الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 يناير 2022

الطعن 11818 لسنة 75 ق جلسة 23 / 5 / 2017 مكتب فني 68 ق 109 ص 694

جلسة 23 من مايو سنة 2017

برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، أحمد العزب وإبراهيم الشلقاني نواب رئيس المحكمة.

------------------

(109)

الطعن 11818 لسنة 75 ق

(1) حق "حق التقاضي".
حق التقاضي. حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.

(2 - 5) اختصاص "الاختصاص القضائي الدولي". دعوى "شروط قبول الدعوى: المصلحة "دعوى قطع النزاع".
(2) القانون. عدم تحديده الدعاوى الجائز رفعها. قبول الدعوى. شرطه. أن يكون لصاحبها مصلحة قائمة وعاجلة يقرها القانون. كفاية المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله. م 3 مرافعات.

(3) الدعاوى الوقائية. مناط قبولها. رغبة الشخص في إيقاف مسلك تهديدي لخصمه يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه المالي أو سمعته. المذكرة التفسيرية لق المرافعات السابق. اندراج دعوى قطع النزاع تحت تلك الدعاوى. تقدير جدية المزاعم والادعاءات التي تجيز رفع الدعوى وكذا أضرارها. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله.

(4) اختصاص المحاكم المصرية الثابت لها وفقا للقانون المصري. عدم جواز الخروج عنه. علة ذلك.

(5) تعلق الدعوى بالتزام نشأ ونفذ في مصر. مؤداه. اختصاص القضاء المصري بنظرها. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبار وجود طلب قضائي عن ذات موضوع التداعي منظور أمام القضاء الفرنسي رغم عدم اختصاصه بمثابة قيد ومانع من نظر دعوى قطع النزاع. خطأ ومخالفة للقانون.

-------------

1 - من المبادئ الدستورية أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الاتجاه إلى قاضيه الطبيعي.

2 - لم يحدد القانون الدعاوى التي يجوز رفعها؛ إذ توجد دعوى كلما كانت هناك مصلحة قانونية تحتاج إلى الحماية بواسطة القضاء، فالأصل العام المسلم به وطبقا لنص المادة الثالثة من قانون المرافعات هو عدم قبول أي دعوى لا يكون لصاحبها فيها مصلحة قائمة وعاجلة يقرها القانون؛ إعمالا لمبدأ الاقتصاد في الخصومة، على أن المصلحة المحتملة تكفي حيث يراد بالطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق، أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه.

3 - إذ تسمى هذه الدعاوى بالدعاوى الوقائية (الدعوى المقامة بناء على مصلحة محتملة)، ويندرج تحتها دعوى قطع النزاع تلك التي بمقتضاها – وطبقا لما ورد بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات السابق- يجوز لمن يريد وقف مسلك تهديدي أن يكلف خصمه الذي يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه المالي أو بسمعته الحضور لإقامة الدليل على صحة زعمه، فإن عجز حكم عليه بفساد ما يدعيه وحرم من رفع الدعوى فيما بعد، على أنه يجب ألا تكون هذه المزاعم مجرد تخرصات فارغة؛ وإلا كانت الدعوى غير مقبولة، على أن تقدير جدية هذه المزاعم والادعاءات وضررها وما إذا كانت تشكل تعرضا لحقوق المدعي ومركزه القانوني أم لا، هو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع، إلا أنه يتعين عليه أن يقيم قضاءه في هذا الشأن على أسباب سائغة تكفي لحمله.

4 - مؤدي النص في البند الثاني من المادة 30 من قانون المرافعات أنه لا يجوز الخروج من اختصاص المحاكم المصرية الثابت لها وفقا للقانون المصري، لأن الدولة هي التي ترسم حدود ولاية القضاء فيها، مقدرة في ذلك أن أداء العدالة مصلحة عامة لا يمكن تحققها إلا بواسطة محاكمها التي ترى أنها دون غيرها جديرة بأن تكفل هذه الغاية.

5 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الهيئة الطاعنة قد أقامت دعواها لقطع النزاع على مزاعم الشركة المطعون ضدها الأولى، بمسئولية الهيئة عن تلفيات حدثت بعدد ثلاثة محولات مملوكة للشركة حال تفريغها من البارج إلى رصيف الميناء، باستخدام ونش مستأجر من الهيئة، وكانت المطعون ضدها الأولى شركة مساهمة مصرية، وكانت الدعوى متعلقة بالتزام نشأ ونفذ في مصر، فإن القضاء المصري يكون مختصا بنظرها دون تقيد بنوع الدعوى، وبصرف النظر عما إذا كان الالتزام تعاقديا أم تقصيريا. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى في قضائه إلى اعتبار أن وجود طلب قضائي عن ذات موضوع التداعي منظور أمام القضاء الفرنسي رغم عدم اختصاصه - على نحو ما سلف بيانه - بمثابة قيد على حق الطاعنة في اللجوء إلى القضاء المصري، ومانعا من نظر دعواها بقطع النزاع، سالبا بذلك حقها في اللجوء إلى قاضيها الطبيعي، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الهيئة الطاعنة أقامت على الشركتين المطعون ضدهما الدعوى رقم ... لسنة 2003 مدني بورسعيد الابتدائية بطلب الحكم "ببراءة ذمتها من أية مبالغ بدعوى التعويض عن تلف المحولات التي تم تفريغها بمعرفة الشركة المطعون ضدها الأولى وتحت مسئوليتها على رصيف ميناء التفريعة الشرقية ببورسعيد يوم 27 من ديسمبر سنة 2001"، وقالت في بيان ذلك إنها أجرت للشركة المطعون ضدها الأولى ونشا عائما حمولة 500 طن لتنفيذ عملية تفريغ ثلاثة محولات زنة الواحد 223 طنا من البارج إلى رصيف الميناء، وإنهما اتفقتا في العقد على تولي الأخيرة الإشراف بالكامل على العملية وتحملها بمفردها لكل مخاطرها ونتائجها، وإذ نفذت الهيئة التزامها بوضع الونش تحت تصرف الشركة المطعون ضدها الأولى، فوجئت بزعم الأخيرة بمسئولية الهيئة عن حدوث تلفيات بالمحولات المذكورة أثناء تنفيذ عملية تفريغها؛ ومن ثم كانت الدعوى. وبتاريخ 25 من أكتوبر سنة 2003 حكمت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. استأنفت الهيئة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 44ق، أمام محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد"، وبتاريخ العاشر من مايو سنة 2005 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الهيئة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة ارتأت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي به الهيئة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ إذ انتهى في قضائه إلى عدم قبول دعواها؛ استنادا إلى أن وجود طلب قضائي خاص بموضوع التداعي منظور أمام القضاء الفرنسي يعد قيدا على حريتها في اللجوء إلى القضاء المصري، ومانعا من قبول دعواها بقطع النزاع، رغم مخالفته لقواعد الاختصاص الدولي، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه، وبما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك بأنه من المبادئ الدستورية أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الاتجاه إلى قاضيه الطبيعي، ولم يحدد القانون الدعاوى التي يجوز رفعها؛ إذ توجد دعوى كلما كانت هناك مصلحة قانونية تحتاج إلى الحماية بواسطة القضاء، فالأصل العام المسلم به وطبقا لنص المادة الثالثة من قانون المرافعات هو عدم قبول أي دعوى لا يكون لصاحبها فيها مصلحة قائمة وعاجلة يقرها القانون؛ إعمالا لمبدأ الاقتصاد في الخصومة، على أن المصلحة المحتملة تكفي حيث يراد بالطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق، أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه؛ ولذلك تسمى هذه الدعاوى بالدعاوى الوقائية، ويندرج تحتها دعوى قطع النزاع تلك التي بمقتضاها – وطبقا لما ورد بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات السابق- يجوز لمن يريد وقف مسلك تهديدي أن يكلف خصمه الذي يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه المالي أو بسمعته الحضور لإقامة الدليل على صحة زعمه، فإن عجز حكم عليه بفساد ما يدعيه وحرم من رفع الدعوى فيما بعد، على أنه يجب ألا تكون هذه المزاعم مجرد تخرصات فارغة؛ وإلا كانت الدعوى غير مقبولة، على أن تقدير جدية هذه المزاعم والادعاءات وضررها وما إذا كانت تشكل تعرضا لحقوق المدعي ومركزه القانوني أم لا، هو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع، إلا أنه يتعين عليه أن يقيم قضاءه في هذا الشأن على أسباب سائغة تكفي لحمله. وكان النص في البند الثاني من المادة 30 من قانون المرافعات على أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية، وذلك في الأحوال الآتية: 1- ... 2- إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية، أو كانت متعلقة بالتزام نشأ أو نفذ أو كان واجبا تنفيذه فيها، أو كانت متعلقة بإفلاس أشهر فيها "مؤداه أنه لا يجوز الخروج من اختصاص المحاكم المصرية الثابت لها وفقا للقانون المصري، لأن الدولة هي التي ترسم حدود ولاية القضاء فيها، مقدرة في ذلك أن أداء العدالة مصلحة عامة لا يمكن تحققها إلا بواسطة محاكمها التي ترى أنها دون غيرها جديرة بأن تكفل هذه الغاية. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الهيئة الطاعنة قد أقامت دعواها لقطع النزاع على مزاعم الشركة المطعون ضدها الأولى، بمسئولية الهيئة عن تلفيات حدثت بعدد ثلاثة محولات مملوكة للشركة حال تفريغها من البارج إلى رصيف الميناء، باستخدام ونش مستأجر من الهيئة، وكانت المطعون ضدها الأولى شركة مساهمة مصرية، وكانت الدعوى متعلقة بالتزام نشأ ونفذ في مصر، فإن القضاء المصري يكون مختصا بنظرها دون تقيد بنوع الدعوى، وبصرف النظر عما إذا كان الالتزام تعاقديا أم تقصيريا.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى في قضائه إلى اعتبار أن وجود طلب قضائي عن ذات موضوع التداعي منظور أمام القضاء الفرنسي رغم عدم اختصاصه- على نحو ما سلف بيانه- بمثابة قيد على حق الطاعنة في اللجوء إلى القضاء المصري، ومانعا من نظر دعواها بقطع النزاع، سالبا بذلك حقها في اللجوء إلى قاضيها الطبيعي، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ مما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق