخصية ضد وزارة الأوقاف بطلب استحقاقه للأربعة أفدنة الموضحة في صحيفة افتتاح الدعوى وعدم تعرضها له فيها مع إلزامها بالمصاريف، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب حجة الوقف المؤرخة 12 من نوفمبر سنة 1905 وقفت المرحومة السيدة نهاوند البيضاء الجركسية 148 ف و11 ط و21 س أطياناً زراعية كائنة بزمام مركز أطسا (محافظة الفيوم) على نفسها مدة حياتها ومن بعدها على من ذكرتهم بحجة الوقف وأنه يستحق في هذا الوقف أربعة أفدنة شائعة فيه آلت إليه ملكيتها بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1952 وإذ نازعته الوزارة في الاستحقاق فقد انتهى إلى طلب الحكم له به وردت وزارة الأوقاف بأن الأطيان الموقوفة على المدعي هي وقف خيري فلا يعتبر الوقف منتهياً فيه. وبجلسة 25 مارس سنة 1957 حكمت المحكمة باستحقاق المدعي للقدر المتنازع عليه مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف. واستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 88 سنة 74 قضائية القاهرة ودفع المستأنف عليه ببطلان الاستئناف لأنه مرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 51 لسنة 1956 كلي بني سويف التي لم يكن خصماً فيها لا الحكم الصادر باستحقاقه في الدعوى رقم 210 لسنة 1956 كلي الفيوم للأحوال الشخصية إذ بذلك يكون الحكم الصادر لصالحه لم يستأنف وطلب من باب الاحتياط رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصاريف وبتاريخ 21 فبراير سنة 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفع ببطلان الاستئناف وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف ضده مع إلزامه بالمصاريف عن الدرجتين وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما.. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعن دفع ببطلان الاستئناف لعدم اشتمال صحيفته على بيان صحيح للحكم المستأنف إذ جاء بها أنه صادر من محكمة بني سويف الابتدائية في الدعوى رقم 51 سنة 1956 في حين أن الحكم الذي قضي له بالاستحقاق صادر من محكمة الفيوم الابتدائية في الدعوى رقم 210 سنة 1956 وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع استناداً إلى أن الظاهر من صحيفة الاستئناف أن الحكم المستأنف هو الحكم الصادر بين طرفي الخصومة بجلسة 25 مارس سنة 1957 وإلى أن المادة 310 من القانون رقم 78 لسنة 1931 لا توجب اشتمال صحيفة الاستئناف على بيان المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف، وهو خطأ ومخالفة للقانون إذ أن المادة 405 من قانون المرافعات أوجبت أن تشتمل صحيفة الاستئناف على بيان الحكم المستأنف ونصت على بطلان الاستئناف إذ لم يحصل على هذا الوجه وللمحكمة أن تحكم ببطلانه من تلقاء نفسها، وبيان المحكمة التي أصدرت الحكم لا يغني عنه ذكر تاريخ الحكم المستأنف لتعدد الأحكام التي تصدر من المحاكم المختلفة ومن المحكمة الواحدة في اليوم الواحد، كما أن المادة 311 من القانون رقم 78 لسنة 1931 وقد أوجبت أن يقدم الاستئناف إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، تكون قد أوجبت ضمناً بيان المحكمة التي أصدرته.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وقد ألغي القانون رقم 462 لسنة 1955 "بإلغاء المحاكم الشرعية" بعض مواد لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931 واستبقى من بين ما استبقاه الفصلين الأول والثاني من الباب الخامس وما اشتملا عليه من أحكام خاصة بالمعارضة والاستئناف ونص في المادة الخامسة منه على أنه "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين المكملة لها" فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قد دل على أنه أراد أن يبقى استئناف الأحكام الصادر في مسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية محكوماً بذات القواعد التي كانت تحكمه قبل إلغاء هذه المحاكم والتي رؤى من الخيرة الإبقاء عليها، لا بقواعد أخرى من قانون المرافعات، كما دل على أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تزال هي الأصل الذي يجب التزامه ويتعين الرجوع إليه في ضوابطه وإجراءاته، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف استناداً إلى أنه "وإن كان قد تبين من مراجعة صحيفة الاستئناف أن المستأنفة أخطأت حقيقة في بيان رقم القضية المستأنف الحكم الصادر فيها والمحكمة التي أصدرت هذا الحكم إلا أنه ظاهر من تلك الصحيفة بصفة جلية أن المراد استئنافه هو الحكم الذي صدر في 25/ 3/ 1957 باستحقاق المستأنف ضده الأربعة أفدنة شائعة في أطيان وقف نهاوند البيضاء الجركسية وفي هذا تعريف كاف بالحكم المستأنف" وأن "المادة 310 من القانون رقم 78 لسنة 1931 الواجبة التطبيق في هذه القضية إنما تستلزم فقط في هذا الشأن بيان تاريخ الحكم المستأنف في صحيفة الاستئناف والأسباب التي بني عليها وأقوال وطلبات من رفعه وتكليف الخصم بالحضور أمام محكمة الاستئناف"، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا وجه للتحدي بالمادة 311 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية في هذا الخصوص وما نصت عليه من أن الاستئناف يقدم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف إذ هي تتحدث عن المحكمة التي تقدم إليها ورقة الاستئناف لا عن البيانات التي يجب أن تشتمل عليها هذه الورقة.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الواقفة اشترطت صراحة استحقاق الطاعن ريع الأربعة أفدنة محل الدعوى وعرفته بأنه "الشيخ محمد التالي لكتاب الله المبين بن محمد بن عيسوي"، وقول الواقفة إنه من بعده يكون الريع لمن يرتب للمدفن من الفقهاء وبشرط أن يقرأ سورة يس على القبرين المذكورين هو شرط خاص بمن يستحق بعده لوجود الفاصل الواضح في قولها "ومن بعده يكون لمن يرتب للمدفن" يضاف إلى ذلك أن الواقفة خصصت للخيرات المبينة في حجة الوقف أجوراً مقدرة بمبالغ محددة ولم تخصصها بشيء من ريع الأطيان الموقوفة وفي ذلك ما يدل على أنها أرادت إعطاء الطاعن استحقاقاً في الوقف مدى حياته جزاء ما قام به من خدمات نحوها ولا وجه للقول أن استحقاق الطاعن لأطيان النزاع وتملكه إياها من شأنه أن يعطل وجه الخيرات لأن جميع الأوقاف الأهلية مآلها البر الخالص، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على أن الأطيان الموقوفة على الطاعن وقف خيري فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من كتاب الوقف أن الواقفة السيدة/ نهاوند البيضاء الجركسية أنشأت وقفها "على نفسها أيام حياتها ثم من بعدها يكون وقفاً مصروفاً ريعه على من يبين فيه فمن ذلك عشرون فداناً على الشيوع تكون وقفاً مصروفاً ريعها على الخيرات والمبرات الموضحة.. ومنها أربعة عشر فداناً على الشيوع تكون وقفاً مصروفاً ريعها على الست تسالي الدين السودا بنت عبد الله مدة حياتها ثم من بعدها يكون منها أربعة أفدنة مصروفاً ريعها على الشيخ محمد التالي لكتاب الله المبين بن محمد بن عيسوي من مدينة الفيوم الفقي المرتب للمدفن - الطاعن - ومن بعده يكون ذلك لمن يترتب للمدفن من الفقهاء بعده الحافظين للقرآن بشرط أن يقرأ سورة يس على القبرين المذكورين في كل يوم والعشرة أفدنة الباقية مصروفاً ريعه على الجمعية الخيرية بمصر المحروسة.." وظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقفة لم تجعل استحقاق الطاعن للقدر الموقوف عليه منوطاً بوصف يدخله في نطاق الوقف على وجوه البر وإنما هو صلة واستحقاق خاص به يؤيد ذلك أنها غايرت في استحقاق هذا القدر بالنسبة لمن ينتقل إليه ويستحقه من بعده بقولها "ومن بعده يكون ذلك لمن يترتب للمدفن من الفقهاء بعده الحافظين للقرآن بشرط أن يقرأ سورة يس.." وإذا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن مصرف الأطيان محل النزاع هو جهة بر وليس استحقاقاً للطاعن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
(1) نقض 28/ 11/ 1962 الطعن رقم 28 لسنة 30 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 1073.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق