الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 سبتمبر 2021

الطعن 340 لسنة 26 ق جلسة 5 / 4 / 1962 مكتب فني 13 ج 2 ق 61 ص 414

جلسة 5 من إبريل سنة 1962

برياسة السيد/ المستشار محمد متولى عتلم، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى.

-----------------

(61)
الطعن رقم 340 لسنة 26 القضائية

(أ) وكالة. "وكالة ضمنية". نيابة. محكمة الموضوع.
الوكالة الضمنية صورة من صور النيابة. نفى وجود النيابة في التوقيع على إقرار بالتخالص عن الدائن يعد نفيا لقيام تلك الوكالة وبالتالي لا يحاج الدائن بهذا الإقرار.
توافر صفة الموقع على إقرار التخالص في النيابة عن الدائن مسألة موضوعية تدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع التقديرية.
(ب) التزام "الوفاء بالالتزام". وكالة. "فضالة". مصادر الالتزام.
قبض الدائن قيمة الشيك الذى استلمه آخر من المدين إقرار منه بهذا الوفاء بحيث يصبح الغير في هذه الحالة وكيلا بعد أن بدأ فضوليا. هذه الوكالة قاصرة على الوفاء الذى أقره الدائن فلا تتعداه إلى إقرار ذلك الغير في ورقة أخرى تفيد التخالص. الإقرار بالتخالص ليس من مستلزمات الوفاء بجزء من الدين بل هو إقرار بواقعة مستقلة عن الوفاء لا يمكن اعتبار الدائن مقرا بها إلا إذا كان قد علم بها وقت إقراره ذلك الوفاء. الإقرار من الغير بالتخالص في هذه الحالة لا يعتبر عملا من أعمال الفضالة لعدم توافر شرطها وهو أن يكون العمل ضروريا بالنسبة لرب العمل.
(ج) دفاع. دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". محو عبارات من أوراق المرافعات أو المذكرات".
أمر المحكمة بمحو بعض العبارات الواردة في مذكرات الطاعن لما رأته فيها من خروج على الآداب. استعمال هذه الرخصة لا يعيب الحكم ولو تضمنت هذه العبارات دفاعا للطاعن.

----------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد نفى في حدود سلطته التقديرية وجود صفة للموقع على إقرار التخالص في النيابة عن المطعون عليه (الدائن)، وكانت الوكالة الضمنية التي ادعى الطاعن (المدين) أمام محكمة أول درجة قيامها هي صورة من صور النيابة، فان الحكم بنفيه وجود النيابة في الإقرار بالتخالص يكون قد نفى قيام تلك الوكالة وبالتالي فلا يمكن محاجاة المطعون عليه بالإقرار سالف الذكر(1).
2 - إذا كان صحيحا إن قبض الدائن قيمة الشيك الذى استلمه آخر من المدين يعد إقرارا منه لهذا الوفاء بحيث يصبح هذا الغير في هذه الحالة وكيلا بعد أن بدأ فضوليا - على ما تقضى به المادة 333 من القانون المدني ومذكرته التفسيرية - إلا أن هذه الوكالة قاصرة على الوفاء الذى أقره الدائن فلا تتعداه إلى ما يكون هذا الغير قد أقر به في ورقة أخرى غير الشيك من أن المبلغ الموفى به هو كل الباقي المستحق للدائن لأن هذا الإقرار بالتخالص ليس من مستلزمات الوفاء بالمبلغ الموفى به بل هو إقرار بواقعة قانونية مستقلة عن الوفاء ولا يمكن اعتبار الدائن مقرا لها إلا إذا كان قد علم بها وقت إقراره ذلك الوفاء. كما لا يمكن اعتبار الإقرار بالتخالص من الغير عملا من أعمال الفضولي إذ لا يتوافر فيه ما يشترط توافره في عمل الفضولي الذى يلزم به رب العمل وهو أن يكون هذا العمل ضروريا بالنسبة لرب العمل(2).
3 - متى كانت المحكمة - فيما أمرت به من محو بعض العبارات الواردة بمذكرات الطاعن لما رأته فيها من خروج على الآداب - قد استعملت حقا خوله القانون لها في المادة 127 من قانون المرافعات فليس للطاعن بعد ذلك أن يعيب عليها استعمال هذه الرخصة ولو تضمنت هذه العبارات دفاعا له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه تقدم بطلب إلى نقابة المحامين لتقدير أتعابه عن أعمال قضائية باشرها للطاعن بمبلغ 2500 جنيه فأصدر مجلس النقابة قراراه بتاريخ 20 من يناير سنة 1955 بتقدير أتعاب المطعون عليه بمبلغ ألف جنيه يخصم منه مائتا جنيه قيمة ما أقر المحامي بقبضه وينفذ بالباقي مع المصاريف المناسبة ضد الطاعن فتظلم هذا من القرار المذكور أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالتظلم رقم 1125 سنة 1955 مدنى كلى القاهرة وطلب الحكم بإلغاء القرار المتظلم منه ورفض طلب المطعون عليه كما تظلم المطعون عليه بدوره في هذا القرار بالتظلم رقم 1596 سنة 1955 كلى القاهرة طالبا زيادة الأتعاب إلى المبلغ الذى كان قد طلبه أصلا وقد ضمت المحكمة التظلمين وحكمت فيهما في 28 يونيه سنة 1955 بقبولهما شكلا ورفضهما موضوعا وتأييد القرار المتظلم منه وأمرت بمحو العبارات الواردة في صحيفة تظلم الطاعن والمنوه عنها بأسباب الحكم وألزمت كل متظلم بمصاريف تظلمه ورفضت ما طلبه المطعون عليه من تعويض عن العبارات التي أمرت بمحوها فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1072 سنة 72 ق وأقام المطعون عليه استئنافا فرعيا قيد برقم 125 سنة 73 ق وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1956 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا وبتعديل الحكم المستأنف فيما تضمنه من القضاء برفض طلب التعويض عن العبارات الجارحة الموجهة في محكمة أول درجة إلى الحكم باعتبار الدعوى غير قائمة قانونا بهذا الطلب أمام المحكمة المذكورة بتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وبعدم قبول طلب التعويض عن العبارات الجارحة الموجهة في ثانى درجة وأمرت بمحو تلك العبارات وهي المبينة في مذكرة الأستاذ ملش (المطعون عليه) رقم 15 دوسيه في الصفحات 9 و11 و12 و13 منها وألزمت كلا من المستأنفين بمصاريف استئنافه مع المقاصة في أتعاب المحاماة - وبتاريخ 5 من يوليو سنة 1956 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص بجلسة 28 من يناير سنة 1961 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات حدد لنظره أخيرا جلسة 22 من مارس سنة 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (الأول) أنه دفع بعدم اختصاص مجلس النقابة بتقدير أتعاب المطعون عليه لوجود اتفاق كتابي عليها واستند إلى المخالصة المؤرخة في أول نوفمبر سنة 1951 الصادرة من وكيل مكتب المطعون عليه إذ ورد فيها أن هذا الوكيل استلم من الطاعن مبلغ مائة جنيه بشيك بين رقمه في هذه المخالصة وان هذا المبلغ هو باقي أتعاب قضية الباخرة الأمر الذى يدل على أن اتفاقا تم على تحديد الأتعاب وتقدير الباقي منها بمبلغ مائة جنيه الذى دفع كله ومع وجود هذا الاتفاق لا ينعقد الاختصاص لمجلس النقابة في تقدير الأتعاب لكن الحكم المطعون فيه رغم هذا اعتبر مجلس النقابة مختصا مما يجعل الحكم مخالفا للقانون في هذا الخصوص (الثاني) أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه طبقا لنص المادة 333 من القانون المدني متى أقر الدائن الوفاء الذى حصل إلى غيره فإن هذا الغير ينقلب إلى وكيل عنه بعد أن كان فضوليا وانه لما كان الثابت أن المطعون عليه قبض قيمة الشيك الوارد رقمه في المخالصة الصادرة من وكيل مكتبه فإنه يكون قد أقر الوفاء الحاصل إلى الأخير بموجب هذا الشيك ويصبح وكيل المكتب وكيلا عن المطعون عليه في قبول الوفاء بما صاحبه من قيود فيلتزم المطعون عليه بالالتزامات التي عقدها عنه وكيل مكتبه سواء كان هذا وكيلا أو فضوليا ولا يجوز أن يكون للمطعون عليه غنم الوفاء دون التقيد بالقيود التي صاحبت هذا الوفاء ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع إلا بقوله إنه لا دليل على أن المستلم كانت له صفة الإقرار عن المطعون عليه بأن مبلغ المائة جنيه هو الباقي من الأتعاب وهذا الذى ذكره الحكم يخالف الواقع والقانون إذ أن الإيصال صريح في أن المبلغ الذى حرر به الشيك هو كل الباقي من الأتعاب وأن الوفاء بهذا المبلغ تم على هذا الأساس وكان لزاما على المطعون عليه إذ لم يقبل الوفاء على أنه تخالص أن يرد الشيك إلى الطاعن ويتنصل بذلك من أعمال النائب عنه فالقانون يلزم المطعون عليه سواء طبقا لأحكام الوكالة أو الفضالة بما التزم به وكيل مكتبه في سبيل تنفيذ العمل الذى قام به نيابة عنه - وأضاف الطاعن في مذكرته الشارحة أن وكيل مكتب المطعون عليه الذى وقع على المخالصة واستلم الشيك بباقي الأتعاب نيابة عنه يعتبر أيضا وكيلا عن المطعون عليه وكالة ضمنية وأنه يجوز للطاعن إثبات هذه الوكالة بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن وأنه بافتراض أن المطعون عليه لم تتجه إرادته إلى توكيل وكيل مكتبه وكالة خاصة في الإقرار بالتخالص فإن الوكيل المذكور يكون قد تجاوز في إقراره بذلك حدود وكالته ولما كان المطعون عليه قد قبض قيمة الشيك المسلم إليه عن طريق وكيله المذكور مع إثبات وصفه في المخالصة بأنه الباقي من الأتعاب فإنه يكون قد أقر عمل وكيله ولو كان هذا العمل خارجا عن حدود وكالته.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأنه يبين من الإيصال المؤرخ في 2 نوفمبر سنة 1951 - المقدمة صورته الرسمية بملف الطعن والذى يصفه الطاعن بأنه اتفاق مكتوب على تقدير الأتعاب أنه يتضمن استلام الموقع عليه من الطاعن ونيابة عن المطعون عليه شيكا بمبلغ مائة جنيه على أنه باقي الأتعاب في قضية الباخرة أمام مجلس الدولة ولما كان المطعون عليه قد أنكر صفة الموقع على هذا الإيصال في التوقيع نيابة عنه وفى التقرير بالتخالص عن الأتعاب وقد نفى الحكم المطعون عليه هذه الصفة على ما سيجيئ بيانه عند الرد على الوجه الثاني فإن هذا الإيصال لا يعتبر اتفاقا كتابيا بين الطاعن والمحامي المطعون عليه على تقدير الأتعاب يمكن محاجاة الأخير به ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر مجلس نقابة المحامين مختصا بتقدير الأتعاب في هذه الحالة لا يكون قد خالف القانون - ومردود في وجهة الثاني بأن الحكم المطعون فيه رد على ما ادعاه الطاعن من أن الموقع على الإيصال كانت له صفة النيابة عن المطعون عليه بقوله "حيث إنه فيما يتعلق بالإيصال المؤرخ 2/ 11/ 1951 الموقع عليه من آخر بالنيابة عن المحامي بمبلغ 100 جنيه مدفوع بموجب شيك على بنك مصر فإنه لا دليل على أن لمن صدر منه هذا الإيصال صفة النيابة عن المحامي في الإقرار بأن هذا المبلغ هو كل الباقي من الأتعاب في قضية الباخرة أمام مجلس الدولة المشار إليها فيه ولو كان هو وكيل مكتب المحامي أقر إقرار المحامي بوصول هذا المبلغ إليه فانه لا ينهض دليلا على أنه هو كل الباقي من الأتعاب عن تلك القضية ولا على أن من وقع على الإيصال على سبيل النيابة عنه كانت له صفة النيابة عنه في الإقرار بأن هذا المبلغ هو كل الباقي من تلك الأتعاب". ومن ذلك يبين أن الحكم المطعون فيه قد نفى في حدود سلطته التقديرية وجود صفة للموقع على الإيصال في النيابة عن المطعون عليه في الإقرار بأن المبلغ المدفوع بموجب هذا الإيصال هو كل الباقي من الأتعاب ولما كانت الوكالة الضمنية التي ادعى الطاعن أمام محكمة الموضوع قيامها هي صورة من صور النيابة فإن الحكم بنفيه وجود النيابة في الإقرار بالتخالص يكون قد نفى قيام تلك الوكالة فيه أما التحدي بأن الموقع على الإيصال يعتبر وكيلا عن المطعون عليه في الإقرار بالتخالص بالتطبيق لنص المادة 333 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه فان ذمة المدين تبرأ إذا أقر الدائن هذا الوفاء. هذا التحدي مردود بأنه إذا كان صحيحا أن قبض المطعون عليه قيمة الشيك من البنك يعتبر إقرارا منه للوفاء الحاصل من الطاعن إلى الشخص الذى استلم منه الشيك ووقع على الإيصال فيصبح هذا الغير وكيلا بعد أن بدأ فضوليا على ما تقضى به المادة 333 من القانون المدني ومذكرتها التفسيرية إلا أن هذه الوكالة قاصرة على الوفاء الذى أقره المطعون عليه فلا تتعداه إلى ما يكون هذا الغير قد أقر به في ورقة أخرى غير الشيك من أن المبلغ الموفى به هو كل الباقي من الأتعاب لأن الإقرار بذلك وهو إقرار بالتخالص عن الأتعاب ليس من مستلزمات الوفاء بالمبلغ الموفى به ولا هو أثر حتمي له حتى يعتبر إقرار المطعون عليه للوفاء إقرارا منه أيضا لهذا التخالص بل إن الإقرار بالتخالص الصادر من ذلك الغير هو إقرار بواقعة قانونية مستقلة عن الوفاء لا يمكن أن يعتبر المطعون عليه مقرا لها إلا إذا كان قد قام بها وقت أن أقر الوفاء وهو الأمر الذى لم يقدم الطاعن الدليل عليه أمام محكمة الموضوع والذى نفاه الحكم المطعون فيه ضمنا في أسبابه - ثم إنه غير صحيح في القانون أيضا ما يقوله الطاعن من أن وكيل مكتب المطعون عليه يعتبر فضوليا في إقراره بالتخالص عن هذا الأخير بما يقتضى تطبيق أحكام الفضالة التي توجب في هذه الحالة أن يلتزم المطعون عليه بهذا الإقرار - هذا القول غير صحيح ذلك أن الإقرار عن المطعون عليه بالتخالص عن المطعون عليه لا يتوافر فيه ما يشترط توافره في عمل الفضولي الذى يلتزم به رب العمل من أن يكون هذا العمل عاجلا ضروريا بالنسبة لرب العمل - ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني وقوع بطلان في الحكم ذلك أن المحكمة أمرت بمحو بعض دفاعه مع أنه لازم لدفع الدعوى وقائم على وقائع صحيحة ومعترف بها وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن المادة 42 من قانون المحاماة رقم 98 لسنة 1944. تنص على أن يراعى في تقدير الأتعاب أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى بذله المحامي وقد طلب المطعون عليه إضافة ركن رابع هو قدر المحامي ومكانته في الوسط القضائي إلى الأركان الثلاثة التي نصت عليها المادة ودلل المطعون عليه على علو قدره في المحاماة بما رآه مؤديا إلى إثبات ذلك وقد جارته محكمة أول درجة في الأخذ بقدر المحامي في الاعتبار عند تقدير الأتعاب وأخذت على الطاعن أنه لم يدفع هذا الركن بأي دفاع فاضطر الطاعن في الاستئناف إلى أن يرفع الدعوى في هذا الخصوص وطلب أن تدخل المحكمة في الاعتبار أيضا علاقة الموكل بالمحامي والظروف التي أحاطت بالوكالة وقال في سبيل تأييد دفاعه إن المطعون عليه كان أستاذه في كلية التجارة وأنه إذا كانت تزكيته لنفسه لا تجاوز نطاق التزكية في ذاتها فانه لا شأن بها أما إذا كان المطعون عليه يترجمها بمبلغ من المال يطلب إلزامه به فانه مضطر إلى تفنيدها وفى سبيل هذا التفنيد تقدم بوقائع صحيحة وطلب إثباتها بكل الطرق لأنها لازمة لتفنيد ما اعتمدت عليه محكمة أول درجة وذكرت أنه عجز عن دفعه لكن المطعون عليه طلب محو العبارات التي صيغ بها هذا الدفاع باعتبار أن هذه العبارات جارحة وطالب بالتعويض عنها وقد أقرته المحكمة على هذا المحو الذى شمل محور دفاع الطاعن في ركن من أركان الدعوى أقرت محكمة أول درجة بأنه لازم للفصل فيها ولم تقل محكمة الاستئناف إنه غير لازم ومن ثم فان أمرها بمحو هذه العبارات ينطوي على حرمانه من دفاعه ويعتبر إخلالا بحقه في هذا الدفاع بما يبطل الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المحكمة فيما أمرت به من محو العبارات الواردة في بعض مذكرات الطاعن لما رأته في حدود سلطتها التقديرية من أنها جارحة لخصمه قد استعملت حقا خوله لها القانون في المادة 127 من قانون المرافعات فليس للطاعن بعد ذلك أن يعيب عليها استعمال هذه الرخصة حتى ولو تضمنت تلك العبارات دفاعا له.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه تقدم أمام محكمة الاستئناف لأول مرة بدفاع جوهري يتضمن مسائل هامة لازمة للبحث عند تقدير الأتعاب ولكن المحكمة لم تعن ببحثها واكتفت في الرد عليها بعبارة مبهمة وعامة وهى أنها بنت تقديرها على المسائل الجديرة بالاعتبار دون أن تبين هذه المسائل وأحالت في عبارة غامضة على أسباب الحكم الابتدائي مع أن هذه الوجوه الجديدة من الدفاع لم تعرض على محكمة أول درجة ويقول الطاعن في بيان أوجه دفاعه هذه إن منها ما يتعلق بأهمية الدعوى التي باشرها المطعون عليه عنه فقد قال إن نقطة النزاع فيما كانت بسيطة إذا انحصر هذا النزاع في معرفة هل الباخرة حديد خردة أو أنها صالحة للملاحة وقال إن طلب وقف التنفيذ الذى قدمه المطعون ضده إلى مجلس الدولة لم يكن في صالحه وأن طلب التفسير الذى قدرت المحكمة الابتدائية للطاعن أتعابا عنه لم يكن له محل كما قال فيما يختص بثروته هو وهى عنصر من عناصر تقدير الأتعاب أنه لا يملك إلا ثلث الباخرة التي كانت موضوع القضايا التي رفعها له المطعون عليه أمام مجلس الدولة وأن هذه الباخرة بيعت بمبلغ 17500 جنيه على خلاف ما زعمه المطعون عليه أمام محكمة أول درجة وما جارته فيه هذه المحكمة من أنه باعها بمبلغ خمسين ألف جنيه ومن أنه كان يملكها جميعها - وجميع هذه المسائل لم تعن محكمة الاستئناف ببحثها كما أنها لم تشر في حكمها بكلمة واحدة إلى ما أثاره الطاعن من وجوب مراعاة العلاقة بين الموكل والمحامي عند تقدير لأتعاب ومن وجوب الاعتداد بالجهد الذى بذله المحامي دون النظر إلى شخصه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن بين المنهج الذى نهجته محكمة أول درجة في تقسيم الدعاوى التي باشرها المحامي المطعون عليه وتقدير أتعاب له عن كل قضية على حدة قال الحكم "وحيث إن هذه المحكمة ترى أن تقدير أتعاب السيد المحامي عن الأعمال التي قام بها في هذه المواضع جميعها لا يتوقف على وحدة القضايا أو تعددها بالذات ولا على تقسيم تلك الأعمال إلى أقسام على أي وجه وإنما يتوقف على تعيين مقدار ما يستحقه عن هذه الأعمال جميعها من أتعاب المحاماة قبل المستأنف الأصلي (الطاعن) مع مراعاة مدى الجهد الذى بذله فيها وأهميته وسائر الاعتبارات الجديرة بالتعويل عليها في هذا التقدير وقد تضمنت أسباب الحكم المستأنف وهى مؤيدة بما هو ثابت من أوراق الدعوى ما يكفى للدلالة على أن المحامي قام نيابة عن المستأنف الأصلي بهذه الأعمال وهى من صميم عمل المحامي وما يبرر تقدير الأتعاب التي استحقها حضرة المحامي قبل المستأنف الأصلي عن هذه الأعمال جميعها بالمقدار الذى انتهى ذلك الحكم إلى تقديره بمراعاة كافة الاعتبارات الجديرة بالتعويل عليها في هذا الشأن" ولما كان الحكم الابتدائي الذى أحال إليه الحكم المطعون عليه في هذا الخصوص وقد تعرض في إسهاب لكافة عناصر التقدير ورد على ما قرره الطاعن بشأن ثروته بقوله "ومن ناحية ثروة الموكل فليس في الأوراق ما يمكن معه حصر ثروة السيد زكريا الشامي وتقديرها ومع ذلك فإن بيعه للباخرة بمبلغ 18500 جنيه كما ورد بعقد بيعها يدل بذاته على مقدار ثرائه ولا يقدح في ذلك قوله إنه شريك بحق الثلث في هذه السفينة وذلك لأن هذا البيع صدر منه باعتباره المالك الوحيد للسفينة المذكورة ولا يمكن اعتبار ثروته فقط بمقدار هذا الثمن لأنها إحدى الصفقات التي يقوم بها" لما كان ذلك وكان الطاعن لم ينع على محكمة الموضوع مخالفتها للثابت في عقد بيع السفينة فيما استخلصته منه وكان الحكم المطعون فيه قد أقيم على أسباب تكفى لحمله وتضمن هو والحكم الابتدائي الذى أحال إليه الرد على أوجه الدفاع الجوهرية التي أثارها الطاعن أمام محكمة الموضوع وكانت المحكمة غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي دفاعهم وبالرد على كل تفصيلات هذا الدفاع ما دام حكمها قد أقيم على أسباب سائغة تكفى لحمله لما كان ذلك فإن هذا النعي يكون أيضا على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 28/ 2/ 1957 مجموعة المكتب الفني س 8 صـ 176 "لا يجوز إثبات عقد الوكالة إلا بالكتابة إذا زاد موضوع التصرف محل الوكالة على عشرة جنيهات إلا إنه إذا كان الموكل لم يتمسك بعدم جواز الإثبات إلا بالكتابة أمام محكمة الموضوع فإنه لا يملك التحدي به أمام محكمة النقض لأول مرة لأن قواعد الإثبات ليست من النظام العام. كما أن تنفيذ الوكالة أو الإقرار بها صراحة أو ضمنا من الأدلة التي يجيزها القانون لإثبات الوكالة أو لإعفاء الخصم من تقديم الدليل عليها" وراجع نقض 15/ 2/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 رقم 36 "جواز إثبات الوكالة الضمنية في استلام الرسائل المشحونة من مصلحة السكك الحديدية نيابة عن الشاحن بالقرائن".
(2) راجع نقض 28/ 2/ 1957 مجموعة المكتب الفني السنة الثامنة رقم 22" الإقرار بعقد الفضالة يترتب عليه جميع آثار الوكالة على ما تقضى به المادة 190 من القانون المدني".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق