باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م،
الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار
والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد
الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس
هيئة المفوضين وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 43
قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
محمد أحمد عبدالحميد يوسف
ضد
1- رئيس الجمهورية 2- رئيس مجلس الوزراء 3- رئيس مجلس النواب 4- وزير
العدل 5- رئيس هيئة قضايا الدولة
----------------
" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من مايو سنة 2021، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من
المحكمة الدستورية العليا، في الدعوى رقم 193 لسنة 19 قضائية "دستورية"
بجلسة 6/ 5/ 2000، وبعدم الاعتداد بالحكم الصادر من لجنة التأديب بهيئة قضايا
الدولة في الدعوى رقم 1 لسنة 2015، فيما تضمنه من عزل المدعى، مع ما يترتب على ذلك
من آثار، حتى انتهاء الفصل في الطعن رقم 28720 لسنة 62 قضائية عليا. وقدمت هيئة
قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت
الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعى كانت قد أُقيمت ضده الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2015، أمام لجنة
التأديب بهيئة قضايا الدولة، بناء على ما أسفرت عنه التحقيقات، من وجود أدلة على
انضمامه، وعدد من أعضاء هيئة قضايا الدولة، لحركة قضاة من أجل مصر، تولى بعضهم
الزعامة والقيادة فيها، وتنظيم وحضور مؤتمرات على النحو المؤثم جنائيًّا، بموجب
نصوص قانون العقوبات، فضلاً عن المخالفات التأديبية.
وبجلسة 12/ 12/ 2015، أصدرت لجنة التأديب قرارها بمعاقبته وآخرين
بالعزل من وظيفته، وبناء عليه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 56 لسنة 2016 بعزله
وآخرين من وظيفتهم. وقد استند حكم لجنة التأديب في حيثياته إلى صحة ما نُسب إلى
المدعى.
طعن المدعى على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 28720
لسنة 62 قضائية عليا، طالبًا الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ ذلك الحكم، وفى
الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددًا، أصليًّا: بعدم صلاحية لجنة التأديب لنظر الدعوى
التأديبية، واحتياطيًّا: بعدم قبول دعوى التأديب لانتفاء شرط المصلحة، ومن باب
الاحتياط الكلى: ببطلان الحكم المطعون فيه، لبطلان تحقيقات قاضى التحقيق، وبعدم
قبول الدعوى التأديبية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون. ومن باب الاحتياط
العام: برفض الدعوى التأديبية مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 27/ 3/ 2021،
قضت المحكمة الإدارية العليا بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الطعن، وأمرت بإحالته
بحالته إلى الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري للاختصاص بنظره.
وإذ ارتأى المدعى أن حكم لجنة التأديب بهيئة قضايا الدولة الصادر
بجلسة 12/ 12/ 2015، في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2015، يُمثل عقبة في تنفيذ
الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، في الدعوى رقم 193 لسنة 19 قضائية
"دستورية" بجلسة 6/ 5/ 2000، فيما قضى به من عدم دستورية نص المادة (25)
من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة
1963، فيما تضمنه من إسناد الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون
أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب والتظلمات،
فقد أقام الدعوى المعروضة، على سند من أنه قد تم تنفيذ حكم لجنة التأديب، وصدر
قرار رئيس الجمهورية بعزله من وظيفته، رغم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية
العليا، بما يُفرغ الحكم الدستوري السالف الذكر من مضمونه، الأمر الذى يُعد معه
حكم لجنة التأديب حائلاً دون نفاذه، يستوجب تدخل المحكمة الدستورية العليا
لإزاحته. ومن ثم فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن
التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه،
وتعطل - تبعًا لذلك - أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة
دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو
محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق،
أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام
وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ
متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة
مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها،
وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور
صورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فاعليته.
بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50 ) من
قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض
أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم،
دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم،
يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى
نتائجها - قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا
مكتملاً ، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام،
وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا
تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن
منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه
ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة السادس من مايو سنة 2000،
في الدعوى رقم 193 لسنة 19 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية نص المادة
(25) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75
لسنة 1963، فيما تضمنه من إسناد الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة
بشئون أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب
والتظلمات. وقد نُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (20) بتاريخ 18 مايو
سنة 2000.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا
في الدعاوى الدستورية - على ما استقر عليه قضاؤها - يقتصر نطاقها على النصوص
التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاُ
حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن
قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل بهذا المنطوق من الأسباب
اتصالاً حتميًّا لا تقوم له قائمة إلا به.
وحيث إن حكم لجنة التأديب بهيئة قضايا الدولة الصادر بجلسة 12/ 12/
2015، في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2015، قد صدر استنادًا لنص المادتين 25، 26
من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة
1963، وذلك فيما يتصل باختصاصها بنظر الدعاوى التأديبية المتعلقة بأعضاء هيئة
قضايا الدولة، في حين أن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 6/ 5/ 2000،
في الدعوى رقم 193 لسنة 19 قضائية "دستورية"، قد اقتصر على الاختصاص
المنعقد للجنة التأديب بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون
أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض المترتبة عليها، دون الدعاوى التأديبية،
ومن ثم فإن حكم لجنة التأديب السالف الذكر يكون منبت الصلة بالحكم الصادر من
المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 193 لسنة 19 قضائية "دستورية"،
ولا يُشكل عقبة في تنفيذه، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى
جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق