جلسة 19 من مارس سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، وعلي عبد الرحمن.
---------------
(75)
الطعن رقم 575 لسنة 35 القضائية
شفعة. "ثمن العين المشفوع فيها". حكم. "عيوب التدليل".
دعوى الشفعة. وجوب تحديد الحكم للثمن الذي يلتزم الشفيع بدفعه مقابل تملكه العقار سواء للبائع إذا لم يكن قد قبضه أو للمشتري إذا كان قد أداه. إغفال ذلك. خطأ في القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن محمد الطنطاوي رمضان بصفته ولياً على ولديه القاصرين حمدي ورجائي أقام الدعوى رقم 329 سنة 1963 كلي شبين الكوم على نفيسة موسى نصار وكل من عبد العظيم ومجاهد القطب إبراهيم طالباً الحكم بأحقيته في أخذ الأرض التي باعها المدعى عليهما الأخيران للمدعى عليها الأولى وقدرها 12 ط و6 س مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة، نظير الثمن البالغ قدره 425 ج أو بما يظهر رسمياً أنه الثمن الحقيقي مع كافة الملحقات والمصروفات الرسمية وتسليم هذا القدر له بصفته، وذلك استناداً إلى الأسباب الواردة بصحيفتها. ودفعت المدعى عليها الأولى بسقوط حق المدعي في الأخذ بالشفعة لعلمه بالبيع وعدم رفع الدعوى خلال المدة القانونية. وفي 28/ 1/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الدفع الخاص بسقوط الحق في الشفعة (ثانياً) بندب الخبير الزراعي صاحب الدور للانتقال إلى الأطيان موضوع النزاع ومعاينتها وبيان مسوغات الشفعة المدعاة. وبعد أن باشر الخبير هذه المأمورية وقدم تقريراً عنها، عادت وبتاريخ 19/ 5/ 1964 وحكمت بأحقية المدعي بصفته في أخذ مساحة الـ 12 ط و6 س المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة والتسليم مع إلزام المدعى عليهم المصروفات ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، فاستأنفت الطاعنة - المدعى عليها الأولى - هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 236 سنة 14 ق. وبتاريخ 28/ 6/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، يتحصل السبب الثاني منها، في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن دعوى المطعون عليه الأول تقوم على أساس أن القدر المبيع شائع في مساحة قدرها 1 ف و16 ط و14 س الواردة بالقطعة رقم 165 وأنه يملك في هذه القطعة مساحة شائعة قدرها 3 ط و14 س وهي القطعة رقم 166، وقضى الحكم المطعون فيه بأحقيته في أخذ القدر المبيع بالشفعة على أساس الشيوع الذي ادعاه وعلى جواره للأرض المبيعة من الجهة القبلية بالقطعتين رقم 146، 31، هذا في حين أن القدر المبيع للطاعنة ليس شائعاً بل هو مفرز ومحدد كالثابت بعقد البيع، وأن عقد تمليك المطعون عليه الأول المشهر في 4/ 9/ 1961 الذي يشفع به قد خلا مما يفيد الشيوع، كما أن الثابت من عريضة دعواه أنه لا يجاور القدر المبيع إلا من الجهة القبلية فقط بالقطعة رقم 166 ولا يحدها بأي ملك له من الجهة الغربية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد جاء به قوله "وحيث إن الثابت من تقرير الخبير أن القطعة رقم 166 والبالغ مساحتها 3 ط و14 س تقع ضمن القطعة 145 الأصلية الواقع بها الأرض المشفوع فيها ومساحتها 12 ط و6 س أي أن المستأنف عليه الأول مالك على الشيوع في القطعة رقم 145 الواقع ضمنها الأرض المشفوع فيها، كما أنه مالك للأطيان الواقعة قبلي الأرض المشفوع فيها بالقطعتين 146، 31 بموجب عقد البيع المشهر في 4/ 9/ 1961 والقطعة 166 المستجدة من القطعة الأصلية رقم 145، وتحد الأرض المشفوع فيها من الحد الغربي، فضلاً عن ذلك فإن المعاينة أثبتت أن ري الأطيان المشفوع بها والمشفوع فيها يتم من المسقى الغربية وأنه لا يوجد لهما طريق ري آخر سواها" وهذا الذي قرره الحكم يدل على أنه أقام قضاءه بثبوت الشفعة على ما أثبته الخبير في تقريره، وأنه بذلك يكون قد استخلص حالتي الشيوع والجوار المسوغين للشفعة، فضلاً عن حق الارتفاق بالري، من وقائع لها أصلها الثابت في الأوراق، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب، إذ أضاف مسوغاً آخر للشفعة لم يقل به المطعون عليه الأول، هو وجود حق ارتفاق بالري للأرض المشفوع فيها على الأرض المشفوع بها، استناداً إلى أن هاتين القطعتين إنما ترويان من مسقى واحدة ولا يوجد لأيهما طريق آخر للري، في حين أن ما قرره الحكم في هذا الخصوص لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، إذ لم يثبت من مستندات الخصوم أن هذه المسقى تمر بكلا القطعتين وتدخل ضمن مساحتها، كما لم يثبت منها أنها مسقى خاصة وليست مسقى عامة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بأحقية الشفيع في الأخذ بالشفعة إلى قيام حالتي الشيوع والجوار وهو ما يكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة، إن محكمة أول درجة قضت بأحقية المطعون عليه الأول في أخذ الأرض المبيعة لها من المطعون عليهما الثاني والثالث بالشفعة والتسليم، ولم تقض بإلزامه بأداء المبلغ الذي يجب أن يدفعه للطاعنة أو للمطعون عليهما الثاني والثالث في مقابل ذلك، وقضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي دون أن يتدارك هذا الخطأ، في حين أن الشفعة في حقيقتها هي بيع العقار للشفيع ولو جبراً على المشتري والبائع عند قيام مسوغاتها وأن هذا البيع لا يتم إلا في مقابل الثمن الحقيقي الذي يلتزم المشتري بدفعه فضلاً عن المصروفات والملحقات إن وجدت، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه النص في منطوقه على تحديد الثمن وصاحب الحق فيه، فإنه يكون قد ملك المطعون عليه الأول الأرض المشفوع فيها بغير مقابل وهو منه مخالفة صريحة للقانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن أساس الدعوى على ما سبق إيراده من وقائعها هو طلب المطعون عليه الأول أخذ الأرض المبيعة للطاعنة بالشفعة نظير الثمن البالغ قدره 425 ج أو بما يظهر رسمياً أنه الثمن الحقيقي مع كافة الملحقات والمصروفات الرسمية، ولما كانت الشفعة رخصة تجيز تمليك العقار المبيع كله أو بعضه ولو جبراً على المشتري والبائع بما قام عليه من الثمن والمؤن، وكان الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوتها يعتبر سنداً لملكية الشفيع يقوم مقام عقد البيع الذي يترتب عليه أن يحل الشفيع قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته، فإنه يجب على الحكم بهذه المثابة أن يعنى بتحديد الثمن الذي يلتزم الشفيع بدفعه مقابل تمليكه العقار، سواء للبائع إذا لم يكن قد قبضه، أو للمشتري إذا كان قد أداه. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الصادر بثبوت الشفعة قد أغفل النص في أسبابه ومنطوقه على الثمن الواجب على الشفيع دفعه لقاء امتلاك العين المشفوع فيها، وقضى الحكم المطعون فيه بتأييد ذلك الحكم وأحال إلى أسبابه دون استدراك هذا الخطأ، فإنه يكون قد خالف القانون، ولا يغير من ذلك تقريره في الأسباب أن الثمن مودع وغير متنازع فيه، إذ يتعين عليه أن يبين صاحب الحق في هذا الثمن المودع هل هما البائعان المطعون عليهما الثاني والثالث أم المشترية الطاعنة.
وحيث إنه لهذه الأسباب يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص السبب الأول ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق