الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 سبتمبر 2020

الطعن 349 لسنة 29 ق جلسة 19 / 3 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 62 ص 372

جلسة 19 من مارس سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وصبري فرحات.

---------------

(62)
الطعن رقم 349 لسنة 29 القضائية

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". "النظام المالي بين الزوجين". "نظام المشاركة في الأموال.
الأصل في القانون المدني الفرنسي خضوع أموال الزوجين لنظام الاشتراك. جواز خروج الزوجين على قواعد هذا النظام بمشارطة يعقدانها أمام الموثق وقبل الزواج يبينان فيها النظام الذي اختاراه. منع تعديل قواعد نظام الاشتراك باتفاقات خاصة يعقدها الزوجان بعد الزواج.
(ب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". "النظام المالي بين الزوجين". "نظام المشاركة في الأموال". "أثره".
من مقتضى نظام الاشتراك اعتبار المنقولات التي يملكها أي الزوجين وقت الزواج وتلك التي يقتنيها أثناء قيام الزوجية ولو من إيراد خاص حصل عليه من عمله الشخصي مالاً مشتركاً بين الزوجين. يحق لدائني أيهما التنفيذ على جميع الأموال المشتركة لاستيفاء ديونهم منها.

--------------
1 - الأصل بحسب أحكام القانون المدني الفرنسي أن تخضع أموال الزوجين لنظام الاشتراك Communauté الذي نظمت قواعده المادة 1399 وما بعدها. وقد أجاز المشرع الفرنسي للزوجين الذين يريدان الخروج على قواعد هذا النظام كلها أو بعضها أن يعلنا رغبتهما هذه في مشارطة يعقدانها ويبينان فيها النظام المالي الذي اختاراه، وهذه المشارطة يطلق عليه بالفرنسية Contrat de Mariage وهي غير وثيقة الزواج التي يتم بها الزواج acte de Mariage ويوجب القانون تحرير تلك المشارطة أمام الموثق وقبل الزواج. فإذا لم يستعمل الزوجان هذه الرخصة ولم يحررا مشارطة من هذا القبيل خضعت أموالها حتماً لنظام الاشتراك باعتباره أثراً من الآثار التي يرتبها القانون أصلاً على الزواج ويمتنع عليهما في هذه الحالة أن يعدلا من القواعد التي وضعها القانون لهذا النظام باتفاقات خاصة يعقدانها فيما بينهما بعد الزواج، لأن تلك القواعد تعتبر غير قابلة للتغيير بإرادة الزوجين ما دامت الزوجية قائمة. وتبعاً لذلك لا يعتد بما يصدر منهما بعد الزواج من اتفاقات أو إقرارات يكون القصد منها إخراج أي عنصر من عناصر المال المشترك من نظام الاشتراك واعتباره مملوكاً ملكية خاصة لأحدهما.
2 - من مقتضى نظام الاشتراك أن يعتبر مالاً مشتركاً بين الزوجين جميع المنقولات التي كان يملكها كل منهما وقت الزواج وكذلك المنقولات التي يقتنيها أحدهما أثناء قيام الزوجية ولو كان قد دفع ثمنها من إيراد خاص حصل عليه من عمله الشخصي، ويحق لدائني أي الزوجين التنفيذ على جميع الأموال المشتركة. ولا يغير من الأمر صدور حكم للزوجة بالتطليق من زوجها، إذ أن هذا الحكم لا يؤثر على حق الدائن الذي نشأ قبل صدوره وأثناء قيام الزوجية وتعلق هذا الحق بالأموال المشتركة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1954 اقترضت المطعون عليها الأولى وزوجها السيد/ رودلف لندر الذي يمثله المطعون عليهم الثاني والثالث والرابع مبلغ 568 ج من الطاعن وحررا له سنداً بهذا المبلغ ورد فيه أنهما تعهدا بسداد الدين في مدة غايتها 30/ 11/ 1955 وأن الزوج أعطى الدائن على سبيل الضمان شيكاً بمبلغ القرض على بنك كونتوار ناسيونال يستحق الأداء في هذا التاريخ ولما حل ميعاد الاستحقاق ولم يف المدينان بالدين هدد الدائن الزوج باتخاذ الإجراءات الجنائية ضده لعدم وجود مقابل وفاء للشيك فأرسل الزوج بواسطة محاميه خطاباً إلى محامي الدائن بتاريخ 10/ 12/ 1955 تمسك فيه بأن الشيك بالصورة التي حرر بها يعتبر أداة ائتمان لا أداة وفاء وبالتالي فلا يعتبر الامتناع عن الوفاء بقيمته جريمة وأضاف أنه لا خوف على الدين لأن مفروشات المنزل المملوك له ولزوجته تفي قيمتها بأضعاف هذا الدين فيما لو اتخذ الدائن الإجراءات المدنية ضدهما معاً وقد لجأ الطاعن إلى مقاضاة الزوجين المدينين مدنياً فأقام ضدهما الدعوى رقم 18 سنة 1956 كلي الإسكندرية وقضى له فيها بإلزامها بأن يدفعا له مناصفة بينهما مبلغ 568 جنيهاً والمصاريف والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 31/ 12/ 1955 وأوقع الطاعن بموجب هذا الحكم حجزاً تنفيذياً بتاريخ 15 من مايو سنة 1956 على المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية. وعلى أثر توقيع هذا الحجز دفعت له الزوجة نصف المبلغ المقضي به من أصل وملحقات ثم استشكلت في الحجز بالدعوى رقم 2457 سنة 1956 مستعجل الإسكندرية طالبة وقف تنفيذ الحكم المنفذ به حتى يفصل في دعوى بطلان الحجز التي أقامتها ضد الدائن والمقيدة برقم 1231 سنة 1956 كلي الإسكندرية وأسست هذا الإشكال على أن الحكم المنفذ به لم يلزمها إلا بنصف الدين وملحقاته وأنها قد أوفت بهذا النصف وليست ملزمة بالنصف الباقي الذي يخص زوجها والتي تسير إجراءات الحجز من أجله وأن المنقولات المحجوز عليها ملك خاص لها دون زوجها وطلب الدائن (الطاعن) رفض هذا الإشكال تأسيساً على أن الزوجين فرنسيان وقد تزوجا طبقاً للقانون الفرنسي على نظام اشتراك الأموال وأن الزوجة لم تقدم ما يدل على أن زواجهما تم على أساس نظام آخر وبتاريخ 24/ 9/ 1956 قضى برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ وبني هذا الحكم على أن المستشكلة (الزوجة) لم تنازع فيما قرره الدائن المستشكل ضده من أن المنقولات المحجوز عليها تعتبر مملوكة للزوجين وإن كانت قد اعترضت على عدم تخصيص الحاجز مقدار ما ينفذ به قبل كل مدين منهما وأن المحكمة لا تقيم وزناً لهذا الاعتراض. بعد ذلك أقامت الزوجة (المطعون عليها الأولى) الدعوى رقم 1925 سنة 1956 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية مختصمة فيها الدائن الحاجز وزوجها وقلم محضري محكمة العطارين وطلبت الحكم لها ضد الأول وفي مواجهة الآخرين بثبوت ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها في 15 من مايو سنة 1956 وإلغاء الحجز الموقع عليها بناء على طلب المدعى عليه الأول وأسست هذه الدعوى على أن تلك المنقولات ملك خاص لها وحدها وأن زوجها أقر لها بهذه الملكية بإقرار كتابي محرر في 24 من مايو سنة 1947 وثابت التاريخ في 11 من يونيه سنة 1947 قبل تاريخ القرض وأن هذا الزوج ترك منزل الزوجية منذ أمد بعيد وقد رفعت عليه الدعوى رقم 2213 سنة 1955 أمام محكمة الإسكندرية للأحوال الشخصية بطلب الانفصال عنه وأنه معدم ولا إيراد له في حين أنها تملك مصنعاً للتريكو بمنزلها الذي أوقع فيه الحجز وأبدت استعدادها لإثبات ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها بكافة طرق الإثبات القانونية في حالة عدم كفاية المستندات والأدلة المقدمة منها وبتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1956 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوضع المدعية والمدعى عليه الثاني (الزوجين) تحت الحراسة باعتبارهما من الرعايا الفرنسيين - وبعد رفع الحراسة عن الزوجة عجل الطاعن الدعوى وأدخل فيها الحارس العام على الرعايا الفرنسيين بصفته حارساً على أموال الزوج ودفع الدعوى بأن رافعتها زوجة المدين وأنهما فرنسيان يخضعان طبقاً للقانون الفرنسي لنظام اشتراك الأموال مما يستتبع اعتبار المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية ملكاً شائعاً لكل منهما طبقاً لحكم المادة 1401 من القانون الفرنسي وبتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية (الزوجة) بشهادة الشهود ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها والمبينة بمحضر الحجز الموقع في 15 من مايو سنة 1956 وصرحت المحكمة للدائن والزوج المدين بنفي ذلك وقد قطعت المحكمة في أسباب حكمها هذا بأن القانون الواجب التطبيق هو القانون المصري استناداً إلى ما قالته من أن النزاع المطروح يعتبر ناشئاً عن تنفيذ عقد قرض وأنه طبقاً للمادة 19 من القانون المدني المصري يحكم النزاع القانون المصري باعتبار أن موطن الطرفين مصر وقد تم فيها العقد. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الزوجة والدائن الحاجز قضت بتاريخ 24 من يونيه سنة 1958 بثبوت ملكية المدعية للمنقولات المحجوز عليها وبإلغاء الحجز فاستأنف الدائن (الطاعن) هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 282 سنة 14 ق ونعى على الحكم المستأنف خطأه فيما ذهب إليه من انطباق المادة 19 من القانون المدني المصري وقال إن المادة التي ينبغي إعمال حكمها هي المادة 13 من القانون المذكور التي تنص على أنه يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال وأن مقتضى تطبيق أحكام القانون في الفرنسي باعتباره قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج في النزاع الحالي أن تعتبر أموال الزوجين خاضعة لنظام الاشتراك ولا تكون ملكاً لأحدهما دون الآخر وأضاف أن الزوج قد أقر بذلك في الخطاب المرسل من محاميه إلى محامي المستأنف (الدائن) بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1955 والسالف الإشارة إليه في صدر هذه الوقائع - وبتاريخ 29 من مارس سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعن الدائن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة الفحص بجلسة 25 من نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على ما ورد في المذكرة المقدمة منها والتي انتهت فيها إلى رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في السببين الثاني والثالث الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أسس قضاءه بملكية المطعون ضدها الأولى للمنقولات المحجوز عليها على أن الطاعن الحاجز لم يقدم دليلاً على أنها تزوجت طبقاً لنظام الاشتراك المالي وأن القانون الفرنسي كما يعرف هذا النظام فإنه يعرف كذلك نظام انفصال الذمة - وقد أخطأ الحكم في ذلك لأن نظام انفصال الذمة يعتبر خروجاً على النظام الأصلي الذي فرضه القانون الفرنسي وهو نظام الاشتراك ولا يقوم نظام الانفصال إلا باتفاق الزوجين وبشرط يتم أن هذا الاتفاق قبل الزواج وفي عقد يطلق عليه بالفرنسية Contrat de mariage  وإذا كان ذلك فإن المطعون عليها وقد ادعت ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها ملكية خاصة لها فإنه يقع عليها عبء إثبات أنها وزوجها تعاقداً على ما يخالف نظام الاشتراك ولا سبيل إلى هذا الإثبات إلا بتقديمها العقد المذكور أما وأنها لم تقدمه بل ولم تدع أن عقداً من هذا القبيل قد حرر بينها وبين زوجها فإن أحكام القانون الفرنسي تقضى باعتبار أن زواجها قد تم على أساس نظام الاشتراك المالي إذ أن هذا النظام هو النظام الذي أراده المشرع الفرنسي نظاماً مالياً للزوجين وافترض أن كل فرنسي متزوج قد تزوج على أساسه طالما أنه لم يثبت أن الزوجين قد تعاقداً قبل الزواج على مخالفته ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر زواج المطعون عليها الأولى قد تم على أساس نظام آخر هو نظام انفصال الذمة وذلك استناداً إلى ما قاله من أن الطاعن لم يقدم ما يدل على أن هذا الزواج تم على أساس نظام الاشتراك يكون قد أخطأ في القانون كما أخطأ فيه أيضاً باعتداده بالإقرار الثابت التاريخ في 11 يونيه سنة 1947 والصادر من الزوج لزوجته المطعون عليها الأولى والمتضمن إقراره لها بملكيتها جميع المنقولات الموجودة بمسكنهما المشترك ذلك أنه متى وجب تطبيق قواعد نظام الاشتراك على أموال الزوجين لعدم تقديمهما الدليل على إبرامهما قبل الزواج مشارطة تتضمن خروجهما على هذا النظام فإن تلك القواعد تمنعها من الاتفاق بعد الزواج على تغيير ذلك النظام وإحلال نظام آخر محله كنظام انفصال الذمة ويمتنع عليهما بالتالي الاتفاق على إخراج أي عنصر من عناصر المال المشترك من نظام الاشتراك واختصاص أحدهما به وذلك عملاً بقاعدة عدم قابلية نظام الزوجين المالي للتغيير وإذ كان ذلك وكان مؤدى نظام الاشتراك المالي بين الزوجين أن يصبح جميع ما كان يملكه كل منهما من منقولات وقت انعقاد الزواج ملكاً مشتركاً فيما بينهما كما يصبح كذلك ملكاً مشتركاً كل ما يقتنيه أحدهما بعد الزواج من هذه المنقولات وكانت المادة 1409 من القانون الفرنسي تعتبر الأموال المشتركة ضامنة لسداد ديون الزوج حتى ديونه الخاصة التي انشغلت بها ذمته لمصلحته الشخصية البحتة فإنه لم يكن لمحكمة الاستئناف أن تقيم وزناً للإقرار الصادر من الزوج في يونيه سنة 1947 ولا لشهادة الشهود ولا يغير من الوضع شيئاً استصدار الزوجة حكماً من محكمة الأحوال الشخصية بتطليقها من زوجها لأن هذا الحكم قد صدر على ما هو واضح من بيانات الحكم المطعون فيه بتاريخ 26 مارس سنة 1957 أي بعد نشوء الدين بأكثر من سنتين ومن المقرر فقهاً وقضاًء في فرنسا أن طلاق الزوجين لا أثر له على حقوق الدائنين التي اكتسبوها قبل الزوجين أثناء قيام الزوجية ويتعين الوفاء بهذه الديون من الأموال المشتركة قبل إجراء أية قسمة بين الزوجين.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بملكية الزوجة المطعون عليها الأولى للمنقولات التي حجز عليها الطاعن لاستيفاء دينه قبل الزوج على قوله "وحيث إن الزواج وفقاً لأحكام القانون الفرنسي الذي ينظم العلاقة بين الزوجين المستأنف عليهما فيما بينهما كما يتم طبقاً لنظام الاشتراك في الأموال قد يقع أيضاً على أساس انفصال الذمة وفقاً لشروط العقد بينهما ولما كانت الزوجة تعارض دعوى المستأنف (الطاعن) بأنها تزوجت على نظام اشتراك الأموال ولم يبد زوجها دفاعاً في هذا الموضوع ولم يقدم المستأنف دليلاً على صحة قواه إلا تلك العبارة التي سبقت الإشارة إليها في كتاب محامي الزوج المؤرخ 10/ 12/ 1955 بأن مفروشات المنزل المملوك للزوجين توفى أضعاف المبلغ المطالب به وهي عبارة لا تدل بذاتها على سابقة الزواج على نظام اشتراك الأموال وإنما تنصرف إلى مجرد كفاية المنقولات التي يحتويها المسكن الذي يقيمان فيه وقد خلت أوراق الدعوى من كل دليل على زواجهما على نظام الاشتراك في المال بل أن هناك دلائل كثيرة تنفيه أولها إقرار الزوج المؤرخ 24/ 5/ 1947 والثابت التاريخ في 11/ 6/ 1947 قبل نشوء الدين المنفذ به بمدة طويلة بأن جميع المنقولات التي يحويها السكن الذي تقيم فيه الزوجة إنما هي ملك لها خاصة دون سواها وثانيهما إقامة كل منهما في مسكن يخالف مسكن الآخر وذلك بدلالة إعلان دعوى المديونية والحكم الصادر فيها لكل منهما في عنوان يخالف الآخر وأخيراً إقامة دعوى الانفصال وصدور حكم الطلاق بينهما في الدعوى رقم 3213 سنة 955 كلي أحوال شخصية الإسكندرية في وقت معاصر لدعوى المديونية وبقاء المنقولات بما فيها ما حجز عليه في مسكن الزوجة وحيازتها دون أن يطلب الزوج منها شيئاً أو يدعيه لنفسه يضاف إلى ذلك ما شهد به شهوداً من أن تلك المنقولات ملكها خاصة إذ اقتنتها من كسب يديها مما يؤخذ منه جميعاً أن ملكية هذه المنقولات برمتها بما فيها ما وقع الحجز عليه إنما هي معقودة للزوجة وحدها ولا شيء فيها لزوجها وما دامت قد أوفت نصيبها في الدين المنفذ به فإن بقاء الحجز عليها يغدو في غير محله وينبغي تبعاً إلغاؤه" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن الأصل بحسب أحكام القانون المدني الفرنسي أن تخضع أموال الزوجين لنظام الاشتراك communauté الذي نظمت قواعده المادة 1399 وما بعدها وقد أجاز المشرع الفرنسي للزوجين اللذين يريدان الخروج على قواعد هذا النظام كلها أو بعضها أن يعلنا رغبتهما هذه في مشارطة يعقد أنها ويبينان فيها النظام المالي الذي اختاراه وهذه المشارطة يطلق عليها بالفرنسية contrat de mariage  وهي غير وثيقة الزواج التي يتم بها الزواج acte de mariage ويوجب القانون تحرير تلك المشارطة أمام الموثق وقبل الزواج فإذا لم يستعمل الزوجان هذه الرخصة ولم يحررا مشارطة من هذا القبيل خضعت أموالهما حتماً لنظام الاشتراك باعتباره أثراً من الآثار التي يرتبها القانون أصلاً على الزواج ويمتنع عليهما في هذه الحالة أن يعدلا من القواعد التي وضعها القانون لهذا النظام باتفاقات خاصة يعقدانها فيما بينهما بعد الزواج لأن تلك القواعد تعتبر غير قابلة للتغيير بإرادة الزوجين ما دامت الزوجية قائمة وتبعاً لذلك لا يعتد بما يصدر منهما بعد الزواج من اتفاقات أو إقرارات يكون القصد منها إخراج أي عنصر من عناصر المال المشترك من نظام الاشتراك واعتباره مملوكاً ملكية خاصة لأحدهما لما كان ذلك وكان من مقتضى نظام الاشتراك أن يعتبر ما لا مشتركاً بين الزوجين جميع المنقولات التي كان يملكها كل منهما وقت الزواج وكذلك المنقولات التي يقتنيها أحدهما أثناء قيام الزوجية ولو كان قد دفع ثمنها من إيراد خاص حصل عليه من عمله الشخصي ويحق لدائني الزوج التنفيذ على جميع الأموال المشتركة لاستيفاء ديونهم منها لما كان ما تقدم وكان تطبيق هذه القواعد على وجهها الصحيح في النزاع المطروح يقتضي ألا يعتد بادعاء الزوجة المطعون عليها الأولى للمقولات المحجوز عليها ملكية خاصة وبطلبها بطلان الحجز الذي أوقعه الطاعن على هذه المنقولات لاستيفاء دينه قبل الزوج إلا إذا قدمت هي الدليل على أنها عقدت مع زوجها قبل الزواج مشارطة تتضمن خروجهما على نظام الاشتراك ولا يغير من الأمر صدور حكم للزوجة بالتطليق من زوجها إذ أن هذا الحكم وقد صدر على ما هو ظاهر من بيانات الحكم المطعون فيه - بتاريخ 26/ 3/ 1957 بفصم عقد الزواج المبرم بين الزوجين بتاريخ 8/ 3/ 1927 لا يؤثر على حق الطاعن الذي نشأ قبل صدوره وأثناء قيام الزوجية وتعلق هذا الحق بالأموال المشتركة لما كان ما تقدم كله فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واعتبر أن زواج المطعون عليها لم يتم على أساس نظام الاشتراك بغير أن تقدم هي الدليل المقبول قانوناً على ذلك واستناداً إلى ما قاله من أن الطاعن لم يقدم الدليل على أن زواجها تم على أساس ذلك النظام مع أنه غير ملزم بتقديمه وإلى الإقرار الصادر من الزوج في سنة 1947 أثناء قيام الزوجية مع أن هذا الإقرار لا يكون له أي أثر إذا ما عجزت الزوجة عن تقديم الدليل سالف الذكر وإلى باقي القرائن التي سردها والتي لا تغني عن تقديم هذا الدليل فإن الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.

الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

الطعنان 14 لسنة 19 ق ، 2 لسنة 20 ق جلسة 22 / 12 / 1951 مكتب فني 3 ج 3 رجال قضاء ق 1 ص 719

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1951

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد حسني بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك وإسماعيل مجدي بك وعبد العزيز سليمان بك وباسيلي موسى بك المستشارين.

-----------------
(1)
القضيتان رقما 14 سنة 19 قضائية و2 سنة 20 قضائية

 (1)ترقية.

الترقية إلى درجة وكيل محكمة وما يعادلها وما فوقها. أساسها الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية. تطبيق هذه القاعدة ليس من إطلاقات السلطة التنفيذية. المادة 23 من قانون استقلال القضاء.
 (2)تقرير الطعن.

وجوب اشتمال تقرير الطعن على الأسباب التي بني عليها - لا يغني عن هذا البيان لإحالة على الأسباب المذكورة في تقرير الطعن للطالب في مرسوم سابق ولا بيان هذه الأسباب في مذكرته الشارحة. المادة 23 من قانون استقلال القضاء والمادة 429 من قانون المرافعات.

---------------

(1)إنه وإن كان لوزارة العدل كامل السلطة في وضع درجات للأهلية وتقدير أهلية كل من رجال القضاء بحسب ما يتجمع لديها من معلومات تستمدها من واقع أعماله وما تدل عليه تقارير التفتيش عنه وسائر الأوراق المودعة ملفه الخاص، وتقديرها في هذا الشأن هو مما تستقل به متى كان يستند إلى ما هو ثابت بأوراق الملف المشار إليه، إلا أن المادة 23 من قانون استقلال القضاء إذ نصت في الفقرة الأخيرة منها على "أنه يجري الاختيار في الوظائف الأخرى (أي وظائف وكلاء المحاكم وما يعادلها وما فوقها) على أساس الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية" قد شرعت قواعد في هذا الخصوص يجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون ومن لا يكون الأمر في تطبيق هذه القواعد من إطلاقات الوزارة تباشره بلا معقب عليها وإلا لكان التظلم من الإخلال بها عبثاً لا جدوى منه. وإذن فمتى كان يبين من مراجعة أوراق الملف السري الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير عن درجة أهليته ومقارنة ذلك كله بالبيانات الرسمية المستخرجة بناء على أمر هذه المحكمة من واقع السجل السري لرجال القضاء الذين تناولتهم الترقية بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية - يبين من هذه المقارنة أن الطالب بالأقل مساو في الأهلية لزميله الذي كان يليه في الأقدمية ورقي بمقتضى المرسوم المطعون فيه ولم يقم دليل على وجود مسوغ لهذا التخطي، ومن ثم فإنه يتعين إلغاء المرسوم المطعون فيه لمخالفته للمادة سالفة الذكر وكذلك ما ترتب عليه من قرارات وزارية.
 (2)إن المادة 23 من قانون نظام القضاء إذ أوجبت أن يتبع في تقديم الطلبات من رجال القضاء بإلغاء المراسيم المتعلقة بإدارة القضاء القواعد والإجراءات المقررة للطعن في المواد المدنية، فإن من مقتضى هذا أن المادة 429 من قانون المرافعات تسري في هذه الحالة وهي توجب أن يشتمل تقرير الطعن على بيان الأسباب التي بني عليها ولا يغني عن بيانه فيه الإحالة على ما ذكره الطالب في تقرير طعن له في مرسوم سابق، ولا بيان هذه الأسباب في مذكرته الشارحة، أما ما يرد به الطالب من أن المرسوم المطعون فيه إنما هو أثر من آثار المرسوم السابق الذي يبن في طلبه السابق أسباب طعنه فيه، هذا الرد لا يبرر قبول طلبه الحالي الذي لم يراع فيه الأوضاع الشكلية المقررة قانوناً. على أنه لا يمكن اعتباره طلباً عارضاً مترتباً على طلب السابق بحيث يصح قبوله دون تقيد بإجراءات الطعن الواجب إتباعها، ذلك أن المرسوم 14 من فبراير سنة 1950 يتضمن هو الآخر تخطي الطالب في الترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب" ولا يتناول بالترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة ( أ ) أحداً ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية قبل صدور مرسوم 26 سبتمبر سنة 1949 فالطعن فيه هو طعن مستقل عن الطعن في المرسوم السابق إذ هو لا يعتبر أثراً من آثاره وإن كان قبول الطعن في المرسوم السابق من شأنه أن يجعل الطعن في المرسوم الجديد عدم الجدوى ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب شكلاً.


الوقائع

في 5 من نوفمبر سنة 1949 طعن الأستاذ.... القاضي في المرسوم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 والمنشور في الوقائع المصرية بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1949 بالعدد رقم 130 والخاص بإجراء تعيينات وتنقلات وانتدابات قضائية بالمحاكم الوطنية وذلك بتقرير طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المرسوم المشار إليه فيما تضمنه من تركه في الترقية إلى درجة أعلى وكذلك إلغاء جميع القرارات المترتبة عليه من ترقيات إدارية ونحوها مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ كافة حقوقه. وفي 6 من نوفمبر سنة 1949 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن، وفي 24 من الشهر المذكور أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما بتقرير الطعن ومذكرة شارحة وحافظة بمستنداته، وفي 15 من ديسمبر سنة 1949 أودعت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيه رفض الطلب مع إلزام الطالب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، كما قدمت حافظة بمستنداته، وفي 27 من ديسمبر سنة 1949 أودع الطالب مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 14 من مايو سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطلب شكلاً ومع ما تراه من خلوه بحالته من الدليل مما يستدعي رفضه فإنها بصفة احتياطية وفي شأن طلب ضم الأوراق المطلوبة قبل الفصل في الطعن لا ترى مانعاً من ضم دفاتر الطبع إذا ما رأت المحكمة الاطلاع عليها وضم غيرها من أوراق الحركة المطعون عليها فما خلا الملفات السرية لحضرات القضاة الذين تناولتهم الترقية. وقد قيد هذا الطعن بجدول المحكمة برقم 14 سنة 19 ق "رجال القضاء". وبجلسة 4 من يونيه سنة 1950 المعينة لنظره قررت المحكمة قبل الفصل في الطلب تكليف وزارة العدل بتقديم بيانات مطابقة للأصل من واقع السجل السري لحضرات رجال القضاء الذين رقوا بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية وحددت للمرافعة جلسة 22 من أكتوبر سنة 1950 وألزمت الوزارة بإيداع البيانات المطلوبة إلى ما قبل الجلسة المذكورة بثلاثة أسابيع، وقد نفذت وزارة العدل هذا القرار وفي يوم 16 من مارس سنة 1950 طعن الطالب. بموجب قرار إعفاء من الرسوم رقم 4 سنة 20 ق - في المرسوم الملكي الصادر في 14 من فبراير سنة 1950 بإجراء حركة قضائية بالمحاكم والمنشور في عدد الوقائع الرسمية رقم 21 الصادر في 16 من فبراير سنة 1950 وذلك بتقرير طلب فيه إلغاء المرسوم المذكور فيما تضمنه من تخطيه في الترقية. وفي 18 من مارس سنة 1950 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن، وفي أول إبريل سنة 1950 أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما بتقرير الطعن ومذكرة شارحة وحافظة بمستنداته وفي 20 من إبريل سنة 1950 أودعت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيها أصلياً الحكم ببطلان الطعن لخلو التقرير من بيان الأسباب التي بني عليها، واحتياطياً رفض الطعن مع إلزام الطاعن في جميع الحالات بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي 10 من مايو سنة 1950 أودع الطالب مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 21 من مايو سنة 1950 أودعت وزارة العدل مذكرة بملاحظاتها على رد الطالب، وفي 27 من أغسطس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها - أولاً - بعدم قبول هذا الطعن شكلاً - وثانياً - في حالة قبوله شكلاً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وقد قيد هذا الطعن بجدول المحكمة برقم 2 سنة 20 ق "رجال القضاء" وحدد لنظره جلسة 3 من نوفمبر سنة 1951 التي حددت أخيراً لنظر الطلب رقم 14 سنة 19 ق وفيها قررت المحكمة ضم الطلب رقم 2 سنة 20 ق "رجال القضاء" إلى الطلب الأول لارتباطه به والتأجيل لجلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 مع تبادل المذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع، وقد قدمت المذكرات التكميلية من الطرفين والنيابة. وبجلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

عن الطلب رقم 14 سنة 19 ق "رجال القضاء".
من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطالب يبني طلبه على أنه حصل على إجازة الليسانس في القانون عام 1921. ثم اشتغل بالمحاماة حوالي ثلاث سنين، وفي سنة 1924 عين مساعد للنيابة ثم درج في مختلف وظائف النيابة والقضاء حتى عين قاضياً من الدرجة الأولى في سبتمبر سنة 1946، وفي 26 من سبتمبر سنة 1949 صدر المرسوم المطعون فيه متخطياً إياه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب"، ومما ينعاه على هذا المرسوم في أسباب طعنه أنه خالف في شأنه الفقرة الأخير من المادة 23 من قانون استقلال القضاء التي جعلت الأهلية أساساً للترقية إلى وظيفة وكيل محكمة أو ما يعادلها ونصت على أنه في حالة تساوي المرشحين من القضاة في الأهلية تراعى الأقدمية، ويقول إن أهليته ثابتة بشهادة الرؤساء النيابة الذين سبق له العمل معهم ومن تقارير التفتيش المقدمة عنه وعلى الخصوص تقرير التفتيش الأخير عن أعماله حين كان رئيساً للدائرة التجارية بمحكمة طنطا، وأن من رقوا في نفس المرسوم ممن كانوا يلونه في كشف الأقدمية وهم ثلاثة عشر يبدأون بالأستاذ..... ولا يمتازون عنه في الأهلية مما كان يقتضي معه أن تشمله الترقية قبلهم، وانتهى إلى طلب إلغاء المرسوم المشار إليه فيما تضمنه من عدم ترقيته وإلغاء جميع القرارات الإدارية المترتبة عليه مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن الوزارة ردت على هذا السبب بأن تقرير الأهلية لا يبنى على تقرير واحد بل على مجموع التقارير وعلى ما تقدم إلى الوزير من معلومات يستقيها من المنظمات التي أنشأها القانون لتمده بالرأي وأن مهمة إدارة التفتيش تنحصر في جمع البيانات التي تساعد على معرفة درجة كفاية القضاة ومدى حرصهم على واجبات وظيفتهم وأن الأهلية لا تنحصر في الكفاية الفنية فحسب بل تشمل عناصر أخرى تكون الصلاحية للترقية وهي تتضمن النواحي العملية والفنية والإدارية والأخلاقية للقاضي وتقدير هذه الأهلية هو حق مطلق للوزارة بدليل أن المادة 23 من قانون استقلال القضاء - جاءت خلواً من تعريف الأهلية مما يستتبع وجوب إطلاق السلطة للوزارة في تقديرها، وقد عرضت الوزارة الحركة القضائية موضوع المرسوم المطعون فيه على المجلس القضاء فأقرها عليها والوزارة إذ هي لم تختر الطالب ضمن من اختارتهم للترقية فقد فعلت ذلك إعمالاً منها لحقها في التقدير والاختيار وترى النيابة أن الوزارة هي التي تقرر كفاية القاضي ومدى صلاحيته للترقية وتقديرها في هذا الشأن لا معقب عليه متى خلا من مخالفة القانون وأن الوزارة لم تجاوز وهي بسبيل إعداد مرسوم الحركة المطعون فيه حدود سلطتها ومن ثم فلا مخالفة للقانون.
ومن حيث إن ما يدفع به المدعى عليهما من أن تقدير أهلية رجال القضاء واختيار المستحقين منهم للترقية هو حق مطلق للوزارة تستعين في مباشرته برأي المنظمات التي أوجب القانون أخذ رأيها في الحركة القضائية دون أن يكون لهذه المحكمة رقابة عليها في استعماله - هذا الدفاع مردود بأنه وإن كان للوزارة كامل السلطة في وضع درجات للأهلية وتقدير أهلية كل من رجال القضاء بحسب ما يتجمع لديها من معلومات تستمدها من واقع أعماله وما تدل عليه تقارير التفتيش عنه وسائر الأوراق المودعة ملفه الخاص وتقديرها في هذا الشأن هو مما تستقل به متى كان يستند إلى ما هو ثابت بأوراق الملف المشار إليه، إلا أن المادة 23 من قانون استغلال القضاء إذ نصت في الفقرة الأخيرة منها على "أنه يجري الاختيار في الوظائف الأخرى (أي وظائف وكلاء المحاكم وما يعادلها وما فوقها) على أساس الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية" قد شرعت قواعد هذا الخصوص يجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون ومن ثم لا يكون الأمر في تطبيق هذه القواعد من إطلاقات الوزارة تباشره بلا معقب عليها وإلا لكان التظلم من الإخلال بها عبثاً لا جدوى منه.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة أوراق الملف السري الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير عن درجة أهليته ومقارنة ذلك كله بالبيانات الرسمية المستخرجة بناء على أمر هذه المحكمة من واقع السجل السري لرجال القضاء الذين تناولتهم الترقية بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية - يبين من هذه المقارنة أن الطالب بالأقل مساو في الأهلية للأستاذ... الذي كان يليه في الأقدمية ورقي بمقتضى المرسوم المطعون فيه، ولم يقم دليل عن وجود مسوغ لهذا التخطي. ومن ثم يتعين إلغاء المرسوم المطعون فيه لمخالفته للمادة سالفة الذكر وكذلك ما ترتب عليه من قرارات وزارية.

(عن الطلب رقم 2 سنة 20 ق(
من حيث إن الطالب قرر في 16 من مارس سنة 1950 الطعن في المرسوم الصادر في 14 من فبراير سنة 1950 بإجراء حركة قضائية بالمحاكم والمنشور في عدد الوقائع المصرية الصادر في 16 من فبراير سنة 1950 لما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة أعلى. وقال في تقريره إنه يحيل في أسباب طعنه على ما ذكره تفصيلاً في تقرير طعن سابق له في المرسوم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 بإجراء حركة قضائية، ثم قدم مذكرة شارحة بإمضائه لم يوقعها أحد من المحامين ذكر فيها أن الوزارة رقت في المرسوم المطعون فيه اثنين من زملائه ممن يلونه في الأقدمية بحجة امتيازهما في الأهلية في حين أن القانون اكتفى في شأن الترقية إلى درجة وكيل محكمة وما فوقها بالأهلية فقط، يدل على ذلك أن الشارع حين أراد أن يجعل للامتياز أثراً في الترقية من قاض من الدرجة الثانية إلى قاض من الدرجة الأولى نص على ذلك صراحة ووضع الوسائل الكفيلة بتقدير هذا الامتياز.
ومن حيث إن المدعى عليهما والنيابة دفعوا ببطلان تقرير هذا الطعن لأنه خلو من الأسباب التي بني عليها ولأنه لا عبرة بما جاء في المذكرة الشارحة من أسباب إذ فضلاً عن أنها خالية من توقيع محامي الطاعن. ولذلك يجب استبعادها. فإن أسباب الطعن يجب أن تبين ابتداء في التقرير ولا يغني عن ذلك بيانها في المذكرة الشارحة.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المادة 23 من قانون نظام القضاء إذ أوجبت أن يتبع في تقديم الطلبات من رجال القضاء بإلغاء المراسيم المتعلقة بإدارة القضاء القواعد والإجراءات المقررة للطعن في المواد المدنية، فإن من مقتضى هذا أن المادة 429 من قانون المرافعات تسري في هذه الحالة وهي توجب أن يشتمل تقرير الطعن على بيان الأسباب التي بني عليها ولا يغني عن بيانها فيه الإحالة على ما ذكره الطالب في تقرير طعن له في مرسوم سابق، ولا بيان هذه الأسباب في مذكرته الشارحة، أما ما يرد به الطالب على هذا الدفع من أن المرسوم المطعون فيه إنما أثر من آثار المرسوم السابق الذي بين في طلبه السابق أسباب طعنه فيه - هذا الرد لا يبرر قبول طلبه الحالي الذي لم يراع فيه الأوضاع الشكلية المقررة قانوناً. على أنه لا يمكن اعتباره طلباً عارضاً مترتباً على طلبه السابق بحيث يصح قبوله دون تقيد بإجراءات الطعن الواجب إتباعها. ذلك أن مرسوم 14 من فبراير سنة 1950 يتضمن هو الآخر تخطي الطالب في الترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب" ولا يتناول بالترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "أ" أحداً ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية قبل صدور مرسوم 26 من سبتمبر سنة 1949 فالطعن فيه هو طعن مستقل عن الطعن في المرسوم السابق. إذ هو لا يعتبر أثراً من آثاره وإن كان قبول الطعن في المرسوم السابق من شأنه أن يجعل الطعن في المرسوم الجديد عدم الجدوى.
ومن حيث إنه لما سبق يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب شكلاً.


الطعن 206 لسنة 19 ق جلسة 3 / 1 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 58 ص 344

جلسة 3 يناير سنة 1952

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
------------
(58)
القضية رقم 206 سنة 19 القضائية

نقض:
(أ ) حكم. صحته على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن. ليست وجهاً لعدم قبوله شكلاً. هي سبب لرفضه موضوعاً.
(ب) حكم. قبوله المانع من الطعن فيه. شرطه. حكم بإحالة الدعوى على دائرة الإيجارات. حضور المحكوم عليه أمام هذه الدائرة ومرافعته في الدعوى. لا يعتبر قبولاً. هذا حكم واجب النفاذ قانوناً.
(ج) طعن وارد على إحدى الدعامتين المقام عليهما الحكم. الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمله. طعن غير منتج.

-----------
1 - إن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل هي تكون سبباً لرفضه موضوعاً.
2 - يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقول أو عمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحتمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم القاضي بإحالة الدعوى على الدائرة المختصة بقضايا الإيجارات من مجرد مرافعته أمام محكمة الإحالة في هذه الدعوى إذ هذا الحكم واجب النفاذ قانوناً.
3 - إذا كان الحكم مقاماً على دعامتين، مستقلة كلتاهما عن الأخرى، وكان الطعن وارداً على إحداهما ولا مساس له بالأخرى وكانت الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمل قضائه، كان هذا الطعن غير منتج.


الوقائع

في يوم 19 من ديسمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 8 من مايو سنة 1949 في الاستئناف رقم 185 - 66 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً باختصاص الدائرة الثانية عشرة بمحكمة مصر الابتدائية بنظر الدعوى باعتبار أن عقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 يخضع في تحديد حقوق طرفيه إلى أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 2765 - 70 ق من محكمة مصر الابتدائية المختلطة بتاريخ 18 من إبريل سنة 1946 و12 من يونيه سنة 1947 واحتياطياً رفض الدعوى. ومن باب الاحتياط الكلي إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجات الثلاث. وفي 24 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 8 من يناير سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 28 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن واحتياطياً برفضه وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 12 من فبراير سنة 1950 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد وفي 25 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بملاحظاتهم على الرد.. وفي 7 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً برفض الدفعين بعدم قبول الطعن وبقبوله شكلاً وثانياً برفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 20 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

.... من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى رقم 2529 سنة 1948 كلي مصر أمام الدائرة المختصة بنظر قضايا الإيجارات بمحكمة مصر على الطاعن عن نفسه وبصفته رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للسينما ونيقولا جاللى وابزيدور ليفي وطلبوا فيها الحكم بإلزام الطاعن في مواجهة الآخرين بإخلاء العين المؤجرة المبينة بعقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 وتسليمها إليهم بما عليها من مبان وملحقات وقالوا شرحاً لدعواهم أنه في 19 من إبريل سنة 1936 أجروا قطعة أرض فضاء مساحتها 735 متراً مبينة الحدود بالعقد إلى نيقولا جاللى الايطالي الجنسية ليقيم عليها دار للسينما بمبان ثابتة وما يتعبها من ملحقات ودكاكين حسب رغبته لمدة ثمان سنوات من أول يونيه سنة 1936: 31 من مايو سنة 1944 بإيجار شهري مقداره ثمانية جنيهات عن السنوات الخمس الأولى وخمسة عشرة جنيهاً عن ثلاث السنوات التالية وأنهم استصدروا حكماً بالإخلاء في الدعوى رقم 589 سنة 1947 المنيا ضد نيقولا جاللى إلا أن الطاعن استشكل في تنفيذه بحجة أنه مستأجر بموجب عقد إيجار محرر في ديسمبر سنة 1946 صادر له من ليفي الذي استأجر بدوره من نيقولا جاللى، وقضى بقبول الإشكال ووقف تنفيذ الحكم - وأسسوا دعواهم على أن عقد الإيجار المحرر بينهم وبين المستأجر الأصلي منه يحرم التأجير من الباطن لمدة تزيد على مدة العقد الأصلي - وفي 23 من يناير سنة 1949 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على الدائرة الخامسة لجلسة 23 من يناير سنة 1949 لاختصاصها بنظرها وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 121 سنة 1947 استثنى من نطاق تطبيقه الأرض الفضاء بمقتضى المادة الأولى منه، كما نص في المادة الخامسة عشرة منه على أن تظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة. وأنه لا يغير من هذا النظر أن الأرض الفضاء المؤجرة قد اتفق على إقامة مبان عليها إذ أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العقد فإنه ينصب على أرض فضاء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء باختصاص دائرة الإيجارات بنظرها وإحالتها عليها للفصل فيها من جديد مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف فدفع المستأنف عليهم بعدم جواز الاستئناف لأسباب ذكروها. وفي 8 من مايو سنة 1949 قضت محكمة الاستئناف برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولما أضافته عليها من أسباب. فقرر الطاعن الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهم دفعوا بعدم قبول الطعن لسببين: يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه يصح حمله على غير الأسباب التي ينصب عليها الطعن إذ ورد به "إن قانون إيجارات الأماكن الذي تبني الشركة "الطاعنة" دفاعها على أساسه يشترط لجواز الإفادة من أحكامه أن يكون التأجير من الباطن حاصلاً بتصريح كتابي من المؤجر وقت التأجير متى كان عقد الإيجار سابقاً على 30 من ديسمبر سنة 1943 ولا يغني عن التصريح الخاص ما يتضمنه عقد الإيجار الأصلي من تصريح عام ولا ريب أن المرجع في تحديد العلاقة بين المالك أو المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن أو المتنازل إليه عن الإجارة هو القانون المعمول به حالياً لأنه وحده هو الذي ينظم العلاقة بين المستأجرين والمؤجرين" وأنه لما كانت هذه الأسباب كافية لحمل الحكم ولم يطعن عليها الطاعن كان الطعن عليه، غير مقبول، ويتحصل السبب الآخر في أنه بعد صدور الحكم المطعون فيه في 8 من مايو سنة 1949 أحيلت الدعوى لجلسة 29 من مايو سنة 1949 على إحدى الدوائر الأخرى تنفيذاً للحكم المطعون فيه، وحضر الطرفان أمامها وأجلت القضية مراراً ثم حجزت للحكم وقدمت المذكرات ثم فتح باب المرافعة فيها وأحيلت أخيراً على محكمة عابدين الجزئية للفصل فيها. وحجزت أمامها للحكم ولم يفكر الطاعن في الطعن في الحكم إلا في 19 من ديسمبر سنة 1949 مما يفيد أنه قد رضي به رضاء يمتنع معه عليه الطعن فيه بالنقض.
ومن حيث إن هذا الدفع بسببيه مردود أولاً: بأن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل تكون سبباً لرفضه موضوعاً. وثانياً بأنه يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقبول أو حمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم من المرافعة أمام محكمة الإحالة متى كان الحكم واجب النفاذ قانوناً كما هو الحال في الدعوى.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم إذ فصل في النزاع على خلاف الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية المختلطة في القضية رقم 2765 سنة 65 ق. أخطأ في القانون ذلك أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى المشار إليها وطلبوا فيها الحكم بالإخلاء لانتهاء مدة التأجير ولأن العين المؤجرة أرض فضاء لا يستفيد مستأجرها بالحماية التي فرضها الأمر العسكري رقم 315 المعدل بالأمر رقم 598، فأصدرت المحكمة المذكورة حكمها في هذا النزاع في 18 من إبريل سنة 1946 قاضياً بصفة انتهائية برفض طلب الإخلاء على أساس على أن المطعون عليهم يمتلكون بحكم القانون وبحكم نص العقد المباني التي أقيمت على الأرض اعتباراً من 31 مايو سنة 1944 وأن الإيجار المتفق عليه يشمل إيجار هذه المباني وأن طلب الإخلاء والحالة هذه مما يتعارض مع نصوص الأمر العسكري المشار إليه، كما قضت بصفة انتهائية في 12 من يونيو سنة 1947 برفض طلب المطعون عليهم زيادة الأجرة المتفق عليها إلى ثمانين جنيهاً على أساس أن الأمر العسكري رقم 598 قد حدد تحديداً قاطعاً الأجرة القانونية التي يجب على المستأجر دفعها كما حدد الزيادة التي أباحها فلا يجوز للمطعون عليهم طلب زيادتها في غير الحدود التي أجازها الأمر العسكري السابق الإشارة إليه، وأنه لما كان الحكمان قد صدرا بين نفس الخصوم وحازا قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى تحديد موضوع عقد الإيجار بحيث لا يجوز أن يعتبر العقد بعد ذلك منصباً على قطعة أرض فضاء تحدد حقوق طرفيه وفقاً للقانون العام بل أصبح عقد إيجار مبان تتحدد حقوق طرفيه وفقاً لقواعد القانون الخاص بتحديد العلاقات بين المؤجر والمستأجر، ومن ثم كان من المتعين على المحكمة أن تلتزم في قضائها هذين الحكمين وأنها إذ قررت أن موضوع الدعوى يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 الخاص بتحديد العلاقة بين المؤجرين - والمستأجرين أهدرت حجية الحكمين الصادرين من محكمة مصر المختلطة وبالتالي خالفت نص المادة 405 من القانون المدني.
ومن حيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم إذ قرر أن وجود المباني على الأرض لا يغير من طبيعة العقد ولا يجعل من مستأجرها مستحقاً لحماية الشارع بما تخوله القوانين الاستثنائية لمستأجري المساكن لما في طبيعتها من قيود. قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك لأنه من المسلم أنه إذا رخص للمستأجر في إقامة مبان على قطعة الأرض المؤجرة على أن تؤول ملكيتها عند انتهاء مدة الإجارة إلى المؤجر فإن ملكية المؤجر لهذه المباني تعتبر أنها مستقرة له ابتداء من تاريخ إقامتها وتغير في طبيعة موضوع العقد من أرض فضاء إلى أرض مقام عليها مبان ويؤكد هذا النظر اعتراف المطعون عليهم بأن عقد الإيجار قد شمل الأرض كما شمل المباني المقامة عليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص دائرة الإيجارات وهى الدائرة المخصصة للفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947. أقام قضاءه على دعامتين الأولى - أن القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لا تسري أحكامه عملاً بالمادة الأولى منه على الأراضي الفضاء، وأن موضوع العقد هو أرض فضاء - والأخرى - أن الطاعن بصفته وهو مستأجر من الباطن قد أستأجر المكان المؤجر بغير إذن كتابي صريح من المالك في تاريخ التأجير وأن التصريح العام في العقد الأصلي بالتأجير من الباطن لا يعمل به لأنه سابق على 22 من ديسمبر سنة 1943.
ومن حيث إنه لما كان الحكم يقوم على الدعامة الثانية وحدها التي لم يمنع عليها الطاعن يكون النعي في سببي الطعن على الدعامة الأولى وحدها غير منتج. والحكم فيما قرره بالنسبة إلى الدعامة الثانية لا يتعارض مع قضاء المحكمة المختلطة الصادر في 18 من إبريل سنة 1946 قبل العمل بالقانون رقم 121 سنة 1947 إذا لم يكن مطروحاً عليها موضوع عقد التنازل الصادر للطاعن الذي لم يكن خصماً في تلك الدعوى، ومن ثم يتعين رفض الطعن

الطعن 55 لسنة 20 ق جلسة 14 / 2 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 83 ص 492

جلسة 14 من فبراير سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
--------------
(83)
القضية رقم 55 سنة 20 القضائية

تزوير.
)أ) حكم برد وبطلان ورقة - عدم ندب المحكمة خبيراً لإجراء المضاهاة. تكوين اقتناعها بتزوير البصمة من أوراق الدعوى ووقائعها. لا مخالفة في ذلك للقانون.
(ب) مضاهاة. أوراق للمضاهاة. لكل من الخصوم في دعوى التزوير أن يقدم للمحكمة ما يريد من هذه الأوراق. المحكمة غير ملزمة بمطالبة الخصوم بتقديم شيء منها.

--------------
 (1)إن القانون لا يوجب على المحكمة ندب خبير لتحقيق بصمة الختم المطعون فيها بالتزوير بل أن لها متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين اقتناعها بتزوير هذه البصمة أن تحكم برد وبطلان الورقة من غير أن تحيل الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود.
 (2)للمدعى عليه بالتزوير أن يقدم إلى المحكمة الأوراق التي يرى إجراء المضاهاة عليها ولكن ليست المحكمة ملزمة بأن تطلب إليه شيئاً منها. وذلك تفريعاً عن الأصل القاضي بأن إحالة الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو شهادة الشهود إنما محلها إذا لم تقتنع المحكمة من وقائع الدعوى ومستنداتها برأي في شأن الورقة المطعون فيها بالتزوير ومن ثم فإنه يكون في غير محله النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الطاعن في الدفاع إذ لم تطلب منه المحكمة أوراقاً لإجراء المضاهاة مكتفية بما قدمه المطعون عليه من هذه الأوراق.


الوقائع

في يوم 25 من فبراير سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 4 من ديسمبر سنة 1949 في الاستئناف رقم 58 سنة 1946 س - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 28 من فبراير سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 14 من مارس سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 5 من إبريل سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 15 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 14 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 31 من يناير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1380 سنة 1941 مدني البلينا على الطاعن يطلب تثبيت ملكيته إلى 15 قيراطاً و6 أسهم مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف المنازعة والتسليم. فدفع الطاعن بأنه تملك العين المذكورة بطريق الشراء من المطعون عليه بموجب عقد شراء مؤرخ في 9 من سبتمبر سنة 1939 ومصدق عليه في 23 منه ومسجل في 27 منه - فطعن المطعون عليه في هذا العقد بالتزوير - وفي 20 من مارس سنة 1945 قضت المحكمة برد وبطلان العقد المذكور. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 58 سنة 1946 سوهاج. وفي 2 من يونيه سنة 1946 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى على التحقيق وفي 4 من ديسمبر سنة 1949 قضت بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، حاصل أولهما مخالفة الحكم للقانون إذ لم يندب خبيراً لتحقيق صحة بصمة الختم الموقع بها على عقد البيع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن القانون لا يوجب على المحكمة ندب خبير لتحقيق بصمة الختم المطعون فيه بالتزوير، بل إن لها متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين اقتناعها بتزوير هذه البصمة أن تحكم برد وبطلان الورقة المطعون فيها من غير أن تحيل الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني هو مخالفة الحكم للقانون وإخلاله بحق الطاعن في الدفاع إذ لم تطلب منه المحكمة أوراقاً لإجراء المضاهاة عليها مكتفية بما قدمه المطعون عليه من أوراق.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه إذا كان للمدعى عليه بالتزوير - إن شاء أن يقدم إلى المحكمة الأوراق التي يرى إجراء المضاهاة عليها - فإن المحكمة ليست ملزمة بأن تطلب إليه شيئاً من ذلك، وذلك تفريعاً عن الأصل القاضي بأن إحالة الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو شهادة الشهود إنما محلها إذا لم تقتنع المحكمة من وقائع الدعوى ومستنداتها برأي في شأن الورقة المطعون فيها بالتزوير.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم بالسبب الثالث القصور في التسبيب من وجهين: الأول إذا لم يجبه إلى طلبه بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1946 تعيين خبير لإجراء المضاهاة، والثاني إذ لم يرد على ما جرح به شهادة شهود المطعون عليه في خصوص سبب وجودهم بالمحكمة وقت التصديق على العقد المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في الوجه الأول منه بأنه تكرار لما ورد بالسبب الثاني وسبق الرد عليه، ومردود في الوجه الثاني منه بأنه مجادلة في تقدير الأدلة مما لا يصح طرحه على هذه المحكمة، ذلك لأن الاعتبار بشهادة الشهود أو عدمه مرده إلى اطمئنان محكمة الموضوع.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 92 لسنة 20 ق جلسة 28 / 2 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 95 ص 555

جلسة 28 من فبراير سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
---------------
(95)
القضية رقم 92 سنة 20 القضائية

إجارة:
فسخ عقد المستأجر الأصلي يترتب عليه حتماً انقضاء عقد المستأجر من الباطن ولو كان قائماً بحسب شروطه. لا يلزم لسريان حكم فسخ العقد الأصلي على عقد المستأجر من الباطن أن تقام الدعوى على هذا الأخير. لا أهمية لثبوت تاريخ عقد المستأجر من الباطن قبل أو بعد رفع دعوى الفسخ. عدم علم المستأجر من الباطن بسبب الفسخ وقت استئجاره لا أهمية له. لا لزوم للتنبيه على المستأجر من الباطن بالإخلاء لكي يسري عليه الحكم فسخ العقد الأصلي. لا أحقية للمستأجر من الباطن في تملك الثمار بعد فسخ عقد المستأجر الأصلي.

--------------
إن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتماً بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها وأنه لا يلزم لسريان حكم فسخ عقد المستأجر الأصلي على عقد المستأجر من الباطن أن تقام الدعوى على هذا الأخير ولا يهم في هذه الحالة أن يكون عقد المستأجر من الباطن ثابت التاريخ قبل رفع دعوى الفسخ أو بعد رفعها كما لا يهم أن يكون عالماً بسبب الفسخ وقت استئجاره أو غير عالم به ولا يشترط كذلك أن ينبه عليه بالإخلاء لكي يسري عليه حكم فسخ عقد الإيجار الأصلي إذ هو لا يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير كما أن حيازته العرضية للأطيان المؤجرة لا تخوله حق تملك الثمار بعد انقضاء عقده تبعاً لفسخ عقد المستأجر الأصلي إذ يصبح حائزاً بلا سند.


الوقائع

في يوم 28 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 29 من ديسمبر سنة 1949 في الاستئناف رقم 147 سنة 1 ق - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 29 من مارس سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 16 من إبريل سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها - وفي 7 من مايو سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 22 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد - وفي 6 من يونيه سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 25 من ديسمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 14 من فبراير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم المحامي عن الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه في 22 من فبراير سنة 1932 أجر عباس متولي رجب بصفته ناظراً على وقف أبيه 347 فدان و4 قيراط و2 سهم، إلى فيليب شيحه لمدة ست سنوات ابتداء من سنة 1932 الزراعية حتى نهاية نوفمبر سنة 1937 بإيجار مقداره 10422 جنيهاً بما في ذلك الأموال الأميرية ونص في البند الخامس من عقد الإيجار على أن المؤجر قبض كامل الإيجار ومقداره 8322 جنيهاً بعد خصم الأموال - وفي ذات التاريخ باعت السيدة ليلى شيحه (زوجة المستأجر) 93 فدان إلى المؤجر خصم من ثمنها مبلغ 5000 جنيه مما استحق على المستأجر بمقتضى عقد الإيجار وفي 23 من نوفمبر سنة 1932 أجر فيليب شيحه الأطيان المؤجرة إليه إلى المطعون عليه بعقد أثبت تاريخه في 24 من نوفمبر سنة 1932 لمدة خمس سنوات من سنة 1932 الزراعية إلى آخر نوفمبر سنة 1937 بإيجار إجمالي مقداره 2000 جنيه ونص في العقد على أن المؤجر قبض كامل الإيجار مقدماً، وقد أجر المطعون عليه هذه الأطيان إلى خليفة السلماوي لمدة سنة من نوفمبر سنة 1936 لغاية نوفمبر سنة 1937 بإيجار مقداره 694 جنيهاً وفي 29 من ديسمبر سنة 1932 أقام عباس متولي رجب دعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة على فيليب شيحه وزوجته ومرتهني العقار المبيع إليه. طلب فيها الحكم بفسخ عقدي البيع والإيجار المشار إليهما فيما سبق - فقضي له في 20 من نوفمبر سنة 1934 بطلباته - وفي 24 من نوفمبر سنة 1942 أقامت وزارة الأوقاف التي حلت محل عباس رجب الدعوى الحالية على ورثة فيليب شيحه والمطعون عليه وخليفة السلماوي وطلبت الحكم فيها على كل من المدعى عليهم بما يقابل مدة انتفاعه بالأطيان المؤجرة والتي قضي بفسخ عقد تأجيرها - وقد قضي في الدعوى المذكورة غيابياً بالنسبة إلى المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعنة مبلغ 3474 جنيهاً والمصاريف فعارض وقضي بتأييد الحكم - فاستأنف فقضت محكمة الاستئناف في 29 من ديسمبر سنة 1949 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنة فقررت الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم أنه إذ قضي برفض دعواها تأسيساً على أن الحكم الصادر من المحكمة المختلطة والذي قضى بفسخ عقد الإيجار الأصلي لا يؤثر على عقد الإيجار من الباطن الصادر من فيليب شيحه إلى المطعون عليه بحجة أنه لا شأن له في النزاع الذي كان مطروحاً على تلك المحكمة إذ هو لا يعتبر خلفاً للمستأجر الأصلي بل يعتبر من الأغيار بالنسبة إليه ولم يوجه إلى عقده أي طعن ومن ثم لا يصح المساس به - إذ قضى الحكم بذلك أخطأ في القانون ذلك أنه يترتب لزوماً على فسخ عقد الإيجار الأصلي أن ينقضي عقد المستأجر من الباطن عملاً بالقاعدة المقررة من أن فاقد الشيء لا يعطيه وأن زوال حق الناقل يترتب عليه زوال حق المتلقي.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن "عقد الإيجار الصادر إلى المستأنف (المطعون عليه) من فيليب شيحه لا يمكن أن يتأثر بالحكم الصادر بالفسخ خاصاً بعقد الإيجار الأصلي الصادر إلى فيليب شيحه وذلك لأن المستأنف لا يعتبر خلفاً لفيليب شيحه في هذه الحالة حتى يتأثر بما يتأثر به في عقده وإنما يعتبر من الغير باعتباره مستأجراً من الباطن وما لم يتوجه طعن خاص إلى عقد المستأنف فإنه لا يمكن المساس به وعلى أي حال فإن وضع يد المستأنف كان بحسن نية والقاعدة أن واضع اليد الحسن النية لا يلزم برد الثمرات". وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك أن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتماً بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها وأنه لا يلزم السريان حكم فسخ عقد المستأجر الأصلي على عقد المستأجر من الباطن أن تقام الدعوى على هذا الأخير ولا يهم في هذه الحالة أن يكون عقد المستأجر من الباطن ثابت التاريخ قبل رفع دعوى الفسخ أو بعد رفعها كما لا يهم أن يكون عالماً بسبب الفسخ وقت استئجاره أو غير عالم به ولا يشترط كذلك أن ينبه عليه بالإخلاء لكي يسري عليه حكم فسخ عقد الإيجار الأصلي إذ هو لا يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير كما أن حيازته العرضية للأطيان المؤجرة لا تخوله حق تملك الثمار بعد انقضاء عقده تبعاً لفسخ عقد المستأجر الأصلي إذ يصبح حائزاً بلا سند.
ومن حيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه لخطئه في تطبيق القانون دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن.

الطعن 55 لسنة 19 ق جلسة 25 / 10 / 1951 مكتب فني 3 ج 1 ق 1 ص 1

جلسة 25 أكتوبر سنة 1951

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
---------------
(1)
القضية رقم 55 سنة 19 القضائية

أ - إثبات.

تقدير شهادة الشهود. سلطة المحكمة في ذلك. لها أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة.
ب - مرض الموت.

شهادة الطبيب المعالج المكتوبة. كشف الأشعة. اتخاذ دليل منهما على أن المورث كان مريضاً مرض الموت بالإضافة إلى ما حصلته المحكمة من أدلة أخرى. لا تثريب على المحكمة في ذلك.
جـ - مرض الموت.

أداء المورث بعض أعمال في فترات متقطعة من مرضه قبل وبعد التصرف المطعون فيه. ذلك لا ينفي أنه كان مريضاً مرض الموت.

-----------------
1 - متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم المطعون فيه تطابق الثابت بمحضر التحقيق الذي أجرى في الدعوى والأوراق التي قدمت فيها ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها. وكان ما ينعاه الطاعن عليها لا يخرج عن كونه مجادلة في تقدير شهادة الشهود والأوراق بغية الوصول إلى نتيجة أخرى بمقولة أن المحكمة تغاضت عما استند إليه الطاعن في دفاعه من حجج وبراهين. فهذا الطعن لا يكون له أساس. إذ لمحكمة الموضوع وهى تباشر سلطتها في هذا التقدير أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أدلة سائغة كافية لحمله.
2 - لا تثريب على المحكمة إذا هي اتخذت مما ورد في شهادة الطبيب المعالج المكتوبة في أنه تولى علاج المورث لمدة تزيد على ستة شهور قبل وفاته وأنه كان مريضاً بنزلة شعبية مزمنة ودرن رئوي وأنه كان طريح الفراش أحياناًً وأحياناً أخرى كان ينتقل إلى جهة أخرى للعلاج وأن سبب وفاته على ما يذكر هو الدرن الرئوي وهبوط في القلب، وكذلك من شهادة كشف الأشعة، دليلاً مضافاً إلى الأدلة والقرائن الأخرى التي ساقتها على مرض المورث بالسل من تاريخ الكشف عليه بالأشعة واشتداد هذا المرض عليه بعد ذلك ووفاته بسببه، مما أدى بها إلى اعتباره مرض موت وتقريرها بناء على ذلك ببطلان العقدين المطعون فيهما لتحريرهما خلال فترة اشتداده، وهي بما لها من سلطة التقدير في هذا الشأن لا حاجة بها إلى اتخاذ أي إجراء آخر في هذا الصدد.
3 - إن أداء المورث بعض الأعمال في فترات متقطعة من مدة مرضه كقبضه مبلغاً من المال وفكه رهناً حيازياً وحصول هذه الأعمال منه قبل وبعد تحرير العقدين المطعون فيهما بصدورهما في مرض الموت – ذلك ليس من شأنه أن ينفي ما انتهت إليه المحكمة من أن المورث كان في فترة اشتداد مرضه عاجزاً عن أعماله العادية حتى إنه أناب عنه غيره في مباشرتها لأن قيامه يمثل ما قام به لا يمنع من اعتبار مرضه مرض موت متى كان شديداً يغلب فيه الهلاك وانتهى بموته.


الوقائع

في يوم 21 من إبريل سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 13 مارس سنة 1949 في الاستئناف رقم 221 سنة 4 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بنقض الحكم المطعون فيه وبتأييد الحكم الابتدائي واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام الطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 26 من إبريل سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن، وفي 11 من مايو سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 25 منه أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 24 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 11 من أكتوبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة.. إلخ.


المحكمة

من حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المقدمة في الطعن, تتحصل في أن المرحوم بريك المصري مورث الطاعن والمطعون عليها والمتوفى في 6 من نوفمبر سنة 1943 باع إلى الطاعن بموجب عقدين محررين في 5 من أغسطس سنة 1943 120 ف و12 ط و2 س (صار مقدارها بعد نزع ملكية جزء منها وفاء للأموال الأميرية 60 ف و20 ط و10 س) وقطعة أرض مساحتها ثمانية عشر قيراطاً بما هو مقام عليها من منزل وملحقاته. وفي 31 من أكتوبر سنة 1946 أقامت والدة الطاعن بصفتها وصية عليه الدعوى رقم 1 كلى دمنهور سنة 1947 على المطعون عليها وبقية الورثة وطلبت فيها الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المذكورين. فدفعت المطعون عليها بصدورهما من المورث في مرض موته. وفي 24 من إبريل سنة 1947 قضت محكمة دمنهور الابتدائية بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى هذا الدفاع أي طريق من طرق الإثبات بما فيها البينة. وبعد أن تم التحقيق قضت المحكمة في 20 من مايو سنة 1948 بصحة ونفاذ العقدين وإلزام المطعون عليها بالمصروفات من تركة مورثها: مؤسسة قضاءها على أنه وإن كان ثلاثة من شهود الإثبات الأربعة شهدوا بأنهم سمعوا بالإشاعة أن المورث كان مريضاً بالسل، إلا أنهم اختلفوا سواء في تحديد بداية ظهور المرض عنده أو في تحديد بداية انقطاعه انقطاعاً كلياً عن مباشرة أعماله، وعلى أنه بفرض صحة ما ذهبت إليه المطعون عليها من أنه كان مريضاً بالسل، استناداً إلى شهادة صادرة من مستشفى الملك فؤاد بالإسكندرية تفيد أنه ظهر من الكشف عليه بالأشعة في يوم 4 من مارس سنة 1943 وجود دون تكهفى برئته اليمنى، وإلى تقرير من الدكتور كامل جرجس يتضمن أن المورث كان مريضاً بنزلة شعبية مزمنة ودرن رئوي وأنه تولى علاجه قبل وفاته بمدة تزيد على ستة شهور، إلا أنه لما كان مرض الموت هو المرض الذي يعجز صاحبه عن القيام بأعماله ويكون الغالب فيه موته، وكان السل من الأمراض التي قد يطول أمدها لأكثر من سنة، ومن ثم لا يعد مرض موت إلا إذا اشتد ولا يعتبر كذلك إلا في فترة اشتداده فقط، وكان شهود الإثبات قد تضاربوا في تحديد بداية ظهور المرض عند المورث وفي بداية اشتداده عليه، فإن المحكمة تستنتج من ذلك صحة ما شهد به شاهد النفي من أنه لم ينقطع عن مباشرة أعماله إلا قبل وفاته بمدة لا تزيد على شهر أي بعد تحرير العقدين المطعون فيهما بزمن طويل، مما يتعين معه اعتبارهما صحيحين. وفي 8 من نوفمبر سنة 1948 استأنفت المطعون عليها هذا الحكم فقضت محكمة استئناف الإسكندرية في 13 من إبريل سنة 1949 بإلغائه ورفض دعوى الطاعن وإلزامه بمصروفاتها عن الدرجتين وهو الحكم المطعون فيه، وتتحصل الأسباب التي أقيم عليها في: (أولاً) أنه يتضح من التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى أن شهود الإثبات الأربعة قد أجمعوا على أن المورث كان مريضاً بالسل، وأنه وإن كان علمهم بهذا المرض مستمداً من طريق السماع، إلا أنه قد تأيد بما جاء في الشهادة الصادرة من مستشفى الملك فؤاد بالإسكندرية من أنه في يوم 4 من مارس سنة 1943 كشف على المورث بالأشعة فتبين وجود درن تكهفى برئته اليمنى، وكذلك بما أثبته الدكتور كامل جرجس (مفتش صحة مركز أبى حمص) في شهادته المكتوبة من أنه تولى علاج المورث لمدة تزيد على ستة شهور قبل وفاته وأنه كان مريضاً بنزلة شعبية مزمنة ودرن رئوي وأحياناً كان طريح الفراش وأحياناً أخرى كان ينتقل إلى الإسكندرية للعلاج علاوة على العلاج الذي كان يؤديه له، وأن سبب وفاته على ما يذكر درن رئوي وهبوط في القلب، وأن فيما تقدم ما يقطع في أن المورث كان مريضاً بالسل وأنه توفي بسبب هذا المرض (وثانياً) أن شاهد الإثبات الأول شهد بأن المورث استمر مريضاً لمدة سنة قبل وفاته ولزم فراشه لمدة ستة شهور حتى توفي، وأن المدعو عبد القوي المصري هو الذي كان يباشر أعماله في هذه الفترة، وأن الشاهد الثاني ذكر أن المورث استدعاه إلى منزله قبل وفاته بحوالي ثلاثة أو أربعة شهور أي في تاريخ العقدين المطعون فيهما – وكلفه بتحرير عقد بيع المنزل وأنه ظل مريضاً من هذا اليوم حتى يوم وفاته, وأن الشاهد الثالث قال إن المورث استدعاه إلى منزله قبل وفاته بخمسة عشر يوماً وكان في ذلك الوقت مريضاً وطلب إليه التوقيع بصفة شاهد على عقد بيع المنزل - وهذه الشهادة وإن خلت مما يفيد سير المرض إلا أنها لا تنفى أن المورث كان مريضاً قبل ذلك، وأن الشاهد الرابع قرر أنه علم بأن المورث كان مريضاً بالسل وأن المرض ظهر عنده في أوائل شهر مارس سنة 1943 ثم اشتد عليه شيئاً فشيئاً حتى ألزمه فراشه قبل وفاته بشهرين، وأنه يبين بجلاء من شهادة هؤلاء الشهود مجتمعة ومن الشهادتين الطبيتين المقدمتين من المطعون عليها، مضافاً إليها ما شهد به شاهد النفي الأول من أنه قابل المورث في شهر يوليه سنة 1943 ولاحظ عليه آثار الضعف والهزال كما شكا إليه من مرضه، وكذلك ما قرره شاهد النفي الثاني من أن الدكتور كامل جرجس كان يقوم بعلاج المورث أحياناً في بلده وأحياناً في أبى حمص عندما كان ينتقل إليه وذلك في الوقت الذي طلب منه فيه التوقيع على العقدين - إنه يبين بجلاء من ذلك كله أن مرض السل ظهر عند المورث على أقل تقدير في 4 من مارس سنة 1943 تاريخ الكشف عليه بالأشعة وأنه لم يتحسن من هذا التاريخ بل استمر في الزيادة بدليل أنه لجأ بعد ذلك إلى الدكتور كامل جرجس قبل وفاته بستة شهور ثم أخذ المرض يشتد عليه ابتداء من شهر يوليه سنة 1943 والطبيب يستمر في علاجه والمرض يزداد شدة حتى ألزمه داره ثم انتهى بوفاته في نوفمبر سنة 1943، وأنه لما كان العقدان المطعون فيهما قد حررا في شهر أغسطس سنة 1943 أي خلال هذه الفترة التي اشتدت فيها وطأة المرض فيكونان قد صدرا من المورث في مرض موته (وثالثاً) أنه إذا أضيف إلى ما تقدم ما أجمع عليه شهود الإثبات من أن عبد القوي المصري هو الذي كان يباشر أعمال المورث وقت مرضه وما قرره شاهد النفي من أن عبد القوي المذكور كان يباشر أعماله قبل وفاته بشهر واحد لرجحت المحكمة أقوال شهود الإثبات لخلوها من أي مطعن ولتأييد أقوال شاهدي النفي لها تأييداً جزئياً، وبذلك يكون قد تجمع لدى المحكمة من الأدلة السالف ذكرها ما يفيد أن مرض المورث قد اشتد عليه ابتداء من شهر يوليه سنة 1943 وأن هذا المرض قد أقعده عن مباشرة أعماله الخصوصية على الأقل منذ هذا التاريخ حتى وفاته بدليل أن المستأنف عليهم (وهم الطاعن ووالدته السيدة نظله الجبالي عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها عليه بريك المصري) لم يقدموا أي دليل على أن المورث باشر عملاً ما بنفسه بعد يوليه سنة 1943 (ورابعاً) أنه إذا أضيف أيضاً أن المستأنف عليهم لم يحركوا ساكناً من تاريخ وفاة المورث في سنة 1943 حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1947 وأن والدة الطاعن التي كانت وصية عليه قررت في مذكرتها المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى أن ثمن الصفقة كان مقابل تنازلها عن دين لها في ذمة المورث ثم عادت وأدرجته كاملاً بمحضر تركته لكان في هذه الظروف ما يرجح أن العقدين المطعون فيهما إنما حررا في مرض موت المورث وأن المستأنف عليهم كانوا يشعرون في قرارة نفوسهم بأنهما مشوبان بالبطلان وأن الدعوى الحالية لم ترفع كما قالت المطعون عليها إلا رداً على الدعاوى التي أقامتها على والدة الطاعن بريع نصيبها في التركة.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان لقصور أسبابه وخطئه في الاستدلال والإسناد وذلك في أربعة مواضع (الأول) إذ قطعت محكمة الاستئناف، استناداً إلى ما سبق ذكره في (أولاً) من حاصل أسباب الحكم، في أن المورث كان مريضاً بالسل وأن هذا المرض كان سبب وفاته - مع أنه يبين من شهادة شهود الإثبات وأولهم شقيق لزوج المطعون عليها ورابعهم ابن أخ للمورث أنها مبنية على السماع وخلو من الإجماع الذي قالت به المحكمة، إذ أجاب ثالثهم بأنه ما كان يعرف نوع من مرض المورث، وإنما علم بالإشاعة بعد وفاته أنه مرض السل، وأن رابعهم وإن كان قد شهد بنوع المرض إلا أنه قال إنه علم به قبل وفاة المورث بشهرين فقط: أما شهادة الطبيب المعالج فهي كلام مكتوب وليست بشهادة يمكن الاطمئنان إليها ولاسيما أنه لم يجزم فيها بسبب الوفاة إذ قال إنه - على ما يذكر - درن رئوي وهبوط في القلب، مما يحتمل معه أن يكون لها سبب أخر غير مرض السل، كما أنه لا يجدي في هذا الخصوص اعتماد المحكمة على شهادة الأشعة إذ ليس في مقدورها أن تقرأها قراءة منتجة وأن تقدر خطورة الدرن التكهفي دون الاستعانة بأهل الفن إذ قد تتعدد التكهفات بل قد يصل الأمر إلى حد انتزاع إحدى الرئتين ومع ذلك يشفى المريض ويبقى سليماً معافى (والثاني) إذ قررت المحكمة أن مرض السل قد اشتد على المورث ابتداء من شهر يوليه سنة 1943 حتى انتهى بوفاته ورتبت على ذلك أن العقدين المطعون فيهما، وقد حررا في شهر أغسطس سنة 1943 أي خلال هذه الفترة من اشتداد المرض، يكونان قد صدرا منه في مرض موته وذلك استناداً إلى ما سبق ذكره في (ثانياً) من حاصل أسباب الحكم - مع أنه ينقض شهادة شاهد الإثبات الأول ما قرره الطبيب المعالج من أن المورث كان في فترة العلاج التي زادت على ستة شهور تسافر إلى الإسكندرية بقصد الاستشفاء، وهو قول يقطع في أنه لم يلزم فراشه بل ينفى عنه العجز عن العمل والشعور بدنو الأجل إذ لم يفعل سوى ما يفعله الأصحاء الذين يمضون ويسعون وراء البرء من الأرض ولاسيما أنه لم يشهد حد بأن المورث كان محتاجاً إلى معاونة شخص آخر أثناء سفره للعلاج: وأنه ليس في شهادة شاهد الإثبات الثاني ما يؤيد فترة اشتداد المرض كما حددتها المحكمة إذ لم يشهد إلا بمرض المورث من وقت تحرير العقدين حتى وقت الوفاة: وأن شهادة شاهد الإثبات الثالث اقتصرت على القول بمرض المورث من الخمسة عشر يوماً الأخيرة من حياته دون أن يرد فيها ما يفيد اشتداده من شهر يوليه سنة 1943: وأن شهادة شاهد الإثبات الرابع جاءت متناقضة إذ بينما قرن أقواله بتاريخ ونتيجة شهادة الأشعة إذ به قال إن فترة اشتداد المرض كانت لمدة شهرين فقط قبل الوفاة: وأن شهادتي الطبيب المعالج والأشعة لا تتضمنان شيئا عن اشتداد المرض من شهر يوليه سنة 1943 حتى تاريخ الوفاة، أما استدلال المحكمة على هذا الاشتداد بالتجاء المورث إلى الطبيب المعالج بعد الكشف عليه بالأشعة فهو استدلال غير صحيح إذ المألوف أن يلجأ المريض أولاً إلى الطبيب في بلده ثم يشير عليه بعمل الأشعة إن رأى لها موجباً، وفضلاً عن ذلك فقد قرر الطبيب أن المورث كان يسافر إلى الإسكندرية للعلاج فلو كانت حالته قد بلغت الخطورة التي يخشى منها الهلاك لبقى يعالج بها خصوصاً وأن حالته المالية كانت تسمح له بذلك، كما أنه لو كانت هناك علاقة بين اشتداد المرض والالتجاء إلى الطبيب لما تردد حضرته في ذكرها صراحة في شهادته: وأنه يبين من شهادة شاهد النفي الأول أنه قال إن المورث حضر إليه في شهر يوليه سنة 1943 بمكتبه بكفر الدوار كما أكد مرتين أنه كان بصحة طيبة ولم يقل بمرضه إلا في عشرة الأيام الأخيرة من حياته، أما كون جسمه ضعيفاً ويشكو المرض فهذا أمر طبيعي لمجاورته الستين من عمره كما أن ضعف الجسم ليس معناه أن المرض قد اشتد أو أنه مرض موت، وبذلك تكون المحكمة قد أولت شهادة هذا الشاهد تأويلاً لا يتفق ومدلولها وأخذت بجزء منها وتغافلت عن بقيتها: وأنه لم يرد في شهادة شاهد النفي الثاني شيء عن اشتداد المرض من شهر يوليه سنة 1943 إذ كل ما قرره هو أن المورث لزم داره في الشهر الأخير من حياته بل إنه لما سئل عن صحته أجاب بأنه كان يباشر أعماله بنفسه (والثالث) إذ قالت المحكمة، استناداً إلى ما سبق ذكره في (ثالثاً) من أسباب الحكم، بعجز المورث عن أعماله وقت مرضه، مع أنه يبين من شهادة شهود الإثبات أنهم لم يجمعوا على عجز المورث عن العمل وخاصة أن ثانيهم قرر أنه وقت تحرير العقدين كان يقوم بعمله بنفسه ويخرج من منزله ويسافر: وأن شاهد النفي الأول شهد بأن المورث في يوم 15 يوليه سنة 1943 تعامل معه في شئون القطن وقبض منه خمسة وخمسين جنيهاً وقدم الطاعن الأوراق المثبتة لذلك: وأن شاهد النفي الثاني قال إن المورث ظل يباشر أعماله إلى ما قبل وفاته بشهر: وأنه يتضح من ذلك أن أقوال شاهدي النفي ليس فيها ما يؤيد أقوال شهود الإثبات تأييداً جزئياً كما قررت المحكمة: وأن الطاعن استدل على أن المورث كان يقوم بأعماله حتى قبيل وفاته بتعامله مع دائنيه وفكه رهناً حيازياً في 18 من أكتوبر سنة 1943 وقدم المستند المثبت لهذا التعامل، هذا في حين أنه لم يكن مكلفاً قانوناً بهذا الإثبات إذ يقع على المطعون عليها عبء إثبات عجز المورث عن العمل وقت مرضه، وبذلك تكون المحكمة إذ قررت أن الطاعن لم يقدم دليلاً على قيام المورث بأي عمل بعد شهر يوليه سنة 1943 قد أخطأت في الإسناد (والرابع) إذ استدلت المحكمة أخيراً على صدور العقدين المطعون فيهما في مرض موت المورث بما سبق ذكره في (رابعاً) من حاصل أسباب الحكم مع أنه ثابت أن الطاعن ووالدته وضعا اليد على العقارات المبيعة عقب صدور العقدين مباشرة وأعلنا ذلك إلى عبد القوي المصري في 24 من أكتوبر سنة 1943 ولم تحصل منازعة في وضع اليد المذكور لا من المطعون عليها ولا من غيرها من الورثة مما يفيد تسليمهم بصحة العقدين ولم يكن باقياً إلا استيفاء إجراءات التسجيل التي لم تر الوصية بأساً من تأخيرها بعض الوقت: أما قيام والدة الطاعن بإدراج دينها بمحضر حصر التركة ثم تقريرها في المذكرة بنزولها عنه مقابل ثمن الصفقة فإنه لا يفيد صدور العقدين في مرض موت المورث إذ لا تعدو دلالة هاتين الواقعتين أن والدة الطاعن أرادت من باب الأخذ بالأحوط إثبات دينها مع انتوائها النزول عنه مقابل الشراء الذي صدر لابنها، هذا فضلاً عن مخالفة المحكمة للواقع في هذا الخصوص إذ تصورت أن النزول عن الدين حصل أولاً ثم تلاه إدراجه بمحضر حضر التركة: ومع أنه ليس في رفع الدعوى الحالية رد على دعوى المطعون عليها بريع نصيبها في التركة أي دلالة على أن العقدين صدرا في مرض الموت، ذلك أن المطعون عليها هي التي آثرت طريق التقاضي فكان لزاماً أن يطالب الطاعن بصحة ونفاذ العقدين محافظة على حقوقه.
ومن حيث إنه لما كانت الأسباب التي بني عليها الحكم المطعون فيه تطابق الثابت بمحضر التحقيق الذي أجري في الدعوى والأوراق التي قدمت فيها ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها وكان ما ينعاه الطاعن عليها لا يخرج عن كونه مجادلة في تقدير شهادة الشهود والأوراق بغية الوصول إلى نتيجة أخرى بمقولة إن المحكمة قد تغاضت عما استند إليه الطاعن في دفاعه من حجج وبراهين - وكان لمحكمة الموضوع وهى تباشر سلطتها في هذا التقدير أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أدلة سائغة تكفى لحمله كما هو الحال في الدعوى. وكان لا تثريب على المحكمة إن هي اطمأنت إلى ما ورد في شهادة الطبيب المعالج المكتوبة وشهادة كشف الأشعة واتخذته دليلاً مضافاً إلى الأدلة والقرائن الأخرى التي أوردتها على مرض المورث بالسل من شهر مارس سنة 1943 تاريخ الكشف عليه بالأشعة واشتداد هذا المرض عليه من شهر يوليه سنة 1943 ووفاته بسببه في نوفمبر سنة 1943، وهو ما أدى بها إلى اعتباره مرض موت ومن ثم تقريرها ببطلان العقدين المطعون فيهما لتحريرهما خلال هذه الفترة من اشتداده، وذلك لما لها من سلطة التقدير في هذا الشأن دون أن تكون في حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر مما أشار إليه الطاعن - وكان كذلك غير منتج ما استدل به الطاعن على أن المورث لم يكن عاجزاً عن مباشرة أعماله وبالتالي لم يكن مريضاً مرض موت من سفره إلى أبي حمص والإسكندرية للعلاج وتعامله مع شاهد النفي الأول في شهر يوليه سنة 1943 وقبضه منه خمسة وخمسين جنيهاً وفكه رهناً حيازياً في شهر أكتوبر سنة 1943 أي قبل وبعد تحرير العقدين، ذلك لأن أداء هذه الأعمال في فترات متقطعة ليس من شأنه أن ينفى ما قررته المحكمة أخذاً بشهادة شهود الإثبات من أن المورث كان في فترة اشتداد مرضه عاجزاً عن أعماله العادية حتى إنه أناب عنه عبد القوي المصري في مباشرتها، ولأن قيام المورث بالأعمال أنفة الذكر لا يمنع والحالة هذه من اعتبار مرضه مرض موت متى كان شديداً يغلب فيه الهلاك وانتهى بموته وفقاً لما قررته المحكمة استناداً إلى أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان غير صحيح ما نعاه الطاعن من أن المحكمة، إذ تصورت أن نزول والدته عن دينها في ذمة المورث حصل أولاً ثم تلاه إدراجه كاملاً بمحضر حضر تركة المورث واتخذت من ذلك قرينة على أن والدة الطاعن كانت تشعر بما يشوب العقدين من بطلان، إذ فعلت ذلك تكون قد خالفت الواقع، وذلك لأن المعنى المستفاد من العبارة التي أوردتها المحكمة في هذا الخصوص هو أن نزول والدة الطاعن عن دينها مقابل ثمن الصفقة موضوع العقدين كان معاصراً لتحريرهما وهو ما يطابق قولها في المذكرة المقدمة منها إلى محكمة الدرجة الأولى بصفتها وصية على الطاعن "ثم وفي سنة 1943 أي في تاريخ تحرير العقدين حصل استنزال لهذا الدين بدلاً من أن يكون ديناً أصبح ثمناً للصفقة موضوع العقدين سالفي الذكر وثمناً من مال والدة القاصر" الأمر الذي يفيد أن نزول والدة الطاعن عن دينها مقابل ثمن الصفقة كان سابقاً على قيامها بإدراجه كاملاً بمحضر حصر التركة كما قالت المحكمة - لما كان ذلك كذلك يكون الطعن بجميع أوجهه على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه