جلسة 3 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف
أبو النيل نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين وبهيج القصبجي.
---------------
(4)
الطعن رقم 61328 لسنة 59
القضائية
مسئولية جنائية
"سقوطها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "حالة الضرورة". حكم
"تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حالة الضرورة التي تسقط
المسئولية الجنائية. ماهيتها؟
الدفع بارتكاب الجريمة
تحت تأثير إكراه أدبي. جوهري. على المحكمة أن تعنى بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر
فيه أو ترد عليه بما يفنده. إغفال ذلك. قصور.
---------------
لما كان من المقرر على
مقتضى المادة 61 من قانون العقوبات أنه لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى
ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو
بغيره ما دام أنه لم يكن لإرادته دخل في حلول هذا الخطر، وكان ارتكاب الجريمة هو
الوسيلة الوحيدة لدفعه وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته سواء عند بيانه
لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأقوال شهود الإثبات أن الطاعن ارتكب الحادث بناءً
على طلب المتهم الآخر الأمر الذي يوحي بجدية ما قام عليه دفاع الطاعن من أنه ارتكب
جريمته تحت تأثير إكراه أدبي تمثل فيما تعرض له من تهديد بالسلاح من قبل المتهم
المذكور وهو دفاع جوهري لما ينبني على ثبوت صحته من تأثير في مسئولية الطاعن، مما
كان يوجب على المحكمة أن تعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما
يفنده إن رأت إطراحه أما وهي لم تفعل وأغفلته كلياً فلم تعرض له إيراداً ورداً،
فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب
نقضه والإعادة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه سرق وآخر - النقود المبين قدرها بالتحقيقات المملوكة لـ...... بطريق
الإكراه الواقع عليه بأن اعتديا عليه بالضرب وهدده الآخر بمدية فشلا بذلك مقاومته
وتمكناً بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على تلك النقود. وأحالته إلى محكمة
جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال
الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض في.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه، قد شابه القصور في
التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن دفع بأنه لم يسهم في ارتكاب الجريمة
عن اختيار وإنما اضطر لذلك كارهاً تحت تأثير التهديد بالسلاح من قبل المتهم الآخر
إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها: "تخلص في أنه أثناء وجود المجني
عليه...... بحجز قسم الساحل بمناسبة اتهامه في قضية تموينية تقدم منه
المتهم ....... الطاعن - والموجود معه بالحجز وأمسك به من رقبته ثم ضربه بقبضة يده
في وجهه وفتشه وأخذ مبلغ سبعة قروش وكان ذلك بطلب من متهم آخر سبق الحكم عليه
هو...... موجود بالحجز والذي ضربه أيضاً بيده وأخرج مطواة وصوبها ناحية رقبته ووضع
يده في جيبه وسرق مبلغ مائة وثمانون قرشاً وقد تمكن المتهم وآخر بهذه الوسيلة من
الإكراه من سرقة نقود المجني عليه"، كما أن الحكم في بيانه لمؤدى أدلة الثبوت
قد نقل عن شهود الإثبات أن ما أتاه الطاعن كان بطلب من المتهم الآخر، ويبين من
محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع تمسك بامتناع مسئولية الطاعن تأسيساً على أنه أسهم
مكرهاً في ارتكاب الجريمة تحت تهديد بالسلاح من قبل المتهم الآخر. لما كان ذلك،
وكان من المقرر على مقتضى المادة 61 من قانون العقوبات أنه لا عقاب على من ارتكب
جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على
وشك الوقوع به أو بغيره ما دام أنه لم يكن لإرادته دخل في حلول هذا الخطر، وكان
ارتكاب الجريمة هو الوسيلة الوحيدة لدفعه وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في
مدوناته سواء عند بيانه لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأقوال شهود الإثبات أن
الطاعن ارتكب الحادث بناءً على طلب المتهم الآخر الأمر الذي يوحي بجدية ما قام
عليه دفاع الطاعن من أنه ارتكب جريمته تحت تأثير إكراه أدبي تمثل فيما تعرض له من
تهديد بالسلاح من قبل المتهم المذكور وهو دفاع جوهري لما ينبني على ثبوت صحته من
تأثير في مسئولية الطاعن، مما كان يوجب على المحكمة أن تعني بتمحيصه بلوغاً إلى
غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يفنده إن رأت إطراحه أما وهي لم تفعل وأغفلته
كلياً فلم تعرض له إيراداً ورداً، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع
فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق