الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 يناير 2022

الطعن 12 لسنة 26 ق جلسة 13 / 6 / 1957 مكتب فني 8 ج 2 أحوال شخصية ق 65 ص 588

جلسة 13 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد المستشار محمد فؤاد جابر، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

-------------

(65)
القضية رقم 12 سنة 26 القضائية "أحوال شخصية"

وقف. عرف.

شرط الواقف. انتهاء الحكم في تفسيره تفسيراً سائغاً يؤدي إليه مجمع عباراته ولا مخالفة فيه لغرض الواقف. لا خطأ.

-----------------
المقرر شرعاً أن كلام الواقفين يجب أن يفهم في ضوء العرف السائد خاصاً كان هذا العرف أو عاماً وأن عباراتهم يجب أن تحمل على المعنى الذي ترشد القرينة أو العرف إلى أنهم أرادوه والمراد بكلام الواقف مجموع كلامه في كتاب وقفه بحيث لا ينظر إلى كلمة أو عبارة بعينها بل إلى مجموع الكلام كوحدة كاملة ويعمل بما يظهر أنه أراده وإن أدى ذلك إلى إلغاء بعض الكلمات أو العبارات التي يتبين أنه لم يرد مدلولها كتعطيل عموم النص أو إطلاقه متى ظهر أنه غير مراد ولا عبرة في سبيل ذلك بأن يوافق الكلام لغة العرب أو لغة الشارع وهو ما أقره المشرع في المادة العاشرة من القانون رقم 48 سنة 1946. فإذا كان الحكم قد انتهى في تفسيره لشرط الواقف تفسيراً سائغاً يؤدي إليه مجمع عباراته ولا مخالفة فيه لغرض الواقف فإن النعي في خصوصه يكون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 228 سنة 1955 كلي أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية ضد المطعون عليها بطلب الحكم باستحقاقها في وقف المرحوم خلف الله عبد الرحيم طبقاً لشرط الواقف وبتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1955 قضى لها بطلباتهما. فاستأنفت وزارة الأوقاف أمام دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 58 سنة 73 ق وبتاريخ 31 من مارس سنة 1956 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين وإلزامهما بالمصروفات وبمبلغ 3 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فقرر الطاعنان الطعن فيه بطريق النقض. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 6 من فبراير سنة 1957 إحالته على هذه الدائرة، ورأت النيابة بمذكرتها رفض الطعن.
ومن حيث إن الطاعنين بنيا طعنهما على سبب واحد هو الخطأ في تفسير شرط الواقف في كتاب وقفه القائل (فإذا انقرضت الإناث عن آخرهن فلا حق لفروعهن في ربع الوقف) وتطبيقه على الطاعنين مع أن الشرط الواجب التطبيق هو قول الواقف (ومن مات من الذكور من الموقوف عليهم يكون نصيبه بعده لفرعه) وقال الطاعنان تبياناً لذلك إن الواقف وقف وقفه من بعده على فريقين بالاسم وهما فريق الذكور وفريق الإناث وجعل لكل واحد من الفريقين نصيباً معيناً من الأطيان والنخيل ثم بين بعد ذلك مباشرة حكم نصيب كل واحد من الفريقين إذا مات، فابتدأ ببيان نصيب الذكور فقال إن من مات منهم يكون نصيبه من بعده لفرعه بحكم الفريضة الشرعية وهذا النص يدل دلاله قاطعة على استحقاق كل ذرية الذكر الموقوف عليه بالاسم ذكوراً وإناثاً لا فرق بين ولد الذكر وولد الأنثى ولا فرق بين ولد الظهر وولد البطن، ومن بين الذكور الموقوف عليهم بالاسم عبد الرحمن ابن الواقف فقد جعل له والده 35 فداناً و47 نخلة والطاعنان من ذريته إذ هما من أولاد أمينه بنت عبد الرحمن المذكور فبمقتضى النص المذكور يستحقان حتماً في نصيب جدهما عبد الرحمن بموته وبموت والدتهما إذ أن كل حصة من الحصص وقف مرتب الطبقات لأن الواقف قال بعد ذلك طبقة بعد طبقة فاستحقاق الطاعنين ثابت بيقين الشرط المذكور وأن من القواعد للشرعية أن ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين مثله، ولما كان مشرط الواقف كنص الشارع فوجب على المحكمة تطبيق الشرط المذكور وليس قول الواقف بعد ذلك (فإذا انقرضت الإناث عن آخرهن فلا حق لذريتهن في ريع الوقف) ليس هذا القول ناسخاً للشرط الأول وعلى ذلك يجب إعماله وأنه إذا سلم بأن كلام الواقف دائر بين استحقاق الطاعنين وعدم استحقاقهما فإنه يجب اعتبارهما مستحقين لأنه إذا دار الكلام بين الإعطاء والحرمان قدم الإعطاء على الحرمان، وإذا سلم بأن كلمة الإناث في قول الواقف (فإذا انقرضوا الإناث عن آخرهن فلا حق لفروعهن عامة) تشمل الإناث الموقوفة عليهن بالاسم وغيرهن فإن هذه العبارة حجة للطاعنين في استحقاقهما لأن غاية ما تدل عليه بطريق العبارة هو أن لا حق لفروع الإناث في ريع الوقف إذا انقرضوا جميعاً عن بكرة أبيهم وتدل بطريق مفهوم الشرط أن الإناث إذا لم ينقرضن عن آخرهن فإن فروعهن تستحق، وأن زينب بنت عبد الرحمن الموقوف عليه بالاسم هي على قيد الحياة ومستحقة في الوقف وكذلك صادقة بنت عبد الرحمن باعتراف الوزارة وتصرف لها نصيبها عن والدها عبد الرحمن ولا محل للقول بأنه كيف يسوغ حرمان ولد البنت الصلبية للواقف والموقوف عليها بالاسم ويكون ولد بنت ابن الواقف مستحقاً، ذلك أنه قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 كان للواقف أن يقف كل أملاكه على بعض أولاده بل كان له أن يحرم كل أولاده ويقف أملاكه على أجانب.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من كتاب الوقف أن الواقف أنشأ وقفه من بعده على أولاده أحمد وعثمان وسيد وحسنين وحسين وعبد الرحمن وهانم وظاظه وعلي عبد الرحيم ابن ابنه أحمد المتوفى قبله وعلي فكري ومحمد وشفيقة أولاد ابنه محمود المتوفى قبله وعلي توفيق وبمبة ولدي ابنه محمد المتوفى قبله وعلي عدوية ابنة ابنه فارس المتوفى قبله وعلي ابن المعتوق وذكر في كتاب وقفه أن من مات من الذكور من الموقوف عليهم يكون نصيبه من بعده لفرعه بحكم الفريضة الشرعية، فإذا انقرضت الإناث عن آخرهن فلا حق لفروعهن في ريع الوقف المذكور وإن تمخضت أولاده لصلبه ذكوراً فهو على عدد الرءوس فإذا انقرضوا جميعاً فيرجع نصيبهم لأخواتهم الإناث وللأقرب من عصبته دون أولادهن أيضاً - طبقة بعد طبقة وجيلاً بعد جيل - ولما كان الطاعنان هما ولدا أمينه بنت عبد الرحمن ابن الواقف والمذكور بكتاب الوقف. ولما كان النزاع قائماً بين طرفي الخصومة على استحقاق الطاعنين ولدي ابنة ابن الواقف، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذا ألغى الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين قد أقامه على "أن الواقف وقف وقفه على أشخاص معينة بالاسم في كتاب الوقف وبين ما يؤول إليه نصيب كل واحد منهم بعد وفاته ذكراً كان أو أنثى" فقال عن الذكور (ومن مات من المذكور الموقوف عليهم فنصيبه لفرعه) وقال عن الإناث (فإذا انقرضت الإناث عن آخرهن فلا حق لفروعهن في ريع الوقف المذكور بل يرجع نصيبهن للقريب من أولاد الواقف الذكور) فالتجاء الواقف إلى العبارتين المذكورتين بالنسبة لأولاده الذكور والإناث يدل على أنه يريد التفرقة بينهما في الاستحقاق لا محالة وهذه العبارات السابقة تقضي بإعطاء أولاد الذكور دون أولاد الإناث من الموقوف عليهم المذكورين بالاسم في كتاب الوقف فالواقف في كتاب الوقف أعطى الذكور والإناث من أولاده الموجودين حال حياته كما أعطى بنات أولاده الموجودات حال حياته واللاتي توفى آباؤهن قبل وفاته وقصر الاستحقاق بعد ذلك على أولاد الذكور فقط سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، ثم نص على أنه في حالة انقراض الإناث فلا حق لفروعهن في ريع الوقف، والمدعيان وهما ليسا من أولاد الذكور لا استحقاق لهما في هذا الوقف طبقاً لشرط الواقف، ثم تناول الحكم المطعون فيه الرد على ما جاء بأسباب حكم محكمة أول درجة بأن "نص الواقف صريح كما سبق في عدم إعطاء نصيب الإناث لفروعهن إذ أن الواقف بعد أن بين مآل نصيب من يموت من الذكور أتى بالنص الآتي وهو (فإذا انقرض الإناث عن آخرهن فلا حق لفروعهن بل يرجع نصيبهن للقريب من أولاد الواقف الذكور) وأتى بعد هذه العبارة بجملة (فإن تمخض أولاده لصلبه ذكوراً فهو على عدد الرءوس ) وفي هذه العبارة لا يعطي شيء من استحقاقهن لفروعهن بل يرجع لأولاده الذكور ويقسم على عدد رءوسهم بالتساوي ولم يجعل الواقف للإناث شيئاً إلا بعد انقراض الذكور، وقد نص الواقف على ذلك صراحة في قوله (فإذا انقرضوا جميعاً - أي الذكور - فيرجع نصيبهم لأخواتهم الإناث وهن المعينات بالاسم - الموقوف عليهن في كتاب الوقف ثم للأقرب فالأقرب من عصبته دون أولادهن أيضاً وهذا حرمان صريح لأولاده البنات، ففروع الإناث لا يستحقون شيئاً في هذا الوقف وزاد الحكم بأن من المستبعد أن يحرم الواقف أولاد ابنته ويعطي أولاد بنات أولاده بنته أقرب إليه منهم". ولما كان المقرر شرعاً أن كلام الواقفين يجب أن يفهم في ضوء العرف السائد خاصاً كان هذا العرف أو عاماً وأن عباراتهم يجب أن تحمل على المعنى الذي ترشد القرينة أو العرف إلى أنهم أرادوه والمراد بكلام الواقف مجموع كلامه في كتاب وقفه حيث لا ينظر إلى كلمة أو عبارة بعينها بل إلى مجموع الكلام كوحدة كاملة ويعمل بما يظهر أنه أراده وإن أدى ذلك إلى بعض الكلمات أو العبارات التي يتبين أنه لم يرد مدلولها كتعطيل عموم النص أو إطلاقه متى ظهر أنه غير مراد ولا عبرة في سبيل ذلك بأن يوافق الكلام لغة العرب أو لغة الشارع وهو ما أقره الشارع بالقانون رقم 48 لسنة 1946 فأوجب بالمادة العاشرة فيه أن "يحمل كلام الواقف على المعنى الذي يظهر أنه أراده وإن لم يوافق القواعد اللغوية" لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في تفسيره لشرط الواقف تفسيراً سائغاً يؤدي إليه مجمع عباراته ولا مخالفة فيه لغرض الواقف فإن النعي في خصوصه في غير محله ولذلك يتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق