الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 يونيو 2013

الطعن 20451 لسنة 63 ق جلسة 6/ 2/ 2002 مكتب فني 53 ق 45 ص 243

جلسة 6 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوي، عبد الرؤوف عبد الظاهر نائبي رئيس المحكمة، سمير سامى، محمد جمال الشربيني.

---------------

(45)
الطعن رقم 20451 لسنة 63 القضائية

(1) حريق عمد. قصد جنائي. حكم.. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يتحقق القصد الجنائي في الجريمة المؤثمة بالمادة 252/ 1 عقوبات؟
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف. لا قصور.
(2) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) إثبات "معاينه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طلب إجراء المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة. دفاع موضوعي. لا تلتزم المحكمة بإجابته. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(4) إثبات "بوجه عام" محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغا.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده
خصومة الشاهد مع المتهم. لا تمنع المحكمة من الأخذ بشهادته. متى اطمأنت إلى أقواله.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير الأدلة في الدعوى بالنسبة إلى كل متهم. حق لمحكمة الموضوع لها أن تأخذ بما تطمئن إليه في حق متهم وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق آخر.
صدق الشاهد في شطر من أقواله دون شطر آخر منها يصح عقلا.
(7) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها"
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي توردها المحكمة.
(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التنازل عن سماع الشهود والاكتفاء بتلاوة أقوالهم. لا إخلال بحق الدفاع.
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنًا.
(9) نقض "الصفة والمصلحة في الطعن".
قبول وجه الطعن. رهن بأن يكون متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه.
مثال.
(10) إثبات "بوجه عام".
تحصيل الحكم أقوال الشهود بما له في الأوراق صداه. النعي عليه بالخطأ في الإسناد. غير مقبول.
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
العبرة في المحاكمات الجنائية. هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. ما دام لها مأخذها الصحيح بالأوراق.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(12) حريق عمد. إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة من سائر الأدلة مجتمعة إلى قيام جريمة وضع النار عمدًا في مكان مسكون في حق الطاعنين.
النعي على الحكم ما أورده من تقرير المعمل الكيميائي وما رتبه عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(13) إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التقارير الفنية لا تدل بذاتها على ثبوت الجريمة. صلاحيتها كدليل مؤيد لأقوال الشهود. استناد الحكم إليها. لا يعيبه.

-------------
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252/ 1 من قانون العقوبات التي دين بها الطاعنان يتحقق بمجرد تعمد وضع الجاني النار عمدًا في المكان المسكون أو المعد للسكن أو في أحد ملحقاته المتصلة به، فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه - كما هو الحال في هذه الدعوى - وجب تطبيق تلك المادة ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث وتقرير المعمل الجنائي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها كان ذلك محققا لحكم القانون ويكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم من القصور في غير محله.
3 - من المقرر أن طلب إجراء معاينة لتحديد المسافة بين المسجد ومنزل المجني عليه وعرض الشاهد... على أهل الخبرة للتحقيق من إمكانية الرؤيا على هذه المسافة في ظل ظروف الحادث لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل يقْصدُ به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعًا موضوعيًا لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها ردًا صريحًا بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفادًا من قضائها بالإدانة، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون بشأن عدم استجابة المحكمة لهذا الطلب.
4 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق.
5 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات إلى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة وفى تعويل المحكمة على أقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضًا يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقًا في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون ولا محل له.
7 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيدية من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم. ما دام الرْد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها.
8 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يطلب سماع شاهد الإثبات الرائد..... ولم يتمسك المدافع عنه ذلك في مرافعته بل تنازل عن سماعه وباقي الشهود صراحة واكتفى هو والنيابة العامة بتلاوة أقوالهم وتليت، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد ذلك أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو الحاضر عنه ذلك صراحة أو ضمنًا ولها الاعتماد في حكمها على أقوال هؤلاء الشهود في التحقيقات ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
9 - الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكانت له مصلحة فيه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن عدم إعلان المتهم..... بجلسة المحاكمة لا يكون مقبولاً.
10 - لما كان ما حصله الحكم من أقوال الشهود......، و......، و...... له في الأوراق صداه بشأن ما نسبوه للطاعن الثالث ولم يحد في تحصيلها عن نص ما أنبأ به أو فحواه فإن منعى الطاعن المذكور على الحكم بالخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
11 - من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح في الأوراق، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
12 - تساند الحكم إلى الأدلة التي سلفت الإشارة إليها التي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها في شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه عليها من استدلال على صحة ما نسب إلى الطاعنين من وضع النار عمدًا في مكان مسكون فإن ما يثيره الطاعن الثالث بشأن تعويل الحكم المطعون فيه في الإدانة على ما أورده من تقرير المعمل الكيماوي وما رتبه عليه لا يكون سديدًا.
13 - التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم وضعوا وأحدثوا وآخرون أحداث النار عمدًا في مكان مسكون مملوك لـ....... بأن ألقوا فيه باسطوانتي غاز وزجاجات كيروسين ولفافات مشتعلة فامتدت إليها النيران وشب الحريق المبين آثاره على النحو المبين بالأوراق وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للأول والثاني عملاً بالمادة 252/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. وذات المحكمة قضت حضوريًا للثالث بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة وضع النار عمدًا في مكان مسكون قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك بأن الحكم لم يدلل على توافر أركان الجريمة وثبوتها في حق الطاعنين، وأن المدافع عن الطاعنين طلب إجراء معاينة لتحديد المسافة بين المسجد ومنزل المجنى عليه وعرض الشاهد....... على أهل الخبرة للتحقيق من إمكانيته الرؤيا على هذه المسافة في ظل ظروف الحادث إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب ولم ترد عليه، هذا إلى عدم معقولية تصوير الواقعة طبقا لأقوال الشهود والمعاينة التي عول عليها الحكم، ولا يجوز الاعتداد بأقوال هؤلاء الشهود لوجود خلافات سابقة بينهم وبين الطاعن ولتناقض أقوالهم مع ماديات الدعوى ولعدم اعتداد المحكمة بهذه الأقوال لعدم اطمئنان المحكمة إليها عند قضائها ببراءة باقي المتهمين، ولم ترد المحكمة على دفاعهم في هذا الشأن وعلى الدفع بكيدية الاتهام، وإن المدافع عن الطاعن الأول طلب سماع شهود الواقعة ولكن المحكمة اكتفت بمناقشة الشاهد ...... ولم تستجب لطلب مناقشة الشاهد..... رئيس وحدة المباحث, وقضت المحكمة في الدعوى رغم عدم إعلان المتهم ..... الذي قضت ببراءته، ونسبت المحكمة إلى الشهود....، ......، ...... أنهم شاهدوا الطاعن الثالث يضع النار في مسكن المجني عليه في حين أن أقوالهم في التحقيقات خلت من ذلك، وعول الحكم في الإدانة على تقرير المعمل الكيماوي رغم أنه لا يتأدى منه ما رتبه الحكم عليه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "وحيث إن الواقعة على نحو ما استخلصتها المحكمة واستقرت في عقيدتها استنادًا إلى ما اطمأنت إليها وجدانها من خلال بعض ما حوته أدلة الإثبات السابق ذكرها تخلص في أنه بسبب خلاف على قطعة أرض نشب بين المجني عليه.... من ناحية وبين المتهمين توجه على أثره كل من.....، .....، ......، .......، وآخرون وألقوا على سطح مسكن المجنى عليه بأنابيب غاز في حالة تشغيل وكذا أقمشة مشتعلة فأمسكت به النيران وذلك على التفصيل الوارد بمعاينة النيابة وما أورى به تقرير المعمل الجنائي السابق ذكرها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252/ 1 من قانون العقوبات التي دين بها الطاعنان يتحقق بمجرد تعمد وضع الجاني النار عمدًا في المكان المسكون أو المعد للسكن أو في أحد ملحقاته المتصلة به، فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه - كما هو الحال في هذه الدعوى - وجب تطبيق تلك المادة ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث وتقرير المعمل الجنائي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية التي دان الطاعنين بها كان ذلك محققًا لحكم القانون ويكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ذلك وكان طلب الطاعنين إجراء معاينة لتحديد المسافة بين المسجد ومنزل المجني عليه وعرض الشاهد..... على أهل الخبرة للتحقيق من إمكانية الرؤيا على هذه المسافة في ظل ظروف الحادث لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل يقْصَدُ به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعًا موضوعيًا لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها ردًا صريحًا بل يكفى أن يكون الرد عليه مستفادًا من قضائها بالإدانة، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون بشأن عدم استجابة المحكمة لهذا الطلب. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة وفي تعويل المحكمة على أقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضًا يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقًا في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون ولا محل له. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم. ما دام الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يطلب سماع شاهد الإثبات الرائد..... - ولم يتمسك المدافع عنه بذلك في مرافعته بل تنازل عن سماعه وباقي الشهود صراحة واكتفى هو والنيابة العامة بتلاوة أقوالهم وتليت، فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد ذلك أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو الحاضر عنه ذلك صراحة أو ضمنًا ولها الاعتماد في حكمها على أقوال هؤلاء الشهود في التحقيقات ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة. لما كان ذلك وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكانت له مصلحة فيه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن عدم إعلان المتهم..... بجلسة المحاكمة لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان ما حصله الحكم من أقوال الشهود.....، و....، و..... له في الأوراق صداه بشأن ما نسبوه للطاعن الثالث ولم يحد في تحصيلها عن نص ما أنبأ به أو فحواه فإن منعى الطاعن المذكور على الحكم بالخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح في الأوراق، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، لما كان ما تقدم وكان جميع ما تساند إليه الحكم من الأدلة التي سلفت الإشارة إليها التي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها في شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه عليها من استدلال على صحة ما نسب إلى الطاعنين من وضع النار عمدا في مكان مسكون فإن ما يثيره الطاعن الثالث بشأن تعويل الحكم المطعون فيه في الإدانة على ما أورده من تقرير المعمل الكيماوي وما رتبه عليه لا يكون سديدًا هذا إلى أن التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها. ولما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق