جلسة ٢٠ من نوفمبر سنة
١٩٦٧
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة
المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.
-------------
(٢٣٥)
الطعن رقم ١٥٩١ لسنة ٣٧ القضائية
١ - سوى الشارع في نطاق جريمة الاتجار بالنفوذ،
المنصوص عليها في المادة ١٠٦ مكرر من قانون العقوبات، بين تذرع الجاني - في الطلب
أو القبول أو الأخذ - بنفوذ حقيقي للحصول على مزية من سلطة عامة، وبين تذرعه في
ذلك بنفوذ مزعوم، فقد قدر الشارع أن الجاني حين يتجر بالنفوذ على أساس موهوم لا
يقل استحقاقاً للعقاب عنه حين يتجر به على أساس من الواقع، إذ هو حينئذ يجمع بين
الغش أو الاحتيال والإضرار بالثقة الواجبة في السلطات العامة والجهات الخاضعة
لإشرافها، ولا يلزم أن يكون الزعم بالنفوذ صريحاً بل يكفي أن يكون سلوك الجاني
منطوياً ضمناً على زعم منه بذلك النفوذ.
٢ - لم يفرق الشارع في سائر جرائم الرشوة بين الفائدة التي يحصل عليها الجاني
لنفسه والفائدة التي يطلبها أو يقبلها لغيره.
٣ - إذا كان مؤدى ما أثبته الحكم أن الطاعن قد زعم للمجني عليه أن له صلة بالضابط
الذي نيط به التصرف في التحقيق الذي أجرى معه بصدد البحث عن مصدر ثروته، وأنه ذو
صلة أيضاً بمدير الأمن ونائبه، وأنه طلب منه النقود وأخذها لاستعمال نفوذه الناشئ
عن تلك الصلات، للحصول على قرار بحفظ ذلك التحقيق وعدم عرضه على لجنة تصفية
الإقطاع، بما يحول دون وضعه تحت الحراسة، والعمل على عدم إرسال إشارات لاستدعاء
شريكه، وكان ما استخلصه الحكم مما تقدم له ما يعينه من وقائع الدعوى وأدلتها التي
لا ينازع المتهم في صحة ما حصله الحكم منها، فإن النعي عليه بفساد الاستدلال لا
يكون مقبولاً، إذ هو في واقعه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة
الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص ما تؤدي إليه، مما لا يقبل إثارته أمام
محكمة النقض.
٤ - طلب مضاهاة الخط الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة
حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل المقصود به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي
اطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً
لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها رداً صريحاً، بل يكفي أن يكون الرد عليه
مستفاداً من الحكم بالإدانة.
٥ - إشارة الحكم عرضاً في نهاية ما أورده بياناً لواقعة الدعوى إلى واقعة لم يرتب
عليها أية نتيجة ولم يسأل المتهم عنها أو يضمنها وصف الجريمة التي انتهى إلى إدانة
المتهم عنها، لا ينال من سلامة الحكم.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال الفترة من يوم ٢٨ يوليه
سنة ١٩٦٦ حتى يوم ١١ سبتمبر سنة ١٩٦٦ بدائرة مركز شبين الكوم محافظة المنوفية وقسم
الخليفة محافظة القاهرة: طلب لنفسه وأخذ عطية لاستعمال نفوذ مزعوم وذلك بأن طلب
مبلغ ٥٠٠ ج و١٨ ألف طوبة وأخذ مبلغ ٢٠٠ ج وخمسة آلاف طوبة من بلتاجي عبد العزيز
عبد المنعم ندا مقابل العمل على حفظ التحقيق الذي يجري معه بشعبة البحث الجنائي عن
مصدر ممتلكاته لمناسبة تصفية الإقطاع بمحافظة المنوفية حالة كون المتهم موظفاً
عمومياً "بلوكامين التسجيل الجنائي" بمديرية أمن المنوفية وطلبت من
مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمادتين ١٠٤ و١٠٦
مكرراً من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً
بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة ١٧ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال
الشاقة مدة خمس سنوات وتغريمه ألفين من الجنيهات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم
بطريق النقض..... الخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ
دان الطاعن بجريمة طلب وأخذ عطية لاستعمال نفوذ مزعوم، قد شابه خطأ في تطبيق
القانون، وفساد في الاستدلال، وانطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك
بأن الجريمة التي دين الطاعن بها وفقاً لنص المادة ١٠٦ مكرراً من قانون العقوبات
تتطلب أن يصدر عن الجاني ما يفيد الزعم بأن له نفوذاً سيستعمله أو سيسعى به لدى
صاحب النفوذ الحقيقي أو المزعوم فيما يطلب من أجله الرشوة. ولا يكفي مجرد ترك
المجني عليه يعتقد بوجود هذا النفوذ ما دام أن الجاني لم يصدر منه فعل يؤدي إلى
قيام ذلك الاعتقاد. والقائم في الدعوى المطروحة - فيما لو ثبتت وقائعها - أن
الطاعن لم يزعم أن له نفوذاً ما وأنه - فيما قال به الشهود - إنما أفهم المجني
عليه أن القائم بالتحقيق معه هو الذي يطلب الرشوة مقابل قيامه بحفظ ذلك التحقيق،
وأنه - أي الطاعن - هو وسيط الرشوة فحسب، الأمر الذي أوضحه المدافع عن الطاعن في
مرافعته وخلص إلى أن الواقعة بفرض صحتها تدور في نطاق النصب الذي لم تتوافر أركانه
لعدم انخداع المجني عليه بالطرق الاحتيالية. غير أن المحكمة على الرغم من ذلك
انتهت إلى مساءلة الطاعن طبقاً للمادة ١٠٦ مكرراً سالفة الذكر وأقامت حكمها على
أسباب مبتسرة تفيد أن الطاعن إنما طلب الرشوة لنفسه مقابل تدخله لحفظ التحقيق -
وهو ما لا تؤدي إليه الوقائع القائمة في الدعوى ولا يقومه ما قاله الحكم في تلك
الأسباب من أن الطاعن قد ردد أنه ذو حظوة لدى رجال الأمن لأن ذلك الزعم منقطع
الصلة عن طلب الرشوة - هذا إلى أن الطاعن دلل على عبث الشهود واصطناعهم الدليل
بزعمهم فقدان محضر التحقيق الذي كان الطاعن يحمله وقت ضبطه على الرغم من ادعائهم
أنهم تمكنوا من أن يضبطوا معه الإشارات المتضمنة طلب استدعاء شريك المجني عليه
للتحقيق. وطلب الطاعن تحقيقاً لدفاعه التحقق مما إذا كانت لتلك الإشارات محررة
بخطه - وهو ما نفاه - أو بخط أولئك الشهود الذين قام الاتهام على أقوالهم. إلا أن
المحكمة التفتت عن هذا الطلب ولم تعرض له في حكمها مع ما له من أهمية لاتصاله
بدفاع جوهري للطاعن. وقد أخطأ الحكم كذلك إذ ساير الاتهام في القول بأن الجريمة
التي وقعت من الطاعن لا تقتصر على مجرد طلبه خمسمائة جنيه وتقاضيه مائتين منها بل
تشمل أيضاً طلبه ثماني عشرة ألف طوبة واستلامه خمسة آلاف منها في حين أن الثابت
بالأوراق أن هذا الطوب إنما كان موضع مساومة ليشتريه الطاعن من المجني عليه الذي
تبرع به عند ما علم أن القصد في شرائه بناء مسجد. وليس يكفي أن يقام قضاء الحكم
على واقعة طلب النقود وتقاضيها إذ أن ما اتجهت إليه المحكمة في تطبيق المادة ١٧ من
قانون العقوبات له أثره في تقدير العقوبة فيما لو كان تطبيقها في شأن واقعة واحدة
أو وقائع متعددة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن رئيس المباحث
الجنائية بمحافظة المنوفية قدم بمناسبة تصفية الإقطاع بتلك المحافظة تقريراً
بتاريخ ٩ يوليه ١٩٦٦ إلى السيد المحافظ مؤداه أن بلتاجي عبد العزيز الشاهد الأول
وهو من بلدة شنوان من أعمال مركز شبين الكوم كون ثروة من عقارات ومنقولات تزيد
قيمتها على ثمانية آلاف جنيه بطرق غير مشروعة فطلب السيد المحافظ بتاريخ ١٦ يوليه
سنة ١٩٦٦ سؤاله عن مصدر تلك الممتلكات توطئة لعرضه على لجنة تصفية الإقطاع وندب
النقيب محمد نسيم عبد الغفار بمباحث مديرية أمن المنوفية للتحقيق فاستدعاه بتاريخ
٢٦ يوليه سنة ١٩٦٦ وأدلى له بأقواله عن مصادر ثروته كما استدعى شقيقه عبد المنعم
عبد العزيز ندا وسأله عن معلوماته بشأنها ثم أرسل المحقق عدة إشارات إلى حنفي محمد
حنفي المقيم بدائرة قسم الموسكي وشريك بلتاجي عبد العزيز في ملكية بعض العقارات
ولقد انتهز المتهم............... (الطاعن) البلوكامين بمديرية أمن المنوفية فرصة
ما اتخذ من إجراءات مع ذلك الشاهد وعمد إلى اقتضاء رشوة منه فقصده بتاريخ ٢٨ يوليه
سنة ١٩٦٦ بمنزله وأنهى إليه بأن التحقيق الذي أجرى معه إنما هو تمهيد لفرض الحراسة
عليه وأنه تم الاتفاق بينه وبين ضابط عينه له كان يتردد على مكتب المحقق عند سؤاله
على حفظ هذا التحقيق بحجة أن ذلك الضابط قد حل محل الضابط المحقق ونيط به التصرف
في الأوراق وطلب منه مبلغ خمسمائة جنيه مقابل العمل على حفظ التحقيق. ولقد ساوم
الشاهد المتهم وانتهى الأمر بينهما إلى تخفيض مبلغ الرشوة إلى مائتي جنيه دفع له منها
مائة ووعده بأن يدفع شريكه حنفي محمد حنفي الباقي بالقاهرة بشريطة أن يطلعه على
الأوراق. مؤشراً عليها بالحفظ وأن يحول دون إرسال إشارات استدعاء شريكه من القاهرة
فوعده المتهم بذلك وبتاريخ ٧ سبتمبر سنة ١٩٦٦ قابل المتهم الشاهد الرابع وطلب إليه
أن يذكر أخاه الشاهد الأول بأن الموعد المتفق عليه فيما بينهما قد حل ولما استوضحه
ذلك ذكر له أن شقيقه على بينة من أمر هذا الموعد ثم نقل حديثه إلى شقيقه فكلفه بأن
يخبر المتهم بأن يوم الأحد وهو تاريخ الضبط ١١ سبتمبر سنة ١٩٦٦ موعد لقائهما فاخطر
المتهم به. وكان الشاهد الأول قد أبلغ إدارة المباحث الجنائية العسكرية بشبين
الكوم ما حدث وقامت تلك الجهة بعد التحقيق بإحالته إلى المباحث العامة بالقاهرة
بتاريخ ١٠ سبتمبر سنة ١٩٦٦ وفي اليوم التالي استصدر المقدم أحمد رياض البهي إذناً
من رئيس نيابة أمن الدولة العليا بضبط المتهم وتفتيشه لضبط مبلغ الرشوة وقدره مائة
جنيه بعد تسلمه وأعد خطة المتهم متلبساً. وتنفيذاً لذلك قصد الشاهد الأول وشقيقه
الشاهد الرابع المتهم بشبين الكوم وعادا وإياه إلى القاهرة بسيارة أولهم بدعوى
استلام المتهم مبلغ المائة جنيه الأخرى من شريكه حنفي محمد حنفي وإحاطته علماً بأنه
تسلم منه مائة جنيه من قبل، وكان الرائد علي حسن محمود ينتظرهم بمنزل الأخير
ورافقهم في السيارة إلى مسجد الإمام الشافعي بدائرة قسم الخليفة مدعياً أنه شقيق
حنفي محمد حنفي واعتذر لهم عن عدم حضور شقيقه حنفي وبأنه أرسل نائباً عنه وفي
الطريق إلى المسجد قال المتهم في حديثه للضابط إنه جامل الشاهد الأول بحفظ الشكوى
وعندما دخلوا المسجد ذكر للرائد علي حسن محمود اعتقاداً منه أنه شقيق شريك الشاهد
الأول. أنه تقاضى من هذا الأخير مبلغ مائة جنيه وأطلعه على تقرير عن الشاهد مؤشراً
عليه بالحفظ كما أطلعه على إشارات بطلب استدعاء حنفي محمد حنفي مدعياً له أنه تمكن
من سحبها كما أخبره بأنه تسلم مائة جنيه من الشاهد الأول. ثم قام الرائد علي حسن
محمود بتسليمه مبلغ المائة جنيه والثابتة أرقامها بمحضر جمع الاستدلالات وبإذن
النيابة داخل مظروف وضعه المتهم داخل حذائه وفي طريقهم إلى الخروج من المسجد ألقى
المقدم أحمد رياض البهي والذي كان يكمن داخل المسجد مع بعض رجال الشرطة السريين
القبض على المتهم ومعه مبلغ الرشوة وعثر مع المتهم على ثلاث إشارات تتضمن طلب
القبض على حنفي محمد حنفي وإرساله مقبوضاً عليه إلى إدارة البحث الجنائي بمديرية
أمن المنوفية اثنين منها بتاريخ ٢٠ من أغسطس سنة ١٩٦٦ وتولت شرطة شبين الكوم ضبط
كميات آجر الطوب أمام منزل المتهم" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على
هذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة كل من بلتاجي عبد العزيز عبد المنعم والرائد علي
حسن محمود والمقدم أحمد رياض البهي وعبد المنعم عبد العزيز عبد المنعم التي أورد
مؤداهما بما يتفق وما أثبته بياناً لواقعة الدعوى، مضمناً ما حصله من أقوال الرائد
علي حسن محمود أنه قد جاء بها أن الطاعن ذكر أثناء مرافقته له وللمجني عليه في
الطريق إلى المسجد أنه قد جامل هذا الأخير "في حفظ الشكوى لصلته بمدير الأمن
ونائبه" ثم خلص الحكم إلى ثبوت الواقعة في حق الطاعن - الذي أطرح إنكاره -
وذلك بقوله "وحيث إن المستفاد من واقع الحال على نحو ما سلف بيانه بمدونات
هذا الحكم أن المتهم وهو بلوكامين بمديرية أمن المنوفية طلب وأخذ عطية لاستعمال
نفوذ مزعوم لدى السلطة القائمة بتحقيق مصدر ثروة الشاهد الأول وشريكه حنفي محمد
حنفي زاعماً بأن له صلة بضابط نيط به التصرف في التحقيق وصلة بمدير الأمن ونائبه
بما يحول دون وضعه تحت الحراسة بحفظ التحقيق وعدم عرضه على لجنة تصفية الإقطاع
وبذلك تتوافر أركان الجريمة المنصوص عنها في المادة ١٠٦ مكرر من قانون العقوبات
والتي قصد بها المشرع حماية مصلحة الجماعة ممن يتجرون بنفوذهم حقيقياً كان أو
مزعوماً لدى أية سلطة عامة بصرف النظر عن مدى اتصال المستغل بالعمل الذي اتفق على
القيام به" لما كان ذلك، وكان الشارع قد سوى في نطاق جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص
عليها في المادة ١٠٦ مكرر من قانون العقوبات، بين تذرع الجاني - في الطلب أو
القبول أو الأخذ - بنفوذ حقيقي للحصول على مزية من سلطة عامة، وبين تذرعه في ذلك
بنفوذ مزعوم، فقد قدر الشارع أن الجاني حين يتجر بالنفوذ على أساس موهوم لا يقل
استحقاقاً للعقاب عنه حين يتجر به على أساس من الواقع، إذ هو حينئذ يجمع بين الغش
أو الاحتيال والإضرار بالثقة الواجبة في السلطات العامة والجهات الخاضعة لإشرافها
ولا يلزم أن يكون الزعم بالنفوذ صريحاً بل يكفي أن يكون سلوك الجاني منطوياً ضمناً
على زعم منه بذلك النفوذ. ولم يفرق الشارع - في صدد تلك الجريمة وسائر جرائم
الرشوة - بين الفائدة التي يحصل عليها الجاني لنفسه والفائدة التي يطلبها أو
يقبلها لغيره. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أثبته الحكم أن الطاعن قد زعم للمجني
عليه أن له صلة بالضابط الذي نيط به التصرف في التحقيق الذي أجرى معه بصدد البحث
عن مصدر ثروته، وأنه ذو صلة أيضاً بكل من مدير الأمن ونائبه، وأنه طلب منه النقود
وأخذها لاستعمال نفوذه - الناشئ عن تلك الصلات - للحصول على قرار بحفظ ذلك التحقيق
وعدم عرضه على لجنة تصفية الإقطاع - بما يحول دون وضعه تحت الحراسة - والعمل على
عدم إرسال إشارات لاستدعاء شريكه. لما كان ذلك، وكان ما استخلصه الحكم مما تقدم له
ما يعينه من وقائع الدعوى وأدلتها - التي لا ينازع الطاعن في صحة ما حصله الحكم
عنها مدللا على ثبوته تدليلا كافيا بما أورده من أدلة سائغة ومنتجة، فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً، إذ هو في واقعه لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص ما تؤدي إليه مما
لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان ما تمسك به المدافع عن الطاعن
بجلسة المحاكمة من طلب مضاهاة الخط الذي كتبت به الإشارات المضبوطة، بخط كل من
الطاعن وشهود الإثبات، لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة
حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل المقصود به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي
اطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً
لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه
مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أقوال هؤلاء الشهود. لما كان ذلك، وكان
الحكم قد اقتصر في قضائه على مؤاخذة الطاعن عن الواقعة التي أثبتها في حقه وهي
طلبه مبلغاً من النقود وتقاضيه بعضاً منه دون أن يثبت من مدوناته أن الطاعن طلب أو
أخذ كمية من الطوب، وكان ما أشار إليه الحكم عرضاً في نهاية ما أورده بياناً
لواقعة الدعوى من أن شرطة شبين الكوم تولت ضبط كمية من آجر الطوب أمام منزل
المتهم، لم يرتب الحكم عليه أية نتيجة ولم يساءل الطاعن عنه أو يضمنه وصف الجريمة
التي انتهى إلى إدانته بها، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق