جلسة 26 من يناير سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيري، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع - نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم محمود.
-----------------
(19)
الطعن رقم 2639 لسنة 62 القضائية
(1، 2) قرار إداري. اختصاص "اختصاص ولائي". دعوى "تكييف الدعوى". حيازة. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون".
(1) منع المحاكم من تفسير الأوامر الإدارية. م 17/ 1 ق 46 لسنة 1972. مقصوده. صيانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل.
(2) دعوى الطاعنين بطلب منع تعرض المطعون ضدهم لهما في الانتفاع بأرض النزاع على قالة امتلاكهما لها ووضع اليد عليها. وأن تعرضهم أدى لصدور أمر إداري بوقف إجراءات الترخيص بإقامة بناء عليها. الفصل في هذا النزاع لا ينطوي على مساس بأمر إداري. عدم اختصاص محاكم القضاء الإداري بنظره. علة ذلك.
2 - إذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين أقاماها بطلب الحكم بمنع تعرض المطعون ضدهم لهما في الانتفاع بقطعة أرض قالا إنهما يملكانها ويضعان اليد عليها، وأن هذا التعرض أدى إلى صدور قرار من جهة الإدارة بوقف إجراءات الترخيص بإقامة بناء على تلك الأرض - فإن الفصل في هذا النزاع لا ينطوي على مساس بأمر إداري يمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تأويله أو وقف تنفيذه لأن البحث فيه يتعلق بالتحقق مما إذا كان هناك تعد من المطعون ضدهم على حيازة الطاعنين بادعاء حق يتعارض مع حق هذين الأخيرين في وضع اليد، ومن ثم فإن النزاع في حقيقته يخرج عن نطاق الأمر الإداري سالف البيان لأن التعرض المدعى به لا يستند إلى هذا الأمر وإنما هو الذي أدى إلى صدوه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص محاكم القضاء الإداري بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص متعلق بالولاية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى.... لسنة.... مدني أسيوط الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بمنع تعرضهم لهما في الانتفاع بالعقار المبين بالأوراق. وقالا بياناً لذلك إنهما يمتلكان هذا العقار بعقود مسجلة وأن اتفاقاً أبرم بينهما والمطعون ضدهم الستة الأول سنة 1967 انتهت به حالة الشيوع التي كانت قائمة بينهم، وخلصت لهما الملكية والحيازة بالحكم الصادر في الدعوى رقم..... لسنة.... مدني بندر ثاني أسيوط، وإذ شرعا في إقامة بناء على الأرض الفضاء من هذا العقار نازعهم المطعون ضدهم المذكورون بادعائهم ملكية هذه الأرض، وقيامهم بالتبرع بها لبناء مسجد عليها مما حدا بالمطعون ضدهم الخمسة الأخيرين إلى إصدار قرار بوقف ترخيص البناء، فأقاما الدعوى ليحكم لهما بطلبهما السالف. ومحكمة أول درجة حكمت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري. استأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف.... لسنة.... أسيوط. وبتاريخ 10/ 3/ 1992 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم كيف الدعوى بأنها طعن في قرار إداري بوقف ترخيص البناء - في حين أنها دعوى بمنع التعرض الصادر من المطعون ضدهم، وأنهما - الطاعنان - أقاما دعوى أمام القضاء الإداري طعناً على هذا القرار الأخير مما يدل على أن طلبهما في النزاع المطروح منبت الصلة بالقرار ذاته - الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 17/ 1 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار الجمهوري بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن "ليس للمحاكم أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه" - مقصود به منع المحاكم من تفسير الأوامر الإدارية التي تصدر في حدود القانون تحقيقاً لمصلحة عامة إذا قام خلاف حول الشك في مفهومها. وذلك صيانة لهذه الأوامر من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنين أقاماها بطلب الحكم بمنع تعرض المطعون ضدهم لهما في الانتفاع بقطعة أرض قالا إنهما يملكانها ويضعان اليد عليها، وأن هذا التعرض أدى إلى صدور قرار من جهة الإدارة بوقف إجراءات الترخيص بإقامة بناء على تلك الأرض - فإن الفصل في هذا النزاع لا ينطوي على مساس بأمر إداري يمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تأويله أو وقف تنفيذه لأن البحث فيه يتعلق بالتحقق مما إذا كان هناك تعد من المطعون ضدهم على حيازة الطاعنين بادعاء حق يتعارض مع حق هذين الأخيرين في وضع اليد، ومن ثم فإن النزاع في حقيقته يخرج عن نطاق الأمر الإداري سالف البيان لأن التعرض المدعى به لا يستند إلى هذا الأمر وإنما هو الذي أدى إلى صدوره. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص محاكم القضاء الإداري بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص متعلق بالولاية مما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم.... لسنة.... أسيوط بإلغاء الحكم المستأنف وباختصاص محاكم القضاء العادي بنظر الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق