الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 فبراير 2019

الطعن 3059 لسنة 58 ق جلسة 22 / 4 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 96 ص 663

جلسة 22 من ابريل سنة 1991
برئاسة السيد المستشار / نجاح نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين / مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة، وحامد عبد الله، وفتحي الصباغ، ومصطفى كامل.
--------------
(96)
الطعن 3059 لسنة 58 ق
(1) أسباب الاباحة وموانع العقاب " موانع العقاب". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". مواد مخدرة . مسئولية جنائية" الاعفاء منها". قانون " تفسيره".
الاعفاء من المسئولية بعد علم السلطات بالجريمة طبقا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960انتهاء الحكم الي جدية ابلاغ المطعون ضده عن المساهمين معه في الجريمة وثبوت أن عدم ضبطهم متلبسين ليس مرجعه الي عدم صحة بلاغه .وجوب إعفاؤه من العقوبة. مثال لتسبيب سائع لحكم صادر من محكمة النقض للإعفاء من العقوبة طبقا للمادة رقم 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 .
(2) أسباب الاباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".مواد مخدرة .
الإعفاء من العقوبة. معناه. أثره؟
(3) جلب. مواد مخدرة . تهريب جمركي . ارتباط . موانع العقاب .
مناط الارتباط في حكم الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة. امتناع العقاب عن جريمة جلب المخدر لقيام موجب الإعفاء منها. اقتضاؤه عدم توقيع العقوبة عن جريمة التهريب الجمركي الأخف المرتبطة بالجريمة الأولى.
-------------
1 - لما كان الدفاع الحاضر مع المتهم قد طلب إعفاءه من العقاب لإرشاده عن الجناة استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وإذ كان مفاد هذا النص المشار إليه أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحب الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطيرة، وكان من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء والمبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان الإبلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط الجناة - وإذ كان الثابت من الأوراق أن أقوال جميع شهود الإثبات من رجال مكتب مكافحة المخدرات والجمارك أن المتهم فور ضبطه أخبرهم بأن ..... هو الذي سلمه الحقيبة بالأردن للعودة بها إلى القاهرة على أن يلحق به صباح اليوم التالي وأن .... سيكون في انتظاره خارج الدائرة الجمركية بميناء القاهرة الجوي لاستلامها منه وأنهم سمحوا له بالخروج بأمتعته وأنه حال خروجه كان المذكور ومعه ابنه ... وآخرين في انتظاره واتجهوا إليه وما أن صافحوه حتى أطبق عليهم ضباط الشرطة وضبطوهم وتم ضبط ...... فور وصوله إلى مطار القاهرة صباح اليوم التالي لضبط المتهم والآخرين وقد أحالتهم النيابة العامة للمحاكمة حيث أدين الجميع عدا ..... وبعد إعادة المحاكمة إثر نقض الحكم قضى ببراءة الآخرين، ومن ثم فإن المتهم يكون قد أفضى بمعلومات صحيحة إلى رجال الشرطة أدت بذاتها إلى القبض على ..... و... و.... وتقديمهم للمحاكمة مع مصدر المادة المخدرة ...... السوري الجنسية فيكون مناط الإعفاء الوارد في الفقرة الثانية من المادة 48 المذكورة قد تحقق ولا يحاج في هذا الصدد بأن أمر هؤلاء الذين قضي ببراءتهم كان معلوماً لرجال الشرطة من قبل حسبما أسفرت عنه التحريات ما دام إقرار المتهم قد أضاف جديداً إلى المعلومات السابقة عليهم من شأنه تمكين السلطات من القبض عليهم "أو أن يكون قد قضى ببراءتهم إذ لا يقتضى أن يسفر ضبط المبلغ عنهم عند إحرازهم أو حيازتهم مخدراً ولا يشترط لإنتاج الإخبار أثره بالإعفاء من العقاب أن يقضى بإدانة هؤلاء الأشخاص المبلغ عنهم إذ أن المبلغ غير مسئول عن هذا الأمر، هذا إلى أن عدم ضبط من أبلغ عنهم المتهم متلبسين بالجريمة لا يرجع إلى عدم صدق الإبلاغ عنهم بل إلى تسرع ضباط مكتب مكافحة المخدرات بضبطهم فور مصافحتهم للمتهم دون انتظار لما تسفر عنه تلك المقابلة من استلامهم الحقيبة منه من عدمه وهو ما لا يسأل عنه، لما كان ذلك، فإنه يتعين إعفاء المتهم من العقاب عن جريمة جلب المادة المخدرة والمضبوطة المسندة إليه.
2 - من المقرر أن الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محواً للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجاني الذي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب، وكل ما للعذر المعفي من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها أو اعتبار المجرم المعفى من العقاب مسئولاً عنها ومستحقاً للعقاب أصلاً.
3 - من المقرر أن مناط الارتباط في حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة، وكانت جريمة تهريب مخدر الهيروين المسندة إلى المتهم، مرتبطة بجريمة جلب ذلك المخدر ارتباطا لا يقبل التجزئة وقد وقعت الجريمتان لغرض واحد، فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الجلب، وإذ امتنع على المحكمة توقيع هذه العقوبة - بعد أن اطمأنت إلى إدانته - لما ارتأته من قيام موجب الإعفاء منها، فإن لازمه ألا يحكم عليه بعقوبة الجريمة الأخف (التهريب الجمركي) المرتبطة بالجريمة الأولى.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1) ..... (طاعن) و(2) ..... و(3) ..... و(4) ...... و(5) ..... بأنهم: المتهمون جميعاً: جلبوا إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية عقاراً مخدراً "هيروين" وذلك دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. (2) المتهم الأول: شرع في تهريب البضائع موضوع التهمة الأولى إلى داخل البلاد بأن أخفاها عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التخلص من الرسوم الجمركية المستحقة عليها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبساً بها، وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 1، 2، 33/ 1، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966 و61 لسنة 1977 وبالبند 103 من الجدول الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 5، 13، 15، 18، 121، 122، 124، 124 مكررا من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 175 لسنة 1980 والمادتين 1، 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات. أولاً: حضورياً بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والثالث وغيابياً للخامس بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. ثانياً: حضورياً ببراءة ..... مما أسند إليه
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض برقم ..... والمحكمة المذكورة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً أولاً: بمعاقبة (الطاعن) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه، ثانياً: ببراءة كل من .... و..... ثالثاً: بمصادرة المخدر المضبوط
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. وبجلسة ..... أعادت المحكمة النظر في الطعن وقضت بالعدول عما قضى بالحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة .... من إحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة وبتحديد جلسة .... لنظر الموضوع.
------------
المحكمة
حيث إن الواقعة حسبما استقر في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها مستخلصة من مطالعة الأوراق وما أجرى فيها من تحقيقات وما دار بشأنها في الجلسة تتحصل في أن تحريات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية قد دلت على أن المتهم ..... قد سافر إلى عمان بالأردن لجلب شحنة من المواد المخدرة مصدرها المدعو .... السوري الجنسية (السابق الحكم عليه غيابيا) وأن المتهم سيعود ومعه حقيبة بداخلها المواد المخدرة على متن الطائرة المصرية يوم 12/11/1984 وبعد دخول الطائرة إلى المجال الجوي المصري أذنت النيابة العامة لرجال مكافحة المخدرات بضبط المتهم ..... وتفتيشه لضبط ما يحرزه أو يحوزه من مواد مخدرة وحال وصوله قام بسحب أمتعته وهي عبارة عن حقيبة واحدة كبيرة وأخرى صغيرة "هاند باج" و"كيس بلاستيك" وتوجه بها إلى الصالة الجمركية بالخط الأخضر حيث تم ضبطه وتفتيش أمتعته وأسفر التفتيش عن العثور بالحقيبة الأولى على تجويف به فراغ يحتوي على حزام من البلاستيك بطول جوانبها مثبت به أكياس صغيرة الحجم بداخل كل منها مسحوق بني اللون لجوهر الهيروين المخدر, وقد أقر المتهم فور ضبطه بأنه سافر إلى عمان صحبة .... بتكليف من .... وشهرته ..... (السابق الحكم ببرائتهما) لإحضار هذه الحقيبة من الخارج وأن أولهما هو الذي سلمها له هناك للعودة بها إلى القاهرة بمفرده على أن يحلق به اليوم التالي وأن الثاني سيكون في انتظاره خارج الدائرة الجمركية لاستلام الحقيبة منه فسمح له رجال الجمارك ومكتب مكافحة المخدرات بمغادرة الدائرة الجمركية بأمتعته تحت رقابتهم لضبط المذكور وما أن خرج حتى أقبل نحوه ..... وابنه ..... "السابق الحكم ببراءته هو الآخر" وآخرين وما أن صافحوه حتى داهمهم رجال مكتب مكافحة المخدرات وضبطوهم وثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن المادة المضبوطة تحتوي على الهيروين المدرج بجدول المخدرات وتزن 1.101 كيلو جراما
وحيث أن الواقعة على هذا النحو الذي اطمأنت إليه المحكمة قد توافرت الأدلة على صحة إسنادها إلى المتهم ..... وثبوتها في حقه من شهادة كل من المقدم ..... والعقيد ..... والرائد ..... من ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية ..... و ..... و ..... و ..... من رجال الجمارك بميناء القاهرة الجوي وما قرره المتهم بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت بتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي
فقد شهد المقدم ..... بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن تحرياته السرية أكدت له أن المتهم قد سافر إلى عمان بالأردن لجلب شحنة من المواد المخدرة مصدرها المدعو ..... السوري الجنسية، وأن المتهم سيعود ومعه حقيبة بداخلها المواد المخدرة على متن الطائرة المصرية يوم 12 من نوفمبر سنة 1984 وبعد دخول الطائرة إل المجال الجوي المصري استأذن النيابة العامة بضبط المتهم وتفتيشه لضبط ما يحرزه أو يحوزه من مواد مخدرة ثم أخطر الشاهد ..... من رجال الجمارك الذي شكل لجنة تحت إشرافه وبحضور الشاهد الثاني المقدم ..... وضمن أعضائها الشهود من الخامس إلى السابع لتنفيذ إذن النيابة العامة, وحال وصول المتهم إلى ميناء القاهرة الجوي قام بأخذ أمتعته وهي عبارة عن حقيبة ملابس حمراء كبيرة وأخرى صغيرة "هاندباج" وكيس بلاستيك وتوجه بها إلى الصالة الجمركية بالخط الأخضر, وبتفتيش الحقيبة الأولى تبين وجود تجويف به فراغ يحتوي على حزام من البلاستيك بطول جوانبها مثبت به أكياس صغيرة الحجم بداخل كل منها مسحوق الهيروين وقد أقر المتهم بأنه سافر إلى عمان صحبة .... بتكليف من .... وشهرته .... لإحضار هذه الحقيبة من الخارج وأن أولهما هو الذي سلمها له هناك للعودة بها إلى القاهرة بمفرده على أن يلحق به اليوم التالي وأخبره بأن الثاني وأنجاله سيكونون في انتظاره خارج الدائرة الجمركية لاستلام الحقيبة منه فسمح له بالخروج بمفرده تحت سيطرته والشاهدين الثاني والثالث وبموافقة رجال الجمارك وأمام صالة الخروج من الخارج توقف للحظات معدودة حيث شاهد .... وابنه .... ومعهما آخرين يتجهون إليه وما أن صافحوه حتى قاموا بضبطهم وشهد العقيد .... رئيس فرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي والرائد .... الضابط بذات الفرع بمضمون ما شهد به الشاهد الأول. وقد شهد .... نائب رئيس قسم بجمرك الركاب بميناء القاهرة الجوي أنه تلقى بلاغا كتابيا بتفتيش أمتعة المتهم وأن النيابة العامة قد أذنت بالضبط والتفتيش وقد تبين دخول المتهم للخط الأخضر بالدائرة الجمركية دافعا أمامه عربة نقل أمتعة تحمل حقيبة ملابس واحدة كبيرة وأخرى صغيرة "هاند باج" وكيس بلاستيك, وبتفتيش الحقيبة الأولى عثر بها على تجويف به فراغ يحتوي على حزام من البلاستك بطول جوانبها مثبت به أكياس صغيرة الحجم بكل منها مخدر الهيروين وقد أقر المتهم بأن .... هو الذي كلفه بالسفر إلى عمان لحمل هذه الحقيبة وأنه سيكون في انتظاره خارج الدائرة الجمركية فسمح له بالخروج تحت إشراف الشهود من الأول إلى الثالث حيث تم ضبط المذكور وابنه .... وآخرين
وشهد .... و .... من رجال الجمارك بميناء القاهرة الجوي بمضمون ما شهد به الشاهد الذكر وثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن المادة المضبوطة تحتوي الهيروين المخدر وتزن 1.101 كيلو جرام, وأقر المتهم بتحقيقات النيابة العامة بضبط المادة المخدرة داخل الحقيبة التي كان يحملها وأن ..... هو الذي سلمها له في عمان بالأردن لنقلها إلى القاهرة على أن يلحق به هو في اليوم التالي وذلك بتكليف من ..... الذي سيكون في انتظاره خارج الدائرة الجمركية لاستلام الحقيبة منه, وذلك مقابل مبالغ مالية يتقاضاها من هذا الأخير
ومن حيث إنه إذ كانت كمية مخدر الهيروين المجلوب تزن 1.101 كيلو جراما ضبطت مخبأة في مكان سري بحقيبة المتهم ودخل بها ميناء القاهرة الجوي قادما من الأردن فإن ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل لكبر حجم الكمية المضبوطة منه ولا تلتفت المحكمة لما أثاره الدفاع الحاضر مع المتهم من أنه لا يعلم أن الحقيبة بداخلها مواد مخدرة ذلك أن الثابت من أقوال شهود الإثبات والمتهم أن أمتعته التي عاد بها من الخارج هي حقيبة واحدة كبيرة وأخرى صغيرة "هاند باج" وكيس بلاستيك ولم يعثر بها بخلاف الجوهر المخدر المضبوط على أشياء أخرى مخالفة مما يستوجب دفع ضرائب أو رسوم جمركية عنها مما يدحض مزاعم المتهم بأن سبب السفر هو إحضار أقمشة وقطع غيار سيارات لمحلات ..... إذ لو كان صحيحا لضبط بالحقيبة مثل هذه البضائع التي يستحق سداد الضرائب والرسوم الجمركية عنها وهو ما نفاه شهود الإثبات من رجال الجمارك ومكافحة المخدرات هذا إلى وضع المخدر المجلوب داخل أكياس صغيرة تشكل حزاما من البلاستيك بطول جوانب الحقيبة لابد نظرا لطبيعة مادة البلاستيك من أن تحدث صوتا يثير الانتباه عند استعمال المتهم للحقيبة ووضع ملابس فيها كما أن سفر المتهم مع ..... قبل عدة أيام من الضبط إلى الأردن وسفر الأخير وحده إلى سوريا ثم عودته منها وتسليمه الحقيبة للمتهم وأمره بأن يعود وحده بها إلى القاهرة على أن يلحق به المذكور صباح اليوم التالي مباشرة دون مبرر لذلك رغم أهمية تواجده معه داخل الدائرة الجمركية لسداد الضرائب والرسوم الجمركية عن البضائع التي يدعي أنه سافر لإحضارها وذلك في حالة ضبطها بمعرفة رجال الجمارك بدلا من مصادرتها كل ذلك مع سبق سفر المتهم عدة مرات وعودته بذات الطريقة مع ..... و ..... يقطع بعلمه بوجود المادة المخدرة المضبوطة داخل الحقيبة التي عاد بها من الأردن وهو تأكيد لما أسفرت عنه تحريات رجال مكتب مكافحة المخدرات من أن المتهم سافر إلى الأردن لجلب مواد مخدرة ومن ثم تطرح المحكمة هذا الدفاع ولا تعول عليه، وإذ كانت المحكمة تطمئن إلى أدلة الثبوت في الدعوى على النحو سالف البيان ولا يؤثر في ذلك إنكار المتهم بجلسة المحاكمة إذ تعتبره ضربا من ضروب الدفاع أراد به التخلص من الاتهام, وبالتالي فقد وقر في يقينها واطمأن وجدانها بما لا يقبل الشك أن المتهم ..... في يوم 12/11/1984 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة: أولا: جلب إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية عقارا مخدرا "هيروين" وذلك دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة. ثانيا: شرع في تهريب البضائع موضوع التهمة الأولى إلى داخل البلاد بأن أخفاها عن أعين السلطات الجمركية بقصد التخلص من الرسوم الجمركية المستحقة عليها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. الأمر الذي يتعين معه إدانته عملا بالمواد 1, 2, 33/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966, 61 لسنة 1977 والبند رقم 103 من الجدول الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1, 2, 5, 13, 15, 18, 121, 122/ 1, 124, 124 مكررا من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 والمادتين 1, 15 من القانون رقم 188 لسنة 1985 إلا أنه ولما كان الدفاع الحاضر مع المتهم قد طلب إعفاءه من العقاب لإرشاده عن الجناة استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وإذ كان مفاد هذا النص المشار إليه أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاما إيجابيا ومنتجا وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33, 34, 35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطيرة, وكان من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء والمبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان الإبلاغ قد وصل فعلا إلى ضبط الجناة - وإذ كان الثابت من الأوراق أن أقوال جميع شهود الإثبات من رجال مكتب مكافحة المخدرات والجمارك أن المتهم فور ضبطه أخبرهم بأن ..... هو الذي سلمه الحقيبة بالأردن للعودة بها إلى القاهرة على أن يلحق به صباح اليوم التالي وأن ..... سيكون في انتظاره خارج الدائرة الجمركية بميناء القاهرة الجوي لاستلامها منه وأنهم سمحوا له بالخروج بأمتعته وأنه حال خروجه كان المذكور ومعه ابنه ..... وآخرون في انتظاره واتجهوا إليه وما إن صافحوه حتى أطبق عليهم ضباط الشرطة وضبطوهم وتم ضبط ..... فور وصوله إلى مطار القاهرة صباح اليوم التالي لضبط المتهم والآخرين وقد أحالتهم النيابة العامة للمحاكمة حيث أدين الجميع عدا ..... وبعد إعادة المحاكمة أثر نقض الحكم قضى ببراءة الآخرين, ومن ثم فإن المتهم يكون قد أفضى بمعلومات صحيحة إلى رجال الشرطة أدت بذاتها إلى القبض على ..... و ..... و ..... وتقديمهم للمحاكمة مع مصدر المادة المخدرة المدعو ..... السوري الجنسية فيكون مناط الإعفاء الوارد في الفقرة الثانية من المادة 48 المذكورة قد تحقق ولا يحاج في هذا الصدد بأن أمر هؤلاء الذين قضى ببراءتهم كان معلوما لرجال الشرطة من قبل حسبما أسفرت عنه التحريات ما دام إقرارا لمتهم قد أضاف جديدا إلى المعلومات السابقة عليهم من شأنه تمكين السلطات من القبض عليهم أو أن يكون قد قضى ببراءتهم إذ لا يقتضي أن يسفر ضبط المبلغ عنهم عند إحرازهم أو حيازتهم مخدرا ولا يشترط لإنتاج الإخبار أثره بالإعفاء من العقاب أن يقضي بإدانة هؤلاء الأشخاص المبلغ عنهم إذ أن المبلغ غير مسئول عن هذا الأمر هذا إلى أن عدم ضبط من أبلغ عنهم المتهم متلبسين بالجريمة لا يرجع إلى عدم صدق الإبلاغ عنهم بل إلى تسرع ضباط مكتب مكافحة المخدرات بضبطهم فور مصافحتهم للمتهم دون انتظار لما تسفر عنه تلك المقابلة من استلامهم الحقيبة منه من عنده وهو ما لا يسأل عنه، لما كان ذلك, فإنه يتعين إعفاء المتهم من العقاب عن جريمة جلب المادة المخدرة المضبوطة المسندة إليه، لما كان ما تقدم, وكان الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محوا للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجاني الذي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب, وكل ما للعذر المعفي من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها أو اعتبار المجرم المعفي من العقاب مسئولا عنها ومستحقا للعقاب أصلا, وكان مناط الارتباط في حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة وكانت جريمة تهريب مخدر الهيروين المسندة إلى المتهم مرتبطة بجريمة جلبه ذلك المخدر ارتباطا لا يقبل التجزئة وقد وقعت الجريمتان لغرض واحد، فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الجلب، وإذ امتنع على المحكمة توقيع هذه العقوبة - بعد أن اطمأنت إلى إدانته لما ارتأته من قيام موجب الإعفاء منها، فإن لازمه ألا يحكم عليه بعقوبة الجريمة الأخف (التهريب الجمركي) المرتبطة بالجريمة الأولى، الأمر الذي يتعين معه القضاء ببراءة المتهم عما أسند إليه عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية مع مصادرة المادة المخدرة المضبوطة عملا بالمادتين 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960, 30 من قانون العقوبات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق