جلسة 10 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن غلاب، محمود البارودي، محمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.
-------------
(200)
الطعن رقم 2267 لسنة 55 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص الولائي" "اختصاص محاكم امن الدولة". أوامر عسكرية. سلاح.
محاكم امن الدولة استثنائية. اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الاوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية او من يقوم مقامه ولو كانت في الاصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها. وكذلك تلك المعاقب عليها بالقانون العام.
اختصاص محاكم امن الدولة بجرائم السلاح لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها بها. اساس ذلك؟
(2) نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام". اجراءات. "اجراءات المحاكمة" محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها".
جواز الطعن بالنقض في الحكم بعدم الاختصاص اذا كان منهيا للخصومة على خلاف ظاهره. مثال.
قضاء محكمة الجنايات بعدم الاختصاص مع ان القانون يجعل لها ولاية الفصل في الدعوى وقد حجبها هذا الخطأ عن نظر الموضوع. اثره قبول الطعن شكلا ونقض الحكم.
(3)محكمة النقض اختصاصها "طعن نظر الطعن والحكم فيه".
اختصاص محكمة النقض بالفصل في موضوع الطعن اذا كان لثاني مرة. شرط ذلك؟
القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنطر الدعوى واحالتها الى النيابة العامة ليس حكما فاصلا في موضوع الدعوى. اثر ذلك؟
---------------
1 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الاوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك القوانين المعاقب عليها بالقانون العام وتحال اليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئا البته من اختصاصها الاصيل الذى اطلقته الفقرة الاولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنه 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - الا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 المعدل، فان ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت جريمة احراز المطواة قرن الغزال بدون ترخيص، المسندة الى المطعون ضده والمنصوص عليها في القانون 165 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 من شأن الاسلحة والذخائر، يعاقب عليها بعقوبة الجنحة، وتشترك في الاختصاص بنظرها مع القضاء العام، صاحب الولاية العامة الاصلية محاكم أمن الدولة الجزئية المنصوص عليها في قانون الطوارئ، وذلك عملا بالفقرة الثانية من المادة الاولى من أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 والمادة السابقة من القانون رقم 162 لسنة 1985 بشأن حالة الطوارئ المعدل في حين ان جريمة الضرب المفضي الى الموت المسندة كذلك الى المطعون ضده، معاقب عليها بعقوبة الجناية، وهى ليست من الجرائم التي تختص محاكم أمن الدولة العليا "طوارئ" بنظرها وبالتالي فان قالة اختصاص هذه المحاكم بها، لارتباطها بجريمة احراز السلاح الأبيض بدون ترخيص، لا تتفق والتفسير الصحيح للمادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 والتي يجرى نصها على أنه. "اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد، وكانت احدى تلك الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة العامة تقديم الدعوى برمتها الى محاكم أمن الدولة "طوارئ" وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات ذلك أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الاخف الجريمة ذات العقوبة الاشد المرتبطة بها في التحقيق والاحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الاثر القانوني للارتباط. بحسبان ان عقوبة الجريمة الاشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقا للمادة 32 من قانون العقوبات.
2 - لما كان قضاء محكمة جنايات.... بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها - وما أوردته بأسباب الحكم من أن الاختصاص الفعلي انما هو لمحكمة امن الدولة (طوارئ) - هو في حقيقته قضاء منه للخصومة على خلاف ظاهره ذلك أن التهمة الاولى المسندة الى المطعون ضده جناية ضرب أفضى الى موت، ولا تختص محكمة أمن الدولة طوارئ بنظر الجنايات ومن ثم فستحكم حتما بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت اليها من النيابة العامة، ومن ثم فان الطعن في الحكم يكون جائزا. ومستوفيا للشكل المقرر في القانون. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد أخطأت في قضائها بعدم الاختصاص مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل في الدعوى، وقد حجبها هذا الخطأ عن نظر الموضوع فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا ونقض الحكم.
3 - لما كان لا يكفى سبق الطعن في الحكم الصادر في قضية أمام محكمة النقض لكى تصبح هذه المحكمة مختصة بالفصل في موضوعها اذا حصل الطعن امامها مرة ثانية في الحكم الصادر في القضية عينها وقبل هذا الطعن، بل يجب فوق ذلك أن يتحقق شرطان اساسيان أولهما أن تكون محكمة النقض قد حكمت في المرة الاولى بنقض الحكم المطعون فيه كما حكمت بذلك في المرة الثانية، وثانيهما ان يكون كلا الحكمين الذين نقضتهما المحكمة قد فصل في موضوع الدعوى، واذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها - وهو ليس حكما فاصلا في موضوع الدعوى، فان نقضه لا يكفى لإيجاب اختصاص محكمة النقض بالفصل في موضوع الدعوى ومن ثم يتعين ان يكون مقرونا بالإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المحكوم عليه في..... بأنه اولا: - ضرب المجنى عليها.... عمدا بمطواة اسفل البطن من الجهة اليمنى فأحدث بها اصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي اودت بحياتها ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى الى موتها. ثانيا: - أحرز بدون ترخيص سلاحا من الاسلحة البيضاء (مطواة قرن غزال). وأمرت بإحالتها الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. وادعى.... زوج المجنى عليها مدنيا قبل المتهم بمبلغ 250 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا في... عملا بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم واحد الملحق بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني مائتان وخمسون جنيها على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدولها برقم (1237 لسنة 54 القضائية). ومحكمة النقض قضت "بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واعادة القضية الى محكمة جنايات شبين الكوم للفصل فيها مجددا من هيئة اخرى وألزمت المدعى بالحقوق المدنية المصاريف المدنية". ومحكمة جنايات..... (بهيئة اخرى) قضت في 12 مايو سنة 1985 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
من حيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ قضى بعدم اختصاص المحكمة (جنايات....) بنظر الدعوى وبإحالتها الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه انتهى - بغير حق - الى القول بأن الاختصاص بنظر هذه الدعوى انما ينعقد لمحكمة أمن الدولة طوارئ المشكلة وفق قانون الطوارئ مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده بوصف أنه في يوم 11 من أغسطس سنة 1982. اولا: ضرب المجنى عليها..... عمدا بمطواة أسفل البطن من الجهة اليمنى فأحدث بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي اودت بحياتها ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى الى موتها. ثانيا: أحرز بدون ترخيص سلاحا من الاسلحة البيضاء (مطواة قرن غزال) وطلبت عقابه بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات، ومواد القانون 394 لسنة 1954 المعدل. ومحكمة جنايات.... قضت بتاريخ 12 من مايو سنة 1985 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالته الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها، لما كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم "560" لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم "1" لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم الى محاكم امن دولة طوارئ، ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الاسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له، وقد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على افراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها - دون ما سواها - في جرائم القانون 394 لسنة 1954 آنف البيان. و كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الاوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الاصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك القوانين المعاقب عليها بالقانون العام وتحال اليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئا البته من اختصاصها الاصيل الذى اطلقته الفقرة الاولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - الا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 المعدل، فان ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت جريمة احراز المطواة قرن العزال بدون ترخيص، المسندة الى المطعون ضده والمنصوص عليها في القانون 165 لسنة 1981 بتعديل بعض احكام القانون رقم 394 لسنة 1954 من شأن الاسلحة والذخائر، يعاقب عليها بعقوبة الجنحة، وتشترك في الاختصاص بنظرها مع القضاء العام، صاحب الولاية العامة الاصلية محاكم أمن الدولة الجزئية المنصوص عليها في قانون الطوارئ، وذلك عملا بالفقرة الثانية من المادة الاولى من أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 والمادة السابقة من القانون رقم 162 لسنة 1985 بشأن حالة الطوارئ المعدل في حين ان جريمة الضرب المفضي الى الموت المسندة كذلك الى المطعون ضده، معاقب عليها بعقوبة الجناية، وهى ليست من الجرائم التي تختص محاكم امن الدولة العليا "طوارئ" بنظرها وبالتالي فان قالة اختصاص هذه المحاكم بها، لارتباطها بجريمة احراز السلاح الابيض بدون ترخيص، لا تتفق والتفسير الصحيح للمادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 والتي يجرى نصها على أنه. "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد، وكانت احدى تلك الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة العامة تقديم الدعوى برمتها الى محاكم أمن الدولة "طوارئ" وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات ذلك أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي ان تتبع الجريمة ذات العقوبة الاخف الجريمة ذات العقوبة الاشد المرتبطة بها في التحقيق والاحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الاثر القانوني للارتباط. بحسبان ان عقوبة الجريمة الاشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقا للمادة 32 من قانون العقوبات، واذ كانت جريمة الضرب المفضي الى الموت سالفة الذكر تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها، وهى المحكمة الاعلى درجة من محكمة امن الدولة الجزئية (طوارئ) التي تشترك مع القضاء العام في الاختصاص بنظر جريمة احراز السلاح الابيض بدون ترخيص المسندة ايضا الى المطعون ضده فانه يتعين ان تتبع الجريمة الاخيرة الاولى في التحقيق والاحالة والاختصاص بالمحاكمة، وهو ما يوجبه نص المادة 224 من قانون الاجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 من احالة الجرائم التي تختص بها محاكم من درجات مختلفة، الى المحكمة الاعلى درجة، وهى قاعدة عامة واجبة الاتباع في المحاكمات الجنائية. ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الشأن كذلك على غير سند من القانون. لما كان ذلك. وكان قضاء محكمة جنايات.... بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها - وما أوردته بأسباب الحكم من أن الاختصاص الفعلي انما هو لمحكمة امن الدولة (طوارئ) - هو في حقيقته قضاء منه للخصومة على خلاف ظاهره ذلك أن التهمة الاولى المسندة الى المطعون ضده جناية ضرب أفضى الى موت، ولا تختص محكمة امن الدولة طوارئ بنظر الجنايات ومن ثم فستحكم حتما بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت اليها من النيابة العامة، ومن ثم فان الطعن في الحكم يكون جائزا. ومستوفيا للشكل المقرر في القانون. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اخطأت في قضائها بعدم الاختصاص مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل في الدعوى، وقد حجبها هذا الخطأ عن نظر الموضوع فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا ونقض الحكم. لما كان ذلك، وكان لا يكفى سبق الطعن في الحكم الصادر في قضية امام محكمة النقض لكى تصبح هذه المحكمة مختصة بالفصل في موضوعها اذا حصل الطعن امامها مرة ثانية في الحكم الصادر في القضية عينها وقبل هذا الطعن، بل يجب فوق ذلك أن يتحقق شرطان اساسيان أولهما أن تكون محكمة النقض قد حكمت في المرة الاولى بنقض الحكم المطعون فيه كما حكمت بذلك في المرة الثانية، وثانيهما ان يكون كلا الحكمين الذين نقضتهما المحكمة قد فصل في موضوع الدعوى، واذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها - وهو ليس حكما فاصلا في موضوع الدعوى، فان نقضه لا يكفي لإيجاب اختصاص محكمة النقض بالفصل في موضوع الدعوى ومن ثم يتعين ان يكون مقرونا بالإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق