جلسة 16 من أكتوبر سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة القضاة / حسين الصعيدي ، عاصم عبد الجبار ، هاني عبد الجبار وهشام أبو علم نواب رئيس المحكمة .
----------
(47)
الطعن 13196 لسنة 76 ق
(1) محكمة النقض " سلطتها " . التماس إعادة النظر . نقض "
أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة النقض
بعد قبول طلب إعادة النظر من اللجنة المشكلة طبقاً للمادة 443 إجراءات إذا تبين لها أن البراءة غير ظاهرة أو
محتملة من خلال وجه الطعن . القضاء برفضه .
(2) التماس إعادة النظر . قانون " تفسيره " .
التماس إعادة
النظر طبقاً للمادة رقم 441 إجراءات . حالاته ؟
مناط قبول
التماس إعادة النظر في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من المادة سالفة
الذكر : ظهور وقائع جديدة لم تكن معلومة وقت
المحاكمة من شأنها ثبوت براءة المحكوم عليه.
(3) التماس إعادة النظر . إجراءات " إجراءات
التحقيق " . دفوع " الدفع بتلفيق الاتهام ""الدفع ببطلان
إجراءات التحقيق" . دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مجادلة
الطالب بشأن تلفيق الاتهام له وبطلان إجراءات التحقيق لإجرائها قبل رفع الحصانة
عنه . لا يعدو دليلاً جديداً . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــ
1- لما كانت المحكمة تشير ابتداء إلى أنه إذا تبين لمحكمة
النقض بعد قبول طلب إعادة النظر ، أن البراءة غير ظاهرة ولا محتملة من خلال وجه الطلب
الذى يستند إليه ، تقضى برفض الطلب ولا يحول دون هذا الرفض أن تكون اللجنة المشكلة
طبقاً للمادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية قد قبلت الطلب المقدم من النائب العام
بناء على الحالة الخامسة من المادة 441 من القانون سالف الذكر.
2-
من المقرر أن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت حالات طلب إعادة النظر
بنصها على أنه " يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة
في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية : (1) إذا حكم على المتهم في جريمة قتل
، ثم وجد المدعى قتله حياً (2) إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ، ثم صدر حكم على
شخص آخر من أجل الواقعة عينها وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما (3) إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء
بالعقوبة لشهادة الزور وفقاً لأحكام الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات
، أو إذا حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى وكان للشهادة أو لتقرير الخبير أو
للورقة تأثير في الحكم . (4) إذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية أو
من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغى هذا الحكم . (5) إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع
، أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الواقعة أو الأوراق
ثبوت براءة المحكوم عليه " . وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على الفقرة
الخامسة التي هي سند الطالب في طلبه أنه " نص فيها على صورة عامة تنص عليها أغلب
القوانين الحديثة وهى حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق
لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة
المحكوم عليه . وقد استمد الشارع حكم المادة سالفة البيان من المادة 443 من قانون تحقيق
الجنايات الفرنسي بعد تعديلها بالقانون الصادر في 8 من يونيه سنة 1895 التي صار موضعها
المادة 622 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي الجديد الصادر بالقانون الرقيم 31
ديسمبر سنة 1957 . ويبين من نص القانون المصري ومما ورد بمذكرته الإيضاحية ومن المقارنة
بينه وبين نص القانون الفرنسي أن الحالات الأربع الأولى التي وردت في المادة 441 المشار
إليها ، وهى حالات منضبطة يجمعها معيار محدد أساسه أن الواقعة الجديدة المسوغة لإعادة
نظر الدعوى إما أن ينبني عليها بذاتها ثبوت براءة المحكوم عليه
بوجود المدعى قتله حياً أو بقيام التناقض بين حكمين بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم
عليهما ، وإما أن ينبني عليها انهيار أحد الأدلة المؤثرة في الحكم بالإدانة كالحكم
على الشاهد أو الخبير بالعقوبة المقررة لشهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت في
الدعوى أو إلغاء الأساس الذى بنى عليه الحكم . والملاحظ أن القانون المصري كان في صدد
تحديد الحالات التي يجوز فيها طلب إعادة النظر أكثر تشدداً من القانون الفرنسي ، إذ
بينما تنص الفقرة الأولى من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على " وجوب
وجود المدعى قتله حياً " لاعتباره وجهاً لإعادة النظر ، يترخص القانون الفرنسي
فيكتفى بظهور أوراق من شأنها إيجاد الأمارات الكافية على وجوده حياً ، وقد كان النص
الفرنسي أمام الشرع المصري وقت وضع قانون الإجراءات الجنائية ومع ذلك فقد أثر احتراماً
لحجية الأحكام الجنائية ألا يكتفى بتطلب مجرد ظهور الدليل على وجود المدعى قتله
حياً ، بل أوجب وجوده بالفعل حياً ، مما يؤكد أن التشريع القائم لدينا لا يقبل الدليل
المحتمل ، بل أنه يتطلب الدليل الجازم القاطع بذاته في ثبوت براءة المحكوم عليه أو
سقوط الدليل على إدانته . ولما كان من غير المقبول وعلى هدى ما تقدم أن يتشدد الشارع
في الحالات الأربع للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ليفتح الباب على مصراعيه
في الحالة الخامسة التي تستوعب بعمومها ما تقدمها . وإنما قصد بها في ضوء الأمثلة
التي ضربتها المذكرة الإيضاحية والتي تدل بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها
سقوط الدليل على إدانته أو على تحمله التبعة الجنائية . وباستصحاب سياسة التشريع والقاعدة
العامة التي أرشد الشارع إلى عناصرها في الفقرات السابقة عليها أن تكون نصاً احتياطياً
ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر
فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانوناً ، كوفاة الشاهد أو عتهه أو تقادم الدعوى
الجنائية قبله أو لغير ذلك من حالات شبيهة مما لازمه عدم الاكتفاء بعدول مجرد لشاهد
أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع دون أن يصاحب عدوله ما يحسم بذاته الأمر
ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه ، وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط
فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه وصالح المجتمع الذى يضيره المساس في غير سبب جازم
بقوة الشيء المقضي فيه جنائياً وهى من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع
والتي تقضى بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائياً ، وهو ما سجلته المادة 455 من قانون
الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم
فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير
الوصف القانوني
للجريمة ، فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هي أقوى من الحقيقة نفسها ، مما لا يصح
معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة ، كما لا يجوز أن تكون محلاً للمساومة بين الأفراد
. والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقى الأمر معلقاً
بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء . لما كان
ما تقدم ، وكان القانون قد اشترط في الوقائع التي تظهر بعد الحكم وتصلح سبباً للالتماس
أن تكون مجهولة من المحكمة والمتهم معاً إبان المحاكمة .
3-
لما كان البين من الأوراق ومدونات الحكم موضوع الطلب أن
المدافع عن الطالب قد دفع بتلفيق الاتهام له من جانب المتهم الثاني ... بالاتفاق
مع المقدم ... ، وسرد شواهد هذا التلفيق ودوافعه تفصيلاً ثم اطرح الحكم هذا الدفع
بعد أن أفصح عن اطمئنان المحكمة لإدانته في الدعوى ، كما عرض الحكم لدفع الطالب
ببطلان إجراءات التحقيق لإجرائها قبل رفع الحصانة البرلمانية عنه من مجلس الشعب ،
ورفض هذا الدفع اطمئناناً من المحكمة إلى أن إجراءات رفع الحصانة عن الطالب قد
اتخذت قبل القبض عليه وتفتيشه ولم تطمئن المحكمة إلى ما تمسك به الدفاع عن الطالب
من وقائع وأدلة تمسك بدلالتها على بطلان إجراءات التحقيق لإجرائها قبل صدور الإذن
برفع الحصانة وكان ما يستند إليه الطالب عن ساعة وصول الإذن إلى مكتب النائب العام
لا يقطع بذاته ببطلان إجراءات التحقيق وبراءة الطالب مادامت المحكمة قد اطمأنت إلى
صدور الإذن في وقت سابق على اتخاذ تلك الإجراءات بوقت يسمح بوصوله إلى سلطة
التحقيق بما ساقته من وقائع وأدلة تؤدى إلى ما انتهت إليه . وذلك بصرف النظر عما
يثيره الطالب من ساعة العلم به وطريقة الإخطار به ، ومن ثم فإن ما تمسك به الطالب
في حقيقته لا يعدو دليلاً جديداً على ما سبق أن أثاره من دفاع لم تسايره فيه
المحكمة وقصد به محاولة العودة إلى الدعوى بعد الفصل فيها نهائياً ، وهو ما يقدح
في احترام حجية الأحكام الجنائية . الأمر الذى لا يجوز طبقاً لنص المادة (455) من
قانون الإجراءات الجنائية وحيث إنه عن عدول المتهم الثاني عن أقواله بتحقيقات
النيابة العامة في الالتماس بتاريخ ... والتي نفى فيها اشتراك الطالب في تزوير
التوكيلات واستعمالها وعلمه بهذا التزوير ، فإن هذه الأقوال وإن صح اعتبارها واقعة
جديدة لم تكن معلومة وقت المحاكمة لا تعدو أن تكون مجرد دليل احتمالي لا ينهض
بذاته وجهاً لطلب إعادة النظر مادام لم يصحبه ما يحسم الأمر ويقطع في ترتيب أثره
في إهدار الحقيقة التي سجلها الحكم البات خاصة أن عدول شاهد الإثبات ليس من شأنه أن يؤدى بذاته إلى ثبوت براءة
المحكوم عليه الطالب ولا يلزم عنه في كل الأحوال سقوط الدليل على إدانته .
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: (1) قلدوا بأنفسهم وبواسطة الغير أختام وعلامات مصالح حكومية بأن قلدوا
أختام شعار الجمهورية والأختام الكودية والعلامات الخاصة بمكاتب توثيق ... و...
و... واستعملوها بأن وضعوا بصماتها على التوكيلات الخاصة المصطنعة المنسوبة إلى
بعض مؤسسي حزب ... مع علمهم بتزويرها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. اشترك
بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الثاني وحتى السابعة في ارتكاب
جريمة التزوير المبينة بالتهمة ثانياً بأن حرضهم واتفق معهم على تزوير المحررات
سالفة البيان وساعدهم على ذلك بأن سلمهم عدداً من التوكيلات الصحيحة بغية اصطناع
التوكيلات المضبوطة على غرارها وأمدهم بمبالغ نقدية للإنفاق منها على تدبير
الوسائل والأدوات اللازمة لأحدث التزوير . (2) استعمل التوكيلات الخاصة المزورة
موضوع التهمة ثانياً والبند (1) وثالثاً بأن قدمها ضمن 2005 توكيلاً للموظف المختص
بلجنة شئون الأحزاب السياسية للحصول منها على قرار بالموافقة على تأسيس حزب ... مع
علمه بتزويرها وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً في ... وعملاً بالمواد 30 ، 40 ، 41 /1 ، 206 ، 211 ،
212 ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون . بمعاقبته بالسجن المشدد
لمدة خمس سنوات وبمصادرة الأوراق المزورة .
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في ... وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى
الموضوع برفضه . فطلب الطاعن التماس إعادة النظر في هذا الحكم في .
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إنه يبين من وقائع الطلب أنه بنى على الفقرة الخامسة
من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية وأساسه أنه بعد الحكم نهائياً على الطالب
بجلسة ... في القضية رقم ... لسنة ... جنايات ... بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس
سنوات ومصادرة الأوراق المزورة ظهرت وقائع جديدة لم تكن معلومة وقت المحاكمة من شأنها
ثبوت براءة المحكوم عليه الطالب تتمثل في أولاً : صدور حكم في الجناية رقم ... لسنة
... والجنحة رقم ... لسنة ... بإدانة ... المتهم الثاني في الدعوى موضوع إعادة النظر
والمتهم ... بجرائم التزوير في أوراق رسمية وتقليد الأختام والنصب وخيانة الأمانة يكشفان
عن تلفيق الاتهام بتزوير التوكيلات واستعمالها للطالب في الدعوى موضوع إعادة النظر
وذلك بالاتفاق فيما بين المتهم ... والمقدم ... الضابط بقسم مكافحة جرائم الأموال العامة
بمديرية أمن ... ، وهى الواقعة التي تأيدت بعدول المتهم الثاني سالف الذكر عن أقواله
بتحريض الطالب له على التزوير والقول كذلك بانتفاء علمه به بتحقيقات النيابة العامة
في الالتماس بتاريخ ... ثانياً: صدور حكم في الدعويين رقمي ... ، ... لسنة ... ق من
محكمة القضاء الإداري بتاريخ ... باعتبار الخصومة بين الطالب ورئيس وأمين عام مجلس
الشعب منتهية وتمكين الطالب من استلام صور رسمية من مستندات تشير إلى أن إجراءات التحقيق
التي اتخذت قبله تمت قبل رفع الحصانة البرلمانية عنه من مجلس الشعب إذ أثبت الحكم أن
الموظف المكلف بتوصيل الإذن إلى مكتب النائب العام ووزير العدل تسلمه في ذات الوقت
الذى تم فيه افتتاح محضر التحقيق لإثبات وصول الإذن وهو الساعة الثانية من ظهر يوم
... وهو ما لا يتصور عقلاً وإخطار النائب العام بخطاب رقمه يسبق رقم الخطاب الخاص بإخطار
وزير العدل . وحيث إن المحكمة تشير ابتداء إلى أنه إذا تبين لمحكمة النقض بعد قبول
طلب إعادة النظر ، أن البراءة غير ظاهرة ولا محتملة من خلال وجه الطلب الذى يستند إليه
، تقضى برفض الطلب ولا يحول دون هذا الرفض أن تكون اللجنة المشكلة طبقاً للمادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية قد قبلت الطلب المقدم
من النائب العام بناء على الحالة الخامسة من المادة 441 من القانون سالف الذكر .
وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت حالات طلب إعادة النظر بنصها على أنه " يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية : (1) إذا حكم على المتهم في جريمة قتل ، ثم وجد المدعى قتله حياً (2) إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ، ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما (3) إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور وفقاً لأحكام الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات ، أو إذا حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى وكان للشهادة أو لتقرير الخبير أو للورقة تأثير في الحكم . (4) إذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغى هذا الحكم . (5) إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع ، أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الواقعة أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه " . وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على الفقرة الخامسة التي هي سند الطالب في طلبه أنه " نص فيها على صورة عامة تنص عليها أغلب القوانين الحديثة وهى حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة المحكوم عليه وقد استمد الشارع حكم المادة سالفة البيان من المادة 443 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي بعد تعديلها بالقانون الصادر في 8 من يونيه سنة 1895 التي صار موضعها المادة 622 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي الجديد الصادر بالقانون الرقيم 31 ديسمبر سنة 1957 . ويبين من نص القانون المصري ومما ورد بمذكرته الإيضاحية ومن المقارنة بينه وبين نص القانون الفرنسي أن الحالات الأربع الأولى التي وردت في المادة 441 المشار إليها ، وهى حالات منضبطة يجمعها معيار محدد أساسه أن الواقعة الجديدة المسوغة لإعادة نظر الدعوى إما أن ينبني عليها بذاتها ثبوت براءة المحكوم عليه بوجود المدعى قتله حياً أو بقيام التناقض بين حكمين بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما ، وإما أن ينبنى عليها انهيار أحد الأدلة المؤثرة في الحكم بالإدانة كالحكم على الشاهد أو الخبير بالعقوبة المقررة لشهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت في الدعوى أو إلغاء الأساس الذى بنى عليه الحكم . والملاحظ أن القانون المصري كان في صدد تحديد الحالات التي يجوز فيها طلب إعادة النظر أكثر تشدداً من القانون الفرنسي ، إذ بينما تنص الفقرة الأولى من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على " وجوب وجود المدعى قتله حياً " لاعتباره وجهاً لإعادة النظر ، يترخص القانون الفرنسي فيكتفى بظهور أوراق من شأنها إيجاد الأمارات الكافية على وجوده حياً ، وقد كان النص الفرنسي أمام الشارع المصري وقت وضع قانون الإجراءات الجنائية ومع ذلك فقد أثر احتراماً لحجية الأحكام الجنائية ألا يكتفى بتطلب مجرد ظهور الدليل على وجود المدعى قتله حياً ، بل أوجب وجوده بالفعل حياً ، مما يؤكد أن التشريع القائم لدينا لا يقبل الدليل المحتمل ، بل أنه يتطلب الدليل الجازم القاطع بذاته في ثبوت براءة المحكوم عليه أو سقوط الدليل على إدانته . ولما كان من غير المقبول وعلى هدى ما تقدم أن يتشدد الشارع في الحالات الأربع للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ليفتح الباب على مصراعيه في الحالة الخامسة التي تستوعب بعمومها ما تقدمها . وإنما قصد بها في ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية والتي تدل بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو على تحمله التبعة الجنائية . وباستصحاب سياسة التشريع والقاعدة العامة التي أرشد الشارع إلى عناصرها في الفقرات السابقة عليها أن تكون نصاً احتياطياً ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانوناً ، كوفاة الشاهد أو عتهه أو تقادم الدعوى الجنائية قبله أو لغير ذلك من حالات شبيهة مما لازمه عدم الاكتفاء بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع دون أن يصاحب عدوله ما يحسم بذاته الأمر ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه، وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه وصالح المجتمع الذى يضيره المساس في غير سبب جازم بقوة الشيء المقضي فيه جنائياً وهى من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع والتي تقضى بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائياً ، وهو ما سجلته المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة ، فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هى أقوى من الحقيقة نفسها ، مما لا يصح معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة ، كما لا يجوز أن تكون محلاً للمساومة بين الأفراد . والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقى الأمر معلقاً بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء . لما كان ما تقدم ، وكان القانون قد اشترط في الوقائع التي تظهر بعد الحكم وتصلح سبباً للالتماس أن تكون مجهولة من المحكمة والمتهم معاً إبان المحاكمة، وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم موضوع الطلب أن المدافع عن الطالب قد دفع بتلفيق الاتهام له من جانب المتهم الثاني ... بالاتفاق مع المقدم ... ، وسرد شواهد هذا التلفيق ودوافعه تفصيلاً ثم أطرح الحكم هذا الدفع بعد أن أفصح عن اطمئنان المحكمة لإدانته في الدعوى ، كما عرض الحكم لدفع الطالب ببطلان إجراءات التحقيق لإجرائها قبل رفع الحصانة البرلمانية عنه من مجلس الشعب ، ورفض هذا الدفع اطمئناناً من المحكمة إلى أن إجراءات رفع الحصانة عن الطالب قد اتخذت قبل القبض عليه وتفتيشه ولم تطمئن المحكمة إلى ما تمسك به الدفاع عن الطالب من وقائع وأدلة تمسك بدلالتها على بطلان إجراءات التحقيق لإجرائها قبل صدور الإذن برفع الحصانة وكان ما يستند إليه الطالب عن ساعة وصول الإذن إلى مكتب النائب العام لا يقطع بذاته ببطلان إجراءات التحقيق وبراءة الطالب ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صدور الإذن في وقت سابق على اتخاذ تلك الإجراءات بوقت يسمح بوصوله إلى سلطة التحقيق بما ساقته من وقائع وأدلة تؤدى إلى ما انتهت إليه . وذلك بصرف النظر عما يثيره الطالب من ساعة العلم به وطريقة الإخطار به ، ومن ثم فإن ما تمسك به الطالب في حقيقته لا يعدو دليلاً جديداً على ما سبق أن أثاره من دفاع لم تسايره فيه المحكمة وقصد به محاولة العودة إلى الدعوى بعد الفصل فيها نهائياً ، وهو ما يقدح في احترام حجية الأحكام الجنائية . الأمر الذى لا يجوز طبقاً لنص المادة (455) من قانون الإجراءات الجنائية . وحيث إنه عن عدول المتهم الثاني عن أقواله بتحقيقات النيابة العامة في الالتماس بتاريخ ...... والتي نفى فيها اشتراك الطالب في تزوير التوكيلات واستعمالها وعلمه بهذا التزوير ، فإن هذه الأقوال وإن صح اعتبارها واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت المحاكمة لا تعدو أن تكون مجرد دليل احتمالي لا ينهض بذاته وجهاً لطلب إعادة النظر ما دام لم يصحبه ما يحسم الأمر ويقطع في ترتيب أثره في إهدار الحقيقة التي سجلها الحكم البات خاصة أن عدول شاهد الإثبات ليس من شأنه أن يؤدى بذاته إلى ثبوت براءة المحكوم عليه الطالب ولا يلزم عنه في كل الأحوال سقوط الدليل على إدانته . لما كان ما تقدم ، فإن طلب إعادة النظر يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت حالات طلب إعادة النظر بنصها على أنه " يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في الأحوال الآتية : (1) إذا حكم على المتهم في جريمة قتل ، ثم وجد المدعى قتله حياً (2) إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ، ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما (3) إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور وفقاً لأحكام الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات ، أو إذا حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى وكان للشهادة أو لتقرير الخبير أو للورقة تأثير في الحكم . (4) إذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغى هذا الحكم . (5) إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع ، أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الواقعة أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه " . وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على الفقرة الخامسة التي هي سند الطالب في طلبه أنه " نص فيها على صورة عامة تنص عليها أغلب القوانين الحديثة وهى حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة ، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق المذكورة ثبوت براءة المحكوم عليه وقد استمد الشارع حكم المادة سالفة البيان من المادة 443 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي بعد تعديلها بالقانون الصادر في 8 من يونيه سنة 1895 التي صار موضعها المادة 622 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي الجديد الصادر بالقانون الرقيم 31 ديسمبر سنة 1957 . ويبين من نص القانون المصري ومما ورد بمذكرته الإيضاحية ومن المقارنة بينه وبين نص القانون الفرنسي أن الحالات الأربع الأولى التي وردت في المادة 441 المشار إليها ، وهى حالات منضبطة يجمعها معيار محدد أساسه أن الواقعة الجديدة المسوغة لإعادة نظر الدعوى إما أن ينبني عليها بذاتها ثبوت براءة المحكوم عليه بوجود المدعى قتله حياً أو بقيام التناقض بين حكمين بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما ، وإما أن ينبنى عليها انهيار أحد الأدلة المؤثرة في الحكم بالإدانة كالحكم على الشاهد أو الخبير بالعقوبة المقررة لشهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت في الدعوى أو إلغاء الأساس الذى بنى عليه الحكم . والملاحظ أن القانون المصري كان في صدد تحديد الحالات التي يجوز فيها طلب إعادة النظر أكثر تشدداً من القانون الفرنسي ، إذ بينما تنص الفقرة الأولى من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على " وجوب وجود المدعى قتله حياً " لاعتباره وجهاً لإعادة النظر ، يترخص القانون الفرنسي فيكتفى بظهور أوراق من شأنها إيجاد الأمارات الكافية على وجوده حياً ، وقد كان النص الفرنسي أمام الشارع المصري وقت وضع قانون الإجراءات الجنائية ومع ذلك فقد أثر احتراماً لحجية الأحكام الجنائية ألا يكتفى بتطلب مجرد ظهور الدليل على وجود المدعى قتله حياً ، بل أوجب وجوده بالفعل حياً ، مما يؤكد أن التشريع القائم لدينا لا يقبل الدليل المحتمل ، بل أنه يتطلب الدليل الجازم القاطع بذاته في ثبوت براءة المحكوم عليه أو سقوط الدليل على إدانته . ولما كان من غير المقبول وعلى هدى ما تقدم أن يتشدد الشارع في الحالات الأربع للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ليفتح الباب على مصراعيه في الحالة الخامسة التي تستوعب بعمومها ما تقدمها . وإنما قصد بها في ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية والتي تدل بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو على تحمله التبعة الجنائية . وباستصحاب سياسة التشريع والقاعدة العامة التي أرشد الشارع إلى عناصرها في الفقرات السابقة عليها أن تكون نصاً احتياطياً ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانوناً ، كوفاة الشاهد أو عتهه أو تقادم الدعوى الجنائية قبله أو لغير ذلك من حالات شبيهة مما لازمه عدم الاكتفاء بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع دون أن يصاحب عدوله ما يحسم بذاته الأمر ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه، وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه وصالح المجتمع الذى يضيره المساس في غير سبب جازم بقوة الشيء المقضي فيه جنائياً وهى من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع والتي تقضى بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائياً ، وهو ما سجلته المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة ، فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هى أقوى من الحقيقة نفسها ، مما لا يصح معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة ، كما لا يجوز أن تكون محلاً للمساومة بين الأفراد . والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقى الأمر معلقاً بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء . لما كان ما تقدم ، وكان القانون قد اشترط في الوقائع التي تظهر بعد الحكم وتصلح سبباً للالتماس أن تكون مجهولة من المحكمة والمتهم معاً إبان المحاكمة، وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم موضوع الطلب أن المدافع عن الطالب قد دفع بتلفيق الاتهام له من جانب المتهم الثاني ... بالاتفاق مع المقدم ... ، وسرد شواهد هذا التلفيق ودوافعه تفصيلاً ثم أطرح الحكم هذا الدفع بعد أن أفصح عن اطمئنان المحكمة لإدانته في الدعوى ، كما عرض الحكم لدفع الطالب ببطلان إجراءات التحقيق لإجرائها قبل رفع الحصانة البرلمانية عنه من مجلس الشعب ، ورفض هذا الدفع اطمئناناً من المحكمة إلى أن إجراءات رفع الحصانة عن الطالب قد اتخذت قبل القبض عليه وتفتيشه ولم تطمئن المحكمة إلى ما تمسك به الدفاع عن الطالب من وقائع وأدلة تمسك بدلالتها على بطلان إجراءات التحقيق لإجرائها قبل صدور الإذن برفع الحصانة وكان ما يستند إليه الطالب عن ساعة وصول الإذن إلى مكتب النائب العام لا يقطع بذاته ببطلان إجراءات التحقيق وبراءة الطالب ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صدور الإذن في وقت سابق على اتخاذ تلك الإجراءات بوقت يسمح بوصوله إلى سلطة التحقيق بما ساقته من وقائع وأدلة تؤدى إلى ما انتهت إليه . وذلك بصرف النظر عما يثيره الطالب من ساعة العلم به وطريقة الإخطار به ، ومن ثم فإن ما تمسك به الطالب في حقيقته لا يعدو دليلاً جديداً على ما سبق أن أثاره من دفاع لم تسايره فيه المحكمة وقصد به محاولة العودة إلى الدعوى بعد الفصل فيها نهائياً ، وهو ما يقدح في احترام حجية الأحكام الجنائية . الأمر الذى لا يجوز طبقاً لنص المادة (455) من قانون الإجراءات الجنائية . وحيث إنه عن عدول المتهم الثاني عن أقواله بتحقيقات النيابة العامة في الالتماس بتاريخ ...... والتي نفى فيها اشتراك الطالب في تزوير التوكيلات واستعمالها وعلمه بهذا التزوير ، فإن هذه الأقوال وإن صح اعتبارها واقعة جديدة لم تكن معلومة وقت المحاكمة لا تعدو أن تكون مجرد دليل احتمالي لا ينهض بذاته وجهاً لطلب إعادة النظر ما دام لم يصحبه ما يحسم الأمر ويقطع في ترتيب أثره في إهدار الحقيقة التي سجلها الحكم البات خاصة أن عدول شاهد الإثبات ليس من شأنه أن يؤدى بذاته إلى ثبوت براءة المحكوم عليه الطالب ولا يلزم عنه في كل الأحوال سقوط الدليل على إدانته . لما كان ما تقدم ، فإن طلب إعادة النظر يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق