جلسة 22 من يناير سنة 1962
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور
السادة: محمد عطية إسماعيل، ومحمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر
حنين المستشارين.
---------------
(18)
الطعن 936 لسنة 31 ق
(أ) سرقة. إخفاء أشياء مسروقة.
استقلال كل من الجريمتين عن الأخرى. اختلاف طبيعتهما ومقوماتهما. لا
يتصور وقوعهما من شخص واحد.
إدانة المتهم بالسرقة تمنع من إدانته بالإخفاء. علة ذلك: إخفاء
المسروق أثر من آثار السرقة. القول بعكس ذلك. خطأ في القانون.
(ب) إثبات "اعتراف". نقض
"أسباب الطعن"
حرية المحكمة الجنائية في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. عدم
خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض.
---------------
1 - جريمة السرقة وإخفاء الأشياء المسروقة جريمتان مستقلتان تختلف
طبيعة كل منهما عن طبيعة الأخرى ومقوماتها، وهما لذلك لا يتصور وقوعهما من شخص
واحد. ومن ثم فإن عقاب متهم عن جريمة السرقة يمتنع معه عقابه عن جريمة الإخفاء،
والعلة في ذلك أن وجود المسروق في حيازة سارقه إنما هو أثر من آثار السرقة ونتيجة
طبيعية لها.
ومتى كان ذلك فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن "لجريمة
الإخفاء أفعالاً وعناصر مستقلة عن جريمة السرقة وأنه ليس هناك ما يمنع قانوناً من
توجيه تهمة الإخفاء إلى السارق متى ارتكب أفعالاً تالية لفعل السرقة تمكن بمقتضاها
من إخفاء المسروقات وهو عالم بالطبع بسرقتها مما يتعين معه في هذه الحالة معاقبته
بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة السرقة عملاً بالمادة 32 عقوبات لارتباط الجريمتين
بوحدة الغرض" - ما ذهب إليه الحكم من ذلك غير صحيح في القانون.
2 - الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر
الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في
الإثبات. فلقاضي الموضوع البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه
قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أنه اعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه
نفسه كان له أن يأخذ به، وهو في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من الطاعنين وآخرين بأنهم: المتهم الأول -
سرق النقود والحلي المبينة بالمحضر للمجني عليه وزوجته وكان ذلك من منزلهما بطريق
الكسر من الخارج. والمتهمين الثاني "الطاعن" والثالث - اشتركا بطريق
الاتفاق والتحريض في ارتكاب الجريمة السالفة البيان فوقعت بناء على ذلك. والمتهمة
الرابعة - سرقت النقود المبينة بالمحضر للمجني عليه الأول وكان ذلك من مسكن زوجها
المتهم الأول. والمتهمون جميعاً - أخفوا المسروقات السالفة البيان مع علمهم بسرقتها.
وطلبت عقابهم بالمواد 40 /1-2 و41 و44 مكرر و317 /1 من قانون العقوبات. وقد أدعى
المجني عليه الأول بحق مدني قبل المتهمين الثلاثة الأول بقرش صاغ واحد تعويضاً
مؤقتاً. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً للمتهمين الثلاثة الأول وغيابياً للرابعة.
عملاً بمواد الاتهام بالنسبة لجميع المتهمين مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات
بالنسبة إلى المتهمين الثلاثة الأول - أولاً: بحبس كل من المتهمين الثلاثة الأول
ستة أشهر مع الشغل والنفاذ عن التهمتين وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق
المدني قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات. ثانياً: بعدم قبول
الدعوى الجنائية بالنسبة لتهمة السرقة المسندة إلى المتهمة الرابعة. ثالثاً: بحبس
المتهمة الرابعة شهراً مع الشغل عن التهمة الثانية المسندة إليها وكفالة جنيهين
لوقف التنفيذ. استأنف المحكوم عليهما الثاني "الطاعن" والثالث هذا
الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع
بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف الأول والاكتفاء بحبسه ثلاثة شهور مع
الشغل وبإلغائه بالنسبة للمستأنف الثاني وبراءته مما أسند إليه بلا مصاريف جنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
-------------
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو القصور في البيان والخطأ في
القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه - على خلاف حكم محكمة أول درجة - لم يعرض للدفع
الذي أثاره الطاعن بعدم جواز توجيه تهمة الإخفاء إليه بالإضافة إلى تهمة الاشتراك
في السرقة ولم يعن بالرد عليه، كما أن معاقبة الطاعن بتهمتي الإخفاء والاشتراك في
السرقة وتوقيع العقوبة الأشد تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات - بالرغم من أن
وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم لا تدل على قيام جريمتين مرتبطتين - غير صحيح في
القانون، ولا محل للقول بأنه يكفي لحمل العقوبة عند التعدد المعنوي ثبوت قيام إحدى
الجريمتين لأن تقدير العقوبة لا بد وقد روعي فيه ارتكاب الجريمتين معا.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أيد ما استندت إليه محكمة أول
درجة من أسباب، وكان حكم محكمة الدرجة الأولى قد عرض للدفع بعدم جواز توجيه تهمة
الإخفاء إلى الطاعن وانتهى إلى رفضه بمقولة إن لجريمة الإخفاء أفعالا وعناصر
مستقلة عن جريمة السرقة وأنه ليس هناك ما يمنع قانونا من توجيه تهمة الإخفاء إلى
السارق متى ارتكب أفعالا تالية لفعل السرقة تمكن بمقتضاها من إخفاء المسروقات وهو
عالم بالطبع بسرقتها وأنه يتعين في هذه الحالة توقيع العقوبة الأشد المقررة لجريمة
السرقة تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات نظرا لارتباط الجريمتين بوحدة الغرض.
لما كان ذلك، وكان ما ذهب إليه الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه غير صحيح في
القانون في خصوص جواز توجيه تهمة الإخفاء إلى السارق، ذلك أن جريمتي السرقة وإخفاء
الأشياء هما جريمتان مستقلتان تختلف طبيعة كل منهما عن طبيعة الأخرى ومقوماتها
وهما لذلك لا يتصور وقوعهما من شخص واحد، ومن ثم فإن عقاب متهم عن جريمة السرقة
يمتنع معه عقابه عن جريمة الإخفاء، والعلة في ذلك أن وجود المسروق في حيازة سارقه
إنما هو أثر من آثار السرقة ونتيجة طبيعية لها. لما كان ذلك، وكان ما انطوى عليه
الحكم المطعون فيه من تقرير خاطئ في القانون على الصورة سالفة البيان لا يؤثر في
سلامته وصحة ما انتهى إليه في توقيع العقوبة المقضي بها وهي عقوبة مقررة للجريمة
موضوع تهمة الاشتراك في السرقة المسندة إلى الطاعن أيضا والتي لم يثر بشأنها دفعا
ما، وكان أمر تقدير هذه العقوبة في نطاق القانون هو من سلطة محكمة الموضوع وحدها
ولا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، فإن هذا الوجه من النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثاني من الطعن هو القصور في البيان والفساد في
الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه أطرح دفاع الطاعن بشأن بطلان اعترافه مسايرة
منه لما قاله حكم محكمة أول درجة في أن اعترافه أمام النيابة ينفي حصول الإكراه
بيد أنه لم يعن بالرد على ما تحمله الأوراق من وقائع مثبتة لدفاعه من أن اعترافه
كان وليد إكراه وتعذيب، يضاف إلى ذلك أنه يعيب الحكم استناده إلى الدليل المستمد
من الاعتراف الباطل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع ورد عليه مبينا سلامة
الاعتراف وصحته أخذا في ذلك بما فصله حكم محكمة أول درجة ومضيفا إليه أن الطاعن قد
كرر اعترافه هذا أمام النيابة العامة على وجه مفصل واعترف بإرشاده عن منزل المجني
عليه كما ذكر أنه تسلم من المتهم الأول خمسمائة جنيه علم منه أنها مسروقة من منزل
المجني عليه، وجاء اعترافه في محضر جمع الاستدلالات ومحضر تحقيق النيابة متفقا مع
أقوال المتهم .......... واعترافاته. لما كان ما تقدم، وكان الاعتراف في
المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في
تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلقاضي الموضوع البحث في صحة ما يدعيه المتهم من
أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحقق أن الاعتراف سليم
مما يشوبه واطمأنت إليه نفسه كان له أن يأخذ به وهو في ذلك لا يكون خاضعا لرقابة
محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق