الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2024

الطعن 15803 لسنة 91 ق جلسة 10 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 65 ص 600

جلسة 10 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمدي ياسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد ، مهاد خليفة ، عصام عباس ومجدي شبانة نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(65)
الطعن رقم 15803 لسنة 91 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
عدم تقديم أسباب الطعن بالنقض أو تقديمها بعد الميعاد . أثره : عدم قبوله شكلاً .
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه بيانه لواقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) استيقاف . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير قيام المبرر للاستيقاف . موضوعي . ما دام سائغاً .
التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها .
وجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كفايته لقيام حالة التلبس . تقدير توافرها أو عدم توافرها . موضوعي . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) آثار . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص . لم يشترط القانون لقيامها والعقاب عليها وقوعها في أماكن معينة . الدفع بعدم صدور قرار من الجهة المختصة باعتبار مكان الحفر أرضاً أثرية . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(5) اشتراك . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين على الحكم عدم استظهار عناصر الاشتراك . غير مقبول . متى أورد الأدلة على اشتراكهما مع باقي المحكوم عليهم في ارتكاب الجريمة .
مثال .
(6) قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . آثار . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة الاشتراك بطريق المساعدة في أعمال حفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص . تحققه بعلم الجاني بأنه يساعد في حفر أثري دون ترخيص بنية العثور على آثار . العلم فيها مسألة نفسية . تقدير توافره . موضوعي . تحدث الحكم استقلالاً عن ذلك القصد . غير لازم . حد ذلك ؟
(7) نقض " الصفة في الطعن " " المصلحة في الطعن " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه .
مثال .
(8) مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . استدلالات . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
النعي بإجراء مأمور الضبط القضائي وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني . غير مقبول . متى بدأ تحقيق الدعوى حال وقوعها فيها . أثر ذلك ؟
للحكم التعويل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة . متى انتهى إلى صحة ما قام به من إجراءات القبض والتفتيش .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(10) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في اطمئنان المحكمة لحدوث الواقعة على الصورة المبينة بأقوال الشاهد . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . ما دامت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها أيدت ذلك عندها وأكدته لديها .
أخذ الحكم بدليل احتمالي . لا يعيبه . متى أسس الإدانة على اليقين . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(13) نيابة عامة . اختصاص " الاختصاص المكاني " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بدء وكيل النيابة إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني واستيجاب التحقيق متابعة الإجراءات وامتدادها خارجها . أثره : صحة هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة إليها . لها الأخذ بها ولو لم يحلف مقدمها يميناً قبل مباشرة المأمورية . علة ذلك ؟
الدفع باختلاف رقم العقار بمحضر الضبط عن الوارد بتقرير اللجنة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(14) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيقات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
نعي الطاعن عدم عرضه على النيابة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . غير مجد . متى لم يدع أنه أسفر عن دليل منتج في الدعوى .
(15) دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن ببطلان استجوابه لعدم حضور محام معه لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(16) اختصاص " الاختصاص المكاني " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بخطأ الحكم في بيان مكان الواقعة . دفع بعدم الاختصاص المكاني . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة ولو تعلق بالنظام العام . حد وعلة ذلك ؟
(17) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
الدفع بعدم جدية التحريات ونفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(18) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم سماع المحكمة لشاهد الإثبات . لا إخلال بحق الدفاع . متى اكتفى الدفاع عن الطاعنين بتلاوة أقوالهم بالتحقيقات . علة ذلك ؟
(19) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . أمر الإحالة .
النعي بعدم انطباق القيد والوصف على الواقعة . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة لها وجدل موضوعي في سلطتها في استخلاصها .
أمر الإحالة . عمل من أعمال التحقيق . عدم خضوعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن الأول .... لم يقدم أسباباً لطعنه ، وقدم الطاعن الرابع .... أسباب طعنه بعد الميعاد ، فيتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم منهما شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمونها في بيان كاف جلي ، وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ، ولا يماري الطاعنون في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد .
3- من المقرر أن الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكولاً إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم تبريراً للاستيقاف وتدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على الدفع بعدم توافرها يتفق مع صحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كانت المادة 42 /3 بند 2 من القانون رقم 91 لسنة 2018 تنص على أنه : (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من : .... (2) أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل ) ، وكان يبين من نص المادة المذكورة أن الشارع لم يشترط لقيام الجريمة والعقاب عليها أن يجري الحفر في أماكن معينة بذاتها ، لكنها أطلقت الأمر على أي منطقة ما دام القصد من الحفر هو التنقيب عن الآثار ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من أن الواقعة بمنأى عن التأثيم لعدم خضوع موقع الحفر لقانون حماية الآثار وأنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة باعتباره أرضاً أثرية يكون غير صحيح .
5- لما كان الحكم المطعون فيه في سرده لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعنين الخامس والسادس مع باقي المحكوم عليهم في ارتكاب الجريمة بالتوسط في بيع العقار موقع الحفر للمحكوم عليه الآخر لاستكمال أعمال الحفر بعد ظهور الشواهد الأثرية ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا المجال لا يكون قويماً .
6- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك بطريق المساعدة في القيام بأعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بغير ترخيص هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يساعد آخرين في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص بنية العثور على آثار وتملكها ، وكان ركن العلم مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في الجريمة التي دان الطاعنين الخامس والسادس بها ، بل يكفي أن يكون مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين سالفي الذكر وتتوافر به جريمة الاشتراك بالمساعدة في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص من الجهة المختصة بكافة أركانها - كما هي معرفة به في القانون - فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يكون سديداً .
7- من المقرر أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه ، فإنه لا يُقبل من الطاعن الخامس ما يثيره من بطلان تفتيش الضابط لهاتف المحكوم عليه العاشر .
8- من المقرر أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني – بفرض حصوله – إنما كان بصدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه ، فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ، ويجعل له الحق عند الضرورة في مباشرة كل ما يخول له القانون من إجراءات ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش التي اتخذها ضابط الواقعة ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على شهادته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون قويماً .
9- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ، ولا يُعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال شاهد الإثبات الضابط .... كما هي قائمة في الأوراق ، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من اشتراك المتهمين من الحادي عشر وحتى الخامس عشر بطريق المساعدة مع باقي المتهمين عن طريق التوسط في بيع العقار محل الحفر إلى المتهم السادس عشر ، بما ينفي قيام التناقض ويدحض منعى الطاعن السادس في هذا الخصوص .
10- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في استخلاص صورة الواقعة والأدلة عليها قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – وكفايتها كدليل في الدعوى ، واستخلصت منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ، وكان هذا الاستخلاص سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن السادس من عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة وانفراده بالشهادة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى ، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وكان أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن الخامس في هذا المنحى لا يكون مقبولاً .
12- لما كان النعي ببطلان معاينة النيابة للعقار محل الحفر مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة .
13- من المقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ، ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وكان من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة إلى المحكمة وعنصراً من عناصرها وتملك تقديرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث ، هذا إلى أنه لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الخامس لم يثر شيئاً عن اختلاف رقم العقار بمحضر الضبط عن ذلك الذي أورده تقرير لجنة الآثار ، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون مقبولاً .
14- لما كان ما أثاره الطاعن الخامس نعياً بقصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ولا تأثير له على سلامة الحكم ، هذا إلى أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن الخامس من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه – بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج في الدعوى .
15- لما كان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان استجوابه ، فإن هذا الوجه من النعي لا يكون مقبولاً ، لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
16- لما كان النعي بخطأ الحكم في بيان مكان الواقعة والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني ، فهو مردود بأنه لما كان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها .
17- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى – وهو الحال في الدعوى الماثلة – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا إلى أن ما تمسك به الطاعنون الثاني والثالث والخامس من دفع بعدم جدية التحريات لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً ، وأن ما اعتصم به الطاعنان الثالث والخامس من انتفاء صلتهما بالواقعة وعدم توافر أركان الجريمة التي أسندت إليهما لا يعدو أن يكون دفعاً بنفي التهمة وهو – أيضاً - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون له محل .
18- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين اكتفى بأقوال الشهود بتحقيقات النيابة وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت ، مما يعد تنازلاً منهم عن سماعهم ، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية .
19- لما كان ما يثيره الطاعنون الثالث والخامس والسادس بشأن عدم انطباق القيد والوصف على واقعة الدعوى لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطتها في استخلاصها مما تستقل به بغير معقب ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق ، فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامـة كلاً من : 1- .... ( طاعن ) 2- .... 3- .... 4- .... 5- .... 6- .... 7- .... ( طاعن ) 8- .... ( طاعن ) 9- .... 10- .... 11- .... ( طاعن ) 12- .... 13- .... ( طاعن ) 14- .... 15- .... ( طاعن ) 16- .... بأنهم :
المتهمون من الأول إلى التاسع : 1- أجروا أعمال الحفر بقصد الحصول على آثار بمنطقة أثرية دون ترخيص من الجهات المختصة على النحو المبين بالأوراق .
2- تعدوا على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بإجرائهم أعمال الحفر محل الاتهام المارّ بيانه عليها.
المتهم العاشر : ۱- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة والمتهمون من الأول إلى التاسع في ارتكاب جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بدون ترخيص من الجهات المختصة بأن وفر الأموال والأفراد اللازمين لإعمال الحفر وتوسط لبيع العين محل الجريمة وباقي المتهمين من الحادي عشر حتى الخامس عشر عقب العثور على دلائل أثرية بها للمتهم السادس عشر .
2- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع باقي المتهمين من الأول إلى التاسع في ارتكاب جريمة الاعتداء على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بأن وفر الأموال والأفراد اللازمين لأعمال الحفر وتوسط لبيع العين محل الجريمة وباقي المتهمين من الحادي عشر حتى الخامس عشر عقب العثور على دلائل أثرية به للمتهم السادس عشر .
المتهمون من الحادي عشر إلى الخامس عشر : ١- اشتركوا وباقي المتهمين بطريق المساعدة في جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بأن توسطوا ببيع العين محل الواقعة عقب العثور على دلائل أثرية بها للمتهم السادس عشر .
2- اشتركوا بطريق المساعدة مع باق المتهمين في جريمة الاعتداء على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بأن توسطوا لبيع العين محل الواقعة عقب العثور على دلائل أثرية بها إلى المتهم السادس عشر .
المتهم السادس عشر : 1- شرع في ارتكاب جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بأن اتفق على شراء العين خاصة المتهم الأول عقب العثور على دلائل وشواهد أثرية بها لاستكمال أعمال الحفر وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته به وهو ضبطه وباقي المتهمين والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات .
2- شرع في ارتكاب جريمة الاعتداء على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بأن اتفق على شراء العين خاصة المتهم الأول عقب العثور على دلائل وشواهد أثرية بها لاستكمال أعمال الحفر وأوقف أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته به وهو ضبطه وباقي المتهمين والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، 42 /3 بند 2 ، ٤٣ /2 من القانون ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ المعدل بالقوانين أرقام ۳ لسنة ۲۰۱۰ ، ٦١ لسنة ۲۰۱۰ ، ۹۱ لسنة ۲۰۱۸ ، والمواد ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٣ ، ٤٥ ، ٤٦ من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، ۳۲ من القانون الأخير ، بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لكل منهم وغرامة خمسمائة ألف جنيه عما أسند إليهم وأمرت بمصادرة المضبوطات وألزمتهم المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول .... لم يقدم أسباباً لطعنه ، وقدم الطاعن الرابع .... أسباب طعنه بعد الميعاد ، فيتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم منهما شكلاً .
وحيت إن الطعن المقدم من باقي الطاعنين قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعنين ينعون - بمذكرات أسباب طعنهم - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الثاني والثالث بجريمتي إجراء أعمال الحفر الأثري بدون ترخيص والتعدي على أرض أثرية ، ودان الخامس والسادس بالاشتراك في ذلك ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها ، ولم يورد مؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه بما يكفي منتهياً إلى الإدانة رغم خلو الأوراق من دليل يؤدي إليها ، واطرح الدفعين ببطلان الاستيقاف لانتفاء مبرراته وبطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما لا يسوّغ لاطراحهما ، كما أنه اعتبر موقع الحفر منطقة أثرية رغم عدم صدور قرار بذلك من الجهة المختصة بما يجعل الواقعة بمنأى عن التأثيم ، ويضيف الطاعنان الخامس والسادس أن الحكم لم يستظهر عناصرالاشتراك بالنسبة إليهما ولم يدلل على توافر القصد الجنائي في حقهما ، ويزيد الطاعن الخامس بأنه دفع ببطلان تفتيش الهاتف النقّال الخاص بالمحكوم عليه العاشر ، وببطلان شهادة الضابط القائم بالقبض لحصوله خارج نطاق اختصاصه الوظيفي إلا أن المحكمة لم تعرض لهذين الدفعين ، ويزيد الطاعن السادس أن تحريات الشرطة التي أجراها الضابط / .... توصلت إلى أن المحكوم عليهم من السابع حتى الحادي عشر هم الذين توسطوا في بيع العقار موقع الحفر إلا أن الحكم انتهى إلى إدانته هو رغم أن ترتيبه الخامس عشر من بين المحكوم عليهم مما ينبئ عن تناقض الحكم واضطرابه ، هذا ويضيف الطاعنان الخامس والسادس أن الحكم تساند إلى أقوال ضابط الواقعة رغم عدم معقولية تصويره لها وانفراده بالشهادة ، ويقول الطاعن الخامس أن المحكمة عولت في إدانته على دليل احتمالي إذ اعتمدت على المعاينة التي أجراها حي .... للعقار محل الواقعة رغم أنها لم تحدد مالكه بموجب مستند رسمي ، كما التفتت عن دفعه ببطلان معاينة النيابة العامة لذلك العقار ، وضربت صفحاً عما أبداه من دفع ببطلان أعمال لجنة الآثار لتشكيلها من نيابة غير مختصة ولمباشرة أعضائها المأمورية قبل أداء اليمين القانونية ودون انتدابهم لإجراء المعاينة ، وأن رقم العقار الذي جاء بتقريرهم يختلف عما ذكر بمحضر الضبط ، ويضيف أيضاً أن تحقيقات النيابة العامة جاءت قاصرة لإجرائها بمعرفة أكثر من محقق ، كما أنه لم يتم عرضه على النيابة خلال المدة القانونية ، ولم يحضر معه محامٍ حال استجوابه ، وأن المحكمة أخطأت في بيان مكان الواقعة إذ ذكرت أنه يقع بدائرة قسم شرطة .... في حين أنه بدائرة قسم شرطة .... ، واتخذ الحكم من تحريات الشرطة دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام ، ولم يعن بالرد على دفاع الطاعنين الثاني والثالث والخامس بعدم جديتها ، كما أنه أعرض عن دفاع الطاعنين الثالث والخامس بانتفاء صلتهما بالواقعة وعدم توافر أركان الجريمة في حقهما ، ويزيد الطاعن الثالث أن المحكمة دانته دون أن تستمع إلى شهادة النقيب / .... بالمخالفة للمادة ۲۸۹ من قانون الإجراءات الجنائية ، ويضيف الطاعنون الثالث والخامس والسادس أن المحكمة ضربت صفحاً عن دفاعهم ببطلان أمر الإحالة وعدم انطباق مواد القيد ووصف الاتهام على واقعة الدعوى ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمونها في بيان كاف جلي ، وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ، ولا يماري الطاعنون في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكولاً إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم تبريراً للاستيقاف وتدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على الدفع بعدم توافرها يتفق مع صحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 42/3 بند 2 من القانون رقم 91 لسنة 2018 تنص على أنه : ( يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من : .... (2) أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل ) ، وكان يبين من نص المادة المذكورة أن الشارع لم يشترط لقيام الجريمة والعقاب عليها أن يجري الحفر في أماكن معينة بذاتها ، لكنها أطلقت الأمر على أي منطقة ما دام القصد من الحفر هو التنقيب عن الآثار ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من أن الواقعة بمنأى عن التأثيم لعدم خضوع موقع الحفر لقانون حماية الآثار وأنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة باعتباره أرضاً أثرية يكون غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعنين الخامس والسادس مع باقي المحكوم عليهم في ارتكاب الجريمة بالتوسط في بيع العقار موقع الحفر للمحكوم عليه الآخر لاستكمال أعمال الحفر بعد ظهور الشواهد الأثرية ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا المجال لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك بطريق المساعدة في القيام بأعمال الحفربقصد الحصول على الآثار بغير ترخيص هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يساعد آخرين في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص بنية العثور على آثار وتملكها ، وكان ركن العلم مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في الجريمة التي دان الطاعنين الخامس والسادس بها ، بل يكفي أن يكون مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين سالفي الذكر وتتوافر به جريمة الاشتراك بالمساعدة في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص من الجهة المختصة بكافة أركانها - كما هي معرفة به في القانون - فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه ، فإنه لا يُقبل من الطاعن الخامس ما يثيره من بطلان تفتيش الضابط لهاتف المحكوم عليه العاشر . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني – بفرض حصوله – إنما كان بصدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه ، فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ، ويجعل له الحق عند الضرورة في مباشرة كل ما يخول له القانون من إجراءات ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش التي اتخذها ضابط الواقعة ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على شهادته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ، ولا يُعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال شاهد الإثبات الضابط .... كما هي قائمة في الأوراق ، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من اشتراك المتهمين من الحادي عشر وحتى الخامس عشر بطريق المساعدة مع باقي المتهمين عن طريق التوسط في بيع العقار محل الحفر إلى المتهم السادس عشر ، بما ينفي قيام التناقض ويدحض منعى الطاعن السادس في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في استخلاص صورة الواقعة والأدلة عليها قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – وكفايتها كدليل في الدعوى ، واستخلصت منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ،وكان هذا الاستخلاص سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن السادس من عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة وانفراده بالشهادة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى ، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وكان أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن الخامس في هذا المنحى لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان النعي ببطلان معاينة النيابة للعقار محل الحفر مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ، ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وكان من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة إلى المحكمة وعنصراً من عناصرها وتملك تقديرها ، ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث ، هذا إلى أنه لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الخامس لم يثر شيئاً عن اختلاف رقم العقار بمحضر الضبط عن ذلك الذي أورده تقرير لجنة الآثار ، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره الطاعن الخامس نعياً بقصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ولا تأثير له على سلامة الحكم ، هذا إلى أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن الخامس من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه – بفرض صحته – طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان استجوابه ، فإن هذا الوجه من النعي لا يكون مقبولاً ، لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي بخطأ الحكم في بيان مكان الواقعة والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني ، فهو مردود بأنه لما كان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولو تعلق بالنظام العام ، لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى – وهو الحال في الدعوى الماثلة – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا إلى أن ما تمسك به الطاعنون الثاني والثالث والخامس من دفع بعدم جدية التحريات لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً ، وأن ما اعتصم به الطاعنان الثالث والخامس من انتفاء صلتهما بالواقعة وعدم توافر أركان الجريمة التي أسندت إليهما لا يعدو أن يكون دفعاً بنفي التهمة وهو – أيضاً - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين اكتفى بأقوال الشهود بتحقيقات النيابة وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت ، مما يعد تنازلاً منهم عن سماعهم ، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون الثالث والخامس والسادس بشأن عدم انطباق القيد والوصف على واقعة الدعوى لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطتها في استخلاصها مما تستقل به بغير معقب ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق ، فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد بُني على غير أساس خليقاً برفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10818 لسنة 91 ق جلسة 23 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 70 ص 658

جلسة 23 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / منصور القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد السعدني ، وائل صبحي ، مصطفى محمد سيد ومحمد عبد العليم مهران نواب رئيس المحكمة .
----------------
(70)
الطعن رقم 10818 لسنة 91 القضائية
(1) اختصاص " الاختصاص النوعي " . محكمة النقض " اختصاصها " .
قضاء دائرة طعون نقض الجنح بمحكمة استئناف القاهرة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة النقض للفصل فيها في جنحتي تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والقذف . صحيح . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(2) حكم " وصفه " . محكمة ثاني درجة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
وجوب حضور المتهم بنفسه جلسات المحاكمة في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به . أساس ذلك ؟
استئناف الحكم الصادر بالغرامة من المتهمة وحدها . أثره : جواز حضور محام عنها أمام المحكمة الاستئنافية واعتبار الحكم الصادر منها حضورياً . وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري توكيل . الطعن فيه بطريق النقض . جائز . علة ذلك ؟
(3) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة استئنافية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما وإيراده على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
للمحكمة الاستئنافية الإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف إذا ما رأت تأييده . علة ذلك ؟
صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه . يكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها .
مثال .
(4) إزعاج . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الإزعاج وفقاً للمادة 76 من القانون ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ . اتساعه لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها .
ركن العلانية . ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات . تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي فيها . غير لازم . حد ذلك ؟
إثبات الحكم توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة في حق الطاعنة . كفايته للرد على نعيها في هذا الشأن .
مثال .
(5) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
لا مصلحة للطاعنة في النعي على الحكم بشأن جريمة القذف العلني . متى دانها بجريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بوصفها الأشد .
(6) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعنة على الحكم بشأن جريمة لم يدنها بها . غير مقبول .
مثال .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(10) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع بتلفيق التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . متابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة . غير لازم .
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي لو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع أو المستندات . مفاده : اطراحها .
(11) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بالاتهام المسند للطاعنة وإدانتها بأدلة سائغة . المجادلة في ذلك . منازعة موضوعية فيما تستقل به بغير معقب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت محكمة استئناف .... الاقتصادية قد قضت بإدانة المحكوم عليها بجنحتي إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والقذف العلني واعتبرتهما جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد ، وعاقبت المحكوم عليها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي الجنحة الاقتصادية - إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات - ، فقررت المحكوم عليها بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ، ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - قضت بجلسة .... بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن ، تأسيساً على أن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 قد اختص محكمة النقض دون غيرها بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية والمنصوص عليها في المادة 11 من ذلك القانون ، وهو قضاء يتفق وصحيح القانون ، إذ نصت المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019 على أنه : ( فيما عدا الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح والأحكام الصادرة ابتداءً من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الاقتصادية بطريق النقض .... ) ، كما نصت الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون ذاته على أنه : ( تشكل بمحكمة النقض دائرة أو أكثر تختص دون غيرها بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من هذا القانون ) ، ومن ثم فقد دل القانون المذكور بصريح العبارة على اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية في مواد الجنايات وكذا الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية اختصاصاً استئثارياً انفرادياً لا تشاركها فيه أية محكمة أخرى ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 7 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمعدل بالقانونين رقمي 165 لسنة 2019 ، 151 لسنة 2022 والذي بموجبه انعقد الاختصاص بنظر الطعون بالنقض في أحكام محكمة الجنح المستأنفة لمحكمة استئناف القاهرة ، وذلك لمدد حددت به وبالقانونين المعدلين له ، ذلك أنه سبق وأن صدر قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 ، وجاء نص الفقرة الأولى من المادة 12 منه - والسالف بيانه - قاطع الدلالة في اختصاص محكمة النقض - دون غيرها - بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من القانون ذاته ، ومنها الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية ، الأمر الذي يكشف بجلاء عن رغبة المشرع في أن يظل نظر الطعون بالنقض في الأحكام المذكورة من اختصاص محكمة النقض دون أية محكمة أخرى ، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الطعن الماثل ينعقد لهذه المحكمة .
2- من المقرر أن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به الحضور بنفسه أمام المحكمة ، وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي - الذي استأنفته المتهمة وحدها - أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهمة ، فإنه يجوز للمتهمة في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنها ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة تخلفت عن الحضور فيها وحضر عنها محام بتوكيل وأبدى دفاعه وطلباته ، وصدر الحكم الاستئنافي موصوفاً بأنه حضوري بتوكيل - وهو في حقيقته حضورياً - إذ العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه - ، ومن ثم كان يجوز للمحكوم عليها أن تطعن في الحكم الاستئنافي بطريق النقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
3- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها ، وما ثبت بتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات ، وبالصورة الضوئية من الرسائل الإلكترونية لبرنامج ( الواتس آب ) محل الجريمة ، وكذا باستعلام النيابة العامة من شركة الاتصالات ( .... ) ، وبتحريات مباحث التليفونات ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان القانون لا يلزم المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها ، بل يكفي أن تحيل إليها ، إذ الإحالة تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها ، كما أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ويكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أحال إلى الأسباب التي بُني عليها الحكم الابتدائي - الذي قضى بتأييده لتلك الأسباب - ولم يكتف بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة - خلافاً لما تقوله الطاعنة بأسباب طعنها - ومن ثم يضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد في غير محله .
4- من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذين عالجهما المشرع بالمادة ۳۰۸ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه وأياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها ، كما أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ، كما أن ركن العلانية ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أثبت - استناداً للأدلة السائغة التي أوردها - توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات في حق الطاعنة ، وذلك بقيامها بإرسال رسائل إلكترونية من رقم الهاتف المحمول المسجل باسمها في شركة الاتصالات " .... " وتستخدمه فعلياً إلى الجروب المسمى ( .... ) ببرنامج ( الواتس آب ) يسيء إلى المجني عليها ويدعي ارتكابها الفساد الإداري ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد .
5- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعنة جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد وعاقبها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات عملاً بنص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة فيما تثيره بشأن جريمة القذف العلني ، ويكون نعيها في هذا الصدد في غير محله .
6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعنة بجريمة السب العلني ، فإن ما تثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل .

7- من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها ، وأوردت أدلة الثبوت السائغة التي بنت عليها ما قضت به ، ومن ثم لا محل لتعييب الحكم المطعون فيه فيما اعتنقه كصورة للواقعة ، ولا في تعويله إذ قضى بالإدانة على أقوال المجني عليها بدعوى كذبها وتلفيقها الاتهام للطاعنة ، ويضحى ما يثار في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين - إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة - وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما تثيره الطاعنة في شأن عدم وجود شهود على الواقعة ، لا يعدو جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، حتى تتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها ، مما تلتزم المحكمة بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه . وإذ كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تفصح عن أوجه دفاعها الشفهي والمسطور بمذكراتها ، والتي تقول بأنها أثارتها وأغفل الحكم المطعون فيه التعرض لها ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا ، بل ساقت قولاً مرسلاً مجهلاً ، مما لا يقبل معه نعي الطاعنة في هذا الشأن .
10- من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل إن الرد يُستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن المستندات المقدمة من الطاعنة للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بشأن أقوال المجني عليها ، ذلك أنه من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير مُلزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد .
11- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعنة ودانتها بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بوصف أنها :
1- تعمدت إزعاج المجني عليها / .... وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات .
2- قذفت علناً المجني عليها / .... على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت عقابها بالمواد 166 مكرراً ، 171 ، 302 /1 ، 303/1 من قانون العقوبات ،
1 ، 5 /4 ، 6 ، 13/7 ، 70 ، 76 /2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات .
ومحكمة جنح .... الاقتصادية قضت حضورياً – بعد أن ادعى الأستاذ / .... المحامي أمامها بصفته وكيلاً عن المجني عليها مدنيًا قبل المتهمة بمبلغ أربعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت - بتغريم المتهمة عشرة آلاف جنيه وألزمتها بالمصروفات الجنائية وألزمتها بأن تؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ أربعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمتها بالمصروفات المدنية ومبلغ خمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
فاستأنفت المحكوم عليها ، وقيد استئنافها برقم .... جنح مستأنف .... الاقتصادية .
ومحكمة استئناف .... الاقتصادية قضت حضورياً بتوكيل بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصروفات الجنائية .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن محكمة استئناف .... الاقتصادية قد قضت بإدانة المحكوم عليها بجنحتي إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، والقذف العلني ، واعتبرتهما جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد ، وعاقبت المحكوم عليها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي الجنحة الاقتصادية - إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات - ، فقررت المحكوم عليها بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ، ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - قضت بجلسة .... بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن ، تأسيساً على أن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 قد اختص محكمة النقض دون غيرها بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية والمنصوص عليها في المادة 11 من ذلك القانون ، وهو قضاء يتفق وصحيح القانون ، إذ نصت المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019 على أنه : ( فيما عدا الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح ، والأحكام الصادرة ابتداءً من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية ، لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الاقتصادية بطريق النقض .... ) ، كما نصت الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون ذاته على أنه : ( تشكل بمحكمة النقض دائرة أو أكثر تختص دون غيرها ، بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من هذا القانون ) ، ومن ثم فقد دل القانون المذكور بصريح العبارة على اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية في مواد الجنايات وكذا الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية اختصاصاً استئثارياً انفرادياً لا تشاركها فيه أية محكمة أخرى ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 7 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمعدل بالقانونين رقمي 165 لسنة 2019 ، 151 لسنة 2022 والذي بموجبه انعقد الاختصاص بنظر الطعون بالنقض في أحكام محكمة الجنح المستأنفة لمحكمة استئناف القاهرة ، وذلك لمدد حددت به وبالقانونين المعدلين له ، ذلك أنه سبق وأن صدر قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 ، وجاء نص الفقرة الأولى من المادة 12 منه - والسالف بيانه - قاطع الدلالة في اختصاص محكمة النقض - دون غيرها - بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من القانون ذاته ومنها الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية ، الأمر الذي يكشف بجلاء عن رغبة المشرع في أن يظل نظر الطعون بالنقض في الأحكام المذكورة من اختصاص محكمة النقض دون أية محكمة أخرى ، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الطعن الماثل ينعقد لهذه المحكمة .
ومن حيث إن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به الحضور بنفسه أمام المحكمة ، وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي - الذي استأنفته المتهمة وحدها - أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهمة ، فإنه يجوز للمتهمة في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنها ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة تخلفت عن الحضور فيها وحضر عنها محام بتوكيل وأبدى دفاعه وطلباته ، وصدر الحكم الاستئنافي موصوفاً بأنه حضوري بتوكيل - وهو في حقيقته حضورياً - إذ العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه -ومن ثم كان يجوز للمحكوم عليها أن تطعن في الحكم الاستئنافي بطريق النقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم57 لسنة 1959 .
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والقذف العلني ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه جاء في صورة عامة مجملة ولم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة ، ولم ينشئ لنفسه أسباباً جديدة مكتفياً بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي وإيراد مضمون الاتهام المسند للطاعنة ، ودانها بالجرائم المسندة إليها - ومنها جريمة السب العلني - رغم عدم توافر أركانها في حقها ، واعتنق صورة للواقعة استقاها من أقوال المجني عليها رغم كذبها وتلفيقها الاتهام للطاعنة وأن للواقعة صورة مغايرة لما قررته ، ودانها رغم خلو الأوراق من أي شهود على الواقعة ، والتفتت المحكمة عن دفاعها الشفهي والمسطور بمذكراتها ، وكذا عن المستندات المقدمة منها تأكيداً لتلفيق الاتهام ، مما ينبئ عن أن المحكمة لم تلم بالدعوى وعناصرها إلماماً كافياً عن بصر وبصيرة ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وما ثبت بتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات وبالصورة الضوئية من الرسائل الإلكترونية لبرنامج ( الواتس آب ) محل الجريمة ، وكذا باستعلام النيابة العامة من شركة الاتصالات ( .... ) بتحريات مباحث التليفونات ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان القانون لا يلزم المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها ، بل يكفي أن تحيل إليها ، إذ الإحالة تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها ، كما أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ويكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أحال إلى الأسباب التي بُني عليها الحكم الابتدائي - الذي قضى بتأييده لتلك الأسباب - ولم يكتف بتردید صيغة الاتهام بياناً للواقعة - خلافاً لما تقوله الطاعنة بأسباب طعنها - ، ومن ثم يضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذين عالجهما المشرع بالمادة ۳۰۸ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه وأياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها ، كما أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ، كما أن ركن العلانية ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أثبت - استناداً للأدلة السائغة التي أوردها - توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات في حق الطاعنة ، وذلك بقيامها بإرسال رسائل إلكترونية من رقم الهاتف المحمول المسجل باسمها في شركة الاتصالات ( .... ) وتستخدمه فعلياً إلى الجروب المسمى ( .... ) ببرنامج ( الواتس آب ) يسيء إلى المجني عليها ويدعي ارتكابها الفساد الإداري ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعنة جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد وعاقبها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات عملاً بنص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة فيما تثيره بشأن جريمة القذف العلني ، ويكون نعيها في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعنة بجريمة السب العلني ، فإن ما تثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها ، وأوردت أدلة الثبوت السائغة التي بنت عليها ما قضت به ، ومن ثم لا محل لتعييب الحكم المطعون فيه فيما اعتنقه كصورة للواقعة ، ولا في تعويله إذ قضى بالإدانة على أقوال المجني عليها بدعوى كذبها وتلفيقها الاتهام للطاعنة ، ويضحى ما يثار في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين - إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة - وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما تثيره الطاعنة في شأن عدم وجود شهود على الواقعة ، لا يعدو جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، حتى تتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها ، مما تلتزم المحكمة بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وإذ كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تفصح عن أوجه دفاعها الشفهي والمسطور بمذكراتها ، والتي تقول بأنها أثارتها وأغفل الحكم المطعون فيه التعرض لها ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا بل ساقت قولاً مرسلاً مجهلاً ، مما لا يقبل معه نعي الطاعنة في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل إن الرد يُستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن المستندات المقدمة من الطاعنة للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بشأن أقوال المجني عليها ، ذلك أنه من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير مُلزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعنة ودانتها بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 11802 لسنة 86 ق جلسة 3 / 2 / 2018 مكتب فني 69 ق 19 ص 181

جلسة 3 من فبراير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ سمير فايزي عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصمد محمد هريدي، محمد مأمون سليمان، عبد الناصر عبد اللاه فراج وعبد العزيز محمد صلاح الدين نواب رئيس المحكمة.
------------------
(19)
الطعن رقم 11802 لسنة 86 القضائية
(1- 6) التماس إعادة النظر " ماهيته " " نطاقه " " من حالاته : الغش " . إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء : الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة : توقى الحكم بالإخلاء " .
(1) التماس إعادة النظر . ماهيته .
(2) قضاء الحكم بشىء أوردت له أسباباً . لا يُجير التماس إعادة النظر في هذا الخصوص .
(3) التماس إعادة النظر . نطاقه . تحديده بالأسباب التي بُنِيَ عليها داخلة فيما نص عليه القانون على سبيل الحصر .
(4) الغش كسبب لالتماس إعادة النظر . ماهيته .
(5) الغبن الذي يُصيب الخصم من صدور الحكم ضده . عدم اعتباره غشاً يُجيز الالتماس.
(6) إقامة الحكم الملتمس فيه قضاءه برفض دعوى الإخلاء مستخلصاً ثبوت وفاء الطاعن بالأجرة محل النزاع وتوقيه الحكم بالإخلاء . مؤداه . عدم جواز تسمية ذلك الاستخلاص بالغش كسبب يُجيز الالتماس . قبول محكمة الاستئناف الالتماس شكلاً وبجوازه وتصديها للموضوع . مخالفة للقانون وخطأ . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن التماس إعادة النظر طريق غير عادى للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، يُرفع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذا تحقق سبب أو أكثر من الأسباب التي حددها القانون على سبيل الحصر، وهو لا يستهدف إصلاح الحكم موضوع الالتماس ولا يقصد به تجريحه، وإنما يرمي إلى محو الحكم ذاته ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره ومواجهة النزاع من جديد للحصول على حكم آخر بعد أن يتم التخلص من حجيه الأمر المقضي.
2- لا يجوز الالتماس إلا على أساس أن المحكمة لم تخطئ عندما أصدرت حكمها الملتمس فيه، فإذا كان يبين من حكمها أنها قضت بما قضت به مصرة عليه وأوردت له أسباباً فى هذا الخصوص، لم يجز التماس إعادة النظر في هذا الحكم، وإنما يجب اللجوء إلى طريق الطعن بالنقض إن كان مُتاحاً.
3- المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن نطاق الالتماس يتحدد بالأسباب التي بُنِيَ عليها داخلة فيما نص عليه القانون على سبيل الحصر.
4- المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن الغش المعتبر في قبول الالتماس هو ما كان حاله خافياً على الملتمس طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير المحكمة بحقيقته، أما ما قد تتناوله الخصومة ويكون محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً ببرهانه، لا يجوز أن يكون سبباً لالتماس إعادة النظر في الحكم تحت ستار تسميته اقتناع المحكمة بالبرهان غشاً .
5- لا يعتبر غشاً - يُجيز الالتماس - مجرد الغبن الذى يُصيب الخصم من صدور الحكم ضده أو مجرد تفنن الخصم في أساليب دفاعه.
6- إذ كان البين من أسباب ومنطوق الحكم الملتمس فيه أنه قد أقام قضاءه برفض الدعوى بطلب الإخلاء على ما أورده بأسبابه من اطمئنانه إلى نتيجة تقرير الخبير المنتدب بشأن تحديد الأجرة القانونية وزيادتها لكل شقة من الشقتين محل التعاقد، وانتهى إلى رفض الدفع ببطلان التكليف بالوفاء المتضمن المطالبة بما كان يعتقده المؤجر من مقدار الزيادة القانونية وبرفض الدعوى الأصلية بطلب الإخلاء لثبوت سداد الأجرة وزيادتها حتى إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف توقياً للإخلاء، بما مؤداه أن قضاء الحكم الملتمس فيه قد أُقيم على فهم حصلته محكمة الاستئناف من مستندات الدعوى وتقارير الخبراء التي كانت محل أخذ ورد بين طرفي الخصومة، واستخلصت منها المحكمة ثبوت سداد الأجرة حتى إقفال باب المرافعة، وقضت برفض طلب الإخلاء مصرة عليه للتوقي اقتناعاً منها بنتيجة تقرير الخبراء، ومن ثم فإن ذلك الفهم والاقتناع - وأياً كان وجه الرأي فيه - لا يجوز أن يكون سبباً لالتماس إعادة النظر تحت ستار تسميته بالغش، بل إن سبيل من أصابه غبن من صدور الحكم أن يطعن فيه بطريق النقض، وإذ تنكّب المطعون ضده بصفته هذا الطريق وسايرته محكمة الاستئناف بقبولها الالتماس شكلاً وبجوازه والتصدي لموضوعه رغم استنفاد ولايتها وتعلق طرق الطعن في الأحكام بالنظام العام، بما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقـرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته حارساً قضائياً أقام على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 1997 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء عينى النزاع المبينتين بالصحيفة وعقدى الإيجار المؤرخين 1/7/1990 و10/2/1995، وقال بياناً لذلك إن الطاعن يستأجر بموجب عقدى الإيجار المذكورين عين النزاع بقصد استعمالهما مكتباً، وأنه امتنع عن الوفاء بالزيادات القانونية فى الأجرة عن شهرى أبريل ومايو سنة 1997 رغم تكليفه بالوفاء، ومن ثم فقد أقام الدعوى، أقام الطاعن دعوى فرعية بطلب تحديد الأجرة القانونية وزياداتها، ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى، وبعد أن أودع تقريره أقام الطاعن دعوى فرعية بطلب المقاصة بين الأجرة المستحقة وما له من ريع فى ذمة المطعون ضده عن حصته الشائعة فى ملكية العقار الكائن به شقتا النزاع ومقدارها ثلاثة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً، ندبت المحكمة لجنة خبراء، وبعد أن أودعت تقريرها حكمت فى الدعوى الفرعية بتحديد الأجرة القانونية لشقتى النزاع وفى الدعوى الأصلية بعدم قبولها لبطلان التكليف بالوفاء . استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 124 ق القاهرة، وأعادت المحكمة الدعوى إلى مكتب الخبراء، وبعد إيداع التقرير قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن المطعون ضده بصفته فى هذا الحكم أمام ذات المحكمة بالتماس إعادة النظر المقيد برقم ... لسنة 132 ق القاهرة، وبجلسة 5/1/2016 قضت المحكمة بقبول الالتماس شكلاً وبجوازه وبإلغاء الحكم الملتمس فيه، وبجلسة 8/6/2016 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع حاصله أنه سدد الأجرة المستحقة عن شقتي النزاع بموجب إنذارات عرض أودعها ملف الدعوى ودفع ببطلان التكليف بالوفاء وأقام دعوى فرعية بطلب المقاصة القضائية بين ما قد يستحق عليه من زيادة قانونية في الأجرة بعد تحديدها وما يستحق له من ريع في ذمة المطعون ضده بصفته عن حصته في ملكية العقار المقام بشأنها دعوى حساب رقم ... لسنة 2006 مدني كلي جنوب القاهرة، وأن محكمة الاستئناف قضت بوقف الدعوى تعليقاً لحين الفصل في دعوى الحساب، وبعد أن صدر فيها الحكم النهائي المودع ملف الدعوى لصالحه بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي إليه ريع حصته في الملكية ومقداره 282,85 جنيه عن المدة من 1996 حتى مارس 2014، وعجّل المطعون ضده نظر الاستئناف وأعادت المحكمة المأمورية إلى لجنة الخبراء، وبعد إيداع تقريرها قضت المحكمة برفض الدعوى الأصلية لتوقى الإخلاء بسداد الأجرة، وإذ قضت المحكمة مجدداً في التماس إعادة النظر بقبوله وبالإخلاء لعدم سداد كامل الأجرة والمصروفات والنفقات الفعلية بالمناقضة لحكمها السابق، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته سديد، ذلك أن التماس إعادة النظر طريق غير عادى للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، يُرفع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذا تحقق سبب أو أكثر من الأسباب التي حددها القانون على سبيل الحصر، وهو لا يستهدف إصلاح الحكم موضوع الالتماس ولا يقصد به تجريحه، وإنما يرمي إلى محو الحكم ذاته ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره ومواجهة النزاع من جديد للحصول على حكم آخر بعد أن يتم التخلص من حجيه الأمر المقضي، ومن ثم لا يجوز الالتماس إلا على أساس أن المحكمة لم تخطئ عندما أصدرت حكمها الملتمس فيه، فإذا كان يبين من حكمها أنها قضت بما قضت به مصرة عليه وأوردت له أسباباً في هذا الخصوص، لم يجز التماس إعادة النظر في هذا الحكم، وإنما يجب اللجوء إلى طريق الطعن بالنقض إن كان مُتاحاً، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نطاق الالتماس يتحدد بالأسباب التي بُنِيَ عليها داخلة فيما نص عليه القانون على سبيل الحصر، وأن الغش المعتبر في قبول الالتماس هو ما كان حاله خافياً على الملتمس طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير المحكمة بحقيقته، أما ما قد تتناوله الخصومة ويكون محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً ببرهانه، لا يجوز أن يكون سبباً لالتماس إعادة النظر في الحكم تحت ستار تسميته اقتناع المحكمة بالبرهان غشاً، ومن ثم لا يعتبر غشاً - يُجيز الالتماس - مجرد الغبن الذى يُصيب الخصم من صدور الحكم ضده أو مجرد تفنن الخصم في أساليب دفاعه. لما كان ذلك، وكان البين من أسباب ومنطوق الحكم الملتمس فيه أنه قد أقام قضاءه برفض الدعوى بطلب الإخلاء على ما أورده بأسبابه من اطمئنانه إلى نتيجة تقرير الخبير المنتدب بشأن تحديد الأجرة القانونية وزيادتها لكل شقة من الشقتين محل التعاقد، وانتهى إلى رفض الدفع ببطلان التكليف بالوفاء المتضمن المطالبة بما كان يعتقده المؤجر من مقدار الزيادة القانونية وبرفض الدعوى الأصلية بطلب الإخلاء لثبوت سداد الأجرة وزيادتها حتى إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف توقياً للإخلاء، بما مؤداه أن قضاء الحكم الملتمس فيه قد أُقيم على فهم حصلته محكمة الاستئناف من مستندات الدعوى وتقارير الخبراء التي كانت محل أخذ و رد بين طرفي الخصومة، واستخلصت منها المحكمة ثبوت سداد الأجرة حتى إقفال باب المرافعة، وقضت برفض طلب الإخلاء مصرة عليه للتوقي اقتناعاً منها بنتيجة تقرير الخبراء، ومن ثم فإن ذلك الفهم والاقتناع - وأياً كان وجه الرأي فيه - لا يجوز أن يكون سبباً لالتماس إعادة النظر تحت ستار تسميته بالغش، بل إن سبيل من أصابه غبن من صدور الحكم أن يطعن فيه بطريق النقض، وإذ تنكّب المطعون ضده بصفته هذا الطريق وسايرته محكمة الاستئناف بقبولها الالتماس شكلاً وبجوازه والتصدي لموضوعه رغم استنفاد ولايتها وتعلق طرق الطعن في الأحكام بالنظام العام، بما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويوجب نقضه.
لِما تقدم، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 597 لسنة 86 ق جلسة 24 / 1 / 2018 مكتب فني 69 ق 15 ص 153

جلسة 24 من يناير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسام قرني، هشام قنديل، طارق تميرك وعادل فتحي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(15)
الطعن رقم 597 لسنة 86 القضائية
(2،1) عمل " إنهاء الخدمة : إنهاء الخدمة بالإرادة المنفردة : إنهائها بإرادة رب العمل " .
(1) ارتكاب العامل الأخطاء الجسيمة المقررة بالمادة 69 من ق العمل 12 لسنة 2003. مؤداه . عرض الأمر على المحكمة العمالية قبل توقيع الجزاء التأديبي أو فصله من قبل صاحب العمل بإرادته المنفردة . مرده . اكتسابه صفتين الصفة المدنية وكونه متبوعاً في عقد العمل له سلطة الرقابة والإشراف على العامل . المواد 68، 69/8، 110 من ق العمل 12 لسنة 2003. علة ذلك .
(2) القضاء النهائي في مسألة أساسية . مانع للخصوم من التنازع فيها بأية دعوى تالية تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين من حقوق مترتبة عليها. القضاء نهائياً بثبوت تعمد المطعون ضده الاعتداء على البنك الطاعن في دعوى سابقة . مسألة أساسية تحوز الحجية مانعة للمنازعة فيها بأي ادعاء . تعمد المطعون ضده الإساءة إلى سمعة البنك الطاعن . اعتباره خطأً جسيماً يبرر لصاحب العمل فصله بإرادته المنفردة. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض عن الفصل باعتباره تعسفياً . مخالفة للقانون وخطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مؤدى النص في المواد 68، 69 /8، 110 من قانون العمل الصادر بالقانون 12 لسنة 2003 والمعدل بالقانون 180 لسنة 2008 - المنطبق على واقعة النزاع - أن المشرع منح صاحب العمل في حالة ارتكاب العامل أياً من الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها بالمادة 69 سالفة البيان الحق في عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 68 المشار إليها آنفاً قبل توقيع الجزاء التأديبي عليه بالفصل أو إغفال العرض على تلك المحكمة وفصل العامل بإرادته المنفردة إعمالاً للحق المخول له بالمادة 110 سالفة الذكر، إذ أن لصاحب العمل في عقد العمل صفتين إحداهما مدنية تسمح له عند إخلال العامل بالتزاماته أن ينهي عقد العمل بإرادته المنفردة، وصفة أخرى مستمدة من كونه متبوعاً في عقد العمل وهذه التبعية تعطى له سلطة صاحب العمل في الرقابة والإشراف على العامل بما يستتبعه ذلك من اتخاذ إجراءات التأديب ضده وفصله إذا ارتكب خطأً جسيماً، ولم يرد في نصوص قانون العمل الجديد ما يسلب صاحب العمل صفته المدنية تلك أو ما يسقط عنه حقه في إنهاء عقد العمل وفصل العامل بالاستناد إليها، وإنما احتفظ له المشرع على نحو صريح وجازم بهذه الصفة وبهذا الحق بما نص عليه في المادة "110" سالفة البيان.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو انتفاؤها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفائه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو انتفائها. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم الابتدائي أن المطعون ضده تدخل في الدعوى رقم ... لسنة 2009 إفلاس اقتصادي القاهرة طالباً الحكم بإشهار إفلاس البنك الطاعن بادعاء اضطراب موقفه الائتماني، وقضت المحكمة الاقتصادية برفض الدعوى وبتغريمه والمدعى الذى رفعها كل على حدة مبلغ خمسة آلاف جنيه لتعمد الإساءة إلى سمعة البنك الطاعن والتشهير به، وقد حاز هذا الحكم قوة الشيء المحكوم به في مسألة ثبوت تعمد المطعون ضده الاعتداء على البنك الطاعن بتعمد الإساءة إلى سمعته والتشهير به، ومن ثم يمتنع على المطعون ضده المنازعة في ثبوت هذه المسألة بأي ادعاء، ولما كان الاعتداء على صاحب العمل لا يشترط فيه أن يكون مادياً، وإنما يكفى أن يمس الاعتبار فإن تعمد المطعون ضده الإساءة إلى سمعة البنك والتشهير به يعتبر خطأ جسيماً وفقاً للبند الثامن من المادة "69" المشار إليها يبرر للطاعن فصله من العمل لديه بإرادته المنفردة إعمالاً للحق المخول له بالمادة "110" سالفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر إنهاء البنك الطاعن لعقد عمل المطعون ضده فصلاً تعسفياً وقضى له بالتعويض لعدم عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع علـــى الأوراق، وسمــاع التقريــر الذي تلاه السيد القاضي المقـرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ... لسنة 2009 عمال جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن "بنك قطر الوطني الأهلي" "البنك الأهلي سوسيتيه سابقاً" انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامه أن يؤدى إليه مبلغ مليون جنيه تعويضاً عن فصله من العمل، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد العمل المؤرخ 2/1/2006 التحق بالعمل لدى بنك مصر الدولي الذى أدمج في البنك الطاعن، وإذ أصدر الطاعن قراراً بتاريخ 5/5/2010 بفصله من العمل، وكان هذا الفصل بغير مبرر وأصابه من جرائه أضراراً يقدر التعويض الجابر عنها بالمبلغ المطالب به، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 21/7/2014 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 131 ق القاهرة، وبتاريخ 17/11/2015 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن أن يؤدى للمطعون ضده مبلغ 55000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول إنه أنهى عقد عمل المطعون ضده لديه وفقاً لما تقضى به المادة 69 من قانون العمل الصادر بالقانون 12 لسنة 2003 وإعمالاً للحق المخول له بالمادة 110 من ذات القانون لاعتداء المطعون ضده على البنك الطاعن متمثلاً في الإساءة إلى سمعة البنك والتشهير به بما ادعاه في الدعوى رقم ... لسنة 2009 إفلاس اقتصادي القاهرة والتي تدخل فيها طالباً إشهار إفلاس البنك وقضى فيها بتغريمه مبلغ خمسة آلاف جنيه لتعمده الإساءة إلى سمعة البنك وهو ما ينفي عنه الخطأ في إنهائه لعقد عمل المطعون ضده بإرادته المنفردة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر إنهائه لعقد العمل تعسفياً لمجرد عدم عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية، ورتب على ذلك قضائه للمطعون ضده بالتعويض فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص في المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون 12 لسنة 2003 والمعدل بالقانون 180 لسنة 2008 - المنطبق على واقعة النزاع - على أن يكون الاختصاص بتوقيع جزاء فصل العامل من الخدمة للمحكمة المشار إليها في المادة 71 من هذا القانون ... "، والنص في المادة 69 منه على أنه "لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيماً ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الآتية 1...2...3...4...5...6...7... 8- إذا ثبت اعتداء العامل على صاحب العمل..."، والنص في المادة 110 من ذات القانون على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة " 198 " من هذا القانون ومع مراعاة أحكام المواد التالية إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، ولا يجوز لصاحب العمل أن ينهى هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة 69 من هذا القانون ... "، يدل على أن المشرع منح صاحب العمل في حالة ارتكاب العامل أياً من الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها بالمادة 69 سالفة البيان الحق في عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 68 المشار إليها آنفاً قبل توقيع الجزاء التأديبي عليه بالفصل أو إغفال العرض على تلك المحكمة وفصل العامل بإرادته المنفردة إعمالاً للحق المخول له بالمادة 110 سالفة الذكر، إذ أن لصاحب العمل في عقد العمل صفتين إحداهما مدنية تسمح له عند إخلال العامل بالتزاماته أن ينهى عقد العمل بإرادته المنفردة، وصفة أخرى مستمدة من كونه متبوعاً في عقد العمل وهذه التبعية تعطى له سلطة صاحب العمل في الرقابة والإشراف على العامل بما يستتبعه ذلك من اتخاذ إجراءات التأديب ضده وفصله إذا ارتكب خطأً جسيماً، ولم يرد في نصوص قانون العمل الجديد ما يسلب صاحب العمل صفته المدنية تلك أو ما يسقط عنه حقه في إنهاء عقد العمل وفصل العامل بالاستناد إليها، وإنما احتفظ له المشرع على نحو صريح وجازم بهذه الصفة وبهذا الحق بما نص عليه في المادة " 110 " سالفة البيان. هذا، ولما كان من المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو انتفاؤها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفائه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو انتفائها. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم الابتدائي أن المطعون ضده تدخل في الدعوى رقم ... لسنة 2009 إفلاس اقتصادي القاهرة طالباً الحكم بإشهار إفلاس البنك الطاعن بادعاء اضطراب موقفه الائتماني، وقضت المحكمة الاقتصادية برفض الدعوى وبتغريمه والمدعى الذى رفعها كل على حدة مبلغ خمسة آلاف جنيه لتعمد الإساءة إلى سمعة البنك الطاعن والتشهير به، وقد حاز هذا الحكم قوة الشيء المحكوم به في مسألة ثبوت تعمد المطعون ضده الاعتداء على البنك الطاعن بتعمد الإساءة إلى سمعته والتشهير به، ومن ثم يمتنع على المطعون ضده المنازعة في ثبوت هذه المسألة بأي ادعاء، ولما كان الاعتداء على صاحب العمل لا يشترط فيه أن يكون مادياً، وإنما يكفى أن يمس الاعتبار فإن تعمد المطعون ضده الإساءة إلى سمعة البنك والتشهير به يعتبر خطأ جسيماً وفقاً للبند الثامن من المادة " 69 " المشار إليها يبرر للطاعن فصله من العمل لديه بإرادته المنفردة إعمالاً للحق المخول له بالمادة "110 " سالفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر إنهاء البنك الطاعن لعقد عمل المطعون ضده فصلاً تعسفياً وقضى له بالتعويض لعدم عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم تعين الحكم في الاستئناف رقم ... لسنة 131 ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8786 لسنة 86 ق جلسة 18 / 1 / 2018 مكتب فني 69 ق 9 ص 98

جلسة 18 من يناير سنة 2018
برئاسة السيـد القاضي/ محمود سعيد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ خالد محمد سليم، عبد الناصر محمد أبو الوفا، إيهاب فوزي سلام وأحمد على خليل نواب رئيس المحكمة.
----------------
(9)
الطعن رقم 8786 لسنة 86 القضائية
(2،1) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية : اختصاص المحاكم العادية : القضاء العادي صاحب الولاية العامة " .
(1) القضاء العادي . صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية . تقييد تلك الولاية . استثناء لا يجب التوسع فيه .
(2) انحصار الخصومة في مدى مسئولية الطاعنين عن دفع الاشتراكات التي لم يتم تحصيلها من الطلاب للهيئة المطعون ضدها لا في رسم الاشتراك في نظام التأمين الصحي على الطلاب . مؤداه . خضوعها لاختصاص القضاء العادي . النعي باختصاص القضاء الإداري . على غير أساس .
(3) تأمين صحي " اشتراكات طلاب المدارس : الملزم بسدادها وتحصيلها " .
انتفاع الطالب بخدمات نظام التأمين الصحي . شرطه . سداده الاشتراك المحدد في القانون . المواد 1، 2، 3، 5 من ق 99 لسنة 1992 بشأن التأمين الصحي على الطلاب . إدارات المدارس نائبة في التحصيل وليست مديناً أو كفيلاً عن الطلاب . قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الإدارة التعليمية التابعة للطاعنين بدفع الاشتراكات التي لم يؤدها الطلاب . خطأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية يعتبر استثناء وارد على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
2- إذا كان الطلب الذي تدور حوله الخصومة لا يتعلق بمنازعة في رسم الاشتراك في نظام التأمين الصحي على الطلاب بل ينحصر في مدى مسئولية الطاعنين عن دفع الاشتراكات التي لم يتم تحصيلها من الطلاب للهيئة المطعون ضدها مما يخضع لاختصاص القضاء العادي وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإن ما يثيره الطاعنان نعياً عليه يضحى على غير أساس.
3- إن مفاد النص في المواد 1، 2، 3، 5 من القانون رقم 99 لسنة 1992 في شأن نظام التأمين الصحي على الطلاب أن انتفاع الطالب بخدمات هذا النظام مشروط بسداد الاشتراك المحدد في القانون الذي نص على تحمل الطالب له، وأن القانون أناط بوزير الصحة – بموجب قرار يصدره بالاتفاق مع الوزير المختص – تحديد النظام والمواعيد التي يتم خلالها تحصيل ذلك الاشتراك، ونفاذاً لذلك أصدر السيد وزير الصحة قراره رقم 15 لسنة 1993 الذى عهد بموجبه إلى إدارات المدارس تحصيل ذلك الاشتراك السنوي من الطلاب في المواعيد المحددة لتحصيل الرسوم الدراسية ثم توريد الحصيلة إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي مما مفاده أن المدين بهذه الاشتراكات هم الطلاب الذين يصدر قرار من وزير الصحة بتطبيق نظام التأمين الصحي عليهم وأن إدارات المدارس ليست إلا نائبة عن هيئة التأمين الصحي في تحصيل هذه الاشتراكات وأن القانون لم يجعل منها مديناً أو كفيلاً للطلاب في أدائها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه قضاؤه من جواز مطالبة الإدارات المدرسية بدفع الاشتراكات التي لم يؤدها الطلاب وقضى بإلزام مديرية التعليم ببورسعيد التي تتبع الطاعنين بأدائها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الهيئة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2012 مدني محكمة بورسعيد الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لها مبلغ 157145 جنيهاً قيمة الاشتراكات السنوية للطلاب في نظام التأمين الصحي المستحقة عن الفترة من عام 2004 وحتى عام 2010 والتي تقاعسا عن تحصيلها وتوريدها إليها بالمخالفة لأحكام القانون رقم 99 لسنة 1992 في شأن نظام التأمين الصحي على الطلاب فضلاً عن الفائدة، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريراً انتهى فيه إلى أن قيمة المبالغ التي تقاعست مديرية التربية والتعليم ببورسعيد التي تتبع الطاعنين عن تحصيلها من الطلاب خلال الفترة المطالب بها تبلغ 109928 جنيهاً، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للاختصاص بحكم استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف ... سنة 55 ق الإسماعيلية " مأمورية بورسعيد " التي قضت فيه بتاريخ 9/12/2014 بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها، نظرت محكمة أول درجة الدعوى وحكمت فيها بما انتهى إليه الخبير فاستأنف الطاعنان حكمها بالاستئناف رقم ... لسنة 56 ق إسماعيلية " مأمورية بورسعيد " وأقامت المطعون ضدها استئنافاً فرعياً رقمه ... سنة 56 ق س إسماعيلية " مأمورية بورسعيد " بشأن طلب الفائدة الذي أغفلت المحكمة الفصل فيه، قضت المحكمة فى الاستئناف الأصلي بسقوط الحق في المطالبة بالاشتراكات المستحقة عن الموسمين الدراسيين 2004/ 2005، 2005/ 2006 بالتقادم الخمسي وبالتأييد فيما عدا ذلك، وفى الاستئناف الفرعي بعدم جوازه، طعن الطاعنان في الحكم الصادر في الاستئناف الأصلي رقم ... سنة 56 ق، وفى الحكم الصادر في الاستئناف رقم ... سنة 55 ق في شأن الاختصاص بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره التزمت النيابة فيها رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم الصادر في الاستئناف ... لسنة 55 ق بتاريخ 9/12/2014 ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إنه قضى بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأعادها إليها للفصل في موضوعها رغم خروجه عن اختصاصها لتعلقه بمنازعة في رسوم لازمة لتسيير مرفق عام مما تختص به محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، وهو الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر – في قضاء هذه المحكمة – من أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية يعتبر استثناء وارد على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره. لما كان ذلك، وكان الطلب الذي تدور حوله الخصومة لا يتعلق بمنازعة في رسم الاشتراك في نظام التأمين الصحي على الطلاب بل ينحصر في مدى مسئولية الطاعنين عن دفع الاشتراكات التي لم يتم تحصيلها من الطلاب للهيئة المطعون ضدها مما يخضع لاختصاص القضاء العادي وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإن ما يثيره الطاعنان نعياً عليه يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم الصادر في الاستئناف ... سنة 56 ق بتاريخ 12/4/2016 مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حين قضى بإلزامهما بأن يدفعا للهيئة المطعون ضدها قيمة اشتراكات لم يتم تحصيلها لعدم تحمل أصحابها لها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مفاد النص في المواد 1، 2، 3، 5 من القانون رقم 99 لسنة 1992 في شأن نظام التأمين الصحي على الطلاب أن انتفاع الطالب بخدمات هذا النظام مشروط بسداد الاشتراك المحدد في القانون الذي نص على تحمل الطالب له، وأن القانون أناط بوزير الصحة – بموجب قرار يصدره بالاتفاق مع الوزير المختص – تحديد النظام والمواعيد التي يتم خلالها تحصيل ذلك الاشتراك، ونفاذاً لذلك أصدر السيد وزير الصحة قراره رقم 15 لسنة 1993 الذى عهد بموجبه إلى إدارات المدارس تحصيل ذلك الاشتراك السنوي من الطلاب في المواعيد المحددة لتحصيل الرسوم الدراسية ثم توريد الحصيلة إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي مما مفاده أن المدين بهذه الاشتراكات هم الطلاب الذين يصدر قرار من وزير الصحة بتطبيق نظام التأمين الصحي عليهم وأن إدارات المدارس ليست إلا نائبة عن هيئة التأمين الصحي في تحصيل هذه الاشتراكات وأن القانون لم يجعل منها مديناً أو كفيلاً للطلاب في أدائها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه قضاؤه من جواز مطالبة الإدارات المدرسية بدفع الاشتراكات التي لم يؤدها الطلاب وقضى بإلزام مديرية التعليم ببورسعيد التي تتبع الطاعنين بأدائها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي وبرفض الدعوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ