جلسة 10 من مارس سنة 1953
المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن, وحضرات المستشارين إبراهيم خليل ومصطفى حسن وأنيس غالي ومصطفى كامل أعضاء.
----------------
(224)
القضية رقم 909 سنة 22 القضائية
(أ) عمل.
كلمة "العقاب" التي وردت في الأمرين 548 لسنة 1944 و99 لسنة 1950 اللاحقين للأمر رقم 358 لسنة 1942. قصد الشارع منها. الجزاء الذي نصت عليه المادتان السابعة والثامنة من الأمر رقم 358 لسنة 1942 والذي أحالت إليه المادة السابعة من الأمر العسكري رقم 95 لسنة 1950. وجوب القضاء بإلزام المخالف بدفع فرق الأجر أو العلاوة لمستحقيها علاوة على العقوبة الجنائية.
(ب) محكمة استئنافية.
قضاء محكمة الدرجة الأولى بفرق العلاوة. تحديد المحكمة الاستئنافية لهذه الفروق وتعيين مستحقيها. لا تجاوز منها لسلطتها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه لم يصرف لعمال محله المبين عددهم بالمحضر إعانة غلاء المعيشة فروق مرتباتهم طبقا للفئات المنصوص عليها قانونا. وطلبت عقابه بالمواد 1/ 4و24 من المرسوم 102 سنة 1945و1و2و7و8و9 من الأمر 358 بصرف إعانة غلاء المعيشة في المحال الصناعية والتجارية المعدل بالأمر العسكري 99 سنة 1950 والجدول المرفق به. ومحكمة جنح العطارين الجزئية قضت فيها حضوريا - عملا بمواد الاتهام - بتغريم المتهم ألف قرش وبإلزامه بدفع فرق العلاوة لمستحقيها وأعفته من المصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الاسكندرية الابتدائية قضت فيه حضوريا بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للغرامة المقضي بها وكذلك بالنسبة لدفع فروق العلاوة لمستحقيها على النحو الوارد بملحق تقرير مفتش مكتب العمل المؤرخ في 14 نوفمبر سنة 1951 والمبينة تفصيلا بأسباب هذا الحكم بلا مصاريف. طعن الأستاذ الدكتور رمزي سيف المحامي الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن يقول إن الحكم المطعون فيه جاء مخالفا للقانون إذ قضت المحكمة بفروق العلاوة للعمال دون أن يرفعوا دعوى مدنية بهذه الطلبات وقد كانت الحكمة من تخويل الشارع للمحكمة القضاء بهذه العلاوات دون طلب خاص - أن التشريع صدر أصلا بأمر عسكري ولما كان الادعاء بالطريق المدني أمام المحاكم العسكرية مغلقا فقد وضع النص مخولا لها القضاء بها تبعا للدعوى الجنائية, ولما ألغيت تلك المحاكم وانتقل اختصاصها إلى المحاكم العادية تدارك المشرع هذا الاستثناء فأصدر الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 ونص في المادة السابعة منه على أنه فيما يتعلق بإثبات الجرائم المخالفة لهذا الأمر وفي العقاب - تطبق أحكام المادتين 7و8 من الأمر رقم 358 سنة 1942 وبذلك أفاد أن المقصود هو قصر اختصاص المحاكم الجنائية على العقاب دون التعويض وترك الأمر في التعويض للقواعد المقررة للدعوى المدنية التي يفصل فيها تبعا للدعوى الجنائية. أما ما قاله الحكم من أن فروق العلاوة ليست من قبيل التعويض فهو قول غير سديد لأن هذه الفروق إنما هى ضرر يصيب العامل من خطأ رب العمل بسبب جريمة يؤثمها القانون ولولا وقوع تلك المخالفة لما نشأ حق العامل في هذه الفروق. هذا إلى أن الحكم خالف القانون من ناحية أخرى وهى أن حكم محكمة أول درجة قضى بالعقوبة وبالزام الطاعن بدفع فرق العلاوة لمستحقيها دون أن يحدد هذه الفروق. ولما استؤنف هذا الحكم من الطاعن وحده قصدت المحكمة الاستئنافية إلى تحديد هذه الفروق مقرونة بأسماء مستحقيها. ولما كان الاستئناف لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية من الطلبات إلا ما فصلت فيه محكمة أول درجة فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى لأمر لم يكن مطروحا أمام تلك المحكمة يكون قد جاوز السلطة التي خولها القانون وفوت على الطاعن إحدى درجتي التقاضي. ويضيف الطاعن أنه لم يتمكن من إبداء دفاعه المحكمتين بالنسبة لمقدار الفروق أو تعيين المستحقين لها إذ لم تعرض له الأولى أصلا وما كان للثانية أن تتصدى له على ما سلف القول, وأخيرا يقول إن الحكم جاء قاصرا في بيان الأسانيد التي بنى عليها تقدير الفروق إذ أخذ في ذلك بمقارنة أجور مؤسسة الطاعن بمؤسسات مماثلة أخرى مع وجود فوارق كثيرة من حيث حداثة العهد وعدد العمال في كل مؤسسة مما يجعل المقارنة أساسا غير صالح لمساواة العمال بعضهم ببعض في المؤسسات وإن كانت متماثلة في نوع العمل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه الأركان القانونية للجريمة التي دين بها الطاعن وهى المعاقب عليها بالأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 والقانون رقم 102 لسنة 1945 والأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950. ولما كان الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 قد نص في المادة السابعة منه على أنه "يتولى إثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا الأمر مفتشو مصلحة العمل والموظفون الذين ينتدبهم وزير الشئون الاجتماعية لهذا الغرض ويكون لهم في هذا الصدد صفة الضبطية القضائية وكذلك يكون لهم في سبيل مراقبة تنفيذ أحكام هذا الأمر الاطلاع على السجلات والدفاتر ومراجعة البيانات الواردة فيها كما نص الأمر في المادة الثامنة على أن "كل مخالفة لأحكام هذا الأمر والقرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات, ولا تزيد على خمسين جنيها وتقضي المحكمة فضلا عن ذلك ومن تلقاء نفسها بإلزام المخالف بدفع الأجر أو العلاوة لمستحقيها". ولما عدل الأمر العسكري المذكور بالأمر رقم 548 لسنة 1944 نص في المادة السادسة منه على أنه "تطبق فيما يتعلق بإثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا الأمر وفي العقاب عليها أحكام المادتين 7و8 من الأمر رقم 358 وتسري الأحكام الأخرى المقررة في الأمر رقم 358 والتي لا تتعارض مع نصوص هذا الأمر". وقد ظل الأمران سالفا الذكر معمولا بهما بمقتضى القانون رقم 102 لسنة 1945 حيث جاء بالمادة الأولى فقرة ج منه أن يستمر العمل بالأحكام الواردة في هذين الأمرين ثم عدل الأمر رقم 548 لسنة 1944 بالأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 وأنشأ قواعد بعضها معدل والآخر مكمل للأحكام الواردة بالأمرين سالفا الذكر إلا أنه نص في المادة السابعة منه على نص حرفي لنص المادة السادسة من الأمر رقم 548 لسنة 1944 السابقة الإشارة إليه فجاء صريحا في وجوب تطبيق أحكام المادتين 7و8 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 ولما كانت عبارة العقاب التي وردت في الأمرين اللاحقين للأمر المذكور لا تحمل على معنى العقوبة بالمعنى الضيق الوارد بقانون العقوبات بل إن الشارع إذ عبر بكلمة العقاب فقد أفاد الجزاء الذي نص عليه الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 في المادتين السابعة والثامنة منه والتي أحالت إليه المادة السابعة من الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 وقد جاء حكم المادة الثامنة صريحا في وجوب قضاء المحكمة علاوة على ذلك (أي علاوة على العقوبة الجنائية) ومن تلقاء نفسها بإلزام المخالف بدفع فرق الأجر أو العلاوة لمستحقيها. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن بفرق العلاوة لمستحقيها من العمال التابعين له تطبيقا لحكم المادة السابعة من الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 فإنه لا يكون قد أخطأ.
وحيث إن ما يقوله الطاعن من تجاوز المحكمة الاستئنافية لسلطتها حين تصدت لتحديد قيمة الفروق وتعيين مستحقيها فمردود بأن الاستئناف وإن كان ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود مصلحة رافع الاستئناف فإن الحكم المطعون فيه لم يخرج على هذه القاعدة ولم يتصد إلى واقعة جديدة إذ أن حكم محكمة أول درجة قد ألزم الطاعن بفرق العلاوة ولكنه جهلها فجاء الحكم الاستئنافي وفصلها مما يتحقق به مصلحة الطاعن في عدم تكبده مؤونة المقاضاة مستقبلا في سبيل تحديد قيمة العلاوة المقضي بها. ولا محل أيضا لما يزعمه الطاعن من إخلال بحقه في الدفاع إذا كان هو قد قصر دفاعه على المناقشة في مسئوليته عن دفع العلاوة دون التحدث عن مقدار المستحق منها إذ هو الذي ينتهج سبيله في الدفاع ما دام أن قيدا ما لم يحد من هذه الحرية - لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن في طعنه من فساد المقارنة بين مؤسسته والمؤسسات الأخرى إنما هو مناقشة موضوعية لا تقبل إثارتها أمام هذه المحكمة, فإن هذا الوجه من الطعن يكون أيضا في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق