جلسة 17 من مارس سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل، ومحمود عباس العمراوي.
--------------
(51)
الطعن رقم 1 لسنة 31 القضائية
عمل. "انتهاء عقد العمل". "الأسباب الخاصة بفسخ العقد".
فصل العامل بغير مراعاة قواعد التأديب. أو بغير مراعاة مواعيد التبليغ عن الحادث الذي ارتكبه. لا يمنع من اعتباره فسخاً لعقد العمل. إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية. مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ عبد العزيز عنان أقام الدعوى رقم 441 سنة 1951 كلي طنطا ضد السيد/ كوستا باتريدس بصفته مديراً لشركة حلاجي الأقطان المصرية بالمحلة الكبرى بطلب الحكم أصلياً بإعادته إلى العمل واعتبار قرار فصله الصادر في 10/ 1/ 1959 كأن لم يكن وصرف مرتبه من تاريخ الفصل إلى تاريخ إعادته ومن باب الاحتياط الحكم له بمبلغ 1359 ج و110 م منه 218 ج و750 م مكافأة مدة الخدمة و36 ج و460 م بدل الراحة الأسبوعية عن السنة الأخيرة و31 ج و250 م المنحة السنوية عن سنة 1958 و18 ج و230 م مرتب شهر بدل إنذار و12 ج و705 م بدل الإجازة السنوية عن السنة الأخيرة و6 ج و75 م أجر متأخر من أول يناير سنة 1959 إلى تاريخ الفصل و35 ج و640 م قيمة التأمين والادخار و1000 ج كتعويض عن الفصل التعسفي مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة الشركة في أول أغسطس سنة 1944 واستمر إلى 10/ 1/ 1959 حيث أخطرته بفصله من الخدمة وإذ تقدم إلى مكتب العمل المختص بشكوى ضد الشركة وتبين للمكتب أن الفصل بسبب نشاطه النقابي ومن حقه أن يطلب إعادته للعمل فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، وردت الشركة بأن المدعي أخل بالتزاماته الجوهرية بأن زور في الدفاتر الخاصة بفرز القطن ووزنه وحررت عن هذه الواقعة الشكوى رقم 267 سنة 1959 إداري المحلة. وبتاريخ 8/ 2/ 1960 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المدعي أنه التحق بخدمة الشركة من أول أغسطس سنة 1944 بمرتب قدره 18 ج و230 م شهرياً وأنه فصل تعسفياً بسبب نشاطه النقابي ولتنفي الشركة ذلك. وبعد تنفيذ حكم التحقيق عادت وبتاريخ 13/ 6/ 1960 فحكمت حضورياً - أولاً: برفض الطلب الأصلي الخاص بإعادة المدعي إلى عمله بالشركة (ثانياً) وفي الطلب الاحتياطي بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي مبلغ 419 ج و162 م والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وألزمت المدعي بباقي المصروفات ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالباً إلغاءه والحكم أصلياً بإعادته إلى عمله ومن باب الاحتياط إلزام المستأنف عليه بصفته بأن يدفع له مبلغ 1353 ج و763 م وقيد هذا الاستئناف برقم 238 سنة 10 ق، وكذلك استأنفته الشركة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 243 سنة 10 ق، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين وبتاريخ 29/ 11/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما: أولاً - بالنسبة للطلب الأصلي المرفوع من عبد العزيز عنان وهو إعادته إلى عمله بالشركة برفض استئنافه وتأييد الحكم المستأنف. ثانياً - بالنسبة لباقي الطلبات في الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام كوستا باتريدس بصفته بأن يدفع لعبد العزيز عنان مبلغ 21 ج و70 م ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. ثالثاً - بضم مصروفات الدرجتين وإلزام عبد العزيز عنان بأربعة أخماسها على أن تتحمل الشركة الخمس الباقي مع المقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن ولم يبد دفاعاً ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب إعادة الطاعن إلى العمل ورفض طلب المكافأة والتعويض وبدل الإنذار على أن فصله إنما كان بسبب إخلاله بالتزاماته الجوهرية ولما نسب إليه من تزوير في قسائم وزن القطن، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون من وجوه: أولها - أن واقعة التزوير الأولى التي نسبت إلى الطاعن في 30/ 12/ 1958 بلغ عنها في 20/ 1/ 1959 وطبقاً للمادة 29 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 لا يجوز اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً وواقعة التزوير الثانية التي نسبت إليه في 9/ 1/ 1959 لم تبلغ للجهات المختصة خلال أربعة وعشرين ساعة من وقت علم الشركة بوقوعها كما تقضي بذلك المادة 40 من القانون ومن الخطأ استناد الحكم إلى هاتين الواقعتين كمبرر لحرمان الطاعن من المكافأة والتعويض. وثانيها - أنه جرى في قضائه على أن فصل العامل لإخلاله بالتزاماته الجوهرية لا يحتاج إلى تحقيق وأن سؤال رب العمل للطاعن وزميله محمد الغريب شفوياً فيما جاء بالدفتر من تزوير يعتبر تحقيقاً يبيح له فصل الطاعن، في حين أنه طبقاً للمادة الرابعة من القرار الوزاري الخاص بتأديب العمال لا يجوز توقيع عقوبة تأديبية على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما نسب إليه والتحقيق معه وسماع دفاعه وتدوين ذلك كله في محضر يحفظ بمحل العمل. وثالثها - أنه إذ أقر فصل الطاعن رغم أنه تم قبل الإبلاغ عن الحادث وقبل صدور قرار من الجهة المختصة بشأنه ورغم أن النيابة العامة أمرت بحفظ التحقيق الذي أجري فيه فإنه يكون قد خالف المادة 30 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 وهي لا تجيز فصل العامل الذي ينسب إليه ارتكاب أية جناية أو جنحة داخل دائرة العمل وإنما لصاحب العمل أن يقفه من تاريخ تبليغ الحادث إلى السلطة المختصة إلى حين صدور قرار منها في شأنه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بأن فسخ عقد العمل وفصل العامل بغير مراعاة قواعد التأديب أو بغير مراعاة إجراءات ومواعيد التبليغ عن الحادث الذي ارتكبه أو رغم صدور قرار من الجهة المختصة بحفظ التحقيق الذي أجري بشأنه، لا يمنع من اعتباره فسخاً لعقد العمل بسبب إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية وفقاً للفقرة السادسة من المادة 40 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 متى أثبت رب العمل هذا الإخلال وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في الدعوى على أن "فصل الطاعن من العمل كان له ما يبرره من عدم قيامه بتأدية التزاماته الجوهرية، إذ من أخص الالتزامات الجوهرية في العامل بصفة عامة أن يكون أميناً في عمله وبصفة خاصة في مثل المستأنف - الطاعن - وبصفته قبانياً متروك الأمر في الوزن لذمته وضميره فإذا ما تعمد الإخلال بهذه الأمانة حتى أخطأ في تنفيذ هذا الالتزام أو أساء تنفيذه كان ذلك خطأ جسيماً يدل على عدم صلاحيته وغير خليق بالثقة وكان ذلك مبرراً لعدم استمراره في العمل وفصله فوراً" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور والفساد في الإسناد وفي الاستدلال من وجوه: أولها - أنه فسر أقوال شهود الإثبات تفسيراً خاطئاً فقد قرروا جميعاً أن فصل الطاعن كان لنشاطه النقابي ومع ذلك مسخ الحكم أقوالهم وأخذ بعكس الظاهر الصريح منها واتخذ من عدم معرفة أحدهم مرتب الطاعن قرينة على كذبه. وثانيها - أنه حمل الطاعن وزر التزوير في قسائم الوزن بحجة أن زميله هو الذي بلغ عن الحادث مع أن مجرد التبليغ قد يكون ستاراً لدرء التهمة عن نفسه (وثالثها) أنه عند سؤال مدير الشركة بمكتب العمل قرر أنه "على استعداد لأداء المكافأة للطاعن حسب القانون". ومع أن هذا الإقرار حجة على الشركة وليس فيه مخالفة للنظام العام، فقد فسر الحكم عبارة "حسب القانون". على أن المقصود بها إذا كان القانون يسمح بالمكافأة، في حين أن المقصود منها مقدار المكافأة لا استحقاقها في ذمة الشركة أو عدم استحقاقها.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها أمر تستقل به محكمة الموضوع إلا أن تخرج بها إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على جملة اعتبارات منها أن شهود الإثبات لم يبينوا مظاهر نشاط الطاعن النقابي حتى يمكن الاطمئنان إلى أقوالهم، ومردود في الوجه الثاني بما أورده الحكم من أنه "بالرجوع إلى الشكوى الإدارية رقم 267 سنة 1959 إداري المحلة يبين أن جميع من سئلوا فيها ألقوا مسئولية تغيير أرقام رسالة 8/ 1/ 1959 على الطاعن، وأنه "لو كان محمد الغريب هو الذي زور لما كان في حاجة إلى التغيير وكان يثبت الرقم الذي يريده أولاً هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن محمد الغريب هو الذي بلغ عن هذا التغيير ولو كان فاعله لما أبلغ ومن جهة ثالثة لو كان محمد الغريب هو الذي قام بالتغيير لتبين ذلك التغيير عبد العزيز عنان وراجعه فيه وأبلغ عنه لأن التغيير والمحو وإثبات أرقام جديدة ظاهر بشكل واضح" ومردود في الوجه الثالث بأن تفسير المحررات تستقل به محكمة الموضوع ما لم تنحرف عن مدلولها الظاهر، وحمل عبارة الإقرار على الوجه الذي استظهره الحكم وعلى أن "مرد الأمر في المكافأة هو القانون" ليس فيه خروج عن مدلولها وما يحتمله الفهم منها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق