برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة
المستشارين: محمد صبري, وجمال المرصفاوي, ومحمد عبد المنعم حمزاوي, ونصر الدين
عزام.
---------
- 1 شركات . مؤسسة عامة. موظفون عموميون . دعوى جنائية " تحريكها بمعرفة النيابة".
شرط اكتساب العاملين في خدمة مرفق عام صفة الموظف العام : أن يكون
المرفق مدارا بمعرفة الدولة عن طريق الاست3لال المباشر . شركة مياه . الإسكندرية
مرفق عام لا تديره الدولة عن طريق الاستغلال المباشر العاملون بها لا يعتبرون
موظفين أو مستخدمين عامين . خضوع العاملين . في المؤسسات العامة لأحكام القوانين
والنظم السارية علي موظفي الدولة اعتبار الشارع العاملين في الشركات ـ التي تساهم
الدولة أن احدي الهيئات العامة في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت ـ في حكم الموظفين
أو المستخدمين العاملين في مجال تطبيق نصوص جريمتي الرشوة والاختلاس . فحسب دون
سواه فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 إجراءات.
من المقرر أنه لكي يكتسب العاملون في خدمة مرفق عام صفة الموظف العام
يجب أن يكون المرفق مداراً بمعرفة الدولة عن طريق الاستغلال المباشر. وشركة مياه
الإسكندرية على ما يبين من النظام الأساسي لها قد نشأت في الأصل شركة إنجليزية ذات
مسئولية محدودة منحت امتياز توريد المياه للمدينة ثم رخص لها بمقتضى قرار رئيس
الجمهورية الصادر في 24 من مايو سنة 1958 بالاستمرار في العمل كشركة مساهمة تدار
عن طريق مجلس إدارتها، وقد نص في المادة الثالثة من نظامها الأساسي على أن
"غرض الشركة توريد المياه طبقاً للاتفاقات القائمة مع السلطة مانحة
الالتزام". ومن ثم فإن العاملين في هذه الشركة بعد أن تبين أنهم لا يساهمون
في مرفق عام تديره الدولة عن طريق الاستغلال المباشر لا يعتبرون موظفين أو
مستخدمين عامين. ولا يغير من ذلك أن يكون للدولة رقابة وإشرافاً على الإدارة
المالية للشركة وإلزام الشركة بتقديم كشوف أو بيانات أو فحص حساباتها وفقاً لما
تقضي به المادة 7 من القانون رقم 129 لسنة 1947 بالتزامات المرافق العامة، ولا أن
يكون موظفوها قد خضعوا طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 1456 لسنة 1959 لأحكام
قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، ذلك بأن أحكام هذا القانون أصبحت
تسري بمقتضى القانون رقم 19 لسنة 1959 على موظفي الشركات والجمعيات والهيئات
الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، وليس من شأن هذا الإشراف وحده
دخول موظفي تلك الهيئات في زمرة الموظفين العموميين. والقانون رقم 117 لسنة 1961
بتأميم بعض الشركات والمنشآت وإن قضي بتأميم شركة مياه الإسكندرية وبأيلولة
ملكيتها إلى الدولة، إلا أنه نص على احتفاظ الشركة المؤممة بشكلها القانوني
واستمرارها في مزاولة نشاطها. وكان الشارع قد أفصح في أعقاب هذا القانون عن اتجاهه
إلى عدم اعتبار موظفي وعمال مثل هذه الشركات من الموظفين أو المستخدمين العامين
بما نص عليه في المادة الأولى من لائحة نظام موظفي وعمال الشركات التي تتبع
المؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 من سريان قوانين
العمل والتأمينات الاجتماعية على عمال وموظفي هذه الشركات واعتبار هذا النظام
جزءاً متمماً لعقد العمل، وقد عاد المشرع إلى توكيد هذا الحكم بإيراده إياه في
المادة الأولى من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة
بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 والتي حلت محل اللائحة السابقة وفي ذلك
كله آية بينة على أن تأميم تلك الشركات وما ترتب عليه من أيلولة ملكيتها للدولة لم
يغير من نظامها القانوني أو من طبيعة العلاقة العقدية التي تربطها بالعاملين فيها،
في حين أن الشارع جرى على خلاف ذلك في شأن العاملين في المؤسسات العامة بما نص
عليه في المادة الأولى من لائحة نظام موظفي وعمال المؤسسات العامة الصادرة بقرار
رئيس الجمهورية رقم 1528 لسنة 1961 في خضوعهم لأحكام القوانين والنظم السارية على
موظفي الدولة. وكلما رأى الشارع اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين أو
المستخدمين العامين في موطن ما أورد به نصاً كالشأن في جريمتي الرشوة واختلاس
الأموال الأميرية حيث أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون
العقوبات فقرة مستحدثة نصت على أن يعد في حكم الموظفين في تطبيق نصوص الجريمتين
المشار إليهما مستخدمو الشركات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها
بنصيب ما بأية صفة كانت، فجعل هؤلاء العاملين في حكم أولئك الموظفين العاملين في
هذا المجال المعين فحسب دون سواه فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63
من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية خاصة على الموظف العام.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخرين بأنهم في يوم 20 من يناير
سنة 1961 بدائرة قسم شرقي محافظة الإسكندرية: تسببوا من غير قصد ولا تعمد في قتل
....... وإصابة ........ وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم وعدم احتياطهم بأن قام الأول
بإزالة القوائم التي كانت تصلب السقف بناء على تكليف من المتهمين الثاني والثالث
اللذين أهملا في الإشراف عليه ونجم عن ذلك سقوط السقف بشركة المياه عليهما فتوفى
الأول وأصيب الثاني بالإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي.
وطلبت عقابهم طبقا للمادتين 238 و244 من قانون العقوبات. ومحكمة باب شرقي الجزئية
قضت حضوريا في 31 مارس سنة 1963 عملا بمادتي الاتهام بالنسبة إلى المتهم الأول
والمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الثاني والثالث
بحبس المتهم الأول سنة واحدة مع الشغل وكفالة ثلاثمائة قرش لوقف التنفيذ وبراءة
المتهمين الثاني والثالث. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. وفي أثناء نظر الدعوى
أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم بعدم قبول الدعوى الجنائية
لرفعها من غير ذي صفة. وقضت المحكمة المذكورة حضوريا في 8 مارس سنة 1964 بقبول
الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من
غير ذي صفة. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه - إذ قضى بعدم
قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة, قد أخطأ في القانون ذلك بأنه اعتبر
المطعون ضده مستخدما عاما -بوصفه عاملا في شركة تقوم على إدارة مرفق عام وخاضعة
لقانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ولإشراف الحكومة من الناحية المالية
والفنية- وأسبغ عليه الحماية المقررة في الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون
الإجراءات الجنائية في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية عليه إلا من النائب العام
أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة, في حين أن الشركة التي يعمل بها المطعون
ضده هي شركة خاصة فلا يعتبر مستخدموها من المستخدمين العموميين وإن كانت تقوم على
إدارة مرفق عام. ولا يغير من هذا النظر أنها قد أممت قبل رفع الدعوى لأن التأميم
لا يغير من شكلها القانوني, ولا استدلال الحكم بما نصت عليه الفقرة الأولى من
المادة 111 من قانون العقوبات من اعتبار المستخدمين في مصلحة موضوعة تحت رقابة
الحكومة في حكم الموظفين العامين.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن المطعون ضده يعمل نجارا في شركة
........ وأن الجريمة المسندة إليه وقعت في 20 يناير سنة1961 أثناء تأدية عمله, وأن
الحكم المطعون فيه استجاب إلى الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي
صفة تأسيسا على أن المطعون ضده يعتبر مستخدما عموميا يتمتع بالحماية الواردة
بالمادة 63/3 من قانون الإجراءات الجنائية وأورد في ذلك قوله "وحيث إنه
بتاريخ 6 سبتمبر سنة 1959 صدر القرار الجمهوري رقم 1456 لسنة 1959 بإخضاع الشركات
القائمة على التزامات المرافق العامة لأحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية وبالتالي فإن هذا القرار يسري على شركة ........ باعتبارها قائمة على
إدارة مرفق عام بمدينة الإسكندرية وهو مرفق المياه بالمدينة كلها.
وحيث إن المستخدم العمومي هو كل شخص له نصيب من الاشتراك في إدارة
أعمال الحكومة مهما كان نصيبه في ذلك صغيرا وإنما يشترط فيه إلى جانب ذلك أن يكون
ممن تجري عليهم أحكام الأنظمة واللوائح الخاصة بمعرفة الحكومة, ويستوي في ذلك أن
يكون هذا المستخدم في مصلحة تابعة للحكومة أو موضوعة تحت رقابتها وذلك على ما يبين
من نص المادة 111/1 من قانون العقوبات". لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه لكي
يكتسب العاملون في خدمة مرفق عام صفة الموظف العام يجب أن يكون المرفق مدارا
بمعرفة الدولة عن طريق الاستغلال المباشر. ولما كانت شركة ....... التي يعمل بها
المطعون ضده على ما يبين من النظام الأساسي لها قد نشأت في الأصل شركة إنجليزية
ذات مسئولية محدودة منحت امتياز توريد المياه للمدينة ثم رخص لها بمقتضى قرار رئيس
الجمهورية الصادر في 24 مايو سنة 1958 بالاستمرار في العمل كشركة مساهمة تدار عن
طريق مجلس إدارتها, وقد نص في المادة الثالثة من نظامها الأساسي على أن "غرض
الشركة توريد المياه طبقا للاتفاقات القائمة مع السلطة مانحة الالتزام" فإن
العاملين في هذه الشركة بعد أن تبين أنهم لا يساهمون في مرفق عام تديره الدولة عن
طريق الاستغلال المباشر لا يعتبرون موظفين أو مستخدمين عامين ولا يغير من ذلك أن
يكون للدولة رقابة وإشرافا على الإدارة المالية للشركة وإلزام الشركة بتقديم كشوف
أو بيانات أو فحص حساباتها وفقا لما تقضي به المادة 7 من القانون رقم 129 لسنة
1947 بالتزامات المرافق العامة, ولا أن يكون موظفوها قد خضعوا طبقا لقرار رئيس
الجمهورية رقم 1456 لسنة 1959 لأحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية, ذلك بأن أحكام هذا القانون أصبحت تسري بمقتضى القانون رقم 19 لسنة 1959
على موظفي الشركات والجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية,
وليس من شأن هذا الإشراف وحده دخول موظفي تلك الهيئات في زمرة الموظفين العموميين.
لما كان ذلك, وكان القانون رقم 117 لسنة 1961 الصادر في 20 من يوليه سنة 1961
بتأميم بعض الشركات والمنشآت وإن قضى بتأميم شركة ......... -التي يعمل بها
المطعون ضده- وبأيلولة ملكيتها إلى الدولة, إلا أنه نص على احتفاظ الشركات المؤممة
بشكلها القانوني واستمرارها في مزاولة نشاطها. وكان الشارع قد أفصح في أعقاب هذا
القانون عن اتجاهه إلى عدم اعتبار موظفي وعمال مثل هذه الشركات من الموظفين أو
المستخدمين العامين بما نص عليه في المادة الأولى من لائحة نظام موظفي وعمال
الشركات التي تتبع المؤسسات العامة الصادرة في 21 من أكتوبر سنة 1961 بقرار من
رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 من سريان قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية
على موظفي وعمال هذه الشركات واعتبار هذا النظام جزءا متمما لعقد العمل, وقد عاد
المشرع إلى توكيد هذا الحكم بإيراده إياه في المادة الأولى من لائحة نظام العاملين
بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة في 20 من ديسمبر سنة 1962 بقرار رئيس
الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 والتي حلت محل اللائحة السابقة وفي ذلك كله آية بينة
على أن تأميم تلك الشركات وما ترتب عليه من أيلولة ملكيتها للدولة لم يغير من
نظامها القانوني أو من طبيعة العلاقة العقدية التي تربطها بالعاملين فيها, في حين
أن الشارع جرى على خلاف ذلك في شأن العاملين في المؤسسات العامة بما نص عليه في
المادة الأولى من لائحة نظام موظفي وعمال المؤسسات العامة الصادرة في 10 من أكتوبر
سنة 1961 بقرار رئيس الجمهورية رقم 1528 لسنة1961 من خضوعهم لأحكام القوانين
والنظم السارية على موظفي الدولة. وكلما رأى الشارع اعتبار العاملين بالشركات في
حكم الموظفين أو المستخدمين العامين في موطن ما أورد به نصا كالشأن في جريمتي
الرشوة واختلاس الأموال الأميرية حيث أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة
111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت على أن يعد في حكم الموظفين في تطبيق نصوص
الجريمتين المشار إليهما مستخدمو الشركات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات
العامة في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت, فجعل هؤلاء العاملين في حكم أولئك
الموظفين العامين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه, فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة
الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية خاصة على
الموظف العام. لما كان ما تقدم, وكان المطعون ضده لا يخضع لأحكام قوانين ونظم
الوظائف العامة فلا يعد موظفا عاما, فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اعتباره
مستخدما عاما ورتب على ذلك انعطاف تلك الحماية عليه والاستجابة للدفع بعدم قبول
الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة, يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, ويتعين
لذلك نقضه والقضاء برفض هذا الدفع. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر
موضوع الاستئناف فيتعين أن يكون النقض مقرونا بالإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق