جلسة 3 من يناير سنة 1957
برياسة السيد عبد العزيز
محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم،
وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.
----------------
(1)
القضية رقم 117 سنة 23
القضائية
ضرائب. ضريبة القيم
المنقولة. شركات مساهمة.
إضافة الاحتياطي إلى رأس
المال في شركة من هذه الشركات وتوزيع أسهم مجانية على المساهمين القدامى. استحقاق
الضريبة في هذه الحالة. القانونان رقما 14 سنة 1939، 146 سنة 1955.
-----------------
إضافة الاحتياطي - الذي
تكون من الأرباح - إلى رأس المال في شركة من الشركات المساهمة وتوزيع أسهم مجانية
على المساهمين القدامى هو توزيع للأرباح تستحق عنه ضريبة القيم المنقولة وذلك
وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939 وكذلك
وفقاً لنص هذه الفقرة المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1950 الذي لم ينشئ حكماً
جديداً في هذا الخصوص.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الجمعية العمومية غير
الاعتيادية للشركة الطاعنة أصدرت قراراً في 26 من فبراير سنة 1948 بزيادة رأس مال
الشركة من ثلاثين ألف جنية مقسمة إلى 7500 سهم إلى ستين ألف جنيه مقسمة على خمسة
عشر ألف سهم على أن يكون توفير المال اللازم لهذه الزيادة عن طريق طرح بعض الأسهم
الجديدة للاكتتاب النقدي وأخذ الباقي من احتياطي الشركة بأن يرحل المبلغ المطلوب
من الاحتياطي إلى رأس المال فأسفر الاكتتاب عن دفع مبلغ خمسة آلاف جنيه ورحل مبلغ
25000 جنيه من الاحتياطي مقابل أسهم وزعت على حملة الأسهم القدامى بالمجان كل
بنسبة ما يملك من الأسهم القديمة، وقد رأت مصلحة الضرائب - المطعون عليها - أن هذا
الإجراء الأخير يعتبر توزيعاً لربح يخضع للضريبة المقررة على رؤوس الأموال
المنقولة وفقاً للمادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939 ووجهت إلى الطاعن
تنبيهاً بدفع مبلغ 3075 جنيهاً. فرفع الطاعن الدعوى رقم 835 سنة 1950 تجاري كلي
الإسكندرية طالباً الحكم بإلغاء التنبيه وبإلزام المطعون عليها بأن تدفع له المبلغ
المذكور وفوائده بواقع 5% سنوياً ابتداء من 15 من يناير سنة 1950 استناداً إلى أن
الإجراء الذي اتخذته الشركة لا يعد توزيعاً مستتراً على المساهمين يترتب عليه
استحقاق ضريبة إذ يشترط لذلك شرطان أولهما أن يحصل توزيع على صاحب الحق والآخر
خروج مال من ذمة الشركة إلى ذمة المساهمين ولا يتحقق هذان الشرطان في حالة زيادة
رأس مال الشركة عن طريق إدماج بعض الاحتياطي فيه، وفي 24 من مارس سنة 1951 قضى
برفض الدعوى. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 396 سنة 7 قضائية.
استئناف إسكندرية. وفي 5 من مارس سنة 1953 قضى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه
وللأسباب الأخرى التي أضافتها المحكمة إليها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وطلب إحالته إلى الدائرة المدنية وطلبت
النيابة رفضه فقررت المحكمة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 20 من ديسمبر سنة
1956.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون لسببين: يتحصل السبب الأول منهما في أن
الحكم أقام قضاءه على أن نص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 14
لسنة 1939 عام يشمل كل نتاج للأسهم يدل على ذلك ما ورد في تقرير اللجنة المالية
لمجلس الشيوخ وعلى ما قضت به محكمة النقض الفرنسية مؤيداً لهذا النظر كما استند
إلى القانون رقم 146 لسنة 1950 الذي عدل الفقرة الأولى من المادة الأولى من
القانون رقم 14 لسنة 1939، ووجه خطأ الحكم في هذا الاستناد هو أولاً - أن الفقرة
الأولى من المادة الأولى من القانون 14 لسنة 1939 كانت تنص على سريان الضريبة على
"الأرباح والفوائد وغيرها مما تنتجه الأسهم على اختلاف أنواعها" ونصت
الفقرة الأولى من المادة الثامنة من هذا القانون على أن تحديد الإيرادات الخاضعة
للضريبة يكون "فيما يتعلق بالأسهم بقيمة الربح المقرر دفعه عن السهم طبقاً
لما هو ثابت في قرارات الجمعيات العمومية للمساهمين" ويبين من ذلك أن المادة الثامنة
خصصت ما عممته المادة الأولى فعرفت إيراد السهم الذي يخضع للضريبة بأنه الربح الذي
تقرر الجمعية دفعه لحامل السهم وبمعنى آخر هو ما يؤدي عيناً للمساهم من المبالغ
التي تظهر في قسائم التوزيع، وحرمان المساهم من الربح بإدخاله في الاحتياطي ثم
حرمانه منه مرة أخرى عن طريق ترحيله إلى رأس المال ليس توزيعاً أو ربحاً تقرر دفعه
للمساهم وفقاً لنص المادة الثامنة ذلك أن إلحاق الاحتياطي برأس المال يخلي بينه
وبين المساهم فلا يجوز له التصرف فيه باعتباره ربحاً بترحيله يلحق برأس المال ذاته
ويكون جزءاً منه تملكه الشركة بوصفها شخصاً معنوياً ويعرضه لمخاطر استغلال نشاط
الشركة. ثانياً - إن صراحة نص المادة الثامنة في تعيين وعاء الضريبة بأنه:
"قيمة الربح المقرر دفعه" كان يقتضي إعمال هذا النص دون تأويل أو تفسير
فلا يفيد شيئاً ما جاء بتقرير اللجنة المالية بمجلس الشيوخ من أنه: - "إيضاحاً
لعبارة وغيرها الواردة في الفقرة أولاً تذكر اللجنة أنه قصد بها سريان الضريبة على
كل ما ينتج من الأسهم بأي شكل من الأشكال أحياناً إلى الهروب من الضريبة بتوزيع
أرباحها على المساهمين في شكل أسهم جديدة تنشئها على اعتبار أن هذه الأسهم تعد من
رأس المال ولكنها ليست إلا جزءاً من أرباح الشركة يجب أن تؤخذ عنه الضريبة" -
هذه العبارة من تقرير اللجنة لا تفيد أن اللجنة قصدت إلى وضع حكم عام مطلق في
مسألة هي محل خلاف وجدل وإنما أرادت بها الإشارة إلى حالات تعمد فيها بعض الشركات
إلى التحايل على القانون بترحيل الاحتياطي إلى رأس المال ترحيلاً صورياً، وعلى ذلك
يكون مناط تطبيق النص في المعنى هو توافر ركن الغش. ثالثاً - أن المشرع إذ أصدر
القانون رقم 146 لسنة 1950 فعدل به الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم
14 لسنة 1939 بأن أضاف إلى نصها عبارة "وسواء أكانت هذه الأرباح دورية أم غير
دورية وسواء أتم توزيعها نقداً أم مجاناً على شكل أسهم أو أية صورة أخرى ولو بطريق
غير مباشر" إنما قصد المشرع بهذا التعديل أن ينشئ حكماً جديداً لا أن يفسر
النص القديم. رابعاً - استناد الحكم إلى قضاء محكمة النقض الفرنسية رغم إجماع
الفقهاء على نقد واضطراد القضاء في بلجيكا وإنجلترا والولايات المتحدة على عكسه -
ونصوص القانون فيها متفقة مع القانون المصري - هذا الاستناد مع انعدام سنده هو خطأ
في تأويل القانون وتفسيره - ويتحصل السبب الآخر في أن الحكم أقام قضاءه أيضاً على
أن ترحيل الاحتياطي إلى رأس المال وما يتبع ذلك من توزيع أسهم ذات قيمة مادية على
المساهمين بغير مقابل هو توزيع لهذا الاحتياطي ترتب عليه أن دخل في ذمتهم ما يوازي
القيمة الاسمية للأسهم التي وزعت عليهم وقد تم ذلك على خطوتين الأولى توزيع
الاحتياطي الذي انعدم وجوده والأخرى عودة ذلك المال إلى ذمة الشركة في شكل اكتتاب
جديد، ووجه الخطأ في هذا القول هو أن التوزيع شرط جوهري لاستحقاق الضريبة فلا يكفي
أن تحصل الشركة على ربح كي يخضع هذا الربح للضريبة على إيراد القيمة المنقولة لأن
الضريبة ليست مفروضة على الشركة التي أصدرت السهم بل على صاحب السهم وعلى مقدار ما
يستولى عليه من ربح أو فائدة أو أي نتاج آخر ولا يمكن أن يقال إن المساهم حصل على
إيراد ما دامت المبالغ التي تحصل عليها الشركة باقية في حيازتها إذ إدماج المال
الاحتياطي كله أو بعضه في رأس المال ليس إلا مجرد قيد في الدفاتر بنقل مبلغ
الزيادة من حساب إلى حساب ولا يترتب على ذلك زيادة أو نقص في موجودات الشركة فهي
لا تتجرد من أي أصل من الأصول أو بعبارة أخرى لا يخرج من ذمتها مال إلى المساهم،
ويترتب على ذلك أن المساهم لا يثري بالتوزيع ولا يكسب حقاً إذ أن السهم يخول مالكه
حقاً في اقتسام أرباح الشركة وحقاً آخر في الحصول على جزء من موجوداتها عند
انقضائها وما دامت الموجودات لم تختلف فإن السهم الجديد لا يخول صاحبه حقاً أكثر
مما كان له بمقتضى ما كان لديه من السهم القديم ذلك الحق كان يتمثل في الاسمية
للسهم الذي يملكه وما طرأ عليها من زيادة في رأس المال بسبب وجود الاحتياطي فلو
أنه باع السهم لحصل على زيادة عن قيمته الاسمية دون أن يؤدي عن ذلك ضريبة وبعد
ترحيل الاحتياطي تهبط قيمة الأسهم بسبب كثرتها عن قيمتها قبل الترحيل وفي مقابل
هذا النزول يعطي المساهم أسهماً جديدة أخرى فلا يلزم بأداء ضريبة عنها، وفضلاً عن
ذلك كله فإن القرار الصادر بترحيل الاحتياطي إلى رأس المال يحرم المساهم من حقه في
المطالبة بتوزيعه فلا يملك التصرف فيه بأية صورة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على الحكم المطعون فيه أن قضاءه قام في صدد ما ينعاه الطاعن على بحث في مصدر
التشريع الضريبي في مصر وأنه القانون الفرنسي الصادر في سنة 1872 وأن قضاء محكمة
النقض هناك جرى على إعمال هذا التشريع واستحقاق الضريبة على رؤوس الأموال المنقولة
عند إضافة الاحتياطي إلى رأس مال شركة من الشركات التجارية والصناعية وانتهى من
ذلك إلى أن نية المشرع كانت متجهة عند صياغة الفقرة الأولى من المادة الأولى من
القانون رقم 14 لسنة 1939 إلى الأخذ بما جرى عليه القضاء الفرنسي والأخذ بمبدأ
سريان الضريبة وقد ظهرت النية واضحة من النص ذاته إذ شمل كل ما تنتجه الأسهم على
اختلاف أنواعها ويؤيد هذا ما ورد بتقرير اللجنة المالية بمجلس الشيوخ عن ذلك وقد
أراد المشروع المصري توكيد هذا النظر بالقانون رقم 146 لسنة 1950 حيث عنى بتفسير
الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939 تفسيراً يزيل كل لبس
فنص القانون الجديد في صراحة ووضوح باستحقاق الضريبة عند إضافة الاحتياطي الذي
تكون من الأرباح - لرأس المال وصرف أسهم مجانية مقابل هذا للمساهمين.
وحيث إن هذا الذي أقام
الحكم المطعون فيه قضاءه عليه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن الفقرة الأولى من
المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939 كانت تنص على أن الضريبة تسري
"على الأرباح والفوائد وغيرها مما تنتجه الأسهم على اختلاف أنواعها..."
وقد تناول تقرير اللجنة المالية بمجلس الشيوخ توضيح المقصود من كلمة
"وغيرها" الواردة في نص المادة فقال إنه "يقصد بذلك سريان الضريبة
على كل ما ينتج من الأسهم بأي شكل إذ تعمد بعض الشركات أحياناً إلى الهروب من
الضريبة بتوزيع بعض أرباحها على المساهمين في شكل أسهم جديدة تنشئها على اعتبار أن
هذه الأسهم تعتبر من رأس المال ولكنها في الحقيقة ليست إلا جزءاً من أرباح الشركة
يجب أن تؤخذ عنه الضريبة". فلما أصدر المشرع بعد ذلك القانون رقم 146 سنة
1950 جاء بمذكرته الإيضاحية أنه لما صدر "القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض
ضريبة على رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل
مقرراً لضرائب مباشرة على أنواع جديدة من الإيرادات لم تكن البلاد قد ألفت الضريبة
عنها وكان من الطبيعي أن يحتاج هذا التشريع إلى تعديل من حين إلى حين لاستكمال نقص
فيه أو توضيح غموض أو لبس ظهر من التطبيق العملي خلال السنوات الماضية وقد ظهر أن
بالفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939 لبساً منشؤه ما
تضمنه النص من سريان الضريبة على القيم المنقولة على الأرباح والفوائد وغيرها مما
تنتجه الأسهم كما هو مفهوم من تقرير لجنة الشئون المالية بمجلس الشيوخ أن الضريبة
تسري على كل ما ينتج من الأسهم بأي شكل من الأشكال دورياً أو غير دوري إلا أن بعض
الشركات قد عمد إلى التهرب من دفع الضريبة بتوزيع جانب من أرباحها في شكل أسهم
مجانية على المساهمين منتهزة فرصة ما لازم النص من غموض ولما رفع الأمر إلى القضاء
المختلط رأت محكمة الاستئناف المختلطة أن توزيع الأسهم المجانية على المساهمين لا
يخضع للضريبة وترى اللجنة تحقيقاً لغرض المشرع منعاً للتهرب من أداء الضريبة إضافة
نص تفسيري يقضي على كل لبس أو غموض حول نية المشرع من إخضاع كل التوزيعات للضريبة ولو
كانت على شكل أسهم مجانية". وظاهر من هذه المذكرة أن إصدار القانون كان بقصد
تفسير ما غمض من نصوص القانون رقم 14 لسنة 1939 أو لاستكمال نقص فيه فتناول
التفسير الفقرة الأولى من المادة الأولى من هذا القانون وأصبح نصها بعد ذلك
"وتسري الضريبة على الأرباح والفوائد وغيرها مما تنتجه الأسهم على اختلاف
أنواعها وحصص التأسيس بالشركات والمنشآت عامة سواء كانت مالية أو صناعية أم تجارية
وسواء كانت هذه الأرباح دورية أم غير دورية وسواء أتم توزيعها نقداً أم مجاناً على
شكل أسهم أو سندات أو حصص تأسيس أو على أية صورة أخرى ولو بطريق غير مباشر".
فالذي يؤخذ من هذا التشريع ومن المذكرة الإيضاحية له بالإضافة إلى ما ورد بتقرير
اللجنة المالية لمجلس الشيوخ وقد سبقت الإشارة إليه أن المشرع في مصر استقر على
ترجيح الأخذ بالرأي القائل بأن إضافة الاحتياطي إلى رأس المال وتوزيع أسهم مجانية على
المساهمين القدامى هو توزيع للأرباح تستحق عنه ضريبة القيم المنقولة، فقانون رقم
146 لسنة 1950 لم ينشئ حكماً جديداً كما يقول الطاعن، ولا يغير من هذا النظر ما
يقول به الطاعن أيضاً من أن المشرع الفرنسي قد عدل القانون الضريبي في سنة 1945
تعديلاً مقتضاه أن يعفي الأسهم الجديدة التي توزع على المساهمين عند إضافة
الاحتياطي إلى رأس المال من الضريبة إذ أن مصدر التشريع المصري هو القانونان
الصادران في فرنسا في سنتي 1872 و1914 من جهة ولأن القانون رقم 146 سنة 1950 صدر
بعد هذا التعديل مؤيداً لمبدأ سريان الضريبة من جهة أخرى وفي ذلك ما يقطع بأن
المشرع المصري رأى ألا ينهج نهج المشرع الفرنسي ومن ثم فلا محل للاستناد إلى ذلك
التعديل أو القياس عليه.
وحيث إنه يبين من ذلك أن
الطعن لا يقوم على أساس فيتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق