الطعن 38 لسنة 38 ق " منازعة تنفيذ " المحكمة الدستورية
العليا جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 88
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أبريل سنة 2017م،
الموافق الرابع من رجب سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد
بجاتو نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 38 لسنة 38
قضائية "منازعة تنفيذ".
--------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أنه بتاريخ 2014/7/9، قرر مجلس القضاء الأعلى، إرسال الشكوى المقدمة ضد المدعي،
إلى وزير العدل، لانتداب قاضي للتحقيق فيما ورد بها من إدلائه بحديث صفحي، قامت
بنشره إحدى الصحف. وقد أرسل وزير العدل الأوراق إلى رئيس محكمة استئناف طنطا،
لتنفيذ قرار المجلس، فانتدب أحد قضاة المحكمة للتحقيق، والذي انتهى إلى خروج
المشكو في حقه على مقتضيات الوظيفة القضائية، ومخالفته قرارات مجلس القضاء الأعلى،
بعدم ظهور القضاة في وسائل الإعلام المختلفة أو إجراء أحاديث صحفية بشأن المسائل
السياسية محل الخلاف في الرأي، وإهانته للقضاء، والتشكيك فيما يصدره من أحكام، مما
يستوجب معاملته بنصوص المواد (72، 73، 108) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار
رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1972، والمادتين (133، 184) من قانون العقوبات. وبناء
على ذلك، قرر وزير العدل بتاريخ 2014/11/23، إحالة المشكو في حقه إلى مجلس التأديب
المنصوص عليه في المادة (98) من قانون السلطة القضائية المشار إليه المعدل
بالقانون رقم 142 لسنة 2006، لمعاملته بالمادة (111) من القانون ذاته، وذلك في
دعوى الصلاحية رقم 14 لسنة 2014، المقيدة برقم 2 لسنة 9 قضائية
"صلاحية"، وبجلسة 2015/3/14، قضى المجلس برفض طلب عدم الصلاحية، على سند
من أنه وإن كان قد ثبت قيام المشكو في حقه بإجراء الحديث الصحفي بالمخالفة لقرارات
مجلس القضاء الأعلى، إلا أن ذلك المجلس لم يرصد جزاء على ذلك. ولم يصادف هذا
القضاء قبول النيابة العامة، فطعنت عليه أمام مجلس التأديب الأعلى، بموجب الطعن
رقم 6 لسنة 2015، وبتاريخ 2016/3/28، قضى المجلس بقبول الطعن شكلا، وإلغاء حكم
مجلس التأديب، وبقبول طلب عدم الصلاحية، وإحالة المشكو في حقه إلى المعاش. وقد
تأسس هذا الحكم على ثبوت اقترافه لأفعال تجعله غير صالح البتة لولاية القضاء.
بتاريخ الثامن والعشرين من أغسطس سنة 2016، أقام المدعي هذه الدعوى،
بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم، أولا: بقبول
المنازعة شكلا، ثانيا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من مجلس تأديب
القضاة، في الدعوى رقم 6 لسنة 2015 "عدم صلاحية"، بإحالته إلى المعاش،
مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية بغير إعلان، ثالثا: وفي الموضوع، الحكم بعدم الاعتداد
بالحكم المشار إليه، والاستمرار في تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية
العليا في القضايا الدستورية أرقام: 151 لسنة 21 قضائية، 34 لسنة 16 قضائية، 3
لسنة 8 قضائية، وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن المدعي قد أقام دعواه المعروضة، على سند من انعدام حكم مجلس
التأديب الأعلى المشار إليه، لكون رئيس وأحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم كانا
ضمن تشكيل مجلس القضاء الأعلى الذي أرسل بتاريخ 2014/7/9، الشكوى المقدمة ضده، إلى
وزير العدل، لانتداب قاض للتحقيق فيها. ومن ثم، يكون كل منهما قد سبق له تكوين
عقيدة في موضوع الشكوى، بما يمنع مشاركته في نظر الطعن على حكم مجلس التأديب،
والحكم بإحالته إلى المعاش، وإذ شاركا فيه، فإن ذلك الحكم فضلا عن انعدامه، يعد
عقبة في تنفيذ ما تأسس عليه الحكم الصادر بجلسة 2000/9/9، في القضية رقم 151 لسنة
21 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (98) من
قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، فيما كانت تنص
عليه من أنه "لا يمنع من الجلوس في هيئة مجلس التأديب، سبق الاشتراك في طلب الإحالة
إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية، وهي الأسباب ذاتها التي تأسس عليها الحكم
الصادر بجلسة 1998/12/5، في القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية "دستورية"،
بعدم دستورية المواد (38 مكرر (3)، 39، 40) من قانون النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989،
فيما تضمنته من أن يرأس مجلس التأديب رئيس الهيئة الذي طلب إقامة دعوى الصلاحية أو
الدعوى التأديبية. وهو النهج ذاته الذي تأسس عليه الحكم الصادر بجلسة 1996/6/15،
في القضية رقم 34 لسنة 16 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية المادة (236)
من قانون التجارة، فيما تضمنته من جواز أن يكون مأمور التفليسة عضوا بالمحكمة
الابتدائية التي تفصل في التظلم من الأوامر التي أصدرها بشأن التفليسة.
ومن جانب آخر، يرى المدعي انعدام الحكم الصادر بإحالته إلى المعاش،
على سند من أنه قد شارك في نظر الطعن والحكم فيه قاضيان من قضاة محكمة النقض، حال
كونهما من غير أعضاء التشكيل الذي نصت عليه المادة (107) من قانون السلطة القضائية
المشار إليه بعد تعديله بالقانون رقم 142 لسنة 2006، ومن ثم يعد ذلك الحكم عقبة في
تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 1992/2/1، في القضية رقم 3 لسنة 8 قضائية
"دستورية"، فيما ورد بأسبابه من أن "المشرع أفرد مجلس الصلاحية
بتنظيم خاص، عهد إليه بمقتضاه ولاية الفصل بصفة قضائية في الدعوى المتعلقة بها،
وتمتد ملامح هذا التنظيم في تشكيل مجلس الصلاحية بأكمله من عناصر قضائية، وقيامه
دون غيره على شئون دعوى الصلاحية، وهيمنته على إجراءاتها إذا ما قرر السير فيها".
وحيث إن المدعي يستهدف بدعواه المعروضة المضي في تنفيذ الأحكام
الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في القضايا المشار إليها، وعدم الاعتداد
بالحكم الصادر بجلسة 2016/3/28، من مجلس التأديب الأعلى، في الطعن رقم 6 لسنة
2015، بإحالته إلى المعاش، وهي بذلك تندرج في عداد المنازعات المتعلقة بتنفيذ
الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في مفهوم المادة (50) من قانونها
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن قوام منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن
تعترض تنفيذ أحد أحكامها عوائق تحول قانونا - بمضمونها وأبعادها – دون اكتمال
مداه، وتعطل بالتالي أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره بتمامها
أو يحد من مداها. ومن ثم، تكون هذه العوائق هي محل دعوى منازعة التنفيذ، التي
تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وهو ما لا يتسنى
إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، حتى يتم تنفيذ الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة
تنفيذا مستكملا لمضمونه ومداه، ضمانا لفاعليته وإنفاذ فحواه.
وحيث إن منازعة التنفيذ تدور، وجودا وعدما، مع نطاق حجية الحكم الصادر
من المحكمة الدستورية العليا، ولا تتعداه إلى غيره من النصوص التشريعية، ولو
تشابهت معها، ذلك أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في موضوع الدعوى الدستورية،
يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت
فيها المحكمة فصلا حاسما بقضائها، دون تلك التي لم تكن مطروحة على المحكمة، ولم
تفصل فيها بالفعل، فلا تمتد إليها تلك الحجية. على أن يكون مفهوما إنه لا يحوز من
الحكم تلك الحجية المطلقة سوى منطوقه وما هو متصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالا
حتميا، بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، ومن ثم لا يجوز الارتكان إلى تلك الأسباب
إلا حال تعلق العقبة التي تحول دون تنفيذ الحكم الدستوري بما يقضي به ذلك الحكم
مرتبطا بأسبابه. وعلى ذلك، لا يجوز نزع أسباب الحكم من سياقها أو الاعتداد بها
بذاتها، دون المنطوق، للقول بأن هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب.
وحيث كان ذلك، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة
2000/9/9، في القضية رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، قد انتهى إلى
القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية
الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 - قبل تعديله بالقانون رقم
142 لسنة 2006، المعمول به اعتبارا من 2006/10/1 طبقا لنص المادة السابعة من
القانون ذاته - وإذ أحيل المدعي إلى مجلس التأديب بتاريخ 2014/11/23، طبقا لنص
المادتين (98، 111) من قانون السلطة القضائية المشار إليه بعد تعديلهما بالقانون
رقم 142 لسنة 2006، وكان الحكم الصادر بجلسة 2015/3/14 من مجلس التأديب بهيئة عدم
صلاحية، برفض دعوى الصلاحية رقم 14 لسنة 2014 - المقيدة برقم 2 لسنة 9 قضائية
"صلاحية"، قد ألغى بموجب الحكم الصادر من مجلس التأديب الأعلى بجلسة
2016/3/28، في الطعن رقم 6 لسنة 2015، وبإحالة المشكو في حقه إلى المعاش، وقد
استند هذا الحكم إلى نص المادتين (98، 111) من قانون السلطة القضائية بعد تعديلهما
بالقانون رقم 142 لسنة 2006. ومن ثم، لا يكون لهذا الحكم صلة بالحكم الصادر من
المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"،
وبالتالي لا يعد عقبة في تنفيذه. ومن جانب آخر، فإن الحكم الصادر بجلسة 1996/6/15
في القضية رقم 34 لسنة 16 قضائية "دستورية"، والحكم الصادر بجلسة
1998/12/5 في القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية "دستورية" لا صلة لأي منهما
بنصوص قانون السلطة القضائية المشار إليه الذي تمت معاملة المدعي على ضوء أحكامه،
إذ قضى الحكم الأول بعدم دستورية نص المادة (236) من قانون التجارة، بينما قضى
الحكم الثاني بعدم دستورية نصوص المواد (38 مكرر (3)، 39، 40) من قانون النيابة
الإدارية والمحاكمات التأديبية الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 1958 والمعدل
بالقانون رقم 12 لسنة 1998، ومن ثم لا يكون لهذين الحكمين – أيضا - صلة بالحكم
الصادر من مجلس التأديب الأعلى بجلسة 2016/3/28، في الطعن رقم 6 لسنة 2015، بإحالة
المدعي إلى المعاش، وبالتالي لا يعد هذا الحكم عقبة في تنفيذهما.
وحيث إن ما أثاره المدعي من انعدام الحكم الصادر من مجلس التأديب
الأعلى، لمشاركة قاضيين من قضاة محكمة النقض في نظر الطعن والحكم فيه؛ حال كونهما
من غير أعضاء مجلس التأديب الأعلى الوارد النص عليهم في المادة (107) من قانون
السلطة القضائية المشار إليه بعد تعديله بالقانون رقم 142 لسنة 2006، ومن ثم يعد
ذلك الحكم عقبة في تنفيذ ما ورد بأسباب الحكم الصادر بجلسة 1992/2/1، في القضية
رقم 3 لسنة 8 قضائية "دستورية". فذلك مردود من ناحية بأن الحكم الصادر
في تلك القضية الدستورية قد انتهى إلى القضاء برفض الدعوى المقامة طعنا على دستورية
المادة (111) من قانون السلطة القضائية قبل تعديله بالقانون رقم 142 لسنة 2006،
حال أن حكم مجلس التأديب الأعلى قد أعمل حكم تلك المادة بعد تعديلها بالقانون
المشار إليه. ومردود من ناحية ثانية، بأنه لا يجوز الارتكان إلى جزء من الأسباب
التي تأسس عليها الحكم الصادر في القضية الدستورية 3 لسنة 8 قضائية، وانتزاعها من
سياق باقي الأسباب، وطلب الاعتداد بها بذاتها، دون منطوق ذلك الحكم، للقول بأن
هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب. ومردود من ناحية ثالثة، بأن المحكمة
الدستورية العليا، وهي بصدد الفصل في منازعة التنفيذ، لا تعد جهة طعن في الأحكام
القضائية، ولا تمتد ولايتها إلى بحث مدى مطابقتها لأحكام القانون أو تصحيحها، ما
لم يكن العوار الذي أصابها قد أفضى إلى إعاقتها تنفيذ أحد أحكامها.
وحيث إنه من جماع ما تقدم، وقد ثبت فساد الدعائم التي شيد عليها
المدعي طلباته في الدعوى المعروضة، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن طلب المدعي بوقف تنفيذ الحكم الصادر من مجلس التأديب الأعلى،
يعد فرعا من أصل منازعة التنفيذ المعروضة، بما مؤداه أن قيام هذه المحكمة - طبقا
لنص المادة (50) من قانونها - بمباشرة الفصل في موضوع المنازعة، يجعل هذا الطلب
غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي
جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق