جلسة الأول من إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، فتحي الصباغ، سمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.
------------------
(88)
الطعن رقم 13427 لسنة 61 القضائية
(1) دعوى جنائية "قيود تحريكها". إضرار بإهمال. قانون "تفسيره".
وجوب أخذ رأى الوزير المختص قبل إقامة الدعوى الجنائية في الجريمتين المنصوص عليها بالمادتين 116 مكرراً "أ" و116 مكرراً "ب" عقوبات. أساس ذلك؟
(2) قانون "تفسيره".
لا اجتهاد مع صراحة النص.
اعتبار عبارة القانون تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع متى كانت واضحة لا لبس فيها. الانحراف عنها بالتفسير. غير جائز.
(3) دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها قبل أخذ رأي الوزير المختص في الجريمتين المنصوص عليهما بالمادة 73 من القانون 97 لسنة 1980. جوهري. إغفال الحكم بالرد عليه، خطأ في القانون، يوجب نقضه والقضاء بعدم قبول الدعوى. أساس ذلك؟
2 - من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.
3 - لما كانت المادة "73" من القانون 97 لسنة 1983 بصريح لفظها وواضح معناها دلت على أن القيد الإجرائي الوارد بها - أي أخذ رأي الوزير المختص - وهو عائق إجرائي يختص بإزالته أخذ رأى الوزير وإن كان لا اختصاص له بتحريك أو رفع الدعوى الجنائية إلا أن يجب اتباعه من قبل النيابة العامة قبل إقامة الدعوى الجنائية، والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التي تغياها الشارع من وضع هذا القيد، وذلك أخذاً بمبدأ المواءمة بين ما يسند إلى المتهم وبين إقامة الدعوى الجنائية قبله إذ أن هناك بعض الجرائم ذات طبيعة خاصة لاتصالها بمصالح الدولة الجوهرية والتي تتطلب الموازنة بين اعتبارات تحريك ورفع الدعوى من عدمه وتكون جهات أخرى - غير النيابة العامة - أقدر على إجراء تلك الموازنة ومن ثم فقد ترك لها تقدير ذلك معلقاً تحريك الدعوى ورفعها على الرأي أو الأذن أو الطلب وقد حدد المشرع تلك الجرائم والجهة المنوط بها رفع القيد وتقديرها لملابسات تحريك الدعوى ورفعها من عدمه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصائب وأغفل الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها دون أخذ رأى الوزير المختص - مع جوهرتيه - وقضى في الدعوى دون مراعاة هذا القيد الإجرائي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني باعتبار أن باب المحكمة موصد دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وبصحة اتصال المحكمة بالواقعة وذلك إلى أن تتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً "رئيس مجلس إدارة شركة...." تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها وكان ذلك ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته وإخلال بواجباتها وإساءته استعمال السلطة بأن أصدر تعليماته الإدارية لمرؤوسيه باستلام صناديق ومعدات مصنع الطوب الطفلي استلاماً عددياً بغير جرد فعلى وعدم فتح تلك الصناديق مما نتج عنه عدم إمكان تحديد المسئولية عن حصول العجز بين ما بداخلها وبين فواتير الشحن الخاص بها عند إجراء الجرد الفعلي على النحو المبين بالتحقيقات وطلبت عقابه بالمواد 116 مكررا أ/ 1، 119/ ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات ومحكمة جنح....... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسمائة جنيه. استأنف ومحكمة...... الابتدائية "مأمورية....." قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي في هذا الحكم بطرق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال الشركة التي يعمل بها، قد شابه بطلان وخطأ في تطبيق القانون لابتنائه على إجراءات باطلة أثرت فيه، ذلك بأنه أطرح دفعه بعدم قبول الدعوى الجنائية قبله لرفعها بغير الطريق القانوني لعدم أخذ رأى الوزير المختص عملاً بنص المادة 73 من القانون 97 لسنة 1983 بشأن هيئات القطاع العام وشركاته وقد أغفل الحكم الرد على الدفع - إيراداً ورداً - مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الإطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أثبت بمدوناته أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعن بوصف أنه وهو موظف عمومي - رئيس مجلس إدارة شركة... - تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها، وكان ذلك ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته وإخلاله بواجباتها وأساءته استعمال السلطة بأن أصدر تعليماته الإدارية لمرؤوسيه باستلام صناديق ومعدات مصنع الطوب الطفلي استلاماً عددياً بغير جرد فعلى وعدم فتح تلك الصناديق مما نتج عنه عدم إمكان تحديد المسئولية عن حصول العجز بين ما بداخلها وبين قوائم الشحن الخاصة بها عند إجراء الجرد الفعلي على النحو الوارد بالتحقيقات وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل البالع قيمته...... جنيه وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 116 مكرراً فقرة أولى، 119/ ب و119 مكرراً من قانون العقوبات. أمر النائب العام المساعد بإحالة الدعوى الجنائية لمحكمة الجنح المختصة إعمالاً لما أوجبته المادة 8 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية - دون أخذ رأى الوزير المختص إعمالاً لنص المادة 73 من القانون 97 لسنة 1983 بشأن هيئات القطاع لعام وشركاته - قضى بتغريم المتهم 500 جنيه ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني وقبولها. استأنف المتهم فقضى بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
ومن حيث إنه لما كانت الدعوى الجنائية المقامة من النيابة العامة قبل الطاعن والتي طلبت فيها عقابه وفقاً لنص المادة 116 مكرراً "أ" من قانون العقوبات وهي الجريمة التي تخضع للقيود الإجرائية التي أوردها المشرع في المادة 73 من القانون 97 لسنة 1983 والتي جرى نصها على "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية في الجرائم المشار إليها في المادتين 116 مكرراً "أ" و116 مكرراً "ب" من قانون العقوبات على أعضاء مجالس إدارة الهيئات المختصة والشركات التي تشرف عليها إلا بناء على إذن من النائب العام بعد أخذ رأى الوزير المختص، وكان مؤدى النص سالف الذكر أن المشرع حدد في صراحة ووضوح لا لبس فيه بضرورة أخذ رأي الوزير المختص قبل إقامة الدعوى الجنائية في الجريمتين المشار إليهما بالنص المذكور، وقد جاء نص المادة 73 من القانون أنف الذكر صريحاً ومطلقاً وقاطعاً في الدلالة على هذا القيد الإجرائي الذي يجب مراعاته، والقول بغير ذلك يفرغ القيد التشريعي من مضمونه ويجعله عبئاً يتعين تنزيه الشارع عنه، ويؤيد هذا النظر أن المذكرة الإيضاحية للقانون 63 لسنة 1975 بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية "الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات" والذي ألغي أيضاً المادة "84" من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادرة بالقانون 60 لسنة 1971 - تضمنت "إنه لما كانت المادة "84" من القانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات وشركات القطاع العام تتطلب أخذ رأي الوزير المختص قبل إقامة الدعوى العمومية ضد العاملين في تلك المؤسسات والشركات في حالة ارتكابهم بعض جرائم الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وكان في ذلك القيد الوارد على حرية النيابة العمومية ما يعطل المحاكمة ويهدر ما يتطلبه الجرد العام من ضرورة الإسراع فيها فضلاً عن كونه قيداً لا يراعى حين يكون الجاني عاملاً بالدولة أو بجهة تابعة لها فقد نصت المادة السادسة من المشروع كذلك على إلغاء نص المادة "84" من القانون رقم 60 لسنة 1971 السالف ذكره، حتى تسترد النيابة العامة حريتها في إقامة الدعوى الجنائية يستلزم اتباعه الأمر الذي يتعين معه القول إن ذلك الإجراء وجوبي وهو ما حدا بالمشرع وفقاً للقانون سالف الذكر إلى إلغاء المادة "84" للأسباب الواردة بالمذكرة الإيضاحية على النحو المار سرده، إلا أنه ووفقاً للقانون 97 لسنة 1983 بشأن هيئات القطاع العام وشركاته والذي وقعت الجريمة في ظل سريان أحكامه - فقد أعاد المشرع هذا القيد الإجرائي بنصه عليه في المادة "73" منه على النحو سالف البيان. لما كان ذلك، ومتى كان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.
وقد دللت المادة "73" من القانون 97 لسنة 1983 بصريح لفظها وواضح معناها على أن القيد الإجرائي الوارد بها - أي أخذ رأي الوزير المختص - وهو عائق إجرائي يختص بإزالته أخذ رأى الوزير وإن كان لا اختصاص له بتحريك أو رفع الدعوى الجنائية إلا أنه يجب اتباعه من قبل النيابة العامة قبل إقامة الدعوى الجنائية، والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التي تغياها الشارع من وضع هذا القيد، وذلك أخذاً بمبدأ المواءمة بين ما يسند إلى المتهم وبين إقامة الدعوى الجنائية قبله إذ أن هناك بعض الجرائم ذات طبيعة خاصة لاتصالها بمصالح الدولة الجوهرية والتي تتطلب الموازنة بين اعتبارات تحريك ورفع الدعوى من عدمه وتكون جهات أخرى غير النيابة العامة أقدر على إجراء تلك الموازنة ومن ثم فقد ترك لها تقدير ذلك معلقاً تحريك الدعوى ورفعها على الرأي أو الإذن أو الطلب وقد حدد المشرع تلك الجرائم والجهة المنوط بها رفع القيد وتقديرها لملابسات تحريك الدعوى ورفعها من عدمه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصائب وأغفل الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها دون أخذ رأى الوزير المختص مع جوهريته وقضى في الدعوى دون مراعاة هذا القيد الإجرائي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني باعتبار أن باب المحكمة موصد دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وبصحة اتصال المحكمة بالواقعة وذلك إلى أن تتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق