جلسة 21 من أبريل سنة 1953
برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن, وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدي وحسن داود وأنيس غالي أعضاء.
---------------
(265)
القضية رقم 1022 سنة 22 القضائية
حكم. تسبيبه.
محكمة استئنافية. قضاؤها بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بالإدانة وجوب اشتمال حكمها على الأسباب التي جعلتها ترى عكس ما رأته محكمة أول درجة, وأن يرد على أسباب الإدانة بما يفيد على الأقل أنها فطنت إليها ووزنتها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده (عمر أحمد هيكل) بأنه أولا: ارتكب تزويرا في محرر عرفي بطريق الاصطناع ووضع إمضاء مزورة وذلك بأن أنشأ إقرارا نسب صدوره زورا إلى عبد الرؤوف حماده الناحل وضمنه إقرار الأخير بأن التعهد الموقع عليه "من المتهم" لمصلحته وآخرين والمؤرخ في 7 مايو سنة 1947 والخاص بتوزيع الصفقة المشتراه من الجيش البريطاني أصبح لاغيا بالنسبة له لعدم قيامه بدفع نصيبه في تلك الصفقة ثم وضع على ذلك الإقرار إمضاء مزورة لعبد الرؤوف حماده الناحل. ثانيا: استعمل هذا الإقرار المزور بأن قدمه كمستند في القضية المدنية رقم 3246 سنة 1948 تظلمات كلي مصر وذلك مع علمه بتزويره. وطلبت عقابه بالمادتين 211و215 من قانون العقوبات. وقد ادعى عبد الرؤوف حماده الناحل بحق مدني قبل المتهم وطلب أن يقضى له بمبلغ خمسة وعشرين جنيها تعويضا مؤقتا ثم عدل طلباته إلى واحد وخمسين جنيها. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح شبرا الجزئية دفع المتهم بوقف نظرها إلى أن يفصل في دعوى البطلان المرفوعة منه بطلب الحكم ببطلان عقد 7 مايو سنة 1947 وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت فيها حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات أولا: برفض الدفع المقدم من المتهم بطلب وقف هذه الدعوى إلى أن يقضى في دعوى البطلان المرفوعة منه يطلب الحكم ببطلان عقد 7 مايو سنة 1947 وبالسير في نظرها. ثانيا: بحبس المتهم ستة شهور بالشغل عن التهمتين المسندتين إليه وقدرت مبلغ خمسين جنيها كفالة لوقف التنفيذ وأعفت المتهم من المصروفات الجنائية. ثالثا: بإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت وألزمته بالمصاريف المدنية ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة مصر الابتدائية قضت فيه حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمتين المنسوبتين إليه ورفض الدعوى المدنية قبله مع إلزام المدعي بالحقوق المدنية بمصاريفها عن الدرجتين وعشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الأستاذ أحمد رشدي المحامى الوكيل عن الطاعن (عبد الرؤوف حماده الناحل) في هذا الحكم بطريق النقض كما طعنت النيابة فيه أيضا... الخ.
المحكمة
وحيث إن مما تنعاه النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وجاء قاصرا إذ اعتبرت محكمة الدرجة الأولى أن المعاملات التي نشأت بين المتهم والمدعي بالحق المدني كانت ذات أثر مباشر في ثبوت جريمة التزوير واتخذت المحكمة مما أبانته من ظروف تلك المعاملات دليلا على اقتناعها بالتزوير وهى في ذلك تصدر عن مطلق حقها في استخلاص الدليل وتتلمس أوجه الاقناع من أي طريق مشروع ولكن محكمة الدرجة الثانية خالفت محكمة الدرجة الأولى في هذا الشأن وأعرضت عن الملابسات التي صحبت التعامل ومنعت نفسها من أن تخوض فيها لاستخلاص الدليل سواء للمتهم أو عليه, كما إنها لم تناقش حكم محكمة الدرجة الأولى في هذه الأساليب واكتفت بمجرد الإعراض, ويضيف المدعي بالحقوق المدنية في هذا الشأن أن المحكمة بعد أن قالت إنها لن تتعرض لبحث المسائل المدنية التي لم يفصل فيها بعد إلا بالقدر الذي يمس تهمة التزوير لم تلبث أن خرجت على ذلك بما قالته بالنسبة إلى بعض الوقائع التي استند إليها الحكم الابتدائي من أنها لا تمس إلا الدعوى المدنية مع أن الواقع أنها ذات أهمية قصوى في تهمة التزوير, وقد خرج الحكم بذلك على قواعد القانون التي تفضى بحرية القضاء الجنائي وأنه هو الذي يوقف المدني مما يعتبر من المحكمة امتناعا عن تقدير دفاع المدعي المدني وسكوتا عن بحث الأدلة التي اعتمد عليها حكم محكمة أول درجة.
وحيث إن ما بنى عليه طعن النيابة والمدعي بالحقوق المدنية مما سلف بيانه صحيح, ذلك بأنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي الصادر بإدانة المتهم في تهمة تزوير توقيع المدعي بالحقوق المدنية على ورقة التنازل عن عقد شركة, أنه استند في ذلك إلى أمور عدة بينها مفصلة كما بين وجه الاستدلال بها على أن العلاقة بين المدعي بالحقوق المدنية والمتهم لم تكن تتفق مع تحرير ذلك التنازل مما رأته محكمة أول درجة مؤيدا لرأي الخبراء الذي أخذت به, ولكن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبراءة المتهم قد اقتصر على الاستناد في ذلك إلى عدم ثقة المحكمة بتقارير الخبراء التي أخذت بها محكمة أول درجة وإلى عدم مسايرتها لرأي تلك المحكمة بالنسبة إلى الظروف التي قال المتهم إن ورقة التنازل حررت وحصل التوقيع عليها فيها وأعرض عن كثير من الأدلة التي استند إليها الحكم الابتدائي فلم يشر إليها بأية إشارة, ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل الحكم - سواء أكان صادرا بالإدانة أو البراءة - على الأسباب التي بنى عليها مما يوجب على المحكمة الاستئنافية إذا هى قضت بإلغاء حكم ابتدائي ولو كان صادرا بالإدانة ورأت هى تبرئه المتهم أن تبين في حكمها الأسباب التي جعلتها ترى عكس ما رأته محكمة أول درجة, وإذا كان الحكم المستأنف قد أورد أسبابا يصح في العقل أن تؤدي إلى الإدانة فيجب على المحكمة الاستئنافية أن ترد على تلك الأسباب بما يفيد على الأقل أنها فطنت إليها ووزنتها ولم تقتنع بها أو تطمئن إليها أو رأتها غير صالحة للاستدلال بها على المتهم. لما كان ذلك فإن إغفال الحكم المطعون فيه للأدلة المشار إليها التي استندت إليها محكمة أول درجة في إدانة المطعون ضده وعدم بيان رأي المحكمة فيها بجعله قاصرا متعينا نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق