جلسة 27 من يونيه سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعله، عبد الباسط أبو سريع نائبي رئيس المحكمة، عبد المنعم محمود ومدحت سعد الدين.
--------------
(164)
الطعن رقم 3410 لسنة 69 القضائية
(1 - 3) إثبات. مسئولية. تعويض. دعوى "وقف الدعوى. نظام عام. قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم الجنائي" "عيوب التدليل: مخالفة القانون".
(1) تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي. المادتان 456 أ. ج، 102 إثبات. لازمه. وجوب وقف السير في الدعوى المدنية التي يجمعها والدعوى الجنائية أساس مشترك لحين القضاء في الأخيرة بات. م 265/ 1 أ. ج. علة ذلك. تعلقه بالنظام العام.
(2) القضاء ببراءة سائق السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة لقيام سبب أجنبي. أثره. انقطاع علاقة السببية بين فعله والنتيجة الضارة وانتفاء قرينة الخطأ المفترض في جانب حارس الشيء بالمادة 178 مدني. امتناع إعمال هذه القرينة على القاضي المدني. علة ذلك. السبب الأجنبي سبب قانوني عام للإعفاء من المسئولية جنائية أو مدنية مؤسسة على خطأ مفترض أو واجب الإثبات. لازمه. وقف الدعوى المدنية لحين صدور حكم بات في الدعوى الجنائية.
(3) خلو الأوراق مما يدل على الفصل في الطعن بالنقض في الحكم الجنائي الصادر بإدانة سائق السيارة أداة الحادث. أثره. وجوب وقف دعوى التعويض المدنية لحين صيرورة الحكم الجنائي باتاً. مخالفة محكمة الموضوع هذا النظر. مخالفة القانون.
2 - إذ كان القضاء ببراءة سائق السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة لقيام سبب أجنبي كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ أو خطأ المجني عليه، أو خطأ الغير، كما يقطع علاقة السببية بين فعله والنتيجة الضارة، فإنه يؤدي إلى انتفاء قرينة الخطأ المفترض في جانب حارس الشيء المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني، فيمتنع على القاضي المدني إعمال هذه القرينة بعد أن نفاها الحكم الجنائي، وذلك لأن السبب الأجنبي سبب قانوني عام للإعفاء من المسئولية جنائية كانت أو مدنية، وسواء تأسست على خطأ شخصي واجب الإثبات أو على خطأ مفترض في جانب المسئول، وعلى ذلك فإنه - درءاً لاحتمال حصول تعارض بين الحكمين الجنائي والمدني - يتعين وقف السير في الدعوى المدنية لحين صدور حكم بات في الدعوى التزاماً بمبدأ تقيد القاضي المدني بما فصل فيه الحكم الجنائي وكان فصله فيه ضرورياً.
3 - لما كان الثابت في الأوراق - وحصَّله الحكم المطعون فيه - أن الحكم الجنائي الصادر بإدانة سائق السيارة المشار إليها (السيارة أداة الحادث) لم يصبح باتاً إذ طعن فيه بطريق النقض، ولم يقدم المطعون ضدهم السبعة الأوائل لمحكمة الموضوع ما يدل على أن ذلك الطعن تم الفصل فيه، الأمر الذي كان يوجب عليها أن توقف السير في الدعوى المدنية (دعوى التعويض المؤسسة على المسئولية الشيئية) لحين الفصل في الدعوى الجنائية، وإذ خالفت هذا النظر فإن حكمها يكون معيباً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم السبعة الأوائل أقاموا الدعوى 6042 لسنة 1997 مدني المنصورة الابتدائية على الشركة الطاعنة، والمطعون ضده الأخير بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إليهم مبلغ تسعين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والمورثة التي حاقت بهم من جراء وفاة مورثهم المرحوم ".........." في حادث سيارة مؤمن عليها لدى الطاعنة، أُدين عنه سائقها بحكم نهائي، طعن فيه بالنقض، وتساندوا في ذلك إلى مسئولية حارس الشيء المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني. ومحكمة أول درجة حكمت بالتعويض الذي قدرته. استأنف الطرفان الحكم بالاستئنافين رقمي 4529، 4955 لسنة 50 ق المنصورة، ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 18/ 5/ 1999 برفض استئناف الطاعنة، وفي استئناف المطعون ضدهم السبعة الأوائل بزيادة مبلغ التعويض. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه تقول إن الحكم ألزمها بالتعويض عن وفاة مورث المطعون ضدهم السبعة الأوائل رغم ما هو ثابت في الأوراق من أن الحكم الجنائي الذي دان السائق المؤمن عليها لم يصبح باتاً مما كان يوجب وقف الفصل في الدعوى المدنية لحين صيرورة هذا الحكم باتاً إعمالاً لنص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، مما يعيب الحكم المطعون فيه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها، أو أثناء السير فيها......" يدل على أن المشرع ارتأى أن وقف السير في الدعوى المدنية التي يجمعها والدعوى الجنائية أساس مشترك - يعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني، ونسبتها إلى فاعلها الذي نصت عليه المادتان 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات، وذلك درءاً لاحتمال وقوع تناقض بين الحكمين الجنائي والمدني في مسألة واحدة مما يخل بالثقة الواجبة في أحكام القضاء، ويضر بالعدالة جوهراً ومظهراً، ومن ثم فإن وجوب وقف السير في الدعوى المدنية - في هذه الحالة - إلى أن يقضي في الدعوى الجنائية بحكم بات - لا يجوز وضع ما قرره موضع مناقشة أمام القضاء مرة أخرى - يصبح أمراً متعلقاً بالنظام العام. إذ كان القضاء ببراءة سائق السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة لقيام سبب أجنبي كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ أو خطأ المجني عليه، أو خطأ الغير، كما يقطع علاقة السببية بين فعله والنتيجة الضارة، فإنه يؤدي إلى انتفاء قرينة الخطأ المفترض في جانب حارس الشيء المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني، فيمتنع على القاضي المدني إعمال هذه القرينة بعد أن نفاها الحكم الجنائي، وذلك لأن السبب الأجنبي سبب قانوني عام للإعفاء من المسئولية جنائية كانت أو مدنية، وسواء تأسست على خطأ شخصي واجب الإثبات أو على خطأ مفترض في جانب المسئول، وعلى ذلك فإنه - درءاً لاحتمال حصول تعارض بين الحكمين الجنائي والمدني - يتعين وقف السير في الدعوى المدنية لحين صدور حكم بات في الدعوى الجنائية التزاماً بمبدأ تقيد القاضي المدني بما فصل فيه الحكم الجنائي وكان فصله فيه ضرورياً. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق - وحصَّله الحكم المطعون فيه - أن الحكم الجنائي الصادر بإدانة سائق السيارة المشار إليها لم يصبح باتاً إذ طعن فيه بطريق النقض، ولم يقدم المطعون ضدهم السبعة الأوائل لمحكمة الموضوع ما يدل على أن ذلك الطعن تم الفصل فيه، الأمر الذي كان يوجب عليها أن توقف السير في الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية، وإذ خالفت هذا النظر فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق