الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 14 لسنة 30 ق جلسة 17 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 170 ص 1179

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

-----------------

(170)
الطعن رقم 14 لسنة 30 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "حضور الخصوم وتمثيلهم في الدعوى". محاماة.
تمثيل محامي أقلام القضايا لمصالح الحكومة أو الهيئات العامة أو وزارة الأوقاف أو المؤسسات العامة أو الهيئات التي يعينها وزير العدل. إعفاؤهم من شرط القيد في جدول المحامين. قبولهم للمرافعة أمام كافة المحاكم بما فيها محكمة النقض.
(ب) تزوير. "في قبول الادعاء بالتزوير".
شروط قبول الادعاء بالتزوير وبحث شواهده، كونه منتجاً في النزاع.

-----------------
1 - تنص المادة 26 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 على أنه "يقبل للمرافعة أمام المحكمة عن مصالح الحكومة أو الهيئات العامة أو وزارة الأوقاف أو المؤسسات العامة أو الهيئات التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل - بعد أخذ رأي لجنة قبول المحامين - محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين". وقد أصدر وزير العدل في 21/ 5/ 1957 بالاستناد إلى هذه المادة قراراً يقضي بأن "يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن بنك الائتمان العقاري أو الشركات التي تساهم الحكومة فيها بنصيب في رأس المال أو البنك الأهلي أو بنك مصر أو مؤسساته أو الجمعية التعاونية للبترول أو البنك الصناعي أو بنك الجمهورية أو الجامعة العربية محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين" وبذلك أعفى القانون محامي تلك الهيئات من شرط القيد في جدول المحامين المقررين أمام المحاكم أسوة بمحامي أقلام قضايا الحكومة. وإذ كان القبول أمام المحاكم قد ورد في صيغة العموم فإنه ينصرف إلى القبول أمام المحاكم كافة بما فيها محكمة النقض.
2 - يشترط - على ما تقرره المادة 384 من قانون المرافعات - لقبول الادعاء بالتزوير وبحث شواهده أن يكون منتجاً في النزاع، فإن كان غير ذي صفة أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضى بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ من العبث تكليف الخصوم إثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً نتيجة ما في موضوع الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 12 من إبريل سنة 1955 أقام المطعون ضدهما على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 60 سنة 1955 تجاري كلي أسيوط طالبين الحكم بإلزامها بأن تدفع لهما مبلغ 625 ج و734 م والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وذكرا في بيان دعواهما أنهما تعاقدا مع الطاعنة بوصفهما شريكين متضامنين في شركة كوناها فيما بينهما للاتجار في الأقطان على أن يبيعاً لها كميات من القطن الأشموني من محصول 1954/ 1955 وقاما بتسليمها 2218 قنطاراً و71 رطلاً على دفعات وتم الاتفاق بينهما وبينها في أيام 17 و27 من ديسمبر سنة 1954 و18 و21 من يناير سنة 1955 و4 من فبراير سنة 1955 على تحديد أسعار تلك الأقطان وبلغت جملة الثمن 27237 ج و669 م تسلما منه مبلغ 26611 ج و935 م فيكون الباقي لها في ذمة الشركة مبلغ 625 ج و734 م المرفوعة به الدعوى. دفعت الشركة الطاعنة بعدم قبول هذه الدعوى استناداً إلى عدم وجود رابطة قانونية بينها وبين رافعيها مجتمعين لأن التعاقد تم بينها وبين كل منهما منفرداً وبصفته الشخصية وليس بوصفه شريكاً في شركة - كما رفعت الشركة بدورها بتاريخ 12 يونيه سنة 1955 الدعوى رقم 125 سنة 1955 تجاري كلي أسيوط ضد المطعون ضده الثاني طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1374 ج و495 م وفوائده بواقع 7% تأسيساً على أنه بموجب ثلاثة عقود محررة في 1 و3و30 من يناير سنة 1955 باع لها المدعى عليه المذكور كمية من القطن الأشموني على أن يحدد السعر في ميعاد غايته 31/ 1/ 1955 وأنه تنفيذاً لهذا التعاقد قام بتسليمها 1708 قناطير 70 رطلاً وسحب على حساب ثمنها مبلغ 20511 ج 935 م على دفعات وأنه إذا كان المدعى عليه لم يرغب في قطع السعر في الميعاد آنف الذكر بسبب هبوط الأسعار وأصبح مركزه مكشوفاً فقد طالبته الشركة بتقديم الغطاء الكافي ولكنه لم يفعل فأرسلت إليه إخطاراً بوجوب الحضور لتحديد سعر أقطانه في موعد غايته 15 من مارس سنة 1955 وإلا ستضطر لبيعها بالسعر الرسمي المحدد في بورصة الإسكندرية ولما انقضى هذا الأجل دون أن يحضر قامت ببيع أقطانه بسعر يوم 16 مارس سنة 1955 وبلغت جملة ثمنها 19317 ج و440 م ولما كانت المبالغ التي سحبها مضافاً إليها المصاريف تزيد على هذا الثمن بمقدار 1374 ج و495 م فقد رفعت دعواها بمطالبته بهذا المبلغ واتبعت الشركة دعواها تلك بدعوى أخرى أقامتها في 13 من يونيه سنة 1955 على المطعون ضده الأول طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 387 ج و888 م وفوائده بواقع 7% تأسيساً على أنه بموجب ثلاثة عقود محررة في 14 و20 و29 من ديسمبر سنة 1954 باع لها المدعى عليه المذكور خمسمائة قنطار من القطن الأشموني على أن يحدد سعرها في ميعاد غايته 15 من يناير سنة 1955 وأنه قام بتسليمها 510 قناطير و1 رطل وسحب على حساب ثمنها مبلغ 6100 ج وأنه هو الآخر لم يرغب في قطع السعر في هذا الميعاد ولما أصبح مركزه مكشوفاً بسبب هبوط الأسعار ولم يقدم الغطاء الكافي ولم يحضر لقطع السعر حتى يوم 15/ 3/ 1955 وهو نهاية الأجل الذي منحته له الشركة لتحديد سعر أقطانه فيه فقد قامت ببيع هذه الأقطان بسعر يوم 16/ 3/ 1955 وبلغت جملة الثمن 5712 ج و113 م وإذ كان ما سحبه يزيد على هذا الثمن بمقدار 387 ج و787 م فقد طلبت بدعواها إلزامه به - وقد ضمت المحكمة الدعاوى الثلاث وقدمت الشركة العقود الستة المشار إليها آنفاً فادعى المطعون ضده الثاني بتزوير العقدين المؤرخين في أول يناير و20 من يناير سنة 1955 قائلاً إنه وقع عليهما على بياض على أساس أن تدون فيهما الأسعار التي تم الاتفاق عليها بينه وبين الشركة لكن الشركة ملأت العقدين ببيانات تخالف ما تم الاتفاق عليه، وأن الذي حرر البيانات المزورة هو إبراهيم عبد القادر الفيل (الطاعن الثاني) الموظف بالشركة وطلب المطعون ضده الثاني التصريح له بإدخال المذكور لتكون إجراءات الادعاء بالتزوير في مواجهته وفعلاً قام المطعون ضدهما باختصامه بعريضة أعلناها إليه في 7/ 3/ 1956 ليسمع الحكم في مواجهته بتزوير المستندات المقدمة من الشركة والمحررة بخطة وبتاريخ 16 من مايو سنة 1956 قرر المطعون ضده الثاني بالطعن بالتزوير في العقدين آنفي الذكر وذكر في تقرير الطعن أن التوقيع الموقع به على هذين العقدين صحيح غير أنه وقع على بياض بعد أن أوهمته الشركة بأن هذه العقود ستملأ بالبيانات والأسعار التي تم الاتفاق عليها غير أنه بعد أن تم التوقيع على بياض ملئ العقدان ببيانات تختلف عما تم الاتفاق عليه بأن تضمنت أن الأقطان تحت القطع في حين أنه تم قطعها وتحدد سعرها بين الطرفين وفي 23/ 5/ 1956 قام مدعي التزوير بإعلان شواهد التزوير إلى الشركة الطاعنة دون الطاعن الثاني - وبتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1956 حكمت المحكمة الابتدائية: أولاً - في الدعوى رقم 60 سنة 1955 المرفوعة من المطعون ضدهما بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. ثانياً - في الدعوى رقم 125 سنة 1955 المرفوعة من الشركة ضد المطعون ضده الثاني بقبول الادعاء بالتزوير شكلاً وبعدم قبوله موضوعاً وفي موضوع الدعوى بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للشركة المدعي مبلغ 1374 ج و495 م وفوائده بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. ثالثاً - في الدعوى رقم 128 سنة 1955 المرفوعة من الشركة ضد المطعون ضده الأول بإلزامه بأن يدفع للشركة مبلغ 387 ج و888 م وفوائده بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد - استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهما برقم 68 سنة 32 ق تجاري وبتاريخ 5/ 5/ 1958 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفان بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن كميات القطن المبيعة منهما للشركة المستأنف عليها قد بيعت محددة السعر في التواريخ المبينة في أوراق استلامها وفرزها وبيان تلك الأسعار وللشركة المستأنف عليها النفي بذات الطرق وإذ انقضى الميعاد الذي حدده هذا الحكم لإتمام التحقيق دون سماع الشهود فقد أعاد القاضي المنتدب للتحقيق الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المستأنفين لإصدار حكم جديد بالتحقيق وبتاريخ 11/ 1/ 1959 صدر هذا الحكم قاضياً بإحالة الدعوى من جديد إلى التحقيق لتنفيذ ما أمر به الحكم السابق وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ 9/ 12/ 1959 في موضوع الاستئناف: أولاً - في الدعوى رقم 125 سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وبرد وبطلان العقدين المؤرخين 1/ 1/ 1955 و20/ 1/ 1955 وبرفض الدعوى، ثانياً - في الدعوى رقم 128 سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. ثالثاً - في الدعوى رقم 60 سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع المقدم من الشركة المستأنف عليها بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها وبإلزام الشركة المستأنف عليها بأن تدفع للمستأنفين مبلغ 625 ج و734 م والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد - طعنت الشركة وإبراهيم الفيل بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكمين الصادرين في 5 مايو سنة 1958 و11 يناير سنة 1959 بإحالة الدعوى إلى التحقيق وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره قرر الحاضر عن الطاعن الثاني إبراهيم عبد القادر الفيل بتركه الخصومة في الطعن وتمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الحاضر عن الطاعن الثاني إبراهيم عبد القادر الفيل قرر بجلسة 12/ 11/ 1964 تركه الخصومة في الطعن ولم يعترض الحاضر عن المطعون ضدهما على ذلك ومن ثم يتعين قبول هذا الترك.
وحيث إن المطعون ضدهما دفعا ببطلان الطعن استناداً إلى القول بأن الأستاذ علي سالم الذي قرر به ليس محامياً مقيداً بجدول المحامين وأن كونه وكيلاً لقلم قضايا بنك مصر لا يضفى عليه وصف المحامي ولا يجيز له التقرير بالطعن أمام محكمة النقض طالما أنه غير مقبول للمرافعة أمامها هذا إلى أنه لا شأن لبنك مصر بالشركة الطاعنة (شركة مصر لتصدير الأقطان) وذلك لاستقلال كل منهما بكيانه القانوني وبذمته المالية.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المادة 26 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 تنص على أنه "يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن مصالح الحكومة أو الهيئات العامة أو وزارة الأوقاف أو المؤسسات العامة أو الهيئات التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل - بعد أخذ رأى لجنة قبول المحامين - محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين" وقد أصدر وزير العدل في 21/ 5/ 1957 بالاستناد إلى هذه المادة قراراً يقضي بأن يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن بنك الائتمان العقاري أو الشركات التي تساهم الحكومة فيها بنصيب في رأس المال أو البنك الأهلي أو بنك مصر أو مؤسساته أو الجمعية التعاونية للبترول أو البنك الصناعي أو بنك الجمهورية أو الجامعات العربية محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين، وبذلك أعفى القانون محامي تلك الهيئات من شرط القيد في جدول المحامين المقررين أمام المحاكم أسوة بمحامي أقلام قضايا الحكومة - ولما كان القبول أمام المحاكم قد ورد في صيغة العموم فإنه ينصرف إلى القبول أمام المحاكم كافة بما فيها محكمة النقض وإذ كان لا يشترط فيمن يقرر بالطعن بطريق النقض إلا أن يكون محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض فإنه وقد ثبت أن الأستاذ علي سالم وكيل قلم قضايا بنك مصر الذي قرر بهذا الطعن يعتبر لما سلف بيانه محامياً مقبولاً للمرافعة أمام محكمة النقض فإنه يكون له بالتالي الحق في التقرير بالطعن عن الشركة الطاعنة باعتبارها إحدى مؤسسات بنك مصر ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الأحكام الثلاثة المطعون فيها الخطأ في القانون لقبول محكمة الاستئناف الادعاء بالتزوير وتأسيس حكمها على نتيجة تحقيقه وذلك على الرغم من عدم إنتاج هذا الادعاء في النزاع وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن البيانات التي يشتمل عليها عقد أول يناير و20 يناير سنة 1955 المدعي بتزويرهما هي عين البيانات الواردة في عقد 3/ 1/ 1955 الموقع عليه من المطعون ضده الثاني - مدعي التزوير والذي أقر هو بصحته وأنه إذ كان هذا المطعون ضده يسلم بأنه اتفق مع الشركة الطاعنة على أن يبيع لها أقطانه بسعر يحدد فيما بعد واقتصر دفاعه على القول بأن هذا السعر قد تم تحديده في تواريخ لاحقه لتاريخ البيع والتسليم فيكون ما أثبت في كل من العقدين المدعي بتزويرهما من أن كمية القطن المبيعة بموجبه كانت في تاريخ تحريره تحت التحديد وأن للبائع أن يحدد سعرها لغاية 31/ 1/ 1955 - وهو البيان الذي انصب عليه الطعن بالتزوير - هذا الذي أثبت في العقدين لا يكون مخالفاً للحقيقة التي يقول بها مدعي التزوير نفسه وبالتالي فإن ادعاءه بتزوير هذا البيان لا يكون منتجاً في النزاع ولا مصلحة له فيه لأن ثبوت هذا التزوير لا يكسبه شيئاً في موضوع الدعوى لكن محكمة الاستئناف لم تلتفت إلى دفاعه هذا وقضت بقبول الادعاء بالتزوير وأمرت بتحقيقه بشهادة الشهود ثم قضت برد وبطلان العقدين المطعون فيهما بالتزوير وأسست على ذلك قضاءها في الموضوع وبذلك خالفت القانون الذي يشترط لقبول الادعاء بالتزوير أن يكون منتجاً في النزاع وتضيف الطاعنة إلى ما تقدم أن حكم التحقيق الأول الصادر في 5/ 5/ 1958 والذي أخذ بأسبابه حكم التحقيق الثاني وانبنى على نتيجته الحكم الصادر في الموضوع أشار في أسبابه إلى الشاهدين الرابع والسابع من شواهد التزوير المقدمة من مدعي التزوير وذكر أنهما يتضمنان وقائع لا يصح الالتفات عنها إن هي صحت وانتهى في منطوقه إلى القضاء بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفان (المطعون ضدهما) بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن كميات القطن المبيعة منهما للشركة المستأنف عليها (الطاعنة) قد بيعت محددة السعر في التواريخ المبينة في أوراق استلامها وفرزها وبيان تلك الأسعار - وأنه إذ كانت تلك الواقعة التي أمر الحكم بتحقيقها لم يتضمنها شاهدا التزوير اللذان أشار إليهما الحكم في أسبابه ولا شواهد التزوير الأخرى المقدمة من مدعي التزوير بل ولم يدعها هو أصلاً كما أنها تتعارض مع ما أقام عليه دفاعه أمام محكمة الموضوع من أن تحديد أسعار أقطانه في تواريخ لاحقه لتواريخ تسليمها فإن الحكم بقبول الادعاء بالتزوير وبتحقيق هذا الادعاء يكون مشوباً أيضاً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من أوراق الطعن أن الشركة الطاعنة تمسكت لدى محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم قبول الادعاء بالتزوير لعدم إنتاجه في الدعوى قائلة إن ثبوت التزوير المدعى به لا يفيد مدعيه (المطعون ضده الثاني) شيئاً في موضوع الدعوى لأن ما أثبت في العقدين المطعون فيهما بالتزوير من أن الأقطان المبيعة بموجبهما كانت تحت التحديد في تاريخ تحريرهما وأن للبائع الحق في قطع السعر لغاية 31/ 1/ 1955 - وهو البيان الذي انصب عليه الطعن بالتزوير - لا يتعارض مع ما قام عليه دفاع المطعون ضده الثاني في موضوع الدعوى من أن أسعار أقطانه قد حددت في تواريخ لاحقة لتاريخ بيعها - ولم تلتفت محكمة الاستئناف إلى هذا الدفاع وقضت في 5/ 5/ 1958 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفان (المطعون ضدهما) بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن كميات القطن المبيعة منهما للشركة المستأنف عليها (الطاعنة) قد بيعت محددة السعر في التواريخ المبينة في أوراق استلامها وفرزها وبيان تلك الأسعار وللشركة المستأنف عليها النفي بذات الطرق وذكرت المحكمة في أسباب حكمها هذا "أن النزاع يدور حول ما إذا كانت كمية الأقطان قد بيعت محددة السعر أم أنها بيعت تحت التحديد وهذه النقطة في النزاع منتجة في الادعاء بالتزوير وفي موضوع الدعويين 125 و128 سنة 1955 المرفوعتين من الشركة الطاعنة وأن المحكمة ترى قبل الفصل في الموضوع إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي ما دونه منطوق هذا الحكم حتى ينكشف وجه النزاع وحقيقة الأمر بشكل واضح سليم". ولما كان يبين من الصور الرسمية المقدمة بملف الطعن لصحيفة الدعوى رقم 60 لسنة 1955 المرفوعة من المطعون ضدهما على الشركة الطاعنة ومذكرة شواهد التزوير المقدمة من المطعون ضده الثاني وعريضة الاستئناف المرفوع منهما عن الحكم الصادر في تلك الدعوى وفي دعويي الشركة آنفى الذكر يبين من الاطلاع على هذه الأوراق أن المطعون ضده الثاني مدعي التزوير لم يدع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أن الاتفاق على تحديد أسعار الأقطان المبيعة منه - سواء بالعقدين اللذين طعن فيهما بالتزوير أو بالعقد الثالث الذي أقر بصحته - قد تم وقت البيع أو في تواريخ تسليم الأقطان المبيعة وإنما قام دفاعه هو والمطعون ضده الأول على أساس أن الاتفاق على تحديد أسعار أقطانهما وقع تالياً لتواريخ بيعها وتسليمها فقد ورد في صحيفة دعواهما وفي عريضة استئنافهما وفي مذكرة شواهد التزوير "أنهما تعاقدا مع الشركة الطاعنة على بيع كميات من القطن وقاما بتسليمها 2218 قنطاراً و71 رطلاً على عدة دفعات وذلك بموجب شهادات تحت يدهما وأنه تم الاتفاق بينهما وبين الشركة على تحديد سعر أقطانهما السالفة الذكر على الوجه الآتي:
بتاريخ 17/ 12/ 1954 تحدد سعر 103 قنطاراً و86 رطلاً بسعر القنطار...... وبتاريخ 27/ 12/ 1954 تحدد سعر 406 قناطير و15 رطلاً - وهاتان الكميتان تعادلان تماماً الكمية المبيعة من المطعون ضده الأول - وبتاريخ 18/ 1/ 1955 تحدد سعر 328 قنطاراً و19 رطلاً وبتاريخ 21/ 1/ 1955 تحدد سعر 462 قنطاراً و42 رطلاً وهاتان الكميتان هما المبيعتان من المطعون ضده الثاني بموجب العقود الثلاثة الصادرة منه بتواريخ 1 و3 و20 يناير - وبتاريخ 4/ 2/ 1955 تم تحديد سعر 918 قنطاراً و9 أرطال كانا قد باعاها للشركة في 29 من يناير سنة 1955" - لما كان ذلك، فإن ما قرره الحكمان الصادران بإحالة الدعوى إلى التحقيق وأسسا عليه قضاءهما من أن النزاع يدور حول ما إذا كانت الأقطان قد بيعت محددة السعر أو أنها بيعت تحتد التحديد يكون مخالفاً للثابت في الأوراق - ولما كان ما أثبت في العقدين المدعي بتزويرهما من أن الأقطان المبيعة "تحت التحديد لغاية يوم 31/ 1/ 1955" - وهو البيان الذي انصب عليه الطعن بالتزوير - لا يعني سوى أن تلك الأقطان بيعت تحت القطع وأن للبائع الحق في قطع سعرها لغاية هذا التاريخ وليس في ذلك ما يتعارض مع ما قام عليه دفاع مدعي التزوير في موضوع الدعوى من حصول اتفاق على تحديد السعر لاحق لتاريخ البيع والتسليم، أو يقف عقبة في سبيل إثبات هذا الدفاع - لما كان ذلك، وكانت الشركة من جانبها لم تتخذ مما ورد في ذلك البيان حجة لها في دعوييها أو حجة تدفع بها دعوى المطعون ضدهما قبلها إذ هي لم تتمسك بقطع السعر في الأجل المحدد في العقدين لقطعه بل على العكس فقد قام دفاعها في الدعاوى الثلاث على أن السعر ظل بغير تحديد حتى يوم 15 مارس سنة 1955 - وانحصر الخلاف بينها وبين المطعون ضدهما في تاريخ قطع سعر أقطانهما فبينما هما يدعيان بأن هذا القطع تم في الأيام المتقدمة الذكر فإن الشركة تدعي أن الأسعار ظلت بغير تحديد حتى اضطرت لقطعها بسعر يوم 16 مارس سنة 1955 بعد أن انكشف مركز المطعون ضدهما ورفضا تقديم الغطاء الكافي - وهذا الخلاف هو الذي كان يجب أن يتجه إليه بحث محكمة الموضوع - لما كان ما تقدم، فإنه لا يكون في البيان الوارد في العقدين المدعي بتزويرهما والذي ورد عليه الطعن بالتزوير ما يضير مدعي التزوير أو يؤثر على دفاعه في موضوع الدعوى وبالتالي فإن ثبوت تزوير هذا البيان لا يفيده شيئاً في تلك الدعوى ولما كان يشترط - على ما تقرره المادة 284 من قانون المرافعات لقبول الادعاء بالتزوير وبحث شواهده أن يكون منتجاً في النزاع فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ من العبث تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً نتيجة ما في موضوع الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم، فإن حكمي التحقيق الصادر أولهما في 5/ 5/ 1958 وثانيهما في 11/ 1/ 1959 إذ قبلا الادعاء بالتزوير وأمرا بتحقيقه على الرغم من عدم إنتاجه في النزاع فإنهما يكونان قد خالفا القانون بما يستوجب نقضهما ولما كان الحكم الصادر بتاريخ 9/ 12/ 1959 في موضوع الدعاوى الثلاث رقم 60 و125 و128 سنة 1955 قد صرح في أسبابه بأنه رتب قضاءه في الموضوع على تزوير العقدين وعلى نتيجة التحقيق الذي أجرى بشأن هذا التزوير فإنه يكون هو أيضاً متعيناً نقضه وذلك بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم في خصوص الادعاء بالتزوير ولما سلف بيانه يتعين القضاء بعدم قبوله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق