جلسة 14 من يناير سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.
--------------
(9)
الطعن رقم 74 لسنة 30 القضائية
شفعة. "العقار المشفوع فيه".
قاعدة عدم تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة. مناطها. أن يكون المبيع عقاراً أو عقارات متعددة متصلة، أو منفصلة بشرط أن تكون مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة بحيث يكون استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من الانتفاع. مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده رفع على الطاعن والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 556 سنة 1951 أمام محكمة سوهاج الابتدائية طالباً الحكم بأحقيته في أخذ العشرين فداناً والخمسة عشر قيراطاً والتسعة عشر سهماً المبينة بصحيفة الدعوى بالشفعة وتسليمها إليه نظير دفع الثمن الوارد بالعقد ومقداره ألف وتسعمائة وواحد وستون جنيهاً وملحقاته القانونية أو الثمن الحقيقي ومقداره سبعون جنيهاً للفدان تأسيساً على أنه علم أن المطعون ضدها الثانية باعت للطاعن القدر المذكور بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 4/ 12/ 1950 ولما كان قد اشترى من أخت المطعون ضدها الثانية نصيبها على الشيوع في ذات العقار بموجب عقد البيع المسجل في مايو سنة 1943 فإنه يكون له الحق في أخذ العقار المبيع بالشفعة باعتباره شريكاً على الشيوع - دفع الطاعن الدعوى بأن كلا العقارين المشفوع به والمشفوع فيه قد أكلهما النهر فلا وجود لهما على الطبيعة ومن ثم فلا تجوز الشفعة إذ أن حق كل من الطاعن والمطعون ضده الأول قد أصبح مجرد أمل في الحصول على أرض محل تلك التي أكلها النهر وبتاريخ 13/ 1/ 1952 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة كل من العقار المشفوع به والعقار المشفوع فيه لبيان ماذا كانا موجودين على الطبيعة كليهما أو بعضهما مع بيان مساحة ما يكون موجوداً على الطبيعة وحدوده وقد قدم مكتب الخبراء تقريره الذي انتهى فيه إلى أنه يوجد على الطبيعة من العقار المشفوع فيه ثمانية أفدنة وعشرة قراريط وسبعة أسهم ومن العقار المشفوع به ثلاثة أفدنة وستة قراريط وستة أسهم - وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1958 قضت المحكمة المذكورة برفض الدعوى مؤسسة قضاءها على أن حق الطاعن في الجزء الذي أكله النهر هو مجرد حق احتمالي فلا تجوز فيه الشفعة وأن الحكم بالشفعة للمطعون ضده الأول في الأطيان التي ما زالت موجودة على الطبيعة يترتب عليه تجزئة الصفقة على المشتري - رفع المطعون ضده الأول استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 280 سنة 33 ق وتمسك بطلباته السابق إبداؤها أمام المحكمة الابتدائية وطلب على سبيل الاحتياط القضاء له بأحقيته في أن يأخذ بالشفعة الأطيان الموجودة فعلاً على الطبيعة طبقاً لتقرير الخبير المنتدب ومقدارها ثمانية أفدنة وعشرة قراريط وسبعة أسهم نظير ثمنها الوارد بالعقد المؤرخ في 4/ 12/ 1950 وقدره ثمانمائة جنيه وسبعمائة وخمسون مليماً أو ما يثبت أنه الثمن الحقيقي بواقع سبعين جنيهاً للفدان وملحقاته القانونية. ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 9/ 1/ 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (المطعون ضده الأول) في أخذ الثمانية أفدنة والعشرة قراريط والسبعة أسهم المبينة بالصحيفة وبتقرير الخبير المؤرخ 24/ 2/ 1958 بالشفعة نظير الثمن البالغ ثمانمائة جنيه وسبعمائة وخمسين مليماً والملحقات القانونية والتسليم - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظرها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى بجواز الشفعة في العقار المشفوع فيه مع أن الثابت بالدعوى أن العقار المبيع بعضه موجود على الطبيعة والبعض الآخر وهو الجزء الأكبر قد أكله النهر وأصبح حق الطاعن بالنسبة لهذا الجزء الأخير مجرد حق احتمالي يتمثل في الحصول على تعويض عيني طبقاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1932 المنطبق على هذه الدعوى وبذلك خالف الحكم المطعون فيه نص المادة 935 من القانون المدني التي لا تجيز الشفعة إلا في العقار دون الحقوق. وأضاف الطاعن أنه لا يغير من ذلك ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من قصره الحكم بالشفعة على الأطيان الموجودة على الطبيعة إذ أن في ذلك تجزئة للصفقة على المشتري مما يضر به مع أن الشفعة لا تقبل التجزئة. هذا إلى أن المادة 945 من القانون المدني تقضي بأن يحل الشفيع قبل البائع محل المشتري، مما مفاده أن الشفيع يصبح بالشفعة خلفاً للبائع وبهذه الخلافة تنفصم الصلة بين المشتري والبائع، والحكم المطعون فيه - حين أجاز الشفعة في بعض العقار المبيع دون البعض الآخر قد أبقى على هذه الصلة بالنسبة لبعض العقار الذي أكله النهر والذي أصبح حق الطاعن فيه حقاً احتمالياً وهو أمر لو توقعه المشتري لما أقدم على الصفقة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه حين قضى بالشفعة للمطعون ضده الأول قد قصر قضاءه على الجزء من العقار المبيع والذي ما زال موجوداً على الطبيعة ولم يتناوله أكل النهر وهو قضاء صحيح ما دامت شروط الشفعة متوافرة في ذلك الجزء ولا يمنع من ذلك كون بعض العقار المطلوب أخذه بالشفعة قد أكله النهر وأصبح حق الطاعن فيه مجرد حق احتمالي، ومن ثم فلا يصح النعي على الحكم في هذا الخصوص كما لا يصح النعي عليه بأنه بقضائه هذا قد جزأ الصفقة ذلك أن محل تطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة أن يكون المبيع عقاراً أو عقارات متعددة متصلة - أي متلاصقة - أو منفصلة بشرط أن تكون مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة بحيث يكون استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من الانتفاع. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الجزء من العقار المبيع والمحكوم فيه بالشفعة قائم منفرد بذاته عن الجزء الذي أكله النهر ولم يكن مخصصاً هو والجزء الذي أكله النهر لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة فإنه لا يصح النعي بأن في قصر الحكم بالشفعة على ذلك الجزء فيه تجزئة للعقار المشفوع فيه. ولا يغير من ذلك أن تبقى الصلة بين البائعة والمشتري بالنسبة للجزء الذي لم يتناوله حكم الشفعة، ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه لم يرد على ما تمسك به أمام محكمة الموضوع من أن قصر القضاء بالشفعة على الجزء الذي لم يتناوله أكل النهر فيه تجزئة للعقار المطلوب أخذه بالشفعة، واكتفى بالقول بأن الأطيان التي لم يتناولها أكل النهر هي محل الشفعة وليس معها غيرها من الأطيان حتى يقتضي الأمر بحث قاعدة عدم تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة، وذلك من الحكم مصادرة على المطلوب تشوبه بالقصور - هذا إلى أن دعوى الشفعة من الدعاوى التي نص القانون على اتباع إجراءات خاصة تبدأ من جانب الشفيع بإعلان الرغبة الذي يحدد فيه طلباته، وإذ حدد الشفيع طلباته في إعلان الرغبة وفي صحيفة الدعوى الابتدائية بأخذ العقار المبيع جميعه بالشفعة فإنه لا يجوز له أن يعدل في تلك الطلبات بقصر الشفعة على الجزء الذي لم يتناوله أكل النهر في صورة طلب احتياطي أمام محكمة الاستئناف إذ يجب أن تظل الطلبات دون تعديل حتى يفصل في دعوى الشفعة.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما جاء في الرد على السبب الأول وبما تضمنه الحكم المطعون فيه من أسباب انتهى بها إلى أنه لا مجال في هذه الدعوى لتطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد رد على ما يثيره الطاعن بما ينفي عنه القصور. ومردود في شقه الثاني بأنه أياً كان الرأي في جواز أو عدم جواز تعديل طلب الشفعة أمام محكمة الاستئناف في نطاق وقائع هذه الدعوى فإن الحكم المطعون فيه حين قصر القضاء بالشفعة على الجزء الذي لم يتناوله أكل النهر لم يكن ذلك منه استجابة لما أبداه المطعون ضده الأول من طلب احتياطي أمام محكمة الاستئناف بل كان ذلك لما ارتآه من توافر شروط الشفعة في الجزء المحكوم به بغض النظر عن تمسك المطعون ضده الثاني بطلب الشفعة في العقار جميعه أو بطلبه الاحتياطي الذي تضمن طلب الحكم بالشفعة في الجزء المحكوم به ومن ثم يكون هذا النعي غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) راجع نقض 13/ 5/ 1948 الطعن رقم 12 س 17 ق مجموعة 25 سنة س 713 قاعدة 47.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق